لا عذر للأرهاب!

ساهر عريبي

sailhms@yahoo.com

 

أثارت العمليات الأرهابية الأخيرة التي ضربت مدينة الضباب موجة من السخط والأستنكار العالميين, لأنها إستهدفت مدنيين في بلد عرف بتسامحه وفتح أحضانه أمام الملايين من المسلمين الذين هاجروا إليه هربا من حالة القمع والكبت والفقر التي يعاني منها المسلمون في بلدانهم, والذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ولم يجدوا ملجأ يأوون إليه سوى هذه الدول التي رحبت بهم وأعادت لهم كرامتهم الأنسانية التي سلبت منهم في بلدانهم.

 فلقد قدمت هذه البلدان للمهاجرين المسلمين ما لا يحلم به هؤلاء في اوطانهم التي ضحوا كثيرا من اجلها, إذ فتحت امامهم كل سبل الحياة بدأ من العمل والدراسة والضمان الأجتماعي والصحي ومنحتهم كامل الحرية السياسية والفكرية والدينية وكانت ولا زالت تعاملهم على قدم المساواة مع  أبناء البلاد الأصليين. فالمساجد عامرة والمدارس والجمعيات الأسلامية والثقافية لا تعد ولا تحصى وهي تحظى بدعم هذه الدول المادي والمعنوي, وابواب الجامعات مفتوحة امام أبناء المسلمين, فضلا عن نيلهم لجنسية هذه البلدان بكل ما تتضمنه من إمتيازات.

 إلا ان البعض يأبى إلا ان يرد على هذا الجميل بنفس الطريقة التي رد بها الذئب على أم عامر التي رعته وربته ثم غدر بها عندما كبر واشتد ساعده.فهؤلاء الذين جبلت نفوسهم على اللؤم والخبث أبوا إلا ان يردوا على الأحسان بالقتل والدمار والرعب والأرهاب.

ويسوق هؤلاء ومن يدافع عنهم عددا من الأعذار لتبرير هذه الأعمال الأرهابية التي لا تستهدف سوى المدنيين العزل. فمرة يدعون بأن هؤلاء كفرة ينبغي قتلهم , ومرة يحملون هذه الدول مسؤولية التخلف والأنحطاط الذي يعاني منه العالم الأسلامي, ومرة يدعون بأن هناك حربا صليبية تشن على العالم الأسلامي, ومرة يلعبون بورقة فلسطين التي أكل الدهر عليها وشرب.  فيما  حمل الصدامي جورج غالاوي الحكومة البريطانية مسؤولية هذه الأحداث بسبب مشاركة بريطانيا في عملية إسقاط أبشع دكتاتور عرفه التأريخ.

 ولو سلمنا بصحة كل ذلك وقلنا بأن سبب نشوء الأرهاب هو دعم الولايات المتحدة لجماعات المجاهدين الأفغان والعرب وليس  الأجتياح السوفيتي لأفغانستان, ولو قلنا بأن سياسات الحكومات الأمريكية والبريطانية المتعاقبة في دعم إسرائيل هي سياسات خاطئة. ولو سلمنا بأن السياسة الامريكية في افغانستان والعراق والتي أسقطت نظامين بغيضين كانت خاطئة. ولو سلمنا بأن الأوروبيون يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر ويخالفون الشرع.

لو سلمنا بكل ذلك,  فهل في ذلك مبررات مشروعة للأرهابين للقيام بأعمالهم الأجرامية هذه التي لا تستهدف سوى  المدنيين الغربيين الأمنين وقتلهم وتحويل حياتهم الأمنة الى حجيم؟ وهل في ذلك مسوغات  لأنتهاك حرمة هذه المجتمعات الامنة التي أوت واحتضنت المسلمين التي لم يجمعهم بها سوى الأنسانية؟

 لقد أكدت كل الشرائع السماوية على حرمة النفس المحترمة وحرمة إنتهاكها, كما وأكدت على  ضرورة حفظ العهود والمواثيق ومراعاة الضيافة وحرية الانسان في إختيار الدين والعقيدة التي يرتأيها. ولكن كيف سيدرك هؤلاء هذه المفاهيم والقيم وهم يسفكون دماء أبناء جلدتهم في بلدانهم تحت مسميات وأعذار واهية , فالعراقيون يذبحون كل يوم على يد هؤلاء الأرهابيين بإسم مقاومة الأحتلال, وخيرات العراق تحرق , وقادته وأبنائه المخلصون يقتلون كل يوم. فلا عجب إن نقل هؤلاء إرهابهم إلى العالم المتحضر الذي سبقهم بالعلم والقيم الأنسانية وبقوا هم يعيشون في الظلام.

 فلا عذر للأرهاب وكل هذه الأعذار واهية وكل من يطلقها ويلتمس المعاذير للأرهابيين إنما هو شريك في الجريمة ومشجع للأرهاب . وعلى رأس هؤلاء فقهاء الأرهاب الذين دعموه في العراق, وسموه مقاومة, وكذلك كل السياسيين والحكومات وكل الأعلام الذي شجع هؤلاء القتلة وأثنى على جرائمهم بحق أبناء العراق , إلا أن عزاؤنا في ان هؤلاء ستصلهم وستحرقهم نار الأرهاب التي أججوها فمن سل سيف الأرهاب قتل به.

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com