|
الإرهاب السلفي في خدمة الاحتلال في العراق مهند صلاحات / كاتب وباحث فلسطيني مشهد يومي في العراق منذ سقوط الديكتاتور وحتى هذه اللحظة، أن نرى ونسمع عن تفجير أو هجوم بالأسلحة، أو انتحاري يفجر نفسه بشكل يومي في العراق يستهدف الشرطة وقوات الحرس الوطني في العراق، وفي كل مرة بعد هذه الأعمال التي تستهدف أبناء العراق المحتل يوجد متبني واحد لهذه العمليات ألا وهو ( أنصار السنة)، وهو عبارة عن جيش من المرتزقة الهاربين من دولهم العربية إلى العراق ليشكلوا جيشاً من الإرهابيين على غرار عصابات الإرهاب التي تشكلت في أفغانستان في السبعينات وسميت الأفغان العرب. وبعد مرور ما يقارب السنتين على دخول قوات الاحتلال الأمريكي ومعها القوات المتعددة الجنسيات للعراق وسقوط حكم الديكتاتور صدام حسين وهذه العلميات تتكرر بشكل يومي، تنوعت أشكالها وأنواعها، فمنها من استهدف صحافيين أجانب ومنها من استهدف عمال شركات ومنها ما استهدف عرب يعملون في العراق من أردنيين ومصريين وغيرهم، وقلة منها فقط استهدفت قوات الاحتلال الأمريكي، والكارثة الأكبر كانت استهداف مسلمين عراقيين في مساجدهم وأماكن عبادتهم وأثناء تأدية طقوسهم الدينية. وبعد مرور أكثر من سنتين على هذا المشهد اليومي العراقي، آن الأوان لأن نسأل أنفسنا من كان المستفيد في كل ما جرى من هذه الأحداث اليومية ؟ ومن باب من المستفيد لا بد أن نجد من يقف وراء هذه العمليات بالشكل الحقيقي وليس الخفي، فمثلاً خلال المشهد الأفغاني كان واضحا جداً وقوف أمريكا خلف ظاهرة الأفغان العرب للتصدي للمد السوفيتي في أفغانستان لكن بقي البعض يقف في موقف المدافع عنهم إلى أن قامت وكالة الاستخبارات الأمريكية نفسها في نشر وثائق عام 1993م، تبين فيها كيف قامت الوكالة بالإيعاز للحكومة المصرية بأن تجمع المتطرفين الإسلاميين لديه وترسلهم إلى باكستان حيث أُعد لهم معسكرات تدريب ومدارس إسلامية متطرفة الفكر ومن ثم إرسالهم إلى أفغانستان لقتال السوفييت هناك، وتكرر هذا المشهد في عدد من دول العالم النامية وتحديداً الإسلامية منها. ما يجري في العراق اليوم هو مشهد مطابق تماماً، لكن يحمل بعض الزوايا المختلفة من حيث عدم وجود تهديد سوفيتي أولاً، وثانياً أن المقاتلين العرب الموجودين في العراق لم يتم إحضارهم من دول مجاورة لحرب دولة ثانية إنما لحرب الشعب العراقي وتبرير وجود الاحتلال لفترة أطول في العراق. لقد حاول رامسفيلد وبقية حكومته مراراً وتكراراً إيهام الأمم المتحدة والعراقيين بأن أمريكا تعد جدولاً زمنياً للانسحاب من العراق، ومع كل مرة يتم البحث في الجدول الزمني للانسحاب تشتد الهجمات السلفية ضد الشرطة العراقية، فيتم إلغاء مشروع الجدول الزمني بحجة أن قوات الأمن العراقية عاجزة عن حفظ أمنها لوحدها وهي بحاجة لبقاء القوات المتعددة الجنسيات لمساعدتها في حفظ أمنها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يهدف الهجوم الدائم على المتطوعين للشرطة العراقية والحرس الوطني إلى زعزعة ثقة المواطن العراقي ذاته. فهدف هذه الحركات المرتزقة الإرهابية المتشددة أن تعطي مبرر كافي للاحتلال لبقائه في العراق أولاً، وثانياً زعزعة ثقة الشارع العراقي في قوات أمنه التي تعد نفسها لتكون نواة لعراق جديد يقيم مؤسسات مجتمع المدني على أسس سليمة بعد أن عاش العراق أكثر من خمسة ثلاثين عاماً في ظلم حكم ديكتاتوري رجعي دمر العراق وشعبه وعيشه في جوع وحصار، ومن هنا يتجلي وبشكل واضح لكل مدقق بشكل بسيط حتى هدف هذه الحركات الظلامية في العراق التي تدعي أنها تقاوم المحتل الأمريكي وما هي في الحقيقة إلا أحد أجهزة الاحتلال المستترة بغطاء الدين والتشدد الديني، ولكنها تكشف ذاتها بين الحين والأخر عندما تقوم بمهاجمة مسجد أو سوق عام في العراق فتقتل المدنيين وتتم مهمة الاحتلال في حرب الإبادة ضد الشعب. إن جيش السنة الذي يضم بين صفوفه العديد من المجرمين الذين تم تدريبهم في دول مثل أفغانستان وباكستان، هو أحد كتائب الجيش الأمريكي الذي يسير خلفه في تحقيق الهدف الأسمى لدولة الاحتلال الكبرى أمريكا في إقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة العربية، وسواء بمعرفة بعض أفراده بطبيعة ما يرمي إليه قادة جيش السنة الإرهابيين أو بجهل منهم، يبقى كل أفراده جنود في خدمة المحتل الأمريكي بجهل منهم أو بعلم. ليس الهدف من هذه المقالة هو إضافة عنصر يعرفه الجميع عن طبيعة الإرهابيين السلفيين في العراق ومن يقف خلفهم، بقدر ما هي رسالة إلى الشعب العراقي للالتفاف خلف قوات أمنه البطلة لبناء عراق جديد، وبناء مؤسسات المجتمع المدني في العراق بعد جلاء قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني عنه. الشعب العراقي مطالب اليوم أكثر من أي يوم مضى بأن يرفع صوته للعالم ليكشف ما يقوم به الإرهابيون، وفضح صورتهم في العالم العربي والإسلامي والعالم أجمع، سواء بقايا حزب البعث الذي تحالف في ما يسمى حلف المقاومة أو هذه المنظمات الإرهابية المتشددة التي اغتالت علماء العراق من السنة والشيعة، وقامت بتفجير مساجده وأماكنه الدينية التي لم يتجرأ حتى الاحتلال على المساس بها. الشعب العراقي اليوم وفي ظل كل ما يلاقيه من مصاعب من الاحتلال أو من بقايا البعث أو الحركات السلفية، مطالب بالالتفاف والعمل على إيجاد مؤسسات المجتمع المدني في داخل العراق، والتصدي بشكل اكبر للحركات الإرهابية بشكل جدي وفضحها أمام العالم كله، وتبيض صورة المقاومة الجادة الحقيقية فيه وفصل الخطوط التي يحاول الإرهابيون تشبيكها لإخفاء صورتهم القذرة ,وأيديهم الملطخة بدماء مواطني وعلماء ومفكري العراق.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |