عام على بزوغ فجر الطائفية بين الشرقية والفيحاء

علي بداي

badai@casema.nl

 

مرعام كامل من البث الفضائي المكلف ماديا، والمبشر بملاحقة الحقيقة والكشف عن وجهها ونزع كل الحجب التي تستره ،وعام من الدم العراقي المتطاير في كل اتجاه، عام من التفخيخ والتفجير وقطع رقاب بني البشرالمنتظرين على ابواب الافران التي تبيع الخبز لاغير للناس ،وقرب المدارس التي تاوي اطفالا لا ذنب لهم في استدعاء الاحتلال، وامام مراكز التجنيد التي تعد بديلا للاحتلال ، ورغم كل هذا اطلب المستحيل ايها العراقي من الشرقية ولا تطلب منها ان تسمي جزاري فاجعة المسيب ارهابيين ، هم بنظر الشرقية" مسلحون مجهولون" ولو افترضناهم مجهولين ، هبطوا من كوكب الزهرة ،اتوا من خارج الحدود ام من داخلها، عرب ام عجم  او لنقل(لتسهيل النقاش) ان هذه الفضائع من صنع الاحتلال ... ايلغي كل هذا صفة الارهاب والنذالة والخسة عنها؟

الشرقية في عامها الثاني من صوت خجول لبقايا العروبيين  او العربنجية من صناع هزائم الامة ومآسيها،  الى منظم ومحرض على العنف ومعارض لكل مااتى به يوم 9 نيسان 2003 ، والمدخل السهل هنا هو ، مطية "المقاومين" : هذا الاحتلال !!!

 الشرقية في عامها الثاني ، الفضائية العراقية الوحيدة التي تتجنب ولو بالاشارة استذكار ما كان من فضائع منذ فجر 8 شباط 1963 الكالح حتى 9 نيسان 2003 ، اطلاقا، الدنيا بدات في 9 نيسان حين احتل العدو ارض الوطن وما كان من قبل ذلك من ذبح جماعي وسرقات بالمليارات ، ورهن للبلاد للدائنين وهتك جماعي للاعراض ونحر للطفولة والكهولة ولكل ما يتنفس من بشر ونبات في الجبال والاهوار مجرد ماض من صنع الاقدار!

الشرقية في عامها الثاني تواصل رقصها على حافة جرح العراقي العميق متفردة بوقاحة لاتتوفر الا ببعثي فتبث

الاعلانات المطالبة بحياة آمنة للعراقيين وبناء البلد المحطم مرفوقة بملاحظة منها : اعلان مدفوع الثمن !، اي ان الشرقية بريئة من محتوى الاعلان ، كل شئ قابل للبيع والشراء في سوق الشرقية، سب الشيخة موزه واقبض الثمن واعتذر اليها واقبض الثمن.

الدنيا خربت، والقيم اختلت، ويا حسرة على المجد الغارب والدولار الهارب والليالي الملاح، فشعراء الشرقية يرثون البلاد التي نهبت( من نهبها؟) والوطن الذي فقد شرفه وللتوضيح فان للشرقية مفاهيمها الخاصة: غربة عراقيي الشرقية ابتدات مابعد الحصار او مابعد الاحتلال وماقبل ذاك كانت جنة الوطن تاوي الجميع، فحين تسمع من الشرقية حديثا عن العراقيين في الغربة فهي لاتعني من اضطهد وتغرب ومن لوحق وتغرب  ومن فقد اهله وتغرب، بل ضحايا الحصار من الذين قطع عنهم البسكويت والشوكولاتة فجأة ، وللشرقية مسلسلاتها الخاصة حيث يكون شرطي مابعد 9 نيسان اضحوكة، وحيث يكتشف العراقي ان اسباب الارهاب جشع ابناء الجنوب وغفلتهم، وتدور الاحداث وتدور وتدور ليشير المخرج في الختام الى المتهم الاكبر بهذا الخراب: كل العراقيين الذين لم يرقصوا في دبكة الذبح طيلة اربعين سنة.

الشرقية في عامها الثاني تستعرض في نشراتها الاخبارية الدم العراقي المسفوح بتلذذ ومراسلوها من الخفة بحيث انهم يصلون مكان الحادث قبل حدوث الانفجار، المهم ان لايخلو يوم من فعالية في عرس الدم العراقي .   

الشرقية تراهن ( حتى اللحظة) على قيام عالم انهار وماتزال تتشبث بكل مافي الاعلام من امكانات المغالطة لكي لاتجعلة يسقط نهائيا ، وبامكانها بالطبع ( ان ارادت)، ان تطلق علية رصاصة الرحمة وتنظم لقافلة الماضين نحو الشمس،   

ببساطة الجنوب وانحياز فطري للفقراء وحزن شيعي مطبق على الروح ، تصرخ" الفيحاء" بوجه الزمن الكاذب والعروبة الغادرة ، تبنت الفيحاء الانتخابات كوليد لها، رعته وبشرت به وعانت من اجل ان ير النور، وتصدت للارهابيين كعدو لها فقابلتهم وحققت معهم رغم ان تلك لم تكن مهمتها لكنها لم تكن تملك في زمان طغيان الكذب بكل الوانه الابيض والاسود،غير ان تمسك بالحقيقة وتقذفها بوجه الكاذبين. تحاور الفيحاء القومي واليساري واليميني بلا ضغينة فيما تتشبع عيون محاوري الشرقية بالاستفزاز والشك.     

ادخلت الفيحاء كاميرا التلفزيون لبيوت الصفيح والطين، وحاورت اناسا وقفوا قرونا خارج التاريخ المرئي، تلطم الفيحاء حزنا على الحسين مع جموع اللاطمين وكان حريا بها ان تقدم الحسين للعالم لا كما يقدمه الريزخون. تنساق" الفيحاء"لعفوية الشارع فتنزلق من حيث لاتدري لمستنقع الطائفية فتعيد مرات بث قصيدة شاعر شعبي: يدنيا انكلبي بالظالم ودوري..طحت مابين تكريتي ودوري .... او تروم اعطاء من حرم حقه فتصنع برنامجا دينيا لايلبث ان يروج لافكار وسنن لطائفة بعينها، لان هدف رجل الدين عبر التاريخ ان يقول ان دينه هو الاعظم والاصح والمختار والمصطفى...

 ووقفنا نحن احفاد الحضارات الغارقة في قدم التاريخ نتفرج على ولادة فجر الطائفية: " الفيحاء" تشق الازياق وتهشم الجمجمة حزنا على ابي عبد الله والشرقية ترد برصد كل ثانية في احتفالات الاعظمية بمولد الرسول التي امتدت لايام وايام ولربما فكرت الشرقية ان تحيي اربعين الرسول للرد على طقوس زيارة الاربعين التي ستقف عندها الفيحاء .

شقت" الفيحاء" اتجاهها نحو الشمس مسالمة، وديعة كبصرة ماقبل صدام لكنها انبهرت واقفة على ضفاف شط العرب لاتبرحها فيما كان العراق كله يقف بانتظارها وسرعان ما صححت البوصلة لتنطلق في فضاء الحرية الواسع الذي كان لها شرف ريادته ، لانها لاتخشى الفضائح ولان بيتها لم يكن من زجاج  ولانها لم ترم الناس بالحجارة فتحت الفيحاء الباب لكل من استطاع ليقل مايشاء .

انحازت" الفيحاء"بلا قصد ضدنا نحن العلمانيين فخاصمها كاظم حبيب وتناولها قلم داود البصري و رايت انا في موقفها من احداث جامعة البصرة تواطأ مع التخلف ضد حرية الفرد المهددة , لكن هذه المواقف لم تكن قد كانت  لو لم نكن ننتظر من الفيحاء الكثير ولو لم تكن الفيحاء تستحق ان تشاهد وتحاور. الفيحاء من بين الفضاءيات تحتاج ربما لفتة للغرب واخرى للشمال عبر الانصات لكل العراق والافلات من طوق الحزن وان تبدد شيئا من الكآبة فتعكس روح العراق النابضة بالحياة عبر النغم واللوحة والقصيدة التي تعلو على المراثي وخطب النواحين.   

 الفيحاء طائفية؟ نعم، ربما، لكنها طائفية المغلوب على امره ، طائفية اسماع الصوت الذي نام قرونا تحت اطنان الاكاذيب/، اكاذيب التاريخ، الحكومات، المدارس، الانقلابات، التحالفات،الحروب، الامة الواحدة شريكة السراء والضراءكما تقول دساتير العرب، طائفية الفيحاء رد فعل على فعل خبيث استمر لعقود. لكن لذلك حدود يتوجب ان تتضح بمرور الوقت، لكي تختفي تدريجيا تاركة المجال لفعل اكبر من الطائفة الواحدة والدين الواحد ... فهذا العراق هو الكبير الوحيد.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com