أحُبك حُب الكورد للفيدرالية .. أحبُك حُب الشيعة للشعائر الحسينية

محمد حسن الموسوي

almossawy@hotmail.com

حتى الحُب والعشق لم ينجو من السياسية في العراق اذ من الصعوبة بما كان ان تلتقي السياسية بالحب. لان السياسة مصالح لا احاسيس فيها , وقديما قالوا السياسة لا قلب لها. اما الحُب فلا يعيش الا بالقلب فهو بيته وسكناه. ان تلتقي السياسة بالاقتصاد فهذا امرٌ معقول وان تمتزج بالفن فهو امرٌ ممكن ولكن ان تلتقي السياسة والحب فهو أمرُ صعب الوقوع. كأن الحب والسياسة أمران متناقضان لا يجتمعان ولا يرتفعان ببداهة العقل كما الوجود والعدم لا يمكن ان يتحققا في شئ ما في نفس الزمان والمكان فالشئ الموجود لايمكن ان يكون معدوما والعكس صحيح اذ لايمكن للشئ ان يكون موجودا ولاموجودا في نفس الوقت ويكاد هذا الامر ينطبق بتمامه على الحب والسياسة . فحينما تدخل السياسة من الباب يخرج الحب من الشباك.

 بيد ان الامر اليوم في العراق مختلف حيث اجتمعت ولاول مرة السياسة بالحب ولكن ليست على يد الساسة المنشغلين باللعبة السياسية حتى النخاع بل على يد العشاق والمحبين وهذا مما يجعل الامر مقبولا اذ لم نسمع عن سياسي عاشق بل سمعنا عن عاشق متسيس والتاريخ يشهد بذلك  لكن قريحة العشاق في ارض الرافدين جادت بالجديد وآل العشق الا ان يقول كلمته في السياسة وبدل من ان نسمع شعرا ً من العاشقين يصف الجوى او الغرام او عذاب الحب وهو احلى عذاب  او نثرا ً من المغرمين صبابة ً يصف المحبوب رحنا نسمع حديثا سياسيا يصف الحب يستحق ان يصنف بالادب السياسي الواقعي ويسجل كبراءة اختراع باسم العشاق العراقيين ولا عجب في ذلك أوليس العراقيون اول من علم الناس الكتابة! أوليسوا هم اول من سن للانسانية  اول شريعة وقانون! أوليس ارض السواد شهدت اول ملحمة للحب يوم ناحت عشتار على تموز فكانت ملحمة كلكامش التي خطها يراع عراقي عظيم والعظمة لله رب العالمين!

 دعونا نحلل ما جاد به القلب العراقي النقي  مازجا الحب في السياسة عاكساً كمرآة صافية الواقع السياسي بكل أمانة العاشقين  عشقا عُذريا  بكلمات شعرية وادبية جميلة تقول:

 أحبك ُحب الكورد للفيدرابية

أحبك ُحب الشيعة للشعائر الحسينية

أحبك ُحب السنة للعمليات الارهابية

 

صورة شاعرية تعكس الحالة السياسة الواقعية للعراق حيث الكورد ونضالهم من اجل الفيدرالية وحيث الشيعة وحبهم للمراسيم كربلاء او الشعائر الحسينية وحيث السنة ودعمهم اليوم للعمليات الارهابية.

  وللامانة نقول ليس كل السنة يؤيدون الارهاب (المقاوم) بل المتشددين منهم ومن الظلم تعميم ذلك عليهم فمن السنة من يعشق السلام والوئام ويعتذر عما ارتكبه اسلافه من ظلم للآخرين باسم التسنن وللدقة كان من الافضل ان ُيقال (احبك حُب الوهابية للعمليات الارهابية) فأغلب الارهابيين وهابيين وهؤلاء لا يمثلون كل السنة.

  احبك حب الكورد للفيدرالية.الكورد والفيدرالية قصة شعب ذاق الامرين من ظلم الآخرين وتعسف الظالمين . قصة أمة شاءت الاقدار ان تقطع اوصالها وُتستلب هويتها وُتسرق ثرواتها وُتطمس هويتها وُتحارب لا لشئ الا لانها تعشق الحرية. الكورد والفيدرالية صراع من اجل البقاء . صراع من اجل حفظ الهوية . صراع من اجل الذات القومية التي أ ُريد تغيبها وتميعها. صراع من اجل الاستقلال. الفيدرالية باتت للكورد ليست قضية للدفاع عن الذات والهوية فحسب بل آله للعشق. عشق التحرر وحُب الذات القومية . فُحب الكورد للفيدرالية حُب الرضيع لمحالب أمه. فما اجمله من حُب.

 أحبك حُب الشيعة للشعائر الحسينية. الشيعة والحسين قصة  أمة ذابت جوى بقائدها الذي اعطى دمه ودماء اهل بيته واصحابه قرابين للحرية . وهب أمته الشهادة فوهبته الحب الازلي. وهبها الحياة بشهادته الخالدة فوهبته الحزن السرمدي على فراقه. وهبها الحب فوهبته الولاء والدموع حتى صار ذكر الحسين دمعة حاضرة في أماقي الشيعة وعشقا دائما في افئدتهم ودليلا على انسانيتهم وتحضرهم وطيبة سرائرهم ورمز عنفوانهم المتجدد وعطائهم الفكري المتوقد ودليل شاعريتهم وجمالية أرواحهم ورقة نفوسهم حتى صاروا مضربا للمثل ( انت أرق من دمعة شيعي) ورحم الله القائل مخاطبا ابا الاحرار الحسين عليه السلام :

 تبكيك عيني لا لأجل مثوبة       لكنما عيني  لأجلك باكية

 قصة الشيعة والشعائر الحسينية قصة أمة أُضطهدت وعُذبت ولُوحق ابنائها تحت كل حجر ومدر . قصة منهج أريد تغييبه فغيب اعدائه بصبره وثباته وكذلك يجزي الله الصابرين. أُريد حرمان الشيعة من البكاء على ملهمهم فأ ُصدرت الفرمانات بفرض ضريبة على زائر قبر الحسين فدفع الشيعة كل ما لديهم من اجل ان يطوفوا بقبر ابن بنت نبيهم فلما يئس اعدائهم منهم قرروا قطع ايدي من يزور الحسين فتسارع الشيعة يتزاحمون يقدمون رقابهم قبل ايديهم من اجل التشرف بزيارة الحسين وراحو يهتفون بعنفوان الثوار ( لو قطعوا ارجلنا واليدين نأتيك  زحفا سيدي ياحُسين) فما اعظم الحسين وما اعظمه من ُحب للحسين ولذكر الحسين الذي ُتعبر عنه الشعائر الحسينية. فهل رأيتم  عشقا او ُحبا كلف صاحبه حياته؟ أنه ُحب الحسين الذي وصفه احد اصحابه يوم عاشوراء بقوله ( ُحب الحسين أجنني) فما اعظمه من ُحب وما أرقاه.

 أخيراً احبك ُحب السنة للعمليات الارهابية. السنة والعمليات الارهابية. قصة المتشددين والجهاد. قصة من قرأ الدين بعين حولاء. أراد ان ينظر لشئ ٍ فنظر الى آخر. قصة من فسر الدين والجهاد تفسيرا خاطئا. قصة من ظن انه يطلب الحق فأصاب الباطل. قصة من اختلطت لديه الامور فظنَّ انه بقتل الابرياء يحسن صنعا. قصة من حكم العراق ردحا طويلا مستأثرا بخيراته وثرواته وصحى ليجد نفسه وقد ُجرد من كل ما يملك. قصة من ضاع ملكه بسوء فعله وأساءته. قصة من ظنَّ انه بقتل العزل الابرياء يستعيد ملكه. قصة من رفض الانصياع للواقع واصر على غيه وعميه. قصة من يشجع على الارهاب باسم المقاومة . قصة من ُغسل دماغه فظنَّ انه بقتل نفسه وقتل الاخرين سيدخل الجنة. قصة من يئس من الدنيا فأستعجل الرحيل للأخرة. قصة من عشق الموت كراهية بالحياة.

 ثلاث صور سياسية جسدها عاشق عراقي بسجع لمعشوقه ومحبوبه . بكلمات واضحة رسم الواقع السياسي العراقي الراهن دونما تكلف او عناء ودونما مواربة. وضع النقاط على الحروف وبكل شجاعة. اليست هذه هي الحقيقة؟ ثلاث صور لثلاث فئات تتقاسم المشهد السياسي. فياليت السياسيين العراقيين يتعلمون من العاشقين الصراحة والجرأة وترك التورية او اللف والدوران. لكن كيف يحدث ذلك والطبع غلب التطبع.   

   

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com