ليس بالرصاص وحده تتحرر الأوطان .. غزة مثالا 

حمزة الشمخي

ha_al@hotmail.com

إعتدنا في منطقتنا ، أن نربط دائما ما بين عملية التحرير وتحقيق السلام ، بالصواريخ والدبابات ، والتي يقول البعض عنها ، بأن لا تحرير ولا سلام من دون التضحية بالغالي والنفيس.

ولكن أن تجارب بعض الشعوب التحررية وعلى مر السنين ، تشير الى أن هناك أساليب وأشكال كفاحية مختلفة ، عنفية وسلمية منها ، ويمكن أن تتفاعل فيما بينها  .

وأن المقاومة الوطنية الذكية والناجحة ، هي التي كيف تختار إسلوبا كفاحيا مناسبا وملائما للظروف الملموسة لتلك المرحلة المعينة ، وكذلك فهمها لطبيعة وإمكانيات وقدرات من تواجهه في المعركة من أجل التحرير، مقارنة بقدراتها وإمكانياتها ووسائل نضالها

واليوم أن هناك جدلا كثيرا ونقاشات حامية وأسئلة عديدة بين الفلسطينيين أنفسهم وأصدقائهم ، حول عملية إنسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي من غزة الفلسطينية بعد إحتلال دام ثمانية وثلاثين عاما

ومن هذه الأسئلة ، هل أن عملية الإنسحاب من غزة تمت بفعل وتأثير الصواريخ المحلية الصنع ( صواريخ القسام ) كما يطلقون عليها أصحابها ، وكذلك المناوشات المسلحة المحدودة مع القوات الإسرائيلية بين الحين والآخر ؟

أم أن عملية الإنسحاب الإسرائيلي قد تمت نتيجة تفاعل العمل المقاوم مع الإسلوب النضالي السلمي ؟ ، والذي مر ويمر عبر المفاوضات ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، وبإستخدام الطرق السياسية والدبلوماسية ، ومحاولة إشراك أطراف من المجتمع الدولي قدر الإمكان للضغط على مؤسسة القرار الإسرائيلي ، لحل عملية الصراع التاريخية المعقدة والمتشابكة ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، وإرجاع الحقوق المشروعة لأصحابها.

وأن المشهد ما بين لغة الدم والصواريخ من جهة ، ولغة السياسة والمفاوضات من جهة إخرى ، فيما يتعلق بقضية عودة غزة الى أهلها ، ليس غامضا على الكثير من الفلسطينيين والمتتبعين للقضية الفلسطينية من العرب والأجانب ، الذين ينظرون الى عملية تحرير غزة بعد سنين من النضال سلميا.

    وأن كل هذه قد جاءت نتيجة لدور وفعالية المفاوضات والإتفاقيات بين طرفي الصراع  من الفلسطينيين والإسرائيليين ، إضافة الى النضال الفلسطيني والضغط الشعبي لقطاعات مختلفة من الإسرائيليين على حكومتهم وأصحاب القرار والنفوذ ، والتي أدت بالنهاية الى هذا الإنجاز الوطني الفلسطيني الكبير.

ومن هنا قد نشأ الإختلاف مع أصحاب الرأي القائل ، بأن الصواريخ والعمليات العسكرية ، هي التي أجبرت القوات الإسرائيلية للإنسحاب من غزة ، وبالتالي عادت الى أهلها ، وليست نتيجة المفاوضات السياسية والدبلوماسية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

فلذلك علينا أن نصعد من عملياتنا العسكرية ونشاطاتنا المسلحة ، ونزيد من صواريخنا ، لتحرير كامل التراب الفلسطيني حسب قولهم !!.

فهل حقا أن غزة قد عادت الى أهلها الفلسطينيين نتيجة الصواريخ والعمليات المسلحة فقط هنا وهناك ؟

وهل أن الفلسطينيين الذين لا يؤمنون بالمفاوضات والحلول السلمية ، سيحررون كل فلسطين فعلا بصواريخهم هذه ؟

أم أن الجمع ما بين الأساليب الكفاحية المختلفة ، وتفهم طبيعة المعركة ومعرفة موازين القوى والإمكانيات والتفوق العسكري والإقتصادي والأمني ... إضافة الى دور وتأثير العاملين العربي والدولي في المعادلة الفلسطينية ? الإسرائيلية في المرحلة الراهنة في حالة الحرب أو السلام

كل هذه العوامل وغيرها .. هي الكفيلة في إختيار الطريق لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة وغيرها ، وليس بالصواريخ البدائية والعمليات المسلحة المحدودة والشعارات والخطب الحماسية فقط ، ستتحرر الأوطان .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com