غريب أمر بعض الكتاب ( الوطنيين
)العراقيين الذين ملئوا الدنيا صراخا منددين بـ ( الطائفية ) ، وزاد
البعض الآخر عليها بتوجيه تهمة(الصفوية ) لأهل البصرة خاصة ، وهو يقصد
متعمدا طائفة الشيعة متعمدا ويود رضي أم لم يرض ببث أسس من روح طائفية
مقيته تحاول تغذية العقل العراقي بنسق معين من الحقد الطائفي بين أبناء
البلد الواحد بحجة نقد بعض الظواهر السلبية على الساحة السياسية ، وجل
أهل البصرة الآن عرب اقحاح ممن نزح منذ خمسينيات القرن الماضي من
الناصرية والعمارة ، أو من قضائي المدينة والقورنه ، متناسين أبي مصعب
الزرقاوي وجمهرة وعاظ السلاطين ممن ترك كل هموم الدنيا وكل الأراضي
العربية المغتصبة ليحرض على ( تحرير العراق ) من أيدي ( محتليه )
بينما هناك أراض عربية مغتصبة يجري التعتيم عليها لكي لا تطالبهم
شعوبهم بالحديث حتى عنها وليس تحريرها . وما يفعله الوهابيون من أمثال
الزرقاوي بالعراقيين هو وصحبه من بقايا البعث الساقط ، أو ما يحصل في
تلعفر من قتل وتهجير قسري على الهوية الطائفية ، أو في منطقة الدورة ،
أو الحصوة واللطيفية وسلمان باك والصويرة ، والقتل على الهوية في
الفلوجة والرمادي ، ومناطق عراقية أخرى ، لا يثير حمية أي منهم فهم
متفرغين فقط لبث الروح الطائفي وزرع الفتنة بحجة أن هناك ( مد صفوي )
يقوده هادي العامري ورفاقه .
وحتى أضع النقاط على الحروف ، وأقول
لمن لا يعرف توجهي السياسي إنني من أولئك القرامطة وأحفاد ثورة الزنج ،
واحمل بفخر وإباء شارة مكعب الشين الشهير ، ولست ضد طائفة معينة ، ولا
أقف مطلقا مع طائفة معينة ولن أكون ، كوني احمل فكرا نيرا منذ نعومة
أظفاري رغم أن موقع يعود لأصحاب ذلك الفكر المتوهج النير حجب مقالة لي
من قسمين عن النشر بسبب نقد بسيط جاء اعتراضا ضمن سياق المقالة عما جرى
إثناء الاحتلال الصدامي للكويت ، وترك ذلك الحزب ذو الماضي النضالي لنا
( نفر بآذاننا ) لأنه وكما يبدو أن الجماعة يطبقون مبدأ ( وخلق بعضكم
فوق بعض درجات ) ، ويتعامل في النشر معي بالقطارة وبموجب مزاج من يهيمن
على الموقع لأننا عرفنا منذ نعومة أظفارنا أن هناك الأقرب فالأقرب
والبقية هي ( جمالة عدد ) وهذه هي سنة معظم الأحزاب العراقية – وما
أريد احد يزعل فـ ( الله لا يستحي من الحق ) - ، لكن مع ذلك أقول (
الحب ما منع الكلام الأ لسنا ) .
وتحول البعض من الكتاب من الحديث عن
معالجة مشاكل الوطن العسيرة على الحل من تفشي للفساد المالي والإداري ،
وعودة هيمنة البعث بشكل أو بآخر داخل مفاصل الدولة العراقية بينما يقبع
عشرات الآلاف من الوطنيين العراقيين ممن ضحى بكل شئ في بلدان اللجوء
ينظرون للوطن من بعيد يتقاسمه البعض بلا خجل ولا حياء ، ويتركون المجال
لرجال البعث السابق للولوغ في دماء أبنائه أمثال صالح المطلك وايهم
السامرائي وراسم العوادي يساندهم حسين الصدر وأتباعه ، وهو بطل جديد
ظهر على الساحة السياسية من إخراج المخرج القدير أياد علاوي ،
ويتحولوا نحو التشهير ضد طائفة معينة . فالصراخ والعويل بتحويل البصرة
أو كربلاء لمقاطعات إيرانية ضرب من الخيال أراد به أولئك الكتاب ومعهم
شاعر تقدمي مع الأسف الشديد كنا وإلى عهد قريب نقف مدافعين عنه ونآزره
حتى وصل به الأمر وتغلب فكر الطائفة على الروح التقدمية في داخله أن
زحف بكل ما لديه من قوة للنشر في جريدة عبد الباري عطوان الناطقة باسم
فلول البعث ، وكان هذا التحول المفاجيء والغريب بسبب تغلب العنعنات
الطائفية على الفكر السياسي التقدمي ، وهو اخطر شئ في هذه المرحلة
الخطرة والحرجة من تاريخ العراق الجديد الذي يريد البعض أن يصوغه حسب
تصوره وهواه .
ولتذكير ذلك البعض بما كان يحصل من
ممارسات طائفية في البصرة بالذات منذ زمن طويل في مناطق معينة وكانت
مقفلة على بعض أهل السنة ، وأنا ابن البصرة أبا عن جد ولم أكن ممن نزح
من احد الموانيء الإيرانية ، أو ما يطلق عليهم أهل البنادر ( كالعوضية
والكنادرة – جمع كندري - ) مجازا في إيران ، وقد أظهرت الاعترافات في
قناة الفضائية دور الكثير منهم لإشاعة الإرهاب في البصرة ، وجلهم من
مركز قضاء أبو الخصيب وباب سليمان أو حيث يتركز معظم من نزحوا من
الموانيء الإيرانية للبصرة منذ زمن طويل لأسباب اقتصادية أو مشاكل
اجتماعية – وهذا ليس اتهام لأهل أبو الخصيب أو لباب سليمان ولا انتقاصا
منهم فانا أتحدث عن فئة وليس الجمع ولا أود أن يكون في حديثي نفس عنصري
أو طائفي مطلقا، - كذلك تركز البعض الآخر في ناحية السيبة وقضاء الفاو
، والسبب بسيط هو كون هذه المناطق حدودية مع الموانيء الإيرانية يوم لم
يكن هناك جوازات ولا أوراق ثبوتية . ولكن المضحك المبكي أن جل أحفاد
أولئك النازحين لتلك المناطق تحولوا بحماس اكبر من حماس العرب الأصليين
من سكان تلك المنطقتين من حملة الفكر العروبي والناصري للفكر القومي
العروبي الشوفيني، وقد لعبت قيادات ( قومية ) من هذه المناطق دورا في
الوقوف بوجه ثورة 14 تموز الوطنية وساهموا في إسقاطها ، وكانوا ضمن
تشكيل الحرس القومي الذي شكله ( الثوار ) الذين قدموا بقطار أمريكي
لإسقاط ثورة 14 تموز 1958 في يوم 8 شباط الأسود عام 1963 ، وشكلوا عصب
الاتحاد الاشتراكي في عهد المقبور عبد السلام عارف . وقد كان من الصعب
تعايش أهل هذه المناطق مع أي عائلة شيعية واقصد أبو الخصيب بالذات ،
وهناك حادثة حصلت لصاحب مخبز افتتحه في أبو الخصيب في نهاية منتصف
ستينيات القرن الماضي ، حيث طلب منه أن يبيع المخبز ويرحل لان لا مكان
له في أبو الخصيب وبالثمن الذي يريده كونه من الطائفة الشيعية ، والرجل
لا زال على قيد الحياة . بينما لم يكن هذا النفس الطائفي متواجدا لدى
أهل الزبير الذين ينحدرون من اصل عربي نجدي سني، ولم يسبب نزوح عوائل
بلا عدد من الناصرية للبصرة واستقرارها في الزبير بسبب قربها من الكويت
أو للعمل في شركة مقاول الرمل والحصى ( حاج طوينه ) الذي هو أصلا من
أهل الناصرية أي اثر لدى الزبيريين من العرب الحقيقيين من أهل نجد .
والضرب على الوتر الطائفي ووصم أهل
البصرة من العرب الاقحاح بـ ( الصفويين ) يدعوني للحديث عن مكونات
المجتمع البصري الذي كان وبعد الحرب العالمية الأولى وعند بدء تكوين
الدولة العراقية يتشكل من بعض العوائل البصرية المنحدرة من العباسيين
وهم قلة قليلة يمثلهم شيوخ ( آل باش اعيان ) وكان منهم وزير الخارجية
في العهد الملكي ( برهان الدين باش أعيان ) وعضو مجلس الأعيان ( الشيخ
عبد القادر باش أعيان العباسي ) ، وهناك السادة الرفاعية من ( آل
النقيب ) ، ومنهم احد من رشحوا أنفسهم لمنصب ملك العراق ، وتقلد في
وزارة السيد عبد الرحمن النقيب وزارة الداخلية ( السيد طالب النقيب ) .
وعوائل من اصل نجدي نزحت للبصرة واستقرت في الزبير عند تشكيل إمارة
الزبير ومن قبلها ولاية البصرة العثمانية التي كانت تمتد للأحساء ،
وإلى جانب هؤلاء كان هناك العديد من العوائل البحرينية التي سكنت
البصرة ولا زالت، وجرى تهجير بعضها وهي من العوائل العربية بحجة
التبعية في زمن ( القائد الضرورة ) لأن أجداد وآباء البعض منهم قد
ولدوا في مدينة خرمشهر الإيرانية ( المحمرة ) فأصبحوا من ( الفرس
المجوس ) . كذلك هناك العديد من العوائل الاحسائية التي كانت متواجدة
في البصرة منذ القدم كون ولاية البصرة كما ذكرنا تمتد للأحساء ، وعدد
كبير من العوائل الكورديه الفيلية ، مع تواجد عدد كبير من العوائل
الإيرانية ، أو من حملة جوازات السفر الإيرانية بسبب الهروب من
العسكرية أيام الدولة العثمانية . وقد عاد ت معظم العوائل النجدية كرة
أخرى للسعودية ، أو هاجرت لدول الخليج بعد كارثة ( المفكر العروبي ) (
خير الدين حسيب ) صاحب فكرة النقل الحرفي للتا ميمات في مصر عبد الناصر
التي جرت الويلات على العراق ، وأدت لهروب رأس المال بطرق عديدة من
العراق ، وخربت الاقتصاد العراقي . بينما تم تهجير العوائل الإيرانية ،
وتبعه بعد ذلك تهجير الكورد الفيليين ، والهجرة القسرية للخارج للعديد
من العوائل البصرية الأصيلة التي كانت تتركز في محلات البصرة المشهورة
( البجاري ، والتميمية والخندق والكزارة ومناوي باشا والسيمر وابو
الحسن والمجصة ويحيى زكريا ، والخليلية والمشراق ومحلات صغيرة اخرى ) ،
لذا فإن النسبة العظمى من أهل البصرة الآن ممن نزح إليها من المحافظات
الجنوبية ، أو ممن تناقلهم النظام الدكتاتوري لغرض الاستيطان ، وتغيير
النسبة الديموغرافية بسبب العنصر والطائفة .وهناك نسبة من العوائل من
السادة السامرائية ، إلى جانب عدد كبير من الأرمن والصابئة فهل يا
ترى إن من يسكن البصرة الآن هم من ( الصفويين ) ؟! .