|
البرازيلي القتيل...ضحية مكافحة الارهاب
ياسر سعد / كندا
سقوط الشاب البرازيلي برصاص الشرطة البريطانية مع ما أعقبه من تبعات ومواقف تستحق التوقف والتأمل. الشاب البرازيلي كان ضحية معلنة من الضحايا الكثر -واغلبهم مجهول- للحرب على الارهاب والذين يشكل العراقيون هذه الايام السواد الاعظم منهم. وإذا كنا نرفض اخلاقيا وعقائديا تفجيرات لندن وماشابهها والتي تضرب وبشكل اعمى الابرياء, فإنه من الواجب التذكير ان الكثير من الممارسات والتي تندرج تحت إطار ما يسمى الحرب على الارهاب تعد نموذجا صارخا للارهاب المستمر غير ان الفارق بينه وبين الارهاب الذي ضرب لندن وشرم الشيخ, ان المعلومات حول الفاعلين ومن يقف وراءهم مجهولة في الثاني لحد الساعة بينما هي محل افتخار وتباهي في الاولى. لو كانت ضحية عنف الشرطة البريطانية شخصا مسلما او عربيا, فهل كان سيجد من يتجرأ فيبكي عليه او حتى يطالب بفتح تحقيق حول ظروف مقتله؟ لو كان اسم البرازيلي محمد او حسين لكان في عداد الارهابيين ولكانت عملية قتله ستعتبر واحدة من انجازات الشرطة البريطانية الفريدة والتي ربما يعقبها توزيع ميداليات الشجاعة والاقدام على الفاعلين. لو كان المقتول عربيا لهرعت سلطات دولته لاعتقال اهله وعشيرته وتعريضهم لتحقيقات قاسية تنتج عنها اعترافات لهم جميعا بما وقع وسيقع من الجرائم الارهابية, ولتنادى المنافقون من الادوات الاعلامية العربية المبرمجة يعيّرون لندن باستضافتها المعارضين الفارين من قهر الدكتاتوريات العربية ولانبرى بعضهم يتحدث عن انجازات وسبق سلطات ومخابرات بلادهم في محاربة التطرف الاسلامي قبل الغرب وبعقود طويلة. وزير الخارجية البرازيلي توجه على الفور الى لندن لبحث ظروف مقتل العامل البرازيلي. الشرطة البريطانية اعتذرت عن تصرفها الارعن. لم يكتف البرازيليون بذلك وازدادت ضغوطاتهم السياسية والاعلامية والتي اثمرت عن اعتذار صريح وواضح من توني بلير شخصيا. مقارنة سريعة لاحوال المواطن العربي ولنظيره البرازيلي والفلبيني وغيرهم, تظهر القاع السحيق والذي نتمرغ فيه بفضل قياداتنا السياسية المحنطة. الفلبين سحبت قواتها من العراق لانقاذ حياة مواطن عادي غير مبالية بالضغوط الامريكية الساحقة فيما ترسل دول عربية كبرى دبلوماسيها للقتل في بغداد ارضاء لعيون كونداليزا, بل ان وزير خارجية مصر لم يقطع زيارة رسمية كان يقوم بها من اجل متابعة اخبار السفير والذي ذهب ضحية ضعف وهزالة نظامه وتبعيته. لم يتقدم لا بلير ولا بوش يوما باعتذار لضحايا سياساتهم الغاشمة في العراق ان كانوا من القتلى او من الذين تعرضوا ويتعرضون لابشع انواع التعذيب والتنكيل. هل سمعنا يوما باحتجاج من دولة عربية على اعتقال مواطنيها في غوانتنامو دون توجيه تهما لهم او محاكمتهم؟ بل وحتى الذين دفعت السلطات الامريكية ببراءتهم واطلقت سراحهم بعد احتجاز طويل في الجزيرة الكوبية, هل طالبت حكوماتهم العربية باعتذار او تعويض لضحايا العدالة الامريكية الغاشمة؟ لم يقبل عضو الكونجرس الأمريكي النائب الجمهوري توماس تانكريدو ان يعتذر عن تصريحاته المتطرفة حول تدمير مكة نوويا, ولم يبالي أي مسؤول امريكي ولا على اي مستوى من تقديم اعتذار واضح حول تدنيس القرآن ان كان في غوانتنامو او في مساجد العراق. بريطانيا طالبت مع امريكا بقوات دولية لحماية المواطنين السودانيين في دارفور من تجاوزات مزعومة لحكومة بلادهم. المواطنون البريطانيون من المنتمين للاقليات العرقية الدينية وعلى الاخص المسلمين يشعرون بتهديد حقيقي على حياتهم بل ان بعض المحسوبين على قيادة الجالية المسلمة طالب المسلمات بنزع الحجاب وكأن المسلم في بريطانيا مخير ما بين المواطنة وبين انتمائه الديني. حالة القلق والرعب وصلت في صفوف البريطانيين المسلمين الى درجة كبيرة مع مقتل الضحية البرازيلي, فهل يحق لنا ان نحتذي بالموقف البريطاني في كردستان العراق فنطالب بمناطق آمنة للمسلمين البريطانيين ام نقتدي بالموقف البريطاني في دارفور فنطالب بقوات دولية لحماية المسلمين من تجاوزات الشرطة البريطانية ؟؟
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |