شاكر الدجيلي والجمعية الوطنية في العراق

 

المهندس الاستشاري/ سلام إبراهيم عطوف كبــة

s_i_kubba@yahoo.com

 

 المناضل العراقي شاكر الدجيلي ، صوت وطني وإنساني شجاع ، وصورة صادقة للشيوعي الباسل المتحدي الجسور المؤمن بعدالة القضية التي نذر روحه من اجلها... لم يعرف الخوف طريقا لقلبه... ابن الطبقة العاملة العراقية والمروءة الطافحة ، والنخوة والشيمة والكرامة والوفاء و المبادىء العراقية الاصيلة . صقلته الشيوعية وزادته ارتباطأ بالعراق والشعب للدفاع عن قضيته الوطنية العادلة المشروعة . كان له الصوت المسموع ، والحضور المتميز ، والكلمة الوطنية الصادقة داخل الوطن وخارجه . كادر شيوعي تميز بنكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي . لذلك جرى استهدافه بهذه الطريقة الجبانة حين غيبته حسابات الحكومة السورية واجهزتها الامنية والاستخباراتية والمخابراتية المختلفة في غفلة من الزمن وبتاريخ 31/3/2005 ، اي في ذكرى تأسيس حزب الكادحين..حزب فهد وصارم وحازم .

 كان أختطاف وتغييب شخصية وطنية عراقية تنتمي لحزب يعتبر صديقا مقربا للسلطة الحاكمة في دمشق أستهتارا بالقيم السياسية والأخلاقية ، وسياسة قصيرة النظر وبعيدة كل البعد عن الدعوات والنداءات التي تنطلق من الشارع السوري ومن طليعة مثقفيه حول مطالب التغيير في السياسات الداخلية ومن أجل النظرة الواقعية لمتغيرات العصر والمحيط الأقليمي والدولي.

احذر عدوك مرة

واحذر صديقك الف مرة

فلربما انقلب الصديق

فكان اعلم بالمضرة

 مثلما اختفت آثار جريمة اغتيال القائد الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو في سوريا عام 1959، تختفي اثار القائد الشيوعي العراقي شاكر الدجيلي في سوريا. ورغم الفارق الزمني الكبير بين القتل والاختفاء، ورغم توقع الناس في سوريا والدول العربية وفي مناطق أخرى من العالم ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والعالمية أن تطرأ تغييرات عميقة وجذرية في الفكر والممارسة السياسية للدولة السورية ولحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يقود هذه الدولة منذ ما يزيد عن أربعة عقود أو منذ ما سمي بالحركة التصحيحية في نهاية العقد السابع من القرن الماضي بعد وفاة رئيس الدولة السورية حافظ الأسد والأمين العام للقيادتين القومية والقطرية لحزب البعث الحاكم..، ورغم تواجد جبهة وطنية تدعم الحكم البعثي تضم الشيوعيين في سوريا ، ورغم العولمة والعصر المعلوماتي ، ورغم انعقاد مؤتمر الخيبة - المؤتمر العاشر لحزب البعث ، ورغم سقوط الكثير من دول المخابرات الفاشية في عصرنا وفي المقدمة نظام صدام الاغبر ، فان الحكومة السورية ما زالت تحافظ على تقاليدها العريقة في اختطاف المناضلين واخفاء آثارهم . هكذا يضاف اسم المواطن العراقي الدكتور شاكر حسون الدجيلي الى قائمة طويلة من الذين طالتهم أيد خفية تنشط في النظام السوري المخترق بقوانين يصنفها العالم بمهزلة الطوارئ .

الجبهة الوطنية في سوريا يجلس فيها أناس فقدوا الصلة بشعبهم وقضية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهمهم الحفاظ على مراكزهم ودفء مقاعدهم الوزارية أو الحزبية حيث يستلمون رواتبهم من الدولة، إنهم جماعة من المصفقين للرئيس أياً كان هذا الرئيس ما دام أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي ، قائد الأمة وحامي حمى الأحزاب المدجنة قومياً وفكرياً وسياسياً وأخلاقياً ، ومن المؤسف أنهم يحملون راية الحرية والديمقراطية بصورة عبثية ومذلة.

 التوتر في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا بلغ نقطة الغليان بعد مقتل معشوق الخزنوي وإلقاء اللوم على السلطات السورية في مقتله. الأكراد يشعرون بالغضب الشديد، كما هو واضح من البيانات الصادرة عن أحزابهم السياسية المحظورة.

 المخابرات السورية تعج بالضباط وشركائهم من زعماء عصابات مافيا النهب وتبييض الأموال لتشكل العصابة القذرة التي يستند عليها الاسد الابن الذي يلعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته . محمد سعيد بخيتان ، غازي كنعان ، آصف شوكت ، هشام بختيار ، بهجت سليمان ، ماهر الأسد ، ذو الهمّة شاليش ، أحمد درغام ، فوزي الراوي ... وأخرون اسماء هي نار على علم لا يستطيع الشعب العراقي محوها من ذاكرته بعد ان تورطت في الأنشطة التجارية غير المشروعة مع نظام صدّام حسين خلال الفترة 1997 ـ 2003، و تأمين وصول الدعم اللوجستي للإرهاب البعثي الفاشي في العراق ،وأرسال المتطوعين لصالح الأرهاب الاصولي الإسلامي بتجنيد الشبان من الأوساط الشبابية التي تؤم المساجد وتأمين وصولهم العراق ، والاشراف على تهريب الأموال العراقية إلى سورية ولبنان ،وإدارة تمويل الجماعات الإرهابية في العراق ، مقاولات ـ الشراكة لعمليات الإرهاب في العراق ، التعاون مع الحرس الثوري الإيراني وجماعة المرشد علي خامنئي لتأمين التسلل عبر الحدود العراقية – الايرانية و الحدود العراقية – السورية . إن العراقيات والعراقيين الذين يرفضون الاحتلال الأمريكي للعراق بشكل تام، والذي كان النظام البعثي المماثل للنظام السوري سبباً له ، ويعملون من أجل التعجيل بإنهائه العملي وليس القانوني فحسب ، يعجبون للوقاحة التي تتميز بها القيادة السورية واعلامها الساقط الذي يتحدث عن احتلال العراق، وهي تعيش يومياً ومنذ ما يزيد عن ثلاثة عقود قرب مرتفعات الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل.

إن الدولة السورية وأجهزة الأمن السياسي فيها مسؤولةٌ مسؤوليةً كاملة ًعن قتلى العراق الذين سقطوا بسبب التفجيرات والانتحاريين بسبب سماحها لهم بالعبور والمشاركة ودعم تلك الجهود بهدف إشغال "العدو الأمريكي!" بمشاكل العراق لكي لا يتقدم صوب سوريا... هذا هو حال ايران الاسلامية .. والاسلام منهما براء ! اية حملات أمريكية للإطاحة بهذه النظم ستكون مجرد حماقة .. فالمنطقة يسودها مزيج من الانقسامات الطائفية والإقليمية والقبلية، الافتقار إلى المؤسسات المركزية المحايدة، والنظم فيها تساعد على قيام المافيات وجماعات المصالح ضمن بيئة تقوم على أساس أن "الفائز يحصل على كل شيء".

 أين الحكومة العراقية والجمعية الوطنية العراقية ، من قضية الدكتور الدجيلي ، وهو مواطن من مواطنيها، وليس مجرد مواطن عادي بل هو ناشط سياسي وله صفة إستشارية في الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان)! يغيب ولم تسأل عنه الجهات المعنية بذلك ؟؟ . من خطف وغيّب الدجيلي، لابد وأن يكون من بين أولئك الذين يهمهم تحجيم وتغييب التيار الديمقراطي او حركة الدفاع عن حقوق الانسان(الدجيلي عضو في الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الإنسان / السويد) وحتى الحزب الشيوعي العراقي ومن أولئك الذين يريدون للعراق أن يتوقف في سيره نحو مجتمع الديمقراطية و حقوق الإنسان أو تشويه هذه العملية أو المعادين للديمقراطية و دولة القانون من الإرهابيين الذين يدعون محاربة أميركا ، و بكل هذا التنوع لن تكون سوريا بعيدة عن تحمل المسؤولية.

 لم تناقش الجمعية الوطنية العراقية ولو مرة واحدة قضية الدجيلي .. لا عجب في ذلك ! الدجيلي لم يكن يحمل بيده اليمنى سيفاً ليقطع به رأسا تختلف معه متوهماً بأنه ينفذ حكم الله بالرعية و باليمنى كتاباً مقدساً يتستر به على مصالحه الخاصة أوعلى إرهابه و جرائمه التي يرتكبها بإسم الدين ؛ ولا هو يعتمر عمامة أو طربوشاً أو كشيدةً أو غيرها ليميز نفسه مذهبياً؛ كما إنه لا يغطي رأسه بغترة أو كوفية معينه ليعبر بها عن طائفة أوعشيرة . كلا ، الدجيلي الذي توجه نحو العراق لا يحمل في قلبه و روحه و ضميره سوى العراق بكل أطيافه و طوائفه ، بكل تلاوينه و فسيفساءه ، بكل التنوع الديني والقومي والسياسي. الدجيلي علماني هو ايضاً ناضل ويناضل من اجل حرية العراق ارضاً وشعباً فاين يضعه الداعون الى جمهورية اسلامية في العراق؟.. يبدوا ان هناك من هو مهيأ ليضعه في سجن مؤبد، او يصهره بالتيزاب، كما اراد له صدام حسين. تتقصد الجمعية عدم الإشارة الى التنوع السياسي خشية أستذكار التيار الذي يمثله الدجيلي أرضاءً لأمريكا أو أنجراراً وراء فلسفة الإقصاء التي ظهرت جليةً في الممارسة التي حدثت في اروقتها. تحولت الجمعية الوطنية العراقية إلى جعجعة يومية على شاشات التلفزة وفي الصحف، وفي المجالس واللقاءات ، حتى ظننا أن العراقيين لا يشتغلون ولا يعملون لكسب قوت يومهم وابناءهم ، وإنما يكتفون بالمرابطة أمام الشاشات لرؤية آخر الممثلين من الوجوه القديمة الجديدة، أو الجديدة القديمة، من فرسان الطائفية يتنافسون على هذا الوطن، لا في خدمة الوطن. شاكرالدجيلي يختطف في وضح النهار وامام مراى ومسمع من الحكومة العراقية من قبل المخابرات السورية وليس من هناك من يحرك ساكنا ! اهل العراق يلتزمون الصمت حول بقاء السوريين على ارض العراق بسفارتهم ومخابراتهم ومواطنيهم يشربون من ماء الفراتين سلسبيلا وياكلون من خياراتهما هنيئا مريئا فيما يجمعون كل خيوط الارهاب بايديهم لغرض قتل العراقيين !والقوى السياسية العراقية لازالت اسيرة الدعم الذي قدمته سوريا الصمود والكفاح التحرري الوطني يوما لها لمواجهة الذهنية العنصرية الصدّامية غافلة انه دعم وحيد الجانب أقترن بالولاء للاسد ! وبعضها لازال يحتفظ بمكاتبه الفارهة في دمشق والتي لا تنقطع الكهرباء والماء عنها – بحبوحة لحس المؤخرات !

 النظام السوري يختطف الدجيلي بذات الطريقة إثناء "الضيافة العربية"، ولا نعرف مصيره على أيدي زبانية الجحيم البعثي السوري الآن.... والجميع يتفرج ! يالها من محنة . البعث والطائفية السياسية أسيرا فكرهما المتلبس بتقاليد وأعراف الذات الابوية التي تصر على أن وجودها لن ينعشه ويضعه موضع الثبات والرسوخ غير التفرد بالقيادة والترفع على الآخرين وسلب حقوقهم وهذا يعني وعلى مختلف الأصعدة وجوب إخضاع الآخرين أو إقصائهم أو تغييبهم ونبذ النصائح المقدمة لهم من مختلف الأطراف المتوددة والمحبة مفضلين السير نحو النهاية الكارثية، غير مبالين بما سوف يقع من دمار وويلات على رؤوس الشعبين العراقي و السوري ، وفي هذا المشهد تتكرر طريقة صدام وحزبه النافق في التعامل مع الأزمات.

 إن ما يجري في سوريا اليوم يعتبر تجاوزاً فظاً على حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وحقوق القوميات ، ويضع هذا الواقع على عاتق العالم كله مهمة التحرك لمنع ما يجري هناك ومساندة قوى المجتمع المدني السورية وكل المناضلين في سبيل الديمقراطية ومن أجل إزاحة الدكتاتورية عن السلطة. إن مهمة السوريين النضال لتأمين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية للشعب السوري وإنقاذه من سياسات البعث الراهنة، ومن واجبنا تقديم الدعم السياسي والمعنوي الكامل له.

 على القوى الديمقراطية العراقية ان لا تُضعف المطالبة وتحصرها وفق حسابات امست بالية و ربما نصائح لا تؤدي الغرض المطلوب ،وهي مطالبة بتنظيم حملة جماهيرية للدفاع عن حياة وحرية السيد شاكر الدجيلي ..

 نستصرخ الضمائر الحية كتابا وصحفيين ومواقع عراقية ومنظمات ديمقراطية وحقوقية لتبني قضية اختفاء المواطن العراقي السيد شاكر الدجيلي وتذكير الرأي العام العراقي والعربي وبالاخص السوري بضرورة الكشف عن مصيره والعمل على أطلاق سراحه.

لنرفع الأصوات من أجل أن لا يغيب البشر بهذه السهولة في عالمنا هذا دون أن نسأل عنهم ونتضامن معهم لأن هذه القضية إنسانية قبل أن تكون وطنية .

 يا أحرار العالم ومناضليه ، دافعوا عن السجناء والمعتقلين والمغيبين والمضطهدين ، وكلمة الحق من أجل عالم أن يتوفر فيه الخبز والحرية والسلام للجميع .

 


 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com