|
القوى المُغيَّبة أم المُتغيبة؟ محمد حسن الموسوي
(القوى المغيَّبة) مصطلح باتت تردده في نشراتها الاخبارية فضائية (عراقية) مصابة بداء الطائفية المزمن ,اسمها مستمد من احدى الجهات الاربعة ويرئسها قزم ٌ مهووس بالطائفية حد النخاع ومعروفٌ بعدائه السافر للعراقيين الاصلاء من ابناء المقابر الجماعية, وعلة عدائه الدائم لهم اصالتهم وعراقتهم وهو المستعرق المتحدر من اصول انكشارية ولدَّت لديه عقدة الشعور بالنقص تجاه كل ماهو عراقي اصيل. وبمناسبة او بدون مناسبة تسمع في كل حين ومن على منبر تلك الفضائية المسمومة هذا المصطلح وتشير به الى الاقلية السنية او ما بات يعرف بـ(السنة العرب) حيث تحولت تلك الفضائية الى ناطق باسمهم لايقتصر الدور المرسوم لها على نقل اخبارهم وبيان (مظلوميتهم) بل تعداه الى دور اخطر ذلك هو تحريضهم على مناكفة العملية السياسية واعاقتها ما امكن الى ذلك سبيلا وشق عصا الطاعة والخروج على القانون وذلك اما بالتصريح او بالتلميح من خلال تقديم النصائح والارشادات لهم عبر برامج مطبوخة على نار هادئة تهدف الى تأصيل الطائفية الاجتماعية المقيتة في نفوس ابناء (القوى المغيبة) وهم الذين شبوا على الطائفية السياسية من عهد بعيد لانها مثلت بالنسبة اليهم الحصن الحصين في السيطرة على الحكم بعد ان ازاحوا عنه بالكيد والتآمر مع الانكليز الكثرة الكاثرة من العراقيين هذا من ناحية ولتأجيج الروح العدائية المريضة بين العراقيين من جهة ثانية. وغير خفي على كل ذي لب ما ترمي اليه تلك الفضائية المسعورة وما تقصده من اهداف ليس اقلها أستعداء دول العربان على بقية العراقيين واثارة تعاطفهم مع ابناء (عمومتهم) من ابناء (القوى المغيبة) واظهارهم بمظهر المغلوب على امره, المغصوب حقه , المعتدى عليه من قبل القادمين على ظهور دبابات (الغزاة) من شيعة وأكراد, المتآمرين على (العرب)الخلص, حماة (البوابة الشرقية) وبناة العراق الحديث على حد زعم فضائية الطائفيين الانكشاريين الذين لم يهظموا بعد حقيقة زوال (ملكهم) الذي ظنوا انه دائم للابد حيث فقدوا بفقدانه كل امتيازاتهم السياسية التي جنوها طوال ثلاثة وثمانين عاما مدة حكمهم الجائر من دون وجه حق او استحقاق لتلك الامتيازات التي اكتسبوها على حساب العراقيين الاصلاء وفاتهم ان الدوام والبقاء لله وحده وغاب عنهم وهم في سكرة الحكم ونشوة التلسط سنة التداول( وتلك الايام نداولها بين الناس) وهي سنة الخالق في خلقه (ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين) اي لو دامت لغيرك لما وصلت اليك. انساهم جشعهم وطمعهم كل تلك السنن فصحوا واذا بقصورهم وحصونهم قد صارت بحول الله وقوته وصواريخ بوش وجيشه قاعا صفصفا تذره الرياح . ومن حقنا ان نسأل قزم الاقزام وخفاش الظلام ربيب صدام صاحب الفضائية الانكشارية الطائفية هل غُيبت كما يزعم تلك القوى التي يتباكى عليها ليل نهار ام تغيبت ؟ والفرق واضح بين الحالتين. والثابت لدى اكثر العراقيين انها تغيبت اي انها اختارت ان تغيب طواعية بمحض ارادتها, ومن هنا عليها ان تدفع ثمن تغيبها وان لا تُحمل الاخرين وزر اخطاء حساباتها اذ ظنت تلك القوى انها بمقاطعتها الانتخابات وبتمنعها عن العملية السياسية ستوقف عجلة التحول الديمقراطي او تُرجع عقارب الساعة الى الوراء بيد انها اكتشفت بعد حين الحقيقة المرة التي ماكانت لتريد ان تعرفها الا وهي حقيقة كونها _اي تلك القوى_ اقلية عددية وسياسية بنفس الوقت ولا تأثير لها بالمرة على مجمل الاوضاع. مثلت هذه الحقيقة الجديدة القديمة لطمة قوية لتلك القوى التي سخرت كل امكانيات العراق يوم كانت في الحكم لطمس معالم هذه الحقيقة والتي شكلت منذ البداية عقدة لعبد الرحمن النقيب ولمن خلفه على عرش السلطة. ولكم بُذلت جهود ووزعت اموال وابُرمت عقود كيما تذوب حقيقة ان الشيعة والكورد هم الاغلبية الساحقة لكن تلك المحاولات باءت بالفشل فتفتق العقل الطائفي عن فكرة جهنمية لتجاوز تلك العقدة المستعصية فكانت محاولة التغلب على عقدة النقيب اي عقدة الاقلية العددية من خلال موازنة ومعادلة الاقلية العددية لأبناء تلك القوى بالمساحة الجغرافية وهو المشروع الذي خُطط له في العهد الملكي ونُفذ في العهد العارفي ليصل الى ذروته في العهد الصدامي حيث قُضمت مساحات شاسعة من مدن الشيعة والكورد وأُضيفت الى مدن الاقلية لتصبح وعلى سبيل المثال مساحة مدينة الانباروحدها ثلث مساحة العراق بعد ان تمددت على حساب مدينتي كربلاء والنجف الشيعيتين وهذا ما تحاول فضائية الاقلية تاكيده في نشرات اخبارها حيث تعرض خارطة العراق الادارية الصدامية يوميا اكثر من عشر مرات وبطريقة مدروسة تخاطب فيها اللاوعي للمشاهد فتظهر في تلك الخرائط مدن الاقلية تعادل قرابة ثلثي مساحة العراق في محاولة خبيثة للايحاء بأن الاقلية تملك مساحة جغرافية اكبر. غير ان هذه المحاولات لم تنطل على العراقيين الذين يصرون على اعادة النظر في الحدود الادارية للمدن العراقية والعودة الى اعتماد الخريطة الادراية للعراق في عهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم حيث الصورة الحقيقة لحجم المساحة الجغرافية لكل مدينة عراقية. وأما اذا قلنا ان تلك القوى (غُيبت) كما تطبل بذلك فضائية الاقلية الانكشارية فلنا ان نتساءل من غيبها؟ يُلقي الخطاب الاعلامي لفضائية ايتام النظام وارثة قناة (الشباب) باللائمة على الاكثرية ويوحي وكان مؤامرة دبرت بليل بين الشيعة والكورد لأقصاء وتغييب الاقلية (العربية) السنية عن المشاركة في الانتخابات او في العملية السياسية الراهنة. هذا ما يحاول الخطاب الاعلامي لاعداء الديمقراطية الايحاء به ولا ندري في اي خانة نضع الدعاوى التي اطلقتها الهيئات الدينية لابناء الاقلية الى مقاطعة الانتخابات والتي وصلت حد التهديد وتحريمهم المشاركة في العملية السياسية لانها وعلى حسب زعمهم تجري تحت ظل (الاحتلال) هل نضعها في خانة الشيعة ام في خانة الكورد؟ وهل زعماء تلك الهيئات من الشيعة والكورد حتى نتهمهم بتلك التهم؟ الحقيقة ان ما حدث هو تغيب وليس تغييب ولا ذنب للاكثرية فيه وعند ذلك فلا مبرر لاستخدام مصطلح (القوى المغيبة) والاصح ابداله بمصطلح القوى المتغيبة لمن اراد الانصاف ولكن كيف يتحلى بالانصاف من تربى على بخس حق الاخرين وعاثَّ فساداً في ارض الرافدين ثمانين ونيفا من السنين (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ).
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |