الأساليب القذرة للإرهابيين في حروبهم

 

حميد الهاشمي

h.hashimi@lycos.com

 

 من المفارقات المؤلمة أن يكون هناك بون شاسع بين النصوص الدينية (سواء السماوية منها أو الوضعية)، وتفسيرات كل منها، بل وبين هذه التفسيرات المختلفة، وبين تطبيقاتها. فالأديان كلها جاءت برسالات محبة وسلام وتآخ بين البشر من حيث المبدأ، مع أن المجادلين ضد الأديان، يعتبرونها سببا في الكثير من الحروب والكراهية بين البشر، وإثارة الانقسامات بينهم.

والمؤلم والمحزن أن نشهد في تاريخ مجتمعاتنا الإسلامية بين فترة وأخرى ظهور حركات تكفيرية دموية، لا تفرق بين المؤمن وغيره، فضلا عن تقاطع معتقداتها مع كل القيم الإنسانية. بل إن المتأمل في منهجها في الصراع يكتشف العجب العجاب من أساليب كسب الأعداء بل البحث عن أعداء، وتشويه صورة الإسلام والعرب، وحتى لتعادي المسلمين والعرب قبل غيرهم.

خذ مثلا في استهداف المدنيين في أميركا وأوربا، بدون تمييز، وفي تبنيهم لقضية العراق التي لا تهمهم أولا وأخيرا، فهي شأن عراقي قبل أن يكون شأن غرباء، بضاعتهم التي لا يحتاجها العراق هي الموت. أو هم تجار باحثين عن ارض ليموتوا ويميتوا فيها.

في العراق تحالف هؤلاء مع أذناب صدام المطلوبين لعدالة الشعب العراقي جراء تلطخ أيديهم بدمائه، طبق هؤلاء أساليبا في صراعهم مع عدو ليس له معالم ولا حدود، لا احد يعرف من هو عدوهم؟!

هل عدوهم الأمريكان؟، القوات الأجنبية؟، الأكراد؟، الشيعة؟ المسيحيون؟ السنة؟ أي عراقي ليس في صفهم؟

لقد ابتكر الإرهابيون من الأساليب البشعة في القتل ما هو بعيد كل البعد عن قيم الإسلام أولا ثم الفطرة البشرية. بل إن أساليبهم نسخ من أفعال بهائم وحشية.

كان رسول الله (ص) يوصي جنده إبان حملاتهم القتالية بما يلي: "لا تغدروا ولا تغلوا ( الغلوا : السرقة) ولا تقتلوا وليدا، ولا امرأة ، ولا كبيرا فانيا ولا منعزلا بصومعه ولا تقربوا نخلا ولا تقطعوا شجرا ولا تهدموا بناء".

ولكن ما جرى ويجري في العراق من الأساليب القذرة ما لم يحدث في أقذر الحروب لأقذر البشر وأحطهم خلقا وبعدا عن الحضارة.

ومن هذه الأساليب التي شهدتها الساحة العراقية والتي نود أن يطلع عليها العالم وخاصة قراء العربية، النماذج التالية:

 - قتل المدنيين العراقيين مهما كان انتماءهم وبغض النظر عن عددهم، إذا ما تحقق في ذلك إلحاق الضرر بالمحتل. يعني إذا كان الضرر بالمحتل قتل جندي واحد، يقتل معه 100 عراقي فلا بأس بذلك؟!! وهذا طبقا إلى فتاوي نبيهم الزرقاوي، علما أن جميع علماء الدين المسلمين المعتبرين في مشارق الأرض ومغاربها قد استنكروا هذا الفعل الشاذ، الذي كان احد نماذج ضحاياه ذهاب 25 طفلا بعمر الزهور في بغداد الجديدة أشلاء ممزقة، مقابل قتل جندي أجنبي واحد فقط.

- تلغيم جسد احد المرضى المعتوهين، وإرساله إلى هدف ليتم تفجيره عن بعد، كما حصل في استهداف احد المراكز الانتخابية ببغداد.

- استخدام سيارة إسعاف في ضرب أهداف مدنية وإنسانية بحتة، مثل مستشفى الصليب الأحمر الذي يقدم خدمات إنسانية بحتة يعجز مثل هؤلاء الشواذ أن يأتوا بقرينها.

- تفخيخ جثث بعض الضحايا، أملا في إيقاع ضحايا أخر (حصل في بغداد).

- خطف واغتصاب فتيات ونساء لا على التعيين، لمجرد أثارة الرعب والفوضى، كما حدث في الموصل وبغداد والمدائن وغيرها.

- تفخيخ بعض الحيوانات (كلب وبقرة)، كما حدث في كركوك.

- استهداف مجالس التعزية التي تقام للمتوفين، بعمليات انتحارية، في سبيل قتل مسئول ما، كان حاضرا في هذا المجلس، كما حصل في الخالص بالعراق، وفي أفغانستان قبل أشهر أيضا.

- قطع رقاب بعض الضحايا المخطوفين. ومعظم هؤلاء الضحايا كانوا أهدافا سهلة لأنهم غير مسلحين أو يأخذون بالشبهة.

- استهداف أقرباء أعدائهم، أو حتى أقرباء من يشكون أو يشتبهون بهم، علما أن ديننا الحنيف يقول "ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربّكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون انه عليم بذات الصدور" (الزمر 7)، و"ولا تزر وازرة وزر أخرى وان تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى" (18 فاطر)، و"ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تختلفون" (الأنعام 164).

- استدراج مدنيين أبرياء من العمال الكسبة، إلى مناطق بعيدة ثم قتلهم من اجل إثارة الرعب والفوضى وادعاء الانتصارات. وقد حصل هذا حينما استدرج إرهابيون عمالا كانوا ينتظرون فرصة للعمل في بغداد ليؤخذوا إلى مناطق قريبة من الموصل ثم يذبحوا.

- قتل العلماء وأساتذة الجامعات والأطباء، محاولة لإفراغ البلد من كفاءاته ولإثبات أن العراق في حالة ليس أفضل من حالة العهد الدكتاتوري البائد.

- استهداف الدبلوماسيين والصحفيين والأجانب بصورة عامة، والقتل على الهوية والشكل.

- استهداف العمال الباحثين عن مصادر الرزق، (ربما لأنهم يرمزون لاستمرار الحياة التي يرفضها الإرهابيون) وبأسلوب بشع لا يمت للإنسانية بأدنى صلة، وقد حدث ذلك في تكريت حينما دخل إرهابي بسيارة ونادى على العمال ليخبرهم بأنه يحتاجهم جميعا للعمل، وحينما تجمعوا عليه فجر سيارته المفخخة بهم.

- استهداف الأبرياء من العراقيين وتسليبهم ثم قتلهم.

- خطف شباب مدنيين وقتلهم، ثم إلباسهم ملابس عسكرية ليدعوا إن هؤلاء عسكريون.

- خطف الأشخاص وطلب فدية مادية لغرض تمويل أعمالهم الإرهابية، وثم قتل اغلب المخطوفين بعد اخذ الفدية خشية أن يكشفوا أمرهم.

- قتل رجال دين ورموز من كلا المذاهب السنية والشيعية، واستهداف أماكن العبادة للمسلمين والمسيحيين، محاولة لإثارة فتنة طائفية في العراق.

- ضرب البنى التحتية للاقتصاد العراقي، والمرافق الحيوية الأخرى مثل الكهرباء والماء والقطارات ومحطات نقل الركاب، ومراكز التسوق المهمة، محاولة لشل الحياة وزرع اليأس في صفوف العراقيين.

 إنها حقا أساليب عجيبة وغريبة ولا تدلل على قدرة فئة ما، إنما تدلل على الضعف، والوحشية، والهمجية وعداء الحياة والقيم السماوية، إنها أهداف سهلة، ولا تقارن بأفعال المقاومة في أي مكان من العالم. وتاريخ (المقاومات) في العالم الإسلامي لم يشهد مثلها إطلاقا.

هذه الأفعال كلها بشواهد وأدلة (سيدها) اعترافهم في بياناتهم، ودعواتهم ووعيدهم وتهديدهم بالمزيد منها. ولا حاجة لتبرئتهم أو تلميع صورتهم أو تبرير أفعالهم، ومن يبرر مثل هذه الأفعال ما هو إلا شريك ومناصر لهم وعدو حاقد للعراقيين اجمعهم.

ولازال أفضل رد عليها وعلى هؤلاء هو رفض العراقيين لمشروع وشعارات هؤلاء، وتكاتفهم مع قواهم الأمنية وصبرهم وإصرارهم على استمرار حياتهم والحفاظ على وحدتهم وتجاوز محنتهم، وهو ما يزرع اليأس والهزيمة في صفوف الإرهابيين ويخيب رجاءهم في دنياهم قبل آخرتهم.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com