انتهاكات صارخة لقانون الإدارة..
عزيز
الحاج
منذ صعود الأحزاب السياسية
الشيعية للسلطة، وهي تبرهن على عدم التزام بقانون الإدارة ومحاولة استبداله
بدستور متخلف بدلا من تحسين ذلك القانون ومعالجة عيوبه.
يقولون إنه لا يجب فرض قانون لم تشرعه حكومة منتخبة على جمعية وطنية منتخبة.
الحجة تبدو معقولة في ظاهرها، أما الحقيقة فهي التالية: إن الجمعية الوطنية
والحكومة الراهنة جاءتا بموجب ذلك القانون بالذات، والذي هو دستور انتقالي
مثلما أن كلا من الجمعية والحكومة انتقاليتان. جاءتا بتعهد أمام الشعب والعالم
بالالتزام بالدستور المؤقت طوال المرحلة الانتقالية التي مفروض انتهاؤها بعد
الانتخابات القادمة وما يتبعها من حكومة دائمة.
كان الانتهاك الأول حذف هدف العراق الديمقراطي من قسم السادة رئيس الوزراء
والوزراء حتى احتج الجانب الكردي فتم التراجع عنه بحجة أن الأمر لم يتعد
"السهو" على أحد المنظرين الجدد للتيارات السياسية الشيعية والمرجعية الدينية،
الدكتور حسين الشهرستاني.
أما الانتهاك الصارخ الآخر فهو تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وفق ما ورد في
الدستور المؤقت، بتصحيح وتغيير ما اتخذه نظام صدام من تدابير وقوانين لتغيير
التكوين السكاني وتغيير القوميتين الكردية والتركمانية وعمليات التهجير التي
رافقتها. إن من المغالطة الخلط بين هذه القضية التي كان يجب ويمكن حسمها في
المرحلة الانتقالية، وبين قضية مصير كركوك إداريا. فقانون الإدارة هنا أيضا
واضح كل الوضوح برغم بعض الشعارات المنفعة لفريق من الأكراد. إن الدستور المؤقت
يؤجل تعديل الحدود الإدارية للمحافظات والمدن لما بعد الانتخابات القادمة وقيام
حكومة جديدة على أساسها. ومسألة كركوك حساسة ودقيقة وخطيرة جدا وإن كل حل صحيح
ومستقر لها يجب ان يتم بالتفاهم والتشاور بين المكونات القومية وبالأخص
التركمانية والكردية وباتفاق مع الحكومة المركزية القادمة وبمعزل عن كل تدخل
أجنبي. وهنا أحرج السيد الجعفري نفسه حين حاول زج تركيا في مسألة كركوك، وكان
موقفه مخالفا لروح الاتفاق ولهدف إبعاد الدول الإقليمية عن التدخل في شؤوننا
الداخلية.
ومع هذا وذاك تجري المساعي الحثيثة لفرض دستور إسلامي على البلاد وهدف جمهورية
إسلامية كما ورد في مقررات مؤتمر المرجعية والأحزاب الشيعية مؤخرا. أما هدف
الفيدرالية أو الاتحادية فيراد كما كتب أحد الكتاب الاستعاضة عنه بفدراليات
دينية ومذهبية بحجة أن هناك مدنا ومحافظات تسكنها أغلبية شيعية بدلا من طرح
القضية كإجراء إداري وجغرافي وديمقراطي ومدني.
إن المواقف والمطالبات المذكورة لعب بالنار، وتشجيع غير مباشر لقوى الإرهاب
الصدامي ولدعاة الصراع الطائفي داخل العراق وفي المنطقة، كما أنها تلتقي ولحد
كبير مع التوجهات الإيرانية في السلطة ونظام الحكم، وتفسح المجال لتدخل إيراني
أوسع مما يجري منذ سقوط النظام الدموي الفاشي ولحد يومنا.
إن القوى الديمقراطية العراقية والكردية والتركمانية والكلدو ـ آشورية يجب أن
تعمل على تكوين جبهة واسعة لا لمناهضة الحكومة ومعاكستها، كلا، بل للحيلولة دون
انزلاقها وانزلاق العراق معها إلى مصير مفجع سيكتوي شيعة العراق بنيرانه أكثر
من غيرهم!!
عن إيلاف
|