أهداف أمريكية ودور الأغلبية المستضعفة ـ
الجزء السادس
من سخرية القدر ان يتهم علاوي وبعض اعضاء
قائمته وبعض وزرائه المشوهين قائمة الأئتلاف بتهم كثيره قبل وبعد الأنتخابات،
وانها اي القائمة الأولى مارست خروقات للعملية الديمقراطية، بل ذهب قائد حملة
علاوي، باتهام الشيعة بممارسة الأرهاب الفكري، وقدموا حتى شكاوي الى الهيئة
العليا للأنتخابات بأن القائمة " استغلت اسم السيد السيستاني "، علما اننا نسمع
هذا الأتهام من البعض لهذه اللحظة .
هنا سوف ارد على هذا الأتهام بمرحلتين، الأولى دفاعية بل توضيحية، لتبيان مدى
تجذر علاقة شيعة اهل البيت بالمرجعية العليا كفهوم وبسماحة المرجع الأعلى
كمصداق، وفي المرحلة الثانية سوف انتقل الى موقع المهاجم، لأرجاع التهمة بلصقها
بقائليها، وفي مقدمتهم د. علاوي بممارسة خروقات وتجاوزات كثيرة لمبادئ
الديمقراطية، وكذلك لقوانين الأنتخابات التي جرت مؤخرا .
1-ألم تكن المرجعية الأمين الوحيد على الأسلام وحدوده؟ وقد قالت أكثر من مرة
نحن لانريد التدخل في الحكم, ولانطالب بحكومة اسلامية, لكننا نشرف على الأمة
اصلاحيا.
ولانفرق بين طوائفها وأديانها ومذاهبها, فماذا بعد هذا التعهد تريدون؟ ثم ان
علاوي وغيره المعارضين لها .
كانوا قد استنجدوا بها في كثير من المواقف المفصلية التي كادت ان تسبب مأزقا
لتصل الى حدودا كارثية، وتعم تداعيادتها ليس شيعة العراق أو العراقيين فقط بل
لتصل الىمديات تجد صدى لها من اتباع اهل البيت ( ع) خارج حدود العراق، لتحظى
بتقدير كل شرائح المجتمع وليصل هذا الأنبهار الى الكثيرين من سياسيي العالم .
لتميزها بقيمة الأعتدال التي في رأينا هي اهم العناصر المطلوبة للمجتمع
العراقي، بل هي قيمة انسانية عامة، تقترن وتتميز عند سماحته بأيمان متجدر
بالأنتماء للهوية الخاصة لخط الأمامة، ان هذه الموازين الدقيقية، بل الملكات
الشخصية المتعالية، بالأضاقة الى حرصها على بناء علاقة قوية مع كل الوان الطيف
العراقي، جعلتها ان تكون في موقع المسؤولية الشرعية والتاريخية في توظيف كل ما
تقدم لخدمة قضية شعب العراق، حيث غدت عراقيته فوق الشكوك والشبهات بل هي الأولى
رتبة حتى على أعضاء مجلس الحكم وقاطب العراقيين، كونه وخلال الأعوام الـ 55
التي قضاها في العراق، لم يفكر الا في أمرين، الأول دعم الشيعة في العراق بسبب
ظرفهم السياسي وكذلك الاكراد بسبب الظرف الكردي، وكل مواطني العراق بما فيه
خدمة هذا البلد حتى قبل وصول المرجعية الدينية العليا إليه.
واضاف السيستاني، حسب المصادر: «وكنت أؤكد ذلك تفصيلا خلال الزيارات الدورية
التي كان رجال السلطة السابقة يقومون بها لمنزلي، معتبرا وجودي إنما هو لخدمة
العراقيين رغم المخاطر التي كانت تحيق بي شخصيا وبعائلتي وبالحوزة العلمية,
وعائلتي الكبيرة لكنني صممت البقاء, لاني وجدت في ذلك استجابة الى الحاجة
الملحة لهذا البقاء، ولا سيما بعد التغيير الذي وقع في البلد». "الأحد
19/12/2004 "الرأي العام" .
2- اتهم اعوان علاوي بعض القوى الأسلامية الرئيسية، ومن على فضائيات عربية
طائفية بأنهم لايؤيدون ماذهب الية السيد السيستاني، في مسألة ولاية الفقيه
المطلقة، وهم يؤمنون بهذه الولاية، مع ذلك يتقدمون قائمة الأئتلاف العراقي
الموحد " مصرحين بغير حق بأن ذلك يعبر عن انتهازية سياسية " نجيب هؤلاء المدفوع
ثمن تصريحاتهم مسبقا، ماديا، أو وعودا سياسية، أو املتها مواقف شخصية بعيدة عن
الموضوعية، مع انهم ينتمون للتشيع ولهم تاريخ عائلي معروف " وان أساؤا فأنهم
يسيؤون الى انفسهم، لا الى امتداداتهم العائلية المحترمة بتاريخها، وان كان
الأولى بهم وضع ذلك في نظر الأعتبار، قبل تخوين أخوانهم في الدين والمذهب،
ومساعدة خط القائمة البعثية المنافسة، أو القوائم الأخرى التي وقفت بالضد من
قائمة الأئتلاف العراقي الموحد " اقول عجبي على هؤلاء وهم يرتدون اللباس
الديني، ولا يميزون بيت امرين مهمين، واقصد، الفرق الواضح بين تقليد المجتهد
وبين الألتزام بمتطلبات المرجعية العليا، وهناك فتوى واضحة في ذلك للكثيرين
ناهيك عن رجال الدين، لا أقول علماء الدين هنا، هذه فتوى الشهيد محمد باقر
الصدر حيث افتى " وقد جرى ديدن العلماء على التمييز بين الأمرين، بين الأفتاء
وإصدار ما يتضمن ذلك لمن يحتاج إليه في عمله الديني الشخصي وبين الألتزام
بمتطلبات المرجعية العليا وصيانتها ونحن نرى لزوم التمييز بين هذين الأمرين فلا
يجوز الخلط بينهما ولا يجوز مس مقام المرجعية العليا، ولا يجوز أي عمل يقصد به
تفتيت الشمل المجتمع للمؤمنين على مرجعيتهم العليا وتمزيق كلمتهم" مع العلم بأن
تلك القوى كانت تحتاج الى الفتوى الشرعية في مقارعة صدام حينئذ .
وكأني بهم يحاولون مغازلة الأمريكان، أو لعب نفس اللعبة الصدامية السابقة،
بالتخويف من الدور الأيراني الذي اصبح يستخدمه، كل الذين يريدون ان يفعلوا ذلك
التناغم القديم أوالقديم المتجدد دوما الأمريكي من خطر وهمي اسمه شيعة العراق،
وان ارادوا سابقا أو مستقبلا لعب هذا الدور فلم يكونوا اخطر من صدام أو قزم
الأردن أو ما هو دونهم في العمالة من الذين لعبوه ومازلوا, من الذين يعرضون
انفسهم للبيع في اسواق النخاسة العربية الطائفية على حساب كل القيم الأنسانية
والأسلامية التي تحتم عليهم الأصطفاف مع المحرومين والمستضعفين .
3- ثم وجد سماحته ان عدم التدخل في الواقع العملي في السياسة العراقية وهي تمر
في منعطفات تاريخية حادة، بما فيها تشكيل جديد للدولة، وصياغة دستور جديد ايضا
لها سوف يخلي الساحة من الفاعلين الأسلاميين، أولايساعدهم في الحد الأقصى
المطلوب منه شرعا، في حين يتوفر اللا اسلاميون على السلطة ويسخروها في خدمة
دعايتهم الأنتخابية ناهيك عن الدعم الأقليمي والعالمي " نوضح ذلك كله في الجزء
القادم بحول اللة تعالى " ان سماحته يفرق بين امرين البقاء خارج اللعبة
السياسية وهذا مقبول " وان دخلها مباشرة ايضا مقبول " وبين البقاء خارج الواقع
السياسي العراقي وهذا يجلب مفاسد كثيرة، ومن هنا كان رأى السيد السيستاني ان
ألانتخابات التي اقيمت تعد الفرصة الذهبية لكل العراقيين ولن يعود مثل هذا
الظرف، لتفسير التضاريس الثابتة لموضع كل منهم وتحديد مساحته الطبيعية عبر
الأجيال المقبلة وهي الضمانة الوحيدة للتعايش السلمي بان يرسم كل طرف حدوده
الطبيعية .
ليختار سيادته قائمة سداسية مقربة منه، كان الهدف الأساسي منها هو تؤمن قائمة
انتخابية عراقية 100 في المئة يهمها وضع العراق ومستقبل البلد، ولم تمتنع هذه
اللجنة عن الاستماع الى كل من يريد المشاركة في هذه القائمة, بما يحقق وفاق
وطني عام.
آثرت الأتجاهات الأخرى العمل خارج هذه القائمة المقترحة، فكانت قائمة الأئتلاف
العراقي الموحد، بصفتها المعروفه ومنها الأنتماء الى مذهب أهل البيت (ع) لمعظم
اعضائها، مع وجود غير شيعة بينهم، بل غير مسلمين، مع توجهها الأسلامي الأنساني
العام، ان تأكيد المذهبية في الحالة العراقية لايعني ايماننا بالطائفية، على
مستوى الفعل الطائفي، بل القصد منه التحصن الطائفي، ووضع الأشياء في موضعها
الصحيح، برفع التهميش التاريخي على الشيعة، دون ان ينتقلوا الى الطرف الفاعل في
وان يكونوا مهمشين " بكسر الميم " لغيرهم، بل مدافعين عن هذا الغير في حالة عدم
وجودة أو ضعف هذا الوجود، وهذه هي الديمقراطية التي نؤمن بها اسلاميا، القائمة
على القسط والعدل، دون ان نكون معقدين من المصطلح لأنه غير اسلامي، المهم عندنا
الأسلمة في التطبيق، اننا كأسلاميين ندخل الواقع السياسي بشروطنا، لا وفق خطط
وشروط الآخرين، نعطي محتوى لهذا الواقع، ونأسلم المصطلحات وفق رؤيتنا دون ان
نقع في التطرف أو نبتعد عن العقلانية أو نلوي عنق المصطلح كي يحقق مانريد بعيدا
عن محتواه، ولنا وقفة خاصة في موضوع آخر عن رؤيتنا للمصطلح المستحدث .
4- هذا يمهد لنا الأجابة حول تهمتهم لنا باستخدام الرمز الديني في الحملة
الأنتخابية، هنا لست في موقع التأكيد أو النفي، بل سوف نوضح في الجزء القادم ان
من يتهمنا بذلك وقع هو بنفس التهمة أو الشبهة .
بل اريد ان انطلق من المبادي : ان الأحزاب أو القوى السياسية الأسلامية ان
استخدمت رموزا دينية، فهذا من حقها لأن منهجهم قائم على احترام الأسلام، والحرص
على ان يقترن عملهم بالضابط الشرعي، وبالتالي احترام المرجعية كمفهوم وكمصداق،
وبالأخص المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني، وتدرك المرجعية بأن
التنظيمات والأحزاب - دون ان نغفل عن الأسلاميين المستقليين- هم محل
ثقتها،لأنهم يؤكدون دوما بعدم امكانية فصل الفكر عن السياسة، السياسة كما
نفهمها هي حركة للفكر في الواقع من اجل اعادة تشكيله وتأسيسه من جديد وفقا
للرؤية الخاصة بهم بأيديولوجيتها الفلسفية والسياسية، فالسياسة في مفهومنا كما
ذكرنا سابقا هي عقائدية الأهداف والوسائل والأساليب .
وهذا يقودنا لتفكيك الشبهة الأخرى لللاأسلاميين وهي، ان السياسة لاتليق بكم
كونها تستدعي احيانا توفر صفات سلبية في المتصدي لها كاالكذب والتسويف والخ وقد
عرض ذلك على الأمام الخميني (قدة) في سجن الشاه فكانت اجابته : " " السياسة
التي تتحدث عنها أتركها لك ولأمثالك، أما أنا فأفهم السياسة أنها حماية مصالح
المسلمين" .
5- وتثار شبهة اخرى من قبل بعض حسني النوايا، او من الذين يريدون فصلا كليا بين
الدين والسياسة، مع كونهم -هذه الفئة- من المتدينين المؤدين لأركان الأسلام أو
من الذين يحاولون دائما اثارة المواضيع لدوافع اخرى : يقول هؤلاء فيما لو انكشف
ان بعض من في القائمة الأولى ليس ذو كفاءة مطلوبة _ كاتب السطور يحاول قدر
الأمكان الأبتعاد عن بعض الكلمات غير اللائقة المثارة من الآخرين حفاظا على
مستوى الكتابة - وقد ينطلق هؤلاء من قاعدة فرض المحال ليس بمحال - رغم عدم
انطباقها هنا كوننا نتعامل مع مصاديق بشرية - تتنازعها عوامل كثيرة ويثير هؤلاء
سؤالا آخرا وهو فيما اذا ارتكبت بعض اعضاء القائمة المختارة من قبل من يثق بهم
سماحة المرجع الأعلى اخطاءا، بل اخطاءا فادحة - رغم انني لحد هذه اللحظة لم
اسمع بأخطاء فادحة، وانما قد تحدث اجتهادات من هذا الشخص أو ذلك، قد تكون في
بعض الأحيان مجانبة للصواب بدرجة ما، أو ربما تتظافر جهود داخلية وخارجية
شخصناها سابقا تؤدي الى اصطفافات معينة، تجعل من هذه القائمة ان لاتنجح في
الحصول على نفس الأصوات في الأنتخابات السابقة، فهل سوف تنسحب كل هذه الأمور
على المرجعية العليا ؟ وكيف سيكون فعلها لو حصلت بعض اوكل تلك الأفتراضات ؟.
الجواب : أ- في كون القائمة المختارة هي المثلى بنسبة 100%، فلم يدعي احد داخل
الأئتلاف أو من المؤيدين له ذلك, رغم كونها افضل الممكن بأخذ بنظر الأعتبار
الظرف الزمني والتحديات الأرهابية والأصطفافات المضادة والفئوية التي تتوفرت
على دعم لا محدود .
ب- ذكرنا سابقا كيف كان يتكون دستور العراق بدون قائمة الأئتلاف العراقي
الموحد، وهل كان ذلك الدستور سوف يمرر في المحافظات الشيعية؟
ج- ان المجتهد يفرغ الجهد والوسع والطاقة في
اختيار الأنسب من بين المتاحات، وعلى الآخرين نوابا وشعبا ان لا يتوقعون
المعجزات خارج حدود الفعل الأنساني للمرجعية، بل هي أي المرجعية بالمقابل بحاجة
الى فعل الصف المؤمن وامتدادة الجماهيري الهائل الواعي لشروط المرحلة، وحركة
هذا الأمتداد العلمية دون ان نغفل او نحذف طاقة العاطفة، بل نوجهها في خدمة
الخطاب الأسلامي، وفي خدمة الأهداف الأسلامية .
ولا ننسى هنا دور المرجع الأعلى كصمام أمان في توظيف كل ماذكر بأتجاه نشر
مفاهيم المحبة والتسامح بين الناس وتكريس مفهوم الأخاء الوطني.
د- ان تكليف الأسلاميين العاملين في خط
المرجعية الرشيدة هو الدعوة لتطبيق برنامجهم في الحكم .
طبعا مع عدم نسيان ان تكون الأحزاب ومنتسبيها بمثابة اسلام يتحرك في الواقع،
وان يفرغوا كل الجهد في خدمة الناس، أو على الأقل توعيتهم بكل شفافية، ونحن
متأكدون بأن غالبية الشعب سوف تتفهم المواقف بل النوايا الصادقة، مع العلم ان
الشعب العراقي استطاع ان يحرق المراحل الكثيرة، وقد اثبت نضجا ورشدا عظيمين
بالمقارنة مع حداثة التجربة الديمقراطية، وهذا يجعل المتصدين للعملية السياسية
اكثر شجاعة واقدام في اشراك الناس البسطاء ونقلهم الى قلب الحدث بكل جوانبه،
الديمقراطية تعني فيما تعني أن الحاكمين كمنتخبين من قبل الشعب أنهم وكلاء
ناخبيهم ومتصرفين بالتالي بما فيه صالح موكليهم، ومن لوازم علاقة التوكيل أن
يجعل الوكيل موكله بالكامل في الصورة من مجريات الأمور, كما عليه أن يكون صادقا
معه فيما يقطع على نفسه من وعود, وصادقا في نقد نفسه عندما يخطئ, وصادقا عندما
يعترف للخصم بما له من حق في تـشخيصاته وتـقيـماته.
_ مع كل هذا اذا لم ينجح الأسلاميون _لاسامح اللة _ نجاحا مقبولا، أو اختار
الشعب غيرهم، فهذا يدل أما على فشلنا المرحلي، وهنا يجب تشخيص مواطن الخطأ في
الأساليب، حيث ان اللأمة لم تمنحهم الثقة، وهنا قد يكون قرارا واعيا للأمة، مع
ان هذا سوف لا يكون رفضا للأسلام أو لخط المرجعية بكل تأكيد، أو ان الغالبية من
الناس لم تصل لمستوى التشخيص الدقيق لحجم التحدي، وهذا استبعده تماما، مع ذلك
يكون الأسلاميون قد ادوا تكليفهم الشرعي، ولا يتحمل الأسلامي بكل تأكيد أكثر من
ذلك، كتحمله وزر اللا أسلامي .
أما المرجعية فستكون بالتأكيد بعيدة عن وزر اللا أسلاميين كما ان اللة سبحانه
وتعالى لم يحمل الأنبياء وزر من لم يستجب لدعوة الحق .
هذا كله كرد على المتشككين، مع اننا اوضحنا بعض المخاطر على الشيعة وبعض الحلول
في مقالة الشيعة في خطر, بينما وضع اخوة لنا حلولا مناسبة اخرى، أو مكملة،
وانني على ثقة كاملة بأن الجهود ستبذل من قبل الأحزاب الأسلامية في المرحلة
القادمة، بأتجاه حماية مشروعنا الأسلامي وعدم الأستسلام لكافة انواع المعوقات
والمؤامرات .
انتهى الجزء السادس في الجزء القادم نوضح خروقات قائمة علاوي ليس فقط
للديمقراطية، بل للشروط الموضوعة لقبول المرشحين في الجمعية الوطنية التي
انتخبت .
هذا كله يأتي في سياق أجابتنا على السؤال .
هل شطبت أميركا نهائيا على البعث الصدامي أو العكس هو الصحيح بمزاوجتهم عرفيا
مع بعثييها ؟
|