|
ثقافة البعث العفلقي مازالت تقود العراق بقوة..! عبدالكريم هداد
طاح لو ماطاح الصنم..؟ خاف ماطاح الصنم ..؟! شاعر شعبي عراقي
كلنا نتفق بأن البعث الذي صاغه عفلق، كانت مشروعات مهامه وسياساته خلال تسلمه السلطة في العراق عام 1963 وعام 1968، قد اتفقت مع مبتغيات الأستراتيجية الأمريكية، إن لم نقل إنه صناعة أمريكية، وبعثيوا عفلق العراق ما زلوا مدللين من قبلهم الى يومنا هذا، ولكن تحت تسميات متعددة . فها هم البعثيون يعودون تحت مسميات كثيرة في قيادة الكثير من منظمات المجتمع المدني، وتحت ذرائع وحجج واهية منها ذريعة الخبرة التراكمية، والأيادي غير الملطخة بالدماء، أو إنه منتسب لحزب البعث لا للبعث الصدامي وغيرها من المانشيتات التي تركن تحته(خلايا نائمة) لحزب عفلق وأفكاره التي أنتجت للتاريخ العراقي الحديث صدام بن ابيه وناظم كزار وفاضل البراك وطارق عزيز وغيرهم كثر لم تحتويهم قائمة بطاقات الورق الأمريكية في لعبة مصالحها الأستراتيجية، حيث تساند من يشاركها التنفيذ، وقد كان بعثيوا عفالقة العراق هم الأكثر قدرة على التنفيذ ولو بشكل دموي، ويشهد على ذلك تاريخ 8 شباط الأسود 1963 وذبح الحركة اليسارية في العراق أواخر سبعينيات القرن الماضي، والحرب ضد ايران، ومجزرة الدجيل، وجريمة الأهوار، ومجزرة حلبجة، وعمليات الأنفال ضد الكرد، وغزو الكويت والمقابر الجماعية ضد انتفاضة آذار المجيدة عام 1991. وملفات الجرائم لا يمكن ان يسعها حوار أو دراسة واحدة هنا أو هناك . فهذه الجرائم لم يقررها وينفذها فقط (قائمة 55 مجرماً) المعلنة من قبل البنتاغون، فهنالك مجرمون، مازالوا طلقاء في داخل العراق وخارجه، وهم كانوا رجال المهمات في الدوائر الخطرة كأدوات في التفكير والتنفيذ والتوصيل والترويج والمساندة، أنتجتهم وزكتهم مؤسسات حزب البعث العفلقي كحلقات ادارية خطرة جداً، كانت تقود بقوة حركة الشارع العراقي من خلال الأتحادات والنقابات والمؤسسات الثقافية والأعلامية والرياضية . وأغلب من كان متابعاً لحركة إعلام البعث العفلقي، يستذكر الكثير من الوجوه التي كانت تملأ بحركتها الأدارية والتعبوية الصاخبة (وبإبداع) ما كانت تمليه ثقافة السلطة الجائرة، وبحماسة شديدة في الفعل اليومي التراكمي في الأستراتيجية المرسومة كتفسيرات لأفكار وأقوال (الحزب القائد وبطله الميمون ...!) وهاهي الخلايا النائمة قد بدأت بتقديري في حصاد النجاح والأستنهاض بتكويناتها تحت الذرائع التي نوهنا إليها أعلاه في الأستحواذ والتغلغل نحو الغد القادم تحت مانشيت جديد ومغري ألا وهو تكوينات (مؤسسات المجتمع المدني) . وهذا يدعونا أن نتذكر كيف عاد البعثيون عام 1968 الى السلطة، وهم يلعنون ويسبون قادة حزبهم عام 1963 بأقسى النعوت وتحميلهم جميع الجرائم المرتكبة بحق الشعب والحركة الوطنية والديمقراطية، لكنهم حين استوى لهم عرش السلطة، كانت جرائمهم قد دخلت كل بيت عراقي، وقد فاضت على دول الجوار أيضاً، كي تمهد الأرض للجيش الأمريكي، أن يتواجد بشكل مباشر في منطقة الشرق الآوسط برمتها. وعليه إنني أرى في البعثيون الآن قد بدأوا أعادة الكرّة في تطبيق نفس الأساليب المتبعة في سنين ضعفهم الماضيات، فهاهم ا يصرخون تحت مسميات سياسية عديدة ولافتات كثيرة في تجريم وتحميل مسؤولية الجرائم والخراب لمجموعة (55 مجرم فقط لاغير) ويزايدون على الآخرين في كل الأتجاهات والاساليب في البكاء على الوطن والشعب والحقوق والواجبات والدين والدولة وويلات الحرب والفقر والعوز والأرهاب، إنهم يتوزعون في كل زوايا حركة المجتمع العراقي الآن، وبذلك يستفزون الجميع في عدم تخليهم عن الكراسي الوثيرة، لذا نراهم في أروقة اللجنة الأولمبية، وكذلك اتحاد كرة القدم، بعد أن عاد الأتحاد العام لشباب العراق، والأتحاد الوطني لطلبة العراق، والاتحاد العام لعمال العراق، واتحاد المحامين، و اتحاد العام لنساء العراق الذي عاد أخيراً، وغيرها من النقابات والجمعيات ذات النفع العام، بقيادات لها باع في حزب البعث العفلقي الذي كانوا من خلاله قد تسلموا مهامهم السابقة والجديدة، بالرغم من ارتفاع الأصوات بألف سؤال وجواب وقضية . وحين إستبشرنا بإنشاء وزارة حقوق الأنسان، التي لم تنتج لنا كتباً أو كراريس عن فضائع حقوق الأنسان في زمن العفالقة (وهو أضعف الأيمان)، بل كان سيادة الوزير (خاصة بختيار أمين)، جل تصريحاته كانت، عن آخر قصائد الطاغية ورواياته والفحوصات الطبية لمجاريه البولية . أما هيئة إجتثاث البعث فلم تزل بعيدة عن مصادر قوتها وأدواتها الفعلية كمطلب جماهيري وقراءة تاريخية نحو تأسيس الدلالة القانونية في تطهير الدولة العراقية ومؤسساتها من أولئك العفالقة، فقد بات هنالك أصوات (ذات إصول بعثية) تتجمع ضمن مسميا ت كثيرة في تفعيل الضغط المضاد بإتجاه الهيئة تحت شعارات ترويجية، وقد نجحت في تمرير مبتغياتها عبر مفاهيم عديدة (هنالك بعثيين إنتموا لأجل الحصول على الوظيفة والمعيشة) . برب الكعبة، هل هذا، هو البعثي الذي يعينه العراقيون ...؟، أم البعثي هو ذلك (الرفيق) الذي له في البعث، معتقداً فكرياً، ومطلباً حياتياً، كان يزاول من خلاله تعسفه على الناس، وأجبر ذلك الموظف والطالب على الأنتماء له ثمناً للقمة الخبز والتحصيل العلمي، وهو ذلك الذي أنتج وأبدع في الوسائل التي سخرت في بناء صرح الدكتاتورية من خلال المؤسسات التربوية والأعلامية ومن خلال المؤسسات الأمنية، و هو ذلك الذي تجسس وكان كاتباً لتقارير الوشاية وكاتباً للشعر والأغاني والمقالات، وهو ذلك الذي كان يصر على أن يكون في مقدمة المظاهرات والأحتفالات المؤيدة لنظام الحكم وقرارات الدمار . هؤلاء هم تعلوا بأصواتهم لاآآت، لأجتثاث البعث، وحل وزارة الأعلام، وحل وزارة الداخلية . وقد جاءت مسودة الدستور أكثر وضوحاً في ما يساعد الخلايا النائمة على الأستنهاض، فحسب المادة الأولى، وفي الفقرة (11)، وفيها ما يلي : (يحظر فكراً وممارسة تحت أي مسمى كان كل فكر يتبنى العنصرية والتكفير والأرهاب (أو يحرض أو يمجد أو يمهد أو يروج) وبخاصة البعث الصدامي ولا يجوز أن يكون ذلك جزءاً من التعددية السياسية في الدولة .) إنها فقرة خطرة في الصياغة لتشوه المضمون عند التفسير، حيث تعطي تفسيراً مبتشراً على أن حقبة صدام فقط هي ذات الأفكار العنصرية، ولا يحق لها المشاركة في ادارة الدولة، أما في الحياة السياسية فلها الحق، وكأن العفالقة في الستينات والسبعينات كانوا في شرف وغيرة وناموس الوطنية وحقوق الأنسان والبناء والأنسانية، وكأن صدام ليس سليل ميشيل عفلق المؤسس، وليس هو نتاج افكار عفلق الشوفينية العنصرية . ومن يرى التلفزة العراقية الفضائية، سيرى هنالك تلفزة (للبعث الشيعة)، وتلفزة (للبعث السنة)، وهي حسب قياسات المرحلة، ولو تمكنا من حذف نشرات الأخبار، لن نكون الا من متابعي ثقافة النظام المقبور وتلفزيون عدي، وسنرى مسلسلات ممتلئه برجال اللباس الزيتوني، حيث دولة القانون والعدالة والأحلام السعيدة، مثما هو المشهد التمثيلي المكرر لرجل الأمن (العفلقي) يطلب بكل الأدب والخلق من أحد رواد المقهى أن يصاحبه نحو المخفر لغرض بعض الأسئلة فقط، حيث يقدم له هنالك وبكل إحترام وتقدير العصير والماء، أو مشهد إعتقال لمتهم في عقر داره عبر وثيقة قانونية بمصاحبة مختار المحلة، هل هذا هو الواقع الذي كان أم هي ثقافة العفالقة في التزوير والتدليس والمسخ . إنها مسلسلات سطحية المواضيع والتمثيل والأخراج عن موضوعات عصابات السرقة والكبسلة والتزوير . ولا نشاهد فيها الا ما كان يفضله ويرغبه رجال المنظمة الحزبية للبعث في دوائر مؤسسة الأذاعة والتلفزيون، من شعر وحفلات اغاني ورقص، إنهم نجوم تحت يافطة (غير ملطخة أياديهم) وقد يقول بعض آخر من أن لهم خبرة تراكمية في كل شئ ... ! فهل خلا الشعب العراقي من مبدعين سواء داخل أو خارج العراق، أم إنهم لم يكونوا من منتجي ثقافة العفالقة التي مسخت كل شئ حتى الأغنية، التي باتت على إيقاع رقص أغاني التمجيد والتطبيل والمديح العالي الصوت والمسخ والتزوير، تحت مسميات الأغنية الوطنية، أم إن الشعب العراقي لا يوجد فيه من اولئك الذين ارتكنوا بعيدا عن مشهد ثقافة نظام البعث وبهرجة مهرجاناتها وأضواءها الساطعة النجومية والمردود المالي والوظيفي . فهل يعقل أن يكون من كان يتأبط جوائز ثقافة دولة البعث العفلقي وشهادات المنح الدراسية، هم اليوم أيضاً أبطال المشهد الثقافي والفني بكل تفاصيله الجديدة، وبالتأكيد هم مصرين على نتاجاتهم السابقة . فمنهم من كان يغني شمس ميلاد صدام التي اشرقت من العوجه، ليغني اليوم لميلاد شمس الأنتخابات الحمراء، أو من كان يستلذ الغزل (ترويحاً عن القائد البطل) ليصبح اليوم باكياً على استشهاد (محمد) من مدينة الثورة . وبالرغم من الوثائق والشواهد التي تطال الكثيرين ممن يحاول اليوم المزايدة في الحياة العراقية الجديدة، و منهم من كان طبالاً لرأس النظام السابق، ليصبح مشاركاً بصوت عالي في رسم القانون، وكان يكتب في القانون من خلال إستلهامه لخطابات صدام حسين، وآخر مابرح يتباكى على الشيعة وحزن زينب (ع) وهو من كان عضوا في سكرتارية الأتحاد الوطني لطلبة العراق . أنهم والله ممن صنعوا الدكتاتور السافل البغيض، وهاهم يصنعون خراب العراق مرة أخرى، لأنهم الصف الثالث أو الثاني من رجالات البعث العفلقي . أنهم على طباع (يتمسكن حتى يتمكن). أو إنهم كانوا تجار القتل والخراب والتعسف اليومي، ليصبحوا اليوم من مروجي تجارة معلوسة . كيف لنا في ذلك...؟ ونحن لاندري من أين لسيادة الرئيس (الطالباني) في توزيع المال ك(مكرمات ..!) على طريقة صدام ...؟، ووزير الشباب يوقع قراراً على شكل (مكرمة) في منح الوزارة مساعدات مالية للنوادي الرياضية، هذا ما عرضته احتفالية نهاية دوري كرة القدم من على فضاء القناة العراقية، ليزيد عليه رئيس اتحاد كرة القدم (حسن سعيد..!) بمكرمة أيضا ً . أو رئيس الوزاء (السيد الجعفري) يظهر لنا وهو يجتمع مع عدد من الأنفار، وخلفه يقف دوماً شلة من الحرس بملابس مدنية (للأسف الشديد تذكرني بما حفظناه من صور تلفزيونية عن صدام) داخل قاعة الأجتماع، ليعظنا بما طاب له من الوعظ الطويل، وينسى إنه موظف كبير لمنصب إداري للدولة لا غير، أو أن يقوم بإطلاق رصاصات من مسدس في المدرسة العسكرية، لتقرب من صورة صدام وهو يطلق عيارات البندقية في مهرجان عسكري . ألم تكن هذه الصور المنقولة تلفزيونياً هي ذاتها بروتوكولات ثقافة البعث العفلقي في ما مضى، وإن لم يقصدوا . فكيف لنا أن نمنع منتجي ومروجي هذه الثقافة من الأستحواذ على المساحات الكبيرة والتي خلالها تربك الأداء العام في هذا المنعطف من حياة المواطن العراقي عند مفاصل الحياة السياسية والأجتماعية والتربوية ...؟ . أم إن قيادات الأحزاب الوطنية العراقية، تخلت عن أفكارها أيام كانت أحزاب معارضة لحكم البعث العفلقي ...؟ أم إنها تخلت عن قواعدها الجماهيرية، لتجد نفسها بعيدة عن أحلام الشهداء الغوالي وخالية من هم أحق في أن يكونوا أدوات فعالة في بناء عراق جديد، لا يمت بصلة لركام الماضي ومثقفي ومنتجي ثقافة البعث العفلقي .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |