|
المتهم بريء حتى تثبت ادانته، مبدأ أكدت عليه الشرائع والقوانين الوضعية والدساتيرالتي تعاقبت على العراق، ومن لم يأخذ بذلك المبدأ يستهين بنصوص القوانين وبحقوق الأنسان وذلك ما أشتهرت به الأنظمة الدكتاتورية التي مرت علينا . وحدد قانون اصول المحاكمات الجزائية فصلا خاصا لتوقيف المتهم واخلاء سبيله ومنح القانون صلاحية التوقيف ووجوبه في عدد من الاتهامات لقاضي التحقيق، غير ان القانون حدد بان لايجوز ان لايزيد مجموع مدة التوقيف على ربع الحد الاقصى للعقوبة، ولاتزيد باية حال على ستة اشهر واذا اقتضى الحال تمديد التوقيف اكثر من ستة اشهر فعلى قاضي التحقيق عرض الامر على محكمة الجنايات التي يتبع اعمالها لتاذن له بتمديد التوقيف مدة مناسبة على ان لاتتجاوز ربع الحد الاقصى للعقوبة . وهذا النص ساري حتى اليوم بالنظر لسريان نصوص قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي المرقم 23 لسنة 1971 المعدل وينبغي تطبيقه بأمانة وتحت أية ظروف، وقد تميز نظام صدام أنه يأخذ الناس بقانون القوة فلا ضوابط ولانصوص ولاقضاة ولامحاكم تقيد الأجهزة الأمنية والمخابراتية، مما يوجب علينا أن نتمسك بقوة القانون التي ستجعل من صدام البائد متهما تحاسبه على افعاله وجرائمة وأضراره بالعراق وبالانسانية . أمامي رسالة وردتني بواسطة أحد الزملاء من أحد الزملاء المحامين في مدينة الموصل ممن كنت أثق بهم قبل سقوط صدام، ايام عملي في هذه المدينة، والرسالة مكتوبة بخط يد مجموعة من الموقوفين في سرداب مديرية شرطة محافظة نينوى، يناشدون فيها قضاة التحقيق في المحكمة المختصة النظر في قضاياهم التحقيقية، فأن وجد التحقيق انهم مذنبون يتم احالتهم الى القضاء العادل لينالوا جزاء افعالهم، وأن وجد التحقيق انهم ابرياء يستوجب الأمر الأفراج عنهم . وورد في الرسالة انه مضى على توقيفهم اكثر من خمسة أشهر، منها ثلاثة أشهر تم ممارسة التعذيب لأنتزاع الأعترافات بالقوة والأكراه، وتم تصديق أقوال بعض منهم قضائيا، ولم يتم تدوين اقوال الباقين، والرسالة تتطرق الى مناشــدة أنسانية في الأسراع بحسم القضايا التحقيقية . وما يلفت الأنتباه ليس فقط عجز المتهم في أيصال طلباته وصوته الى قضاة التحقيق، وليس فقط عزله في سرداب ربما لضرورات أمنية، انما في بقاء الأنسان مدة تزيد على خمسة أشهر دون أن يتم تدوين أقواله قضائيا وتلك مخالفة صريحة لنصوص القانون، كما أن القاضي الذي يقوم بتمديد التوقيف دون ان يكون المتهم قد تم عرضه على التحقيق مساهم اكيد في خرق النصوص القانونية، بشكل مباشر أو غير مباشر . ولانريد ان نعرف تفاصيل التحقيات الجارية مع المتهمين، ولكن مايلفت الأنتباه أن يتعرض المواطن العراقي اليوم الى صنوف من التعذيب والأكراه ونحن لم نزل نزعم اننا نريد دولة القانون، وان دولة العراق اليوم تختلف عن أمبراطورية صدام وزمرة الشر التي استباحت الأنسان والقانون في العراق وجعله ضيعة من ضياع العائلة . ومن أشد حالات الظلم بقاء المتهم موقوفاً دون تحقيق أشهر طويلة، بل ومتعرضاً لصنوف من الأنتهاك والأهانة البشرية، ومن أشد حالات الظلم أن يشعرالأنسان انه لايستطيع ان يوصل صوته فيتوسل بطرق غير أصولية لأيصال الصوت الى القضاة،وحتى لاتكون هناك حواجز بين الناس والقضاء وهو مانتمناه لأخوتنا وأساتذتنا من قضاة المحكمة الجنائية المختصة الذين نثق بقدرتهم وقابلياتهم القانونية وخبرتهم القضائية، وللمحكمة الجنائية المختصة التي ندعو لها بكل ما نستطيع أن تتوفق في عملها الشاق، سواء في أنجاز قضايا المواطنين العراقيين والأجانب المتهمين بقضايا متنوعة، او في قضايا المتهم صدام وزمرة الشر، تحقيقاً او محاكمة وتلك مهمة وطنية وأنسانية . وتختم الرسالة بتمني السجناء لقضاةالمحكمة الجنائية المختصة التوفيق في السعي لتحقيق العدالة لأنصاف المظلوم والأطاحة بالظالم وأصدار الحكم العادل بحق المجرم بعد ان تثبت أدانته . طلب الموقوفين في سرداب مديرية شرطة محافظة نينوى منسجما مع القانون حين يطالب المتهم بتطبيق النصوص القانونية على حالته، مما يوجب أن يتم الالتفات لهم ومعالجة قضيتهم وقضايا اخرين مماثلة، ولنساهم معا في دفع الضرر عن العديد من الأبرياء والضحايا في ظل ظروف تحتاج من المشرفين على التحقيق جهداً مضاعفاً .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |