|
انهم يقتلون الأطفال .. أليس كذلك ؟ علي الشلاه / كاتب واكاديمي عراقي مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري
يبدو ان اشكالية العلاقة العراقية – العربية قد وصلت الى مديات معقدة جداً ولم يعد الأمر متوقفاً على اختلاف في تقييم دكتاتور او خطأ في الوقوف معه يستدعي الاعتذار وفتح صفحة جديدة ، فالمتابع للمشهد العربي اليوم يلاحظ غياباً / حضوراً للقضية العراقية ، حضورعندما يجرح جندي امريكي واحد في عملية يهلل لها كل من هب ودب من المحيط الى الخليج على الرغم من ان العملية نفسها قد اودت بعشرات العراقيين وهو الغائب المسكوت عنه لدى المهللين ، وطبعاً نحن لانتحدث هنا عن الارهابيين القتلة القادمين من جحور افغانستان أو اي جحور اخرى . ومع ان هذه المعادلة غير اخلاقية وتستبطن عداءً واضحاً للشعب العراقي لأسباب طائفية وعنصرية لم تعد خافية على أحد بل ولايتورع عن اعلانها من كان لديه بعض حياء منها في السابق ، الا ان اشكالية العلاقة المذكورة قد وصلت الى مديات خارج الانسانية ، فما معنى هذا الصمت المطبق على قتل الاطفال العراقيين في عملية دنيئة لايقرها اي انسان او حيوان حتى ، واين هم حملة الفكر والأدب ومحللو الاعلام الاميون المتفيهقون ؟ هل حياة دكتاتور مجرم اهم من الطفولة حتى يشكل الأشقاء لجان للدفاع عنه ولا يتذكرون أطفال العراق في حمى الدفاع عن توفير الشوكولا والسيجار الكوبي الفاخر لسيادته ، بعد ان تعب من انجازاته لهذه الامة منذ ان فرط بنصف شط العرب وحتى تفريطه بالعراق كله وبشرفه الشخصي كجنرال هارب لم يخجل من النياشين الكثيرة التي يعلقها على مؤخرته. وهل أطفال هذا القطر العربي او ذاك من الدرجة الاولى واطفال العراق خارج السلم التراتبي العربي حتى ان بعض العرب يستنكر العمليات التي تستهدف الاسرائيليين ولا ينبس ببنت شفة على مذبحة في وضح النهار لأطفال العراق ؟ لقد حاولت الانسانية عبر كل تاريخها ان تعلي قيمة الانسان وشكلت الطفولة خطاً احمر حتى لأعتى المجرمين ، بل ان كثيرين من الشرفاء في هذا العالم قد ضحوا بحياتهم دفاعاً عن اطفال لايعرفونهم ، لكنهم يدركون انهم امل الانسانية وهم بريئون من كل الدسائس والمؤامرات ومنزهون من الاحقاد والترات والعقد ، فلماذا يستهدفهم فقهاء الظلام ولماذا يسكت فقهاء اخرون ويتلجلج بعضهم وهم ائمة البيان والخطابة ، وهل مشاكل الفقه المكررة منذ الف عام اهم من حيواة الأطفال ومستقبل الاوطان كاملة في ظل فتاوى الذبح اليومي لكل شيء من البشر وحتى الشجر والماء ؟ لقد وصل الأمر بوسائل الاعلام العربية حد نقل محاججة زعمين ارهابيين في قتل اكثرية العراقيين ، وهل ينبغي قتل الجميع وابادة النسل ام الاكتفاء بمن تيسر منهم وماتوفر من دمائهم ، دون ان تقدم وسائل اعلامنا الشريفة أي رد او تنبيه الى قروسطية هذه الأفكار ومعتنقيها وانحطاطهم ، وانهم خارج الاسلام بل خارج اية عقيدة او ديانة سوى عقيدة الاجرام ، بل ارسلتها ارسال الحوار الفكري والفقهي وكان الأمر مسلم به. ان المطلوب اليوم عربياً لم يعد مجرد الادانة اللغوية ، بل المطلوب ان يثبت العرب انهم ليسوا شركاء في قتل العراقيين بالفعل أو بالتواطؤ او بالصمت، وذلك ضروري ليس من اجل اثبات سلامة موقفهم من اشقائهم العراقيين فحسب بل انه مطلوب اولاً لاثبات انسانيتهم .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |