|
هذه بضاعتكم ردت إليكم د. عبدالخالق حسين Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com
اللهم لا شماتة، بل نقولها بقلب دام ونحن نقرأ الأنباء المفجعة عن التفجيرات في القاهرة وشرم الشيخ والرياض وصنعاء، والتي راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء. إن ما يجري من إرهاب باسم الإسلام ما هو إلا جنون جماعي سبَّبه ونشر عدواه مشايخ الإسلام وأئمة الجوامع الذين امتهنوا شحن الشباب بالحقد والكراهية ضد غير المسلمين ومن يختلف عنهم من المسلمين وحفزوا فيهم عشق الموت وعملوا على تحويلهم إلى قنابل موقوتة لقتل الناس كأقصر طريق إلى الجنة. راح عدد غير قليل من شيوخ الإسلام ورجال الإعلام والسياسيين العرب باسم العروبة والإسلام يحرضون الشباب على الذهاب إلى العراق لقتل الأمريكان وغيرهم من قوات متعددة الجنسيات والمدنيين الأجانب وكل من يتعاون معهم من "الفئات الضالة". وبرروا لهم قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ولم يسلم منهم حتى المدارس والمستشفيات والبعثات الدبلوماسية وبعثة الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي.. ناهيك عن تفجير أنابيب المياه والكهرباء وتدمير المؤسسات الاقتصادية. واستجاب الشباب العربي المسلم بحماس لنداء وفتاوى أئمتهم وتوجهوا بالألوف إلى العراق لتنفيذ المهمة القذرة عن إيمان عميق بأنهم يخدمون دينهم الحنيف. كما وهناك حكومات عربية وإسلامية سهلت مهمة الإرهابيين في تجنيدهم وتدريبهم ونقلهم وتمويلهم وتزويدهم بوثائق السفر وغيرها، رغم أن هذه الحكومات تنفي ضلوعها في دعم الإرهابيين وتذرف دموع التماسيح على الشعب العراقي، إلا إن هناك معلومات تؤكد دورها في دعم الإرهاب في العراق. قد ينفي هؤلاء دورهم في التحريض للإرهاب ويقولون أنهم يحرضون ضد الاحتلال وأن محاربة الإحتلال عمل مشروع!! ولكن نقول أنه ليس بالضرورة أن يكون التحريض مباشرة للإرهاب. إن الحملة الشرسة التي يشنها رجال الدين والإعلام العربي ضد تحرير العراق من الفاشية البعثية والدعوة للجهاد ضد القوات متعددة الجنسيات هي تحريض للإرهاب على الشعب العراقي وبالتالي على أنفسهم. إن ما يسمونه احتلال هو مؤقت وجاء لصالح الشعب العراقي وليس من حق غير العراقيين أن ينصبوا من أنفسهم أوصياء على الشعب العراقي ليقرروا ما يفيده وما يضره. إن من يقرأ مقالات أحمد ماهر، وزير خارجية مصر سابقاً، وكتابات صافي ناز كاظم وفهمي هويدي وغيرهم من الكتاب العرب في دعمهم لما يسمى بالمقاومة العراقية الوطنية، يدرك مدى دور هؤلاء في دعم الإرهاب في العراق والذي بدأت عدواه تنتشر في البلاد العربية وبالأخص مصر. ليفهم هؤلاء أن ما يسمونه مقاومة في العراق ما هو إلا مجرد كناية للإرهاب. لقد حذرنا مع غيرنا أن هؤلاء الإرهابيين، وأغلبهم من المراهقين المحرومين من المعرفة والنضج العقلي، سيتخذون من الإرهاب مهنة لهم عندما يعودون إلى أوطانهم لأنهم قد أدمنوا عليها ولا يعرفون مهنة غيرها، فيمارسونها ضد حكوماتهم وشعوبهم، تماماً كما حصل عندما عاد "المجاهدون" العرب الأفغان من الجزائريين إلى بلادهم، فحولوها إلى أفغانستان ثانية وكانت حصيلة "جهادهم" ما يقارب ربع مليون قتيل من الشعب الجزائري على مدى 13 عاماً والمجزرة مازالت مستمرة. وذات العدوى بدأت تنتشر في البلاد العربية الأخرى... واليوم، المصادف 22/7/2005، نسمع عن مجزرة شرم الشيخ والتفجيرات العديدة المتناسقة التي تحمل بصمات القاعدة في توقيتها وتنسيقها والتي راح ضحيتها أكثر من 80 قتيلاً وأكثر من 200 جريحاً. مصر دولة فقيرة تعاني من الانفجار السكاني وليس لها من الموارد الاقتصادية سوى السياحة، المصدر الأساسي لدعم اقتصادها المنهار، إذ لولا السياحة والدعم الأمريكي لكان الشعب المصري في حالة يرثى لها من الفقر والبؤس. وذات الوصف ينطبق على المغرب. وفي كلا البلدين يعمل الجهاديون باسم الله والإسلام على تدمير السياحة في بلادهم ونشر الرعب بين السياح الأجانب لمنعهم من التوجه إلى هذه المنتجعات وقطع أرزاق الناس. فأي دين أو عقل هذا الذي يقر مثل هذه الأعمال الإجرامية؟ نقولها وبمرارة، أن فقهاء الموت نجحوا في تحويل الإسلام إلى آيديولوجية للإرهاب. فكما قال الرئيس الباكستاني برفيز مشرف: » لقد دهورنا الإسلام الى الحد الذي جعل شعوب العالم تعتبره مرابطاً للأمية والتخلف والتعصب». أما رجال الدين الذين يطرحون أنفسهم كمعتدلين، فهؤلاء ليسوا أبرياء من التحريض على الإرهاب بشكل غير مباشر. ولا أقصد هنا صمتهم المطبق على الإرهاب بل إنهم يحرضون عليه بشكل غير مباشر وذلك عن طريق تحقير الديانات الأخرى واعتبار غير المسلمين كفار يجوز قتلهم وحتى ضد المسلمين من لم يكن على مذهبهم. فالدين عند الله الإسلام ومن جاء بغير الإسلام ديناً لن يقبل منه. وهم يرددون باستمرار الحديث النبوي: "أمرتُ أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلاّ اللّه، فمن قال لا إله إلاّ اللّه عصم منّي ماله ونفسه إلاّ بحقّه وحسابه على اللّه". لقد آن الأوان أن يعيد مشايخ الإسلام النظر في هذه الآيات والأحاديث النبوية وتفسيرها ضمن سياقها التاريخي قبل 15 قرناً وإعادة تفسيرها ليتوافق مع متطلبات العصر الحاضر في التعايش بسلام مع شعوب العالم واحترام الديانات والمذاهب والثقافات الأخرى وحرية الناس وحق الاختلاف في الدين والمذهب والرأي والمعتقد السياسي وغيره. إنه لا يكفي ترديد مقولة عمر بن الخطاب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) بينما يبررون ويمارسون قتل الأبرياء على الهوية الدينية والمذهبية. وإذا لم يتدارك المسلمون الموقف المتردي فإنهم سيصبحون منبوذين في العالم وما حصل اليوم في شرم الشيخ ويحصل يومياً في العراق سيكون من الممارسات اليومية في جميع البلدان العربية.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |