والله حتى المسلم ما يسويها

صاحب مهدي الطاهر / هولندا

keesbees@hotmail.com

الاسبوع الماضي قطع احد الاشخاص الهولنديين مسافة عشرة كيلومترات بدراجته الهوائية القديمة وتحديدا من مدينة امستردام الى مدينة زاندام في رحلة بحث شاقة عن شخص ترك وراءه محفظته الشخصية في احدى اجهزة سحب النقود التابعة لاحدى البنوك وكانت تحتوي على مبلغ كبير من المال وعلى بعض البطاقات الالكترونية الممغنطة وعلى اخرى ورقية عادية والتي اتاحت لهذا الشخص معرفة عنوان صاحب هذه المحفظة ،لم يجده في بيته فسلمها الى الجيران وبهذا انتهت المهمة ،الى الان قد تكون القصة طبيعية ولا تحمل اي مغزا نادر سوى صفتي القناعة والنبل ولكن اذا عرفنا ان هذا الشخص الامين هو شخص من سكنة الارصفة لا يملك قرشا واحدا ولامنزل ولا حتى مجرد سقف يحميه من صقيع الشتاء وحرارة الصيف فهو يرفض ان يستلم مساعدات مادية حكومية بل يصر ان يحصل على المال عن طريق امتاع المارة ببعض المقطوعات الموسيقية والتي غالبا ما تكون من نسج خياله ولا تتصف باي نسق موسيقي معين متعارف عليه في عالم الموسيقى ولكن على اي حال هذا ما يستطيع القيام به ،هذا الشخص عاش وترعرع وسط مجتمع راسمالي ليس للدين او العادات من تاثير حقيقي فيه ،لايؤمن بالله ولا باليوم الاخر ولا يعتقد باي دين.. ان عرفنا ذلك كله تصبح الدهشه لها معنا وسؤال الذي يقفز مباشرة الى الذهن ماهي تلك الدوافع التي جعلت ذلك الشخص يتصرف بهذا الشكل خاصة انه يعرف ومن خلال رحلته التي اجهد نفسه لغرض اكمالها ان للمال اهمية كبرى في حياة الانسان ؟.وفي موضوع مرتبط اخرفقبل شهرين من الان اجرت احدى المؤسسات البريطانية المختصة بالشؤون الاجتماعية البريطانية تجربة على شريحة من شرائح المجتمع البريطاني مكونة من عشرة اشخاص وذلك بصورة اعتباطية عشوائية في احد شوارع لندن كانت التجربة هدفها قياس مدى درجة الاخلاق والنبل التي مازال يتصف بها المجتمع البريطاني في الفترة الحالية التجربة كانت ان يترك احد الاشخاص وراءه عن عمد محفظته الشخصية بما فيها من مال بالقرب من ماكنة سحب النقود ثم يتم متابعة الاشخاص اللاحقين الذين يرغبون كذلك باستخدام نفس الماكنة كيف سيتصرفون بهذه المحفظة نتيجة التجربة كانت ان تسعة من الاشخاص العشرة الذين شملتهم هذه التجربة اعادوها الى صاحبها فيما احتفظ العاشر بها وقد تاكد ان الاخير كان اجنبيا مسلما !!.اننا بالتاكيد لا يمكننا ان ننفي مطلقا حدوث مثل هذه التصرفات في مجتمعاتنا الاسلامية ولكن ما يبعث على الدهشه والحيرة ان هذه المجتمعات تنكرعلى المجتمعات الاخرى والتي لا تدين بالدين الاسلامي امتلاكها هذه الصفات باعتبارها انها تفتقد الى المقومات الضرورية التي ترسخ هذه الصفات كما هو الحال لديها فهي تدين بالدين الاسلامي وهذا يعتبر وحسب وجهة نظرهم منبع ومصدر وحيد للاخلاق والنبل والصدق ونكران الذات الى جانب العادات والتقاليد الموروثة التي تمتاز بها وبناءا على هذه الميزة فقد احتكرت هي لنفسها هذه الصفات دون غيرها لكن الواقع يقول غير ذلك تماما ان المجتمع هو المصدر الرئيسي والوعاء الكبير الذي ينهل منه الجميع لتقويم النفس البشرية ويطهرها اما الدين فهو عامل مساعد ومصدر مهم من مصادر التي ترسخ الصفات النبيلة.انني لم اسمع في المجتمعات الغربية مطلقا لغة تهكم على اي حضارة او ثقافة اجنبية معينة فلم اسمع مثلا على سبيل المثال لا الحصرعندما تقع جريم كبرى بشعة ان يسارع البعض بالقول( والله حتى المسلم ما يسويها )وذلك دلالة على بشاعة واجرام المسلمين بينما نجد ذلك منتشرا بشكل منقطع النظير في مجتمعاتنا الاسلامية اتجاه باقي الاديان او الثقافات والحضارات الاخرى كالقول( والله حتى الكافر ما يسويها او والله حتى اليهودي ما يسويها) كدلاله على بشاعة واجرام هؤلاء سواء اكانوا يعتقدون بدين معين كما هو حال اليهود او ممن لا يعتقد باي دين كالكافر.ان هذه الاقوال او العبارات وان كانت تمر على مسامع  البعض مرور الكرام الا انها تعطي فكرة واضحة على قصر التفكيرالذي تتصف به شعوبنا اذ يحملون الدين مسؤولية كل ما يقع فهو بالنسبة لهم يعتبر الفاصل الحقيقي بين من هو صالح ومن هو طالح من الشعوب .ان ما يحصل الان على الساحة العراقية يثبت هذا الاستنتاج فعندما تقع جريمة بشعة يسارع البعض الى القول بتلك العبارات الانفة الذكر فيما لم نسمع شخص واحد يقول مثلا (والله حتى صدام ما يسويها او الله حتى حزب البعث ما يسويها ) كدلالة على اجرام وبشاعة صدام او البعث وهو شيء يحدث على ارض الواقع وليس عنهم ببعيد فما لاقاه هذه الشعب على ايدي صدام سابقا وما يلاقيه الان على ايدي ازلامه او من الوهابيين شيء يفوق التصور من الاجرام والظلم والاستبداد لم يشهده العراقيون على مر تاريخهم الطويل الحافل بالصراعات والحروب والبطش، وقد نسمع على لسان الاخرين بعد حين عندما تزداد الاعمال الارهابية العبارة التالية( والله حتى المسلم ما يسويها)   .

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com