|
التكرار لخلق الاستحمار الدكتور عادل رضا
أن علي الانسان، أن يتحرك في الواقع الذي يعيش فيه بحس النباهة والوعي والبصيرة، بدافع من التكليف الشرعي، المستند علي فكر ديني ثوري وأنقلابي ساعي الي نشر العدالة بين البشر علي مستوي العالم....كل العالم. و الانطلاق من مواقع القوة، من بين مواقع الضعف ضمن خطة، يكون الدافع للتطبيق لها(أي الخطة) هو ألاداء للتكليف الشرعي من جهة، والارتباط بالمنبع الالهي الاساس، وهو الله، من جهة أخري. أن تلك الاشياء هي ما تصنع السعادة الحقيقية للانسان من ناحية, ومن ناحية أخري هي ما تعطي للحياة الدنيوية معني ووزن وقيمة. و لاشك أن العديد من الناس والافراد يعيشون واقعا معيشيا مأساويا علي المستوي الحياتي والمعيشي، ولكن نراهم يتحركون بالتكليف الشرعي وفي خط العدالة الالهية بما لا يرفع ولا يساهم بتعديل المستوي المعيشي والحياتي، لهم ولأسرهم، بل علي العكس تري الحرمان منتشر علي المستوي الاستهلاكي السلعي(اذا صح التعبير)، ولكن تجد السعادة والسرور والعودة الي تطبيق التكليف الشرعي مرة بعد أخري بدون ملل وكلل، حتي الاستشهاد، وهذا الامر الاخير لم يستطيع الاستكبار العالمي ولا الاجهزة المرتبطة به، شرحه ولا تفسيره لأنفسهم كأجهزة مخابراتية وتنظيمات دولية، وحتي عندما يتدخل الاعلام الخارجي بالشرح والتحليل لمواقف سياسية، يجد فيها التضحية والفداء بالنفس والروح وبالمستوي المعيشي الشخصي من أجل الدين الحقيقي في الحركة في خط المبدأ والهدف والكرامة،نجد العجز عن التحليل والسذاجة في الطرح والتفاهة في الحوارات. طبعا لماذا لا يستطيع الغرب وأزلامه تحليل تلك الامور؟ أن ذلك موضوع سنناقشه في موقع أخر، ولكن لنعود الي موضوعنا، لنقول: أن هذه المقدمة السابقة هي مدخل لما نريد التنبيه عليه بقوة، ضمن حركة تكليفنا الشرعي في نصرة المظلوم علي الظالم، نحن هنا نريد الاشارة، ألي الاعلام الاستكباراتي وتوابعه من الاعلام المساند, هذا الاعلام المنحرف الذي يتحرك في خط خدمة الخطط الاستكبارية ذات الاهداف الشريرة. أننا نجد أن العديد من وسائل الاعلام الاستكبارية ومن يتبعها من أعلام عربي وأقليمي مساند، يتحركون كلهم بلا أستثناء في خط التقسيم الطائفي والديني والعنصري للمجاميع الشعبية الموجودة علي أرض السواد، عند حديثهم وتطرقهم في تلك الوسائل الاعلامية عن ما يجري في العراق الجريح من تطورات وأحداث يومية متتابعة. قد يقول البعض: أن هذه التقسيمات تمثل واقعا موجودا علي الارض، وأن ذكر هذه التقسيمات بالاعلام العالمي والاقليمي هو من الامور الطبيعية والعادية لما تمثله من حقيقة موجودة علي أرض العراق الجريح. و لكن ما تقوم به وسائل الاعلام القذرة, لا يتحرك في خط ما هو ما هو طبيعي من حيث الكلام عن التقسيمات بما تمثله من خصوصيات طبيعية موجودة. أن ما يجري في وسائل الاعلام الاستكبارية القذرة وتوابعها العميلة، هو محاولات مستميتة متواصلة لا تهدأ ولا تمل عن العمل والسعي نحو خلق أنفصال في اللاوعي، عن طريق غير مباشر، من خلال تكرار الحديث عن تمثيل فلان للسنة العرب، وتيار أخر للاكراد، وعن زعامة فرد للشيعة.....الي الخ من الاطروحات والتحاليل والاسئلة التقسيمية. أن هذا الكلام وتكراره علي مستوي الاعلام بشكل متواصل، يراد منه تفعيل هذه الصورة الانقسامية في اللاوعي لدي الانسان العراقي، لتحقيق أنفصال نفسي وأجتماعي غير معلن في داخل ذاته. ومن جهة أخري عندما نلاحظ أن المذيعيين ومقدمي البرامج يتحركون بالاسئلة والحوارات علي أسس التقسييم العرقي والديني والطائفي، مهما أصر الضيف في اللقاء علي أستهجان مثل هذه التقسيمات، فنحن نري أن من هو في مواقع الاعلام الاستكباري، يظلون متمسكين بأسئلة وأطروحات تحتوي مثل هذه التقسيمات. أن الهدف الاساس هو صناعة حالة من التقسيم والانفصال الغير معلن في اللاوعي في داخل شخصية الانسان العراقي الموجود في حاضرنا. أن العراقيين القدماء (اذا صح التعبير) مسلمين سنة ومسلمين شيعة ومسيحين وحتي الملحدين، ومن أي طائفة وملة وعرق، علي سبيل المثال لا الحصر: عندما كانوا يتوجهون بالزيارات الجامعية الي النجف، لمقابلة الشهيد الصدر الاول محمد باقر الصدر، والامام روح الله الخميني، أن هذه المجاميع التي كانت تتحرك كوفود طلابية من مختلف مناطق العراق الجريح ومن جميع ملل وطوائف وأعراق أرض السواد. أن هؤلاء كانوا يتحركون ضمن هذه الوفود كحركة طبيعية ومن دون أحساس داخلي بالانفصال والبعد عن الطرف الاخر. كان هناك نوع من الوحدة النفسية والاجتماعية بين هذه المكونات، ضمن نطاق هذه الوفود (علي سبيل المثال لا الحصر)، وحتي حالات الانتماء لقيادات عالمية كالامام روح الله الخميني والشهيد محمد باقر الصدر، كانت تتم من بشكل تلقائي من دون التفكير ولو للحظة بالاختلاف الديني والعرقي والمذهبي، والانكباب علي قراءة المنتوجات الفكرية لمحمد باقر الصدر كانت تتم علي هذا الشكل أيضا, من دون وجود أي حالة من الحاجز النفسي والاجتماعي في اللاوعي. أن هذا الامر كان ما يميز العراقيين عن باقي شعوب المنطقة، بشكل لا تستوعبه الكثير من الشعوب الموجودة حول أرض السواد، التي تعيش حالة من الطائفية البهائمية الشبائقية القذرة والمنحطة، مما يدل علي حالة من الجهل المعرفي المعلوماتي، وأنعدام الوعي والبصيرة وغياب الادراك موجودة عند هذه الشعوب. شعوب تبكي ظالميها وديكتاتورياتها بهستيرية العاشق الولهان!!!!! وتحارب من يحاول أخراجها من ربقة العبودية والظلم!!!!!!!!!؟؟؟؟؟بأستماتة ليس لها نظير في موقف غريب لم يعرفه التأريخ ألا عند هذه الشعوب. أن هذه الشعوب هي شعوب تم أستحمارها بواسطة الاستكبار العالمي وبفعل عوامل أجتماعية ونفسية موجودة فيها أيضا وهي تحتاج ألي دواء النباهة لكي تقتل الاستحمار الموجود فيها. و طبعا لا حاجة للتذكير أن هناك مجاميع من النخبة العربية(أذا صح التعبير) لا تعيش هذه الشبقية الطائفية القذرة، لنكون منصفين في تحليلنا، ولكي لا يتقول البعض علينا بأننا نعيش الانفعال في التحليل، ولكن نقول: أن علي من يدعي أبتعاده عن هذه الشبقية الطائفية القذرة والتلذذ الحيواني الحقير والمنحط بقتل مجاميع من المسلمين فقط للاختلاف المذهبي، نحن نقول: أن علي هذه النخبة العربية التي تزعم أبتعادها عن هذه الوساخة الطائفية أن تتحرك نحو العقليات الطائفية الكارهة للاخر بالنقد الصريح والتحليل ومحاولة أحداث الوعي والبصيرة في رؤوس مثل هذه العقليات، وألا فأننا نتهمها بطائفية اللاوعي وأزداوجية الشخصية والنفاق. أذن أن ما كان يميز العراقيين القدماء(اذا صح التعبير) هو هذا التواصل الطبيعي مع الاخر والالتقاء البعيد عن عقدة هنا وغربة نفسية هناك ومحاولة الغاء من وراء الكواليس هنالك. أن هناك في الوقت الحالي محاولات حثيثة من الاعلام الاستكباري المجرم لتغيير هذه التمّيز العراقي الاصيل السابق ذكره، الي حالة من الانفصال والغربة والعقدة من الاخر العراقي علي أرض السواد وحتي بين طيور الهجرة الساعية الي العودة، أي أن يكون العراقي الجريح ضد العراقي الجريح الاخر. أن هناك محاولة لخلق حالة أستحمارية بين شعب العراق الجريح، حيث ينفصل مظلوم عن مظلوم أخر باللاوعي. حيث يتم خلق حالة أنفصال نفسي بين جائع وجائع أخر في أرض السواد. بين من لا يملك القرار والسيطرة ضد أخر لا يملك القرار والسيطرة أيضا. أنها حرب فرق تسد. أنها حرب المستضعفين ضد المستضعفين، يتحرك فيها الاعلام الاستكباري المجرم الساعي الي تنفيذ أهداف وخطط. و نحن أذ نطلب من الاخوة والاخوات ممن يظهرون في وسائل الاعلام وممن يكتبون في الصحف وعلي مواقع الانترنت، نحن نطلب منهم التحلي بالوعي والبصيرة وقراءة الممحي من السطور ( اذا صح التعبير)، نحن نطلب منهم أن لا يكونوا مطية وألية لتنفيذ ما يخطط للعراق الجريح، وأن لا ينجروا الي حوارات وخطابات تستخدم فيها التقسيمات الطائفية والعنصرية، أن المطلوب هو عدم الانجرار وعدم الوقوع في فخ الاستحمار الاستكباري. أن الاعلام الاستكباري لن يتوقف عن أصدار مثل هذه التقسيمات ضمن خطابه الاعلامي, ولن يتوقف، لان هذا الاعلام يتحرك ضمن خطة مسبقة يتحرك فيها علي أرض الواقع في خط التنفيذ، لذلك يجب علي المخلصين والمؤمنين أن يتحركوا بخطة مضادة، أن علي المؤمنين الثوريين أن ينطلقوا الي العالم....كل العالم، بخطاب الوعي والبصيرة وخطاب ما وراء السطور، لكشف الممحي من السطور، وفضح ما يخطط من وراء الستار ضد العراق الجريح. أن خطاب النباهة هو المطلوب ضمن هذه المرحلة(وكل مرحلة بطبيعة الحال) لكشف ولقتل خطاب الاستحمار الاستكباري. أن الانطلاق من مواقع القوة لكل فرد، هو أمر مطلوب أيضا، أن علي المؤمنين أن لا يستخفوا بأي حركة أعلامية كانت وتنظيمية يستطيعون الانخراط فيها للحركة ضد الخطط الاستكبارية الاجرامية. فلتكن لنا خططنا المضادة لخططهم، فلنتحرك كما يتحركون من مواقع القوة الموجودة فينا، أن الله مع المستضعفين، والله أكبر من أية قوة مادية مهما كانت كبيرة، فأذا نصرنا الله فهو ناصرنا. أن التكرار الاعلام الاستكباري لقضايا التقسيمات الطائفية والعرقية هو لخلق الاستحمار بين العراقيين، فهل سيعي العراقيون المؤامرة؟ هل سيخضعون للاستحمار الاستكباري ؟ أم أنهم سيظلون شعب النباهة والوعي كما كان العراقيين القدماء(اذا صح التعبير)؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |