عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز الوطنية..! القسم الاخير

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktob.com

 

من يريد معرفة ما حققته ثورة 14 تموز بقيادة قائدها عبد الكريم قاسم، من عمق وسعة في إنجازاتها، رغم عمرها القصير، عليه أن يبحث في الصور القديمة لبغداد، عهد حكومات نوري السعيد المزمنة، وحتى آخر لحظة من عمر الملكية، ويقارنها مع آخر يوم من عمر الثورة \"الشهيدة \"، التي اغتالها وقائدها، الفاشست العرب،، من يقارن بين الصورتين لم يجد قاسما مشتركا للمقارنة، بل سينكر أنها صورة واحدة لمدينة واحدة، وربما الكثير من الأجيال التي ولدت ولم تر أو لم يذكر على مسامعها اسم عبد الكريم قاسم، وتربت على قيم \"الوحدة والحرية والاشتراكية\" التي لم تحقق من هذه المسميات الثلاث سوى القهر والذل والموت، أقول هذه الأجيال ليس لم تر أو لم تسمع، بل والتاريخ \"العروبي\" يرتجف خوفا وهلعا من ذكر البطل القائد عبد الكريم قاسم، لذا لم يحدثها قط كيف كانت بغداد عندما استلمتها ثورة تموز 14 وما كان يدور في ذهن رجالها الثوار وبالذات قائدها عبد الكريم قاسم.. هل من يتذكر الأكواخ ؟ \"الصرايف\"البائسة الممتدة من مبنى محطة قطار الموصل جنوب / غرب بغداد وإلى الشمال على امتداد سكة القطار المار بالشالجية وعلي الصالح والطوبجي وحتى الكاظمية شمال / غرب ..وماذا تعني كلمة \" الشاكرية \" لكهول سكنة مدينة الثورة، هل يتذكرونها ؟ أم غسلت أدمغتهم موجة الطائفية الجديدة ؟ هل يعرفون تلك المنطقة المنطقة المقابلة لمعسكر الوشاش وحتى كرادة مريم ؟، منطقة الصرايف، المسماة بالشاكرية نسبة إلى مالكها وزير الدفاع السعيدي، شاكر الوادي، هذا في جانب الكرخ من بغداد، أما في جانب الرصافة فالمشهد نفسه يتكرر على امتداد النظر ب\" بصرايف خلف السدة \" وفي الاعظمية لها مثيل أيضا بما يسمى \" صرايف بزايز الصليخ \" ..المئات بل آلاف الصرائف شيدت.! ـ المفارقة القصور تشيد كذلك ـ على عشرات الكيلومترات المربعة، ويقطنها آلاف مؤلفة من البشر، يسمون كذلك مجازا، يدلفون إلى مخابئهم ليلا كما الفئران إلى جحورها، أما في النهار، الله وحده يعلم كيف يلتقطون عيشهم، صرائف في الصيف القائض، تطفوعلى مستنقعات تتشكل ألوانها وفق شكل ومحتويات القمامة المتراكمة بين صريفة وأخرى، فكيف الحال في موسم المطار ؟، المرافق الصحية، مجاري الصرف الصحي، الماء، الكهرباء، المدارس، أماكن العبادة، مراكز الأمن والشرطة! فكلها تعتبر من كماليات الحياة وترفها، لا يفكر بها عاقل ولا تشغل بال أحد .. هذه هي صورة بغداد قبل تموز 58، آمل أن أكون قد وفقت بعرض 10% من حقيقتها،أما الصورة الثانية، فهي ما رآه ورأته وعاشت فيه الأجيال في المنطقة البديلة لمنطقة \" الصرايف \"، ولعل البعض يسأل ممن لم ير المشهد الذي وصفت : وأين ذهبت هذه الآلاف المؤلفة من البشر التي كانت تقطن الصرايف وهل لا ما زالت تسكن بغداد ؟ نعم إنها لا زالت تسكن المدينة التي شيدها صديق الفقراء، بل من تبنى قضيتهم وحررإنسانيتهم، عبد الكريم قاسم .!
إن كان لثورة تموز وقائدها عمل واحد فقط جدير بهما، يخلدها وتخلده فهو بناء مدينة الثورة ـ المسماة ظلما وعدوانا، واعتداء على حقوق الغير ب \" مدينة الصدر \" ( يا من تعب يا من شكه، يا من على الحاضر لكه )، حيث بنيت بوقت قياسي، وفق أحدث المعايير الحضارية، لبشر يعيشون في حاضرة القرن العشرين، وفي عهد ثورة كانت تؤشر منطلقاتها على البدء في تحرير الإنسان من خوف غده ومن عبودية لقمة عيشه، ورد الاعتبار لكل مواطن هُدرتْ كرامته وسُلبتْ حريته وحقوقه لأي سبب كان، وسكنة الصرائف، رجالا ونساء، كانوا ملح الأرض التي اغتال إنسانيتهم النظام الملكي ـ الإقطاعي، فهجروا أرض العبودية والقنانة، رجالا ونساء، وهاجروا للمجهول بحثا عن واقع أفضل لإنسانيتهم، فتلقفتهم الثورة لتنتزعهم من البؤس الذي هم فيه، ولتبدأ من نقطة الصفر وحجر الزاوية في البناء هي المرأة، ومن هذا المنطلق كانت المرأة مشروع إصلاح جذري، لما تعرضت له من انتهاك لحقوقها وتقييد لحريتها بقيود ثقيلة ومجحفة على مر العهود، لذا فقد توجهت الثورة وقائدها لأن يعيد لها مكانتها كإنسان وكمواطن فاعل في التأسيس والبناء، لها ما لأخيها من حقوق وعليها ما عليه من واجبات، فبدون المرأة، وبعيدا عن إطلاق حريتها وعدم تمتعها بكامل حقوقها، كإنسان متحضر، نشأ وسينشأ جيل قاصر ومتخلف لا يتسنى له المساهمة في صنع حاضر ومستقبل، وتأسيسا على وجهة نظر علمية أصدرت حكومة الثورة قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، وبموجبه تتمتع المرأة بكامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل، وهذا ما جوبه بردة فعل القوى الدينية والقومية المحافظة، الطائفية والرجعية، باعتباره الخطوة الأولى لإصلاح المجتمع بعيدا عن القيود التي كانت تكبل المرأة وتهضمها حقوقها، وبدون هذه الحقوق التي يضمنها القانون ويصونها، لا يمكن الحديث عن ثورة لتحرير الإنسان وتبني المفاهيم التقدمية والحضارية لبناء الفرد والمجتمع، وليس مصادفة أن تنخرط بعض القوى الرجعية والدينية الطائفية في نشاطات تآمرية مع القوى الأجنبية لإسقاط الثورة، وما أشبه اليوم بالبارحة، عندما حاولت الطائفية مجددا، في عهد مجلس الحكم، أن تلغي بقايا هذا القانون الذي لم يجرؤ أن يلغيه صدام وأن كان قد عدل في الكثير من مواده ..
الثورة وقيادتها المتمثلة بعبد الكريم قاسم، أدركت منذ اللحظة الأولى لتحرير العراق من النظام الملكي المقبور، من أن بناء العراق وفق معايير العصر، ومسايرة الركب العالمي في تطوره العلمي ينطلق من بناء الإنسان وقد أعلن عبد الكريم قاسم أكثر من مرة، في خطبه، من أن تقدم العراق مرهون بتهيأة الظروف الملائمة لتطور الإنسان ومن هذا الواقع نتفهم جسامة ما أقدم عليه قائد بدء\" في هدم الصرائف وتهيئة الظروف الإنسانية البديلة التي تحترم الإنسان وتكرمه باعتباره أغلى قيمة من أي شئ آخر، وألقى بالمسؤولية على المجتمع بكل مؤسساته أن يناضل من أجل سن قوانين علمية ومتطورة تبيح وتضمن لكل فرد، ذكرا أم أنثى، حق التمتع بخيرات البلد،وكافة الحقوق اليموقراطية التي تضمن للمواطن المساهمة في اختيار ممثليه في الحكم، وحقه في التعليم والعمل، وحق تمتعه بحرية الفكر والعبادة، وحقه في تشكيل الأحزاب والمنظمات والجمعيات المهنية والعلمية، وغيرها من الحقوق التي تساهم في تطوير قدرات الفرد العقلية والبدنية والعلمية، وبدون ذلك يصعب على المجتمع أن يحقق أدنى قدر من التقدم والرقي، كما يصعب عليه، آنئذ، أن يتصدى لمن تسول له نفسه أن يقفز على السلطة ويسوس العباد وفق ما يهوى وما يشتهي !
أهداف ثورة 14 تموز في بداية الأمر لم تكن جلية وواضحة، ولم يكن هناك ما هو مكتوب ومتفق عليه عند إعلان الثورة، لذلك فكل عنصر من عناصر الثورة، وكل من مركزه، يتصرف وفق ما يراه وما يتماشى مع منطلقاته العقائدية والفكرية يعتبره من أهداف الثورة، وهذا ما أحدث تناقضا في إجراءات اتخذها هذا المسؤول مع إجراءات أخرى لمسؤول في موقع آخر، وقد تمحورت هذه التناقضات في الشخصيتين البارزتين في قيادة الثورة، فعبد الكريم قاسم ينطلق من وجهة نظر متحررة ذات أبعاد علمية وأهداف اجتماعية، وعبد السلام عارف أفكاره عنصرية وطائفية وعقليته محافظة، ولعدم وجود مرجعية شرعية دستورية أو قانونية للرجوع إليها في حسم الخلاف في حالة حصوله بينهما،ولأن كل منهما يعتبر نفسه مرجعا للآخرين ولا ينطق عن الهوى، ولا يحق لغيره مهما كانت منزلته أن يكون له ناصحا أو ناقدا لتصرفه حتى وإن كان الكفر بعينه، جراء هذا الواقع دب الخلاف بينهما، وانسحب الأمر سلبا على العلاقات ما بين القوى السياسية الوطنية والقومية، التي كانت تناصر وتدعم هذا الطرف أو ذاك، وعبد السلام لم يكن له حظ في العمل السياسي بقدر ما كان واجهة لكل القوى المعادية للثورة، طائفية وقومية ورجعية، التي كان همها توتير الأجواء داخل قوى الثورة لإضعافها ومن ثم الأنقضاض عليها، وفي الجانب الآخر عبد الكريم قاسم لم يكن متوازنا في تحالفاته ومواقفه من القوى التقدمية، من ديموقراطية وشيوعية ووطنية ومستقلة الداعمة له، وهذا ناتج من تأثير بعض المحيطين به والذين لم تهمهم مصلحة العراق بقدر ما تعنيهم مصالحهم الشخصية، هذا إذا لم يكونوا مرتبطين بجهات أجنبية تعمل على فك ارتباط عبد الكريم قاسم بالقوى السياسية الوطنية لإسقاط الحكم، فعلى سبيل المثال: بعد أن تعرض عبد الكريم قاسم لمحاولة الاغتيال الفاشلة في تشرين أول 1959، تجمع في صباح اليوم الثاني للمحاولة، عدد كبير من الضباط الذين كانوا في \" إمرة الإدارة \" من مختلف الرتب والصنوف وتوجهوا إلى رآسة أركان الجيش لوضع هذا العدد من الضباط تحت تصرف القيادة تحسبا لأي طارئ يعقب محاولة الاغتيال هذه، فما كان الموقف ؟ في باب وزارة الدفاع وقف آمر الانضباط العسكري العقيد عبد الكريم الجدة مع ثلة من جنوده، وبعد أن عرف الغاية من هذا التجمع قال بالحرف الواحد مخاطبا الضباط وبينهم من هو أقدم منه رتبة : \" أولاد القحبة .. كلكم شيوعيين، نسلم السلطة للبعثيين ولا نسمح لنفر منكم أن يعود إلى وحدة فعالة.، هيا انصرفوا قبل أن نتخذ بحقكم إجراءات اخرى ..! \" تلك كانت فترة عصيبة وكان المئات من خيرة ضباط الجيش العراقي إما محالين على التقاعد أو خارج الخدمة الفعلية في\" إمرة الإدارة \"نتيجة لوشايات المحيطين بعبد الكريم قاسم، المعادين فكريا لكل نهج وطني أو ديمقراطي فكيف إن كان شيوعيا ؟! أمثال هؤلاء :العقيد عبد الكريم الجدة الذي قال ما تقدم ولم يحترم رتبته ومركزه وزملاء السلاح، واللواء أحمد صالح العبدي رئيس الأركان، الذي كان لعبة بيد ضباط لا ولاء لهم غير مصالحهم، وكان موقفه معلوم من انقلاب البعث وحكمه، والرائد سعيد الدوري السكرتير الصحفي لعبد الكريم قاسم، قد اعترف في اليوم الثاني من 8 شباط الأسود وأمام عشرة موقوفين كنا في سجن رقم واحد، من أن عبد الكريم قاسم قد سجل شريطا وتسلمه ( سعيد) ليوصله إلى إذاعة الحرية لإذاعته، يدعو فيه الشعب والجيش إلى مقاومة الإنقلاب، إلا أن هذا الخائن سلمه للبعثيين، هؤلاء هم صفوة من حثالات حقيرة أجهضت الثورة، زورت الحقائق وحرفتها وتسببت في وشايات أبعدت المئات من العناصر الوطنية عن مواقعها لخدمة الشعب والوطن ..!
رد الكثير من الكتاب أسباب سقوط الجمهورية الأولى إلى موقف عبد الكريم قاسم من شركات النفط وتشريعه للقانون رقم 80 لسنة 59 الذي انتزع من شركات النفط المناطق غير المستثمرة، وتآمر هذه الشركات على الإطاحة بالثورة وبعبد الكريم قاسم، ليس هذا إلا جزء من سبب بالغم من أن هذا القانون لم يكن مصادقا عليه رسميا، لعدم استكمال الشرعية الدستورية للدولة ومؤسساتها المخولة، فكل إجراءات الدولة كانت تجري وفق الدستور المؤقت وقوانين الطوارئ، على الرغم من أن شركات النفط لم توفر جهدا منذ اليوم الأول لإعلان الثورة فهي كانت تعمل لتحقيق شعارها \" محاولة إعادة الحصان الجامح إلى الحضيرة \" كما كانت تتآمر مع قوى داخلية وخارجية من أجل اسقاط عبد الكريم قاسم وثورة تموز، فقانون رقم 80 كان أحد الأسباب إذا ما أضيفت إليه إجراءات أخرى إنتهجتها الثورة، الخروج من حلف بغداد، تحرير العملة، قانون الأحوال الشخصية، وأخيرا الشعبية التي تمتعت بها ثورة تموز وشخصية قائدها عبد الكريم قاسم بين جماهير الشعب، هذه الشعبية أدخلت الرعب في قلوب حكام المنطقة ..كل الإجراءات التقدمية التي أقدمت عليها قيادة الثورة عززت من مكانة العراق بين الشعوب وقوى السلم والتحرر في العالم، وكان بالإمكان تحقيق انتصارات ومكاسب أكثر للشعب العراقي، تلجم قوى التآمر والردة وتبطل كل مؤامراتهم، لو لم يستجب عبد الكريم قاسم للدسائس التي نجحت في فك عرى التحالف مع القوى الوطنية والديموقراطية، كما أن محاولة اغتياله قد أثرت سلبا على نفسيته، نتيجتها تراجع عن الكثير من مواقفه المعلنة في تشكيل مؤسسات الدولة الديموقراطية، وأفسح في المجال أمام القوى المعادية لأن تمارس نشاطات شبه علنية ضد القوى الوطنية والديموقراطية، كما أطلق يد المحاكم العسكرية في إصدار أحكام إعدام وأخرى ثقيلة بحق الكثير من النشطاء لصالح الثورة، بحيث وجد انقلابيو شباط آلاف المسجونين والمعتقلين، والعشرات من المحكومين بالإعدام تولوا هم تنفيذها . وعلى الرغم من التحذيرات الواردة من مصادر مختلفة على وجود حركة انقلابية تشترك بها جهات عربية قومية وطائفية بدعم من قوى أجنبية، لم تكن قيادة عبد الكريم قاسم تنفي هذا فقط، بل أقدمت على إحالة عدد كبير من الضباط الموالين ومن ضمنهم عدد من الضباط الشيوعيين قبل أربعة أيام من موعد التنفيذ، وليس بينهم ضابط واحد من المساهمين في التآمر رغم التشخيص الدقيق للضالعين في التآمر ..! كما رفض تسليح الجماهير الذي كانت تطالب به للدفاع عن الثورة وعن نفسها يوم التنفيذ ز! فمن يستطيع فك مثل هذا اللغز .؟ ألا يشبه هذا من يقود سيارة مفخخة ليفجرها وسط أعوانه،وليس وسط أعدائه، متوكلا على الله، عليَ وعلى أعدائي يارب ..!!
وفي نهاية هذا السرد لواقع ثورة تموز وقائدها، لا يمكن لباحث او كاتب أو مؤرخ، يكتب عن هذه الثورة العملاقة وقائدها عبد الكريم قاسم، دون أن يتطرق للقضية الكوردية العراقية، وتأثيرها المباشر على الواقع السياسي العراقي، فالكل يعرف أن عبد الكريم قاسم أول حاكم عراقي عربي يعترف ويشرع في الدستور المؤقت شراكة العرب والكورد في الوطن العراقي، كما أن العلم العراقي قد أدخل الرمز االكوردي متعانقا مع الرمز العربي، والعلاقة الحميمة التي كانت بين المرحومين عبد الكريم قاسم والملا ممصطفى البرزاني، كل هذا قد تمت المغامرة به، لتعلن الحرب بين الحزب الديموقراطي الكوردستاني بقيادة الملا مصطفى البرزاني والجيش العراقي في خريف عام 1961، وقبل أن تنتهي هذه الحرب، أجهضت ثورة تموز وقتل قائدها، وأعلن الحزب الديموقراطي الكوردستاني مساندته ودعمه للإنقلابيين ! فهل كان القتال بعيدا عن الضغوط الخارجية التي مورست على الحزب الديموقراطي الكوردستاني تمهيدا لإضعاف حكومة الثورة وبالتالي الإجهاز عليها في 8 شباط 1963 ؟ سؤال يبقى يبحث عن جواب مقنع، لأن الواقع يقول لم يكن هناك ما يدعو لتوتير الأجواء مع حكومة الثورة التي أعطت حقا واضحا وصريحا في الدستور العراقي للكورد، كما أشركتهم في كل مؤسسات الدولة، قبل أن يشرع الدستور الدائم .. فهل ستنشر الأسباب الحقيقة الكامنة وراء هذا الموقف ؟ ستبقى ثورة 14 تموز علامة مضيئة في سماء العراق وسيبقى الوطنيون العراقيون يكنون للزعيم عبد الكريم قاسم قائد الثورة، كل مودة واحترام، وسيبقى الكثيرون من أبناء الشعب العراقي يتطلعون في ليل العراق بين النجوم الصافية في سماء تموز لعلهم يعثرون على صورة القائد الذي حررهم من الخوف ولم يكمل مشواره معهم، وستبقى ذكراه خالدة في النفوس، رغم ما أحاق بالشعب وبالعراق من مصائب كان يتحمل هو جزء منها جراء الكثير من أخطائه، والمواقف المتهاونة مع أعداء الثورة، والإجراءات الصارمة غير المبررة مع مناصرية ومؤيديه، وتتحمل القسم الآخر القوى السياسية الوطنية والديموقراطية والشيوعية لأنها كانت قصيرة نظر، وقاصرة فهم وإدراك المرحلة، والتي حالت دون سن الدستور الدائم ودون تشكيل مؤسسات الدولة الشرعية القادرة على لجم التآمر والخيانة ..! واليوم ونحن في هذا الواقع المزري والفاسد هل ننتظر من جديد فارسا تموزيا جديدا ؟ أم ندعو الله أن يلهم حكومتنا الرشيدة الحكمة والرشد وتتجاوز الطائفة والطائفية وتضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار..؟ فحال الشعب يقول \" ما عاد في القوس من منزع \"!!






 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com