احتفالات ارهابية في لندن

 

بقلم : د. لميس كاظم

 

احتفل الشعب الانكليزي البارحة بالحدث الكبير، بعد ان وقع الاختيار على مدينة لندن، لاستضافة الالعاب الاولمبية لعام 2012 . حينها خرج الشعب الانكليز الى الشوارع مبتهجا بهذا النصر الذي خطفة، من واحدة،  من اكثر المدن الاوربية تنافسا الا  وهي  مدينة باريس.  تلك المدينة التي تحظي بجمال شوارعها واناقة حدائقها وتناسق الوان ابنيتها ورومانسية لغتها وجمال وجوه وسيقان نسائها.  ورغم الحملةالاعلامية المضادة التي خاضها، جاك شيراك  قبيل الفرز بين المدن، حين قال، بان الاكل الانكليزي غير طيب، وان الانكليز جلبوا لنا مرض جنون البقر، لكن لندن قبلت تعليقه، ورقص نهر التايمز طربا  ثم دقت ساعات بك بن اجراس النصر وتعالت اصوات الموسيقى حتى اخر الفجر لتمنع مدينة الضباب من  النوم ليلة امس.

  اراد الارهابيون ان يحتفلوا بهذا النصر المدني بطريقتهم المعهودة. تلك الطريقة التي لاتسمع منها سوى اصوات القنابل وتناثر قطع من اجساد البشر في كل مكان. استغلوا رخاء الامن وهجوع عيون المخبرين التي تعبت من عناء ليلة الامس. فانطلقوا صباحا مودعين اطفالهم، برعاية الله ، كما يشعوذون، الى اماكن تتجمع النساء والاطفال للذهاب الى اعمالهم،  ففجروا ثلاث قطارات وثلاث باصات، موقعون عشرات القتلى ومئات الجرحى من الابرياء الذين قد يتواجد بينهم ابنائنا وعوائلنا.

 هكذا يحتفل اللامئمنين بدين او فكر بسفك دماء الأبرياء من كل الاجناس. ثم يعودون ويبتهلون الى ربهم، بانهم قتلوا الاطفال النساء والرجال الكفرة. وهم يعرفون تماما، ان الرب برئي منهم، ومن صلاتهم الذين توضى بدماء الابرياء. ثم يجلس امام شاشة الكومبيوتر، ليراسل موقع القلعة ، مفتخرا بانه نفذ العملية والحقَ بالعدو الكافر خسائر فادحة  وقد يكون من تلك الخسائر اطفال اقاربه واخيرا يوقع   باسم تنظيم الجهاد السري في اوربا.

ولااعرف بماذا يفتخر!!!  وهو يزهق ارواح ابرياء لم يدخلوا معه ساحة المعركة يوما. بل انهم يعملوا ليوفروا له راتب معاشي يؤهله لقتلهم وتامين مستقبله الجهادي المخزي.

 ان التفجير في انفاق المترو اللندني، تم في ثلاث محطات في خط قطار واحد،  وهي  محطة  شارع الد ومحطة شارع ليفيربول واخرها محطة اجورد روود. وكما هو معروف، ان منطقة اجورد روود، يقطنها العرب، ويزورها السواح العرب من مختلف البلدان العربية. فان الذين يفجرون المناطق العربية في لندن، ليس غرضهم فقط محاربة الحكومة البريطانية كما يدعون، وانما لقتل ابناء دينهم ايضا.

 ان هذا التخطيط المنظم لستة عمليات خلال اقل من ساعة  وفي اماكن مختلفة .  يحمل معه دراية كاملة لعملية التنفيذ التي ادت الى تفجير اغلب القطارات داخل خطوط سيرها، وليس في محطات الانتظار، انما ينم  عن تعاون وثيق بين هذه الفلول الخارجة عن القانون ومنظمات تدين كرهها للاسلام والعرب.

 انا احد العرب القاطنين في اوربا، منذ عشرات السنين، اشعر بالعار من هؤلاء الكفرة الذين دنسوا اسم الاسلام باعمالهم  واسقطوا سمعة المواطن العربي الشريف البريئ في خزي جرائمهم.

 ترى من المستفيد من ان تذل كرامة المواطن العربي في العالم؟  

 ان البلدان الاوربية ،اليوم، هي الحاضنة الحقيقة للارهاب، إذ توفر تلك الدول، باسم القيم الانسانية وحقوق الانسان، ملاذ امن لهم، وتمنحهم جنسيات يتنقلون بحرية كاملة في كل بقاع العالم، ويمنحون مساعدات اجتماعية معيشية وشقق فارهة. ويتبرع منافقون مثلهم للدفاع عن جرائهم.

 ان اوربا منحتهم الشرعية التي حرموا منها في ببلدانهم  واعطتهم حق المواطنة التي رفضت بلدانهم  حقوقهم بسبب جرائمهم  وهروبهم من وجه العدالة.  انهم يتمترسون و يحتمون بالقانون الاوربي الديمقراطي الذي يخلصهم من عقوبة الموت الاكيد ملتمسين الرافة الشفاعة.

 رغم كل تلك الجرائم القذرة التي يرتكبوها، لازال هناك بعض المثقفين  المأجورين، من العرب والعراقيين، يبطنون الدفاع عنهم بأسم المقاومة، ويبررون  التفجيرات بحق الابرياء بحجة الاحتلال، بالوقت الذي يتناغمون مع الشيطان، لسد افواههم، بالكوبونات النفطية سابقا، واموال الصنم حاليا  المختبئة في البنوك العالمية. 

 ان شبح التطرف الديني قد اسدل ظلاله، ليس على البلدان العربية والاسلامية فحسب، وانما على الجالية المسلمة في اوربا ايضا. اصبح  اليوم عندهم مراكز دينية ومصادر تموين ومراكز اقتصادية يبتزون فيها المدنية العربية في اووربا ويجبرون من يواليهم، لكسب اكبر عدد من المغفلين،  على لبس الدشداشة واطالة اللحى الشعثة، التي تشبه  المكنسة، ودعوة النساء للتحجب،ومحاربة القيم النبيلة ونبذ المجتمع الاوربي تحت يافظة انه مجتمع كافر، بالوقت الذي  يسمحون لانفسهن، ان يعتاشون من صدقات ضرائب المواطن الكافر. اننا امام مثقفين باطنين يطوعون الدين والقانون لاغراضهم الشخصية الدنيئة.  

 انا اعتقد، ان العرب المناهضون للارهاب، مطلوب منهم الخروج عن صمتهم، بالتعاون والتنسيق فيما بينهم لتشكيل لوبي عربي في كل مدينة وبلد اوربي للتصدي لهذه المنظمات الارهابية وافكارها التي تمادت في قتل المواطنين من كل الاديان والبلدان. انهم يستفادون من حالة اغتراب المثقف العربي في اوربا وحالة التشتت الذي نحن فية ليرتكبوا جرائمهم ويختبئون تحت اسمائنا ومعتقداتنا ملوثين سمعتنا امام العالم المتحضر. فبعد هذه الجريمة سنكون نحن  المستهدفين من قبل المنظمات الاوربية المتطرفة.  

 ان تأسيس لوبي ، مناهظ للتطرف والارهاب فقط، على اسس وبنوايا صحيحة، بعيدة عن الحزبية القاتلة ونزعة التفرد، سيزيل كل الغبار من امام المواطن الاوربي الذي لايميز بين المواطن العربي الشريف الرافض لقتل النفس البشرية وبين تلك الوجوة المجرمة ، وسيتصدى لكل المنظمات التي تحاول ان تضع كل العرب في بودقة واحدة تحت اسم القومية او الدين.  

 اننا مطالبون ان ندافع عن وجودنا في اوربا وايضاح وجهة نظرنا براي واحد ومنظمة واحدة يجتمع فيها كل الناس الخيرين لدعم كل الخطط التي تحارب الارهاب.  كذلك التصدي لهم فكريا وعبر وسائل الاعلام الاوربية،  وتوضيح منطلقات واهداف  الفكر التكفيري الرجعي، الذي بات يشرق نوره في مناطق تجمع العرب المسلمين في بلدان اوربا. ان هذه الجرثومه الفكرية، يجب القضاء عليها في البلدان الديمقراطية، لكن ليس من خلال القتل والتفجير كما يفعلون،  وانما من خلال القانون وحرية القلم والمحاججة الفكرية.

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com