تأثير التحول العراقي على واقع الدول العربية

باسم الحافي

ba_cb20032003@yahoo.com

 

من المسلمات والثوابت الراسخة في المنطقة العربية ولعله في العالم باسره ان مرحلة سقوط دكتاتورية صدام تعد من التحولات  التاريخية المهمة والبارزة في صفحات التاريخ واذا ما فهرسنا يوم سقوط هذا الدكتاتور مع ما سبقه من ايام فلا بد ان يندرج ضمن سقوط كبار الجبابرة والطغاة من النازيين والفاشيين ومن على شاكلتهم، وان لبس ثوب الاشتراكية والاصلاحية وما الى ذلك من مسميات لا تحمل الا رسمها.

اما لدى الشارع العراقي فيمثل هذا التحول -ببساطة- نهاية حقبة مظلمة بكل تمفصلاتها وتشكيلاتها الثقافية والسياسية والاقتصادية الخ، وبداية عهد جديد ينبئ بطلوع فجر بهي يحمل في انفاسه حياة زاخرة بالحرية والتسامح وقبول الرأي الاخر، اي ستكون الحياة التي كان العراق ينشدها طوال الحقبة المنصرمة ،ينشدها هنا في الداخل وينشدها في الخارج(المهجر)  حتى ضحى لها وبذل مهجته في سبيلها واودع في المقابر الجماعية الكثير الكثير من ابنائه واخوته الى ان نال مرتبة ضفافها بعد ان كسّر اغلال القمع والاستبداد؛ وقد احدثت افرازاته “التحول” انعطافات جمة على ارضية الحكومات والشعوب العربية وتركزت بالدرجة الاساس على خطوط الفصل بين الشعوب وحكوماتها ذلك ان السبات السياسي والثقافي على وجه الخصوص لم يكن مقتصراَ على الواقع العراقي فقط - وان كان الاكثر تراكماً من غيره- وانما كان متفشياً في كثير من الدول العربية التي يحكمها اللون الواحد او التي لا تخرج عن بوتقة الانفرادية في امتلاك سدة الحكم..

ففي هذه الدول كان التأثير بتحول المناخ السياسي العراقي مباشراً وصميمياً وعمّ الحكومة والشعب معاً، وقد انتج هذا التاثير تجاوباً قسرياً من قبل الحكومات وان كان في المستوى غير المنشود أو لم يصل للمرتبة التي ترقى لما تصبو اليه الشعوب الا انها جديرة بأن تحجز لها مكاناً معتداً به يقابل منطقة الحكم التي يمثلها الحكام، وهذه الانطلاقة الشعبية اتخذت من نقاط التحول العراقي مرتكزات ستراتيجية تقف عليها لبلورة افكار ومتطلبات وطروحات لم تكن مؤهلة للاعلان عنها امام حكامها ولم تكن تمتلك القوة الكافية لتساعدها في ان تبصر اهدافها ومتطلباتها النور.

اذن فالصورة الجديدة لطبيعة التحول السياسي الديمقراطي اعطى الضوءالاخضر لبعض الشعوب لتحطيم جدار الصمت الذي يقف حائلاً بينها وبين حكوماتها في الحقب التي خلت،وقد تجلى هذا التحول العربي خلال العامين الاخيرين-اي فترة التحول الديمقراطي العراقي-وقد شهدت المنطقة العربية وقائع ومواجهات لم نعهد سماعها لفرض شبح التعتيم القسري  ولحضور اليد الضاربة التي تبطش بكل من يسلك طريق الخط الاخر(الذي يتكلم باسم الشعوب) وهذه المواجهات التي حصلت كلها تصب في دائرة المصارحة والمطالبة باسس الديمقراطية المتاتية من حرية الرأي الاخر والكفّ عن توريث السلطة والمطالبة بتعددية القوى السياسية المشاركة في الحكومة وكذلك الغاء حالة الطوارئ وحرية الاعلام والصحافة الى آخره، وقد ساند هذه الاصوات تشكيل المنظمات والهيئات والاحزاب والحركات السياسية، اذن هناك حقيقة باتت تؤرق الحكام الذين ما زالوا يسيرون بخطى احادية غير مستعدة على التفريط بما ورثته من الآباء او الانقلابات العسكرية وما الى ذلك والنتيجة واحدة في الغاء الصوت الاكبر وهو صوت الشعب، الحقيقة التي تؤرقهم هي التي وضعتها الشعوب -لا سيما الان- في ميزان انعتاقها من براثن الاستبداد التي غيبتهم وهمشتهم بما فيه الكفاية وعليه فحركات التحول بدأت دورتها الدموية بالحياة واخذت قوتها تستمد طاقتها من مناخات التحول العراقي الذي خلق للعراقيين عالماً آخر لا يمكن ان يحرمهم منه بعد الان صدام آخر او دكتاتور آخر لان الطريق الذي سارت عليه حكومته المنتخبة طريق ذو جسور متعددة باطيافها واعراقها واديانها واحزابها طريق لا يقتصر على فرد او مجموعة انما هوطريق العراقيين ..لكل العراقيين.

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com