|
العراق نحو التقسيم! ساهر عريبي
تجتاح بلاد ما بين النهرين ومنذ سقوط النظام الصدامي الفاشي, موجة من الأرهاب الأعمى لم يألفها العراق طيلة تأريخه الماضي والحاضر. فبلاد مابين النهرين كانت منارة تشع علما وحضارة على كافة أرجاء المعمورة , ويكفي أهل هذه الأرض فخرا أنهم أول من علم البشرية الكتابة وأنهم أول من قسم الزمن كما هو متعارف عليه اليوم, وأنهم أول من سن القوانين ووضع أسس المجتمع المدني . إلا أن هذه البلاد كانت ومازالت ومنذ أقدم العصور محط أنظار وأطماع القوى الأقليمية والدولية مما حولها الى ساحة للصراع وتصفية للحسابات بين القوى المختلفة التي سعت للهيمنة عليها . ولقد دفع أبناء هذه الأرض ثمنا باهضا لهذه الحروب والهجمات التي كانت تستهدف السيطرة على أرض السواد ونهب خيراتها. غير أن هذه الهجمة الأرهابية الشرسة التي تجتاح عراق اليوم , تختلف عن كل الهجمات السابقة التي تعرضت لها هذه البلاد. فالحروب السابقة كانت واضحة المعالم والعدو فيها مشخص وواضح , فهو تارة فارسيا وأخرى تركيا ومرة مغوليا. وكانت تلك حروب الشجعان التي خاضها العراقيون وأعدائهم وجها لوجه. وكان هدف هؤلاء واضح ألا وهو الهيمنة هلى هذه الأرض ونهب خيراتها. إلا أن حرب اليوم هي وللأسف حرب الأشقاء العرب الملثمين على العراق والتي بدأها أتباع ابن عبد الوهاب في اواخر القرن التاسع عشر , وذلك بغزوهم لمدينة كربلاء وإستباحتهم لها , واليوم يغزو أبنائهم وأتباعهم من التكفيريين أرض العراق لأكمال ماعجز أجدادهم عن تحقيقه . وهم يلقون الدعم والأسناد من جماعات تنتسب زورا وبهتانا إلى العراق وهي القادمة من منطقة القفقاز. وتتميز هذه الموجة الأرهابية اليوم بأنها حرب جبناء وخسيسين تستهدف الأبرياء العزل وليست حرب الفرسان الشجعان الذين يبرزون لقتال أعدائهم ونظرائهم وجها لوجه. وهل من الشجاعة والفروسية في شيء قتل الأطفال الأبرياء ؟ وهل من الفروسية تفجير بيوت العبادة على رؤوس روادها؟ وهل من الشجاعة قتل النساء والشيوخ في الأسواق والمستشفيات؟ إن هذه الأفعال قد عرفت تأريخيا بأنها أفعال الجبناء والخسيسين ممن لا يملكون الرجولة والشجاعة. ولعل هذه الغزوة الجديدة تشترك في بعض أهدافها مع كل سابقاتها من الحروب والغزوات التي تعرض لها العراق , إذ ان هدفها الأساسي هو الهيمنة والسيطرة على أرض الخيرات. فهؤلاء الأرهابيون يحاربون بالنيابة عن كل المرتزقة العرب الذين سرقوا خيرات العراق وأثروا على حساب بؤس العراقيين طيلة فترة حكم صدامهم المشؤومة. وهم يحاولون اليوم جاهدين إعادة عجلة التأريخ إلى الوراء ولو على حساب الدين الأسلامي الحنيف. فهم ينفذون أعمالهم البشعة هذه والتي تقشعر منها الأبدان , تحت مسمى الجهاد وتحت يافطة الدين, حتى أضحى ذكر أسم الدين الأسلامي مقترنا بالذبح وسفك الدماء والتفخيخ وإزهاق النفس المحترمة. وهم يدعون أنهم يريدون إعادة مجد دولة الخلافة الغابرة, وهل يعود بمثل هذه الأعمال البشعة مجد أضاعه أجدادهم بين أفخاذ الجواري وسيقان الغلمان وأكياس الذهب والفضة؟ لا شك أنهم لن ينجحوا في ذلك فما هكذا تورد الأبل , ولذا فهم يحاولون اليوم تدمير العراق بكل ما أوتوا من قوة , سواء من خلال تدمير بنيته التحتية أو من خلال دفع العراق إلى شفير حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. ألا ان تجربة السنتين الماضيتين أثبتت وبما لا يدع مجالا للشك بأن العراقيين أوعى وأكبر من ينجروا إلى مثل هذه الحرب الضروس . إلا أن صبر المظلومين له حدود , وإن كان شعار المظلومين اليوم هو قول هابيل لأخيه (لأن بسطت الي يدك لتقتلني , فما أنا باسط يدي إليك لأقتلك) , إلا أن لا أحد سيتمكن من منعهم من حكم أنفسهم بإنفسهم وعزل مدنهم وقراهم عن مناطق الأرهاب التي أصبحت مرتعا لتصدير الجريمة وقاعدة وملاذا أمنا للأرهابيين التي يؤمونها من كل حدب وصوب. وأن كانت دعوات الفدرالية تطلق اليوم في الجنوب العراقي فأن هذه الدعوات ستتحول إلى دعوات لفصل الجنوب المظلوم وإعلان دولته المستقلة والمطهرة من رجس الأرهابيين إذا ما استمرت هذا الأعمال البربرية بهذه الوتيرة , وإذا ما بقي هؤلاء القتلة يلقون الدعم والأسناد في داخل الوطن , وحينها سيندم هؤلاء ولات حين مندم.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |