|
عطاءات قرنين من الزمن والقوى الاسلامية السياسية العراقية
نوري عبد الخياط هناك حقيقة تأريخية وهي ان الفيدرالية تلم وتوحد شعوب متفرقة ولم يحدث حسب علمنا ان تحولت دولة قائمة تاريخيا الى دولة فيدرالية إن واقع كوردستان في علاقته مع العراق لايمكن إعتباره جزء من العراق
لقد جاءت نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين مشابهة إلى حد كبير لنهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, ففي الثانية شهد العالم أفول إمبراطوريات الظلم والجور مقابل بروز دور اكبر لشعوب العالم, فقد انتهى وبغير رجعة حكم آل ماتشو في بكين وآل هبسبرك في فينا وآل عثمان في اسطنبول وآل رومانوف في سان بطرسبرك. واستهل القرن العشرين اولى سنواته في ظهور دول جديدة وعودة دول أخرى لتأخذ مكانها بين دول العالم بعد أن حجبت تحت ظلال تلك الإمبراطوريات. وقد رافق وأعقب هذه المتغيرات تطور متسارع ومتلاحق ومتجدد في مجال الاكتشافات والاختراعات العلمية ، حيث اكتشفت الأشعة كاسرة الذرة, ومادة الراديوم والبنسلين ووضعت النظرية النسبية. كما تطور الطيران وأُخترعَ اللاسلكي والغواصة والرشاشة وتقلص استعمال البخار مقابل التوسع في استعمال البترول كوقود للمكائن والمعدات والآلات الحربية والصناعية وظهور صناعة السيارات وانتشار استعمالها بما اثبت صحة المقولة ,, إن الإنسان خارج بيته أما أن يكون قادماً من السيارة أو ذاهباً إليها،، ورافق ذلك تطور سريع لوسائل الإنتاج، بزيادة كفاءته كماً ونوعاً لسد الحاجة المتنامية للسوق المزدهرة. و أنجز العقل البشري علوماً و معارفاً خلال القرن العشرين، يزيد أضعافا عما أنجزته البشرية طيلة مسيرتها السابقة. وخلال القرن العشرين أيضا، ونتيجة تداعيات الحربين الأولى والثانية،ظهرت إلى الوجود عصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة، لتقر البشرية بهذه الآلية الجديدة لائحة حقوق الإنسان... وشهد العالم ولأول مرة محاكمة مجرمي الحرب من الألمان في مدينة نورنبرك بألمانيا ومن اليابانيين في مدينة مانيلا بالفيليبين .كما شهد العالم بذهول ضرب مدينتي هيروشيما وناكزاكي بقنبلتين نوويتين أمريكيتين.. أما نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين فقد شهد انهيار الاتحاد السوفيتي وعودة دول البلطيق للظهور ثانية، وتحررت جميع دول حزام الاتحاد السوفيتي. وشهد أيضا تفكك الاتحاد اليوغسلافي وظهور كل من سلوفنيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا وربما لاحقاً مونتينكرو. وشهد أيضا انتصارات واسعة للديمقراطية وحقوق الإنسان حيث أُقتُلِعَتْ أعتى الدكتاتوريات لدول مثل بولندا ورومانيا والمجر وألبانيا, ولتنهي ألمانيا الشرقية والى الأبد, مأساة حائط برلين بلم شملها مع اصلها، ولتظهر من جديد ألمانيا الموحدة الواحدة ، كما أرادها رائد وباني وحدتها (بسمارك). كما ظهرت إلى الوجود ثانية دولتا سلوفاكيا وجمهورية الجيك. لقد رافق هذه المتغيرات تطور مذهل في وسائل الاتصال وتفرعاتها من الفضائيات والهواتف النقالة والانترنيت، واكتشاف الخارطة الوراثية للإنسان والتوصل إلى تقنية الاستنساخ. كما تمت لأول مرة ملاحقة رؤساء الدول بتهمة انتهاك حقوق الإنسان والإبادة بما سمي بالظاهرة (البينوشيتية).وبجانب ذلك ولأول مرة أيضا أصدرت الأمم المتحدة قراراً بانتهاك حقوق الإنسان برقم 688 والذي يعتبر بحق سابقة تاريخية جاءت تتويجاً مشرفاً لنضال وصراع البشرية جمعاء من اجل حقوق الإنسان . رغم إن ما يؤسف له أن تشاء الظروف صدور هذا القرار بحق بلد (وبسبب تخلف وجهل حكامه) كان الأول في تأريخ البشرية من شرع حقوق الإنسان بما جاءت به نصوص مسلة حمورابي في ارض الرافدين. كما شهد ايضا إحالة مجرمي الابادة من حكام البعث الى المحكمة لينالوا جزاء ما اقترفوه بحق شعب العراق وشعوب المنطقة. إن مسيرة تطور البشرية ، تؤكد وبما لايدع أدنى شك بأن هناك ترابطاً وثيقاً ومحكماً بين ارتقاء الإنسان وتطوره الثقافي والعلمي والحضاري وبين حجم وكم حقوقه الإنسانية وأجواء الديمقراطية التي يتمتع بها. كما تؤكد أيضا بأن مستقبل أنظمة دول العالم وبالتحديد الأنظمة الشمولية والدكتاتورية من بقايا القرن الماضي، لا يمكنها مصارعة رياح التغيير نحو الديمقراطية, وان هذه الأنظمة تدرك هذه الحقيقة رغم ما تفعله للصمود أمام هذه الرياح مقابل يقين شعوبها القاطع بحتمية حدوث التغيير. إن السير بما يتوازى وينسجم مع القرن الحالي، يتطلب رؤى ومفاهيم جديدة متطورة ومتوافقة مع ما وصلت إليه البشرية وعلاقاتها الإنسانية والسياسية والاقتصادية المختلفة بشكل أساسي عن تلك التي سادت خلال العقود الأولى من القرن الماضي عن الاستعمار والتبعية والإمبريالية. ويستوجب أن تكون خطى الشعوب مسرعة وحثيثة في كافة المجالات بعد أن تركت وراءها في ساحة الوغى التي تصارعت فيها الأيديولوجيات أطلال وبقايا من ركام الاشتراكية والشمولية والدكتاتورية والاتحاد السوفيتي. إن تطور وتقدم دول ما يسمى بنمور آسيا لم يحصل إلا بسبب سلامة تعامل هذه الدول حسب مقتضيات ومتطلبات العلاقات الدولية بما يتوافق مع الرؤى الجديدة لهذه العلاقات... وبالمقابل نرى بلداً مثل العراق يمتلك كل مقومات النهوض والتقدم والتطور وصولاً إلى مصافي الدول المتقدمة, عجز نظامه السابق عن التعامل بما يتوافق مع الرؤى الجديدة للعلاقات الدولية بسبب أحادية فكر سلطته الحاكمة و محدودية تفكيرها و موروثها الوطني الذي يعود إلى خمسينيات القرن الماضي. فلم يستطع هذا البلد مواكبة ما وصل إليه مستوى دول مثيلة له. فرغم إطلالة الألفية الثالثة بقي خطاب تلك السلطة معلقاً بما كان سائداً قبل عقود من الزمن حين سادت الفنطازيا والخرافة والخيال والقومية والثورية والاشتراكية ردحاً من تلك الأيام، وبما انعكس سلباً على تقدم وتطور الكثير من الشعوب وخاصة شعوب الشرق الأوسط ومنها العراق. لا يُمكن إعادة أيّ حضارة سابقة كما كانت لأنَّ ذلك يتطلّب إعادة نفس الشروط الموضوعية التي سمحت بالنهضة آنذاك. إذ أنّ تفعيل حضارة في مجتمع راكد توقفت فيه الابداعات والتواصل الحضاري والتبادل الثقافي مع الامم الاخرى وحكمته عقلية الافضلية والارتقاء دون الاخرين، اول مايحتاج اليه هو التخلص من الركائز والبنى الثقافية القائمة والتراكم الموروث ومريدي ذلك التراكم , وثم اعادة بناء يكون ركيزتها ومرتكزها وهدفها الانسان وحقوقه التي اقرتها البشرية في الامم المتحدة, وان يكون اعادة البناء متناغماً ومنسجماً مع تلك التي ارتكزت عليها الامم ذات التواصل الحضاري المتقدمة في شتى مجالات ومفردات الحياة. وبأختصار شديد جدا تتطلب رؤانا للمستقبل وللحاضر لبناء الامة،ان تكون محورية كل ذلك هو وضع الانسان الفرد المواطن في الدولة والمجتمع والإيمان بحرية فكره وحقوقه كاملة. قبل مائة عام تقريباً عندما كان خير الدين التونسي والشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ينادون بالإصلاح والتغيير والنهضة في العالم العربي الإسلامي، كانت إمكانية اللحاق بالحضارة السّائدة نظرياً وعمليا ليست ببعيدة آنذاك. ولكن بالتضاد ولسوء الحظ سادت الثقافة القومية بنـَفـَسِـها العنصري وَوَأدت الحركة الفكرية الاصلاحية التي نادى بها رواد الاصلاح اولئك . فمنذ أوليات القرن العشرين وليومنا هذا , عجزت الثقافة القومية التي أغلقت كل النوافذ عمدا وتعمدا على الثقافات الاخرى سوى ما يتفق مع عنصريتها وشوفينيتها، عن تحقيق برنامج للنهوض ، بل كل ما طرحته هو التعويل على مشروع الوحدة الذي أريد له أن يكون مرتكزا ومنطلقا للنهوض والتقدم دون السعي أولاً لتأمين المرتكزات والعناصر الأساسية التي يتطلبها، وإن كل ما استطاعت هذه الثقافة من تحقيقه ، هو النقيض تماما لتلك المرتكزات. فلم تعطي غير شعارات جوفاء كانت السبب في قيام دكتاتوريات بغيضة و أنظمة تعيش دوماً زمنا متخلفا دون الآخرين ، معتمدة في بقائها على اجترار تلك الشعارات التي تهرأت من كثرة التكرار , فرغم إن شعوب المنطقة أيقنت بعبث مواكبة أنظمتها لهذه المسيرة بسبب ضخامة ما خسرته من تقدمها وتطورها ورفاهيتها كتضحية لتحقيق تلك الآمال العريضة في الوحدة ، فأن هذه الأنظمة تصر على السير في ذات الطريق الذي اصبح مرادفا لطريق التخلف والفناء، ولا أدل على ذلك من واقع الدول العربية الذي عكسته بشكل واضح تقارير الامم المتحدة للتنمية البشرية، حيث تؤشر بوضوح لا لبس فيه أن ما تسير عليه الدول العربية سيؤدي بشعوبها إلى الاضمحلال والتحلل. ورغم كل هذا فأن هذه الأنظمة مازالت تستمد شرعية بقائها وإصرارها على البقاء والحكم والتحكم بمصائر شعوبها، من شعارات تلك الثقافة و تنظيرات مفكريها. ولم تستطع هذه الثقافة أن تنتقد حالها وحال الحكام ممن كانوا نتاجها، ولا الحكام استطاعوا تلمس طريق الخلاص لإنقاذ الحال من الدرك الذي أوصلوا إليه شعوبهم ، ومن ثم التحرر من الأطروحات الجامدة و نبذ الشعارات الجوفاء. فالأنكى من ذلك، إصرار بعض المنظرين لسلامة النهج أو طرحهم حلولا خاوية ليس فيها سوى دغدغة لعواطف الشعوب، وتبريرا لنهج حكوماتهم...إن حاملي ومنظري هذه الثقافة هم المتنكرين للجوانب المشرقة للتراث العربي والإسلامي والإنساني، كونهم اغتربوا على فكر بسماركي، لذا تراهم اليوم اشد المدافعين عن صدام (بطل) القومية الأول كنتاج لفكرهم وثقافتهم ، متجاهلين ما أوصله وأمثاله من الحكام العرب، لحال شعوبهم إلى ما هم عليه ... إن كل المؤشرات والمعطيات تؤكد أن الوقت حان للشعب العراقي الضحية الكبرى لتلك الثقافات وشعاراتها التضليلية الزائفة، للخروج والانعتاق من قوقعتها وكسرالتحجر و التجمد و الانعتاق إلى آفاق ثقافة عراقية تلامس جذورها أوليات الاشراقات الحضارية للبشرية، لبناء عراق جديد حر،ونظام ديمقراطي تعددي فيدرالي ، يستمد شرعيته من دستور يحمل كل بصمات التنويعات الجميلة لمكونات شعبه القومية والدينية والاثنية، وما أنتجته ثقافاتهم، ومن تراثه الإنساني المتنوع ومما أفرزته مسيرة البشرية من قيم ومفاهيم التسامح والعدالة، متناغماً مع متطلبات الحداثة والعصر، وما وصلت إليه حقوق الإنسان من ارتقاء وتطور وتقدم لتأمين الحياة الحرة الكريمة والسعيدة التي يستحقها الإنسان العراقـي. لقد أثبتت الحياة ومن خلال مسيرة البشرية الشاقة وتضحياتها، طردية في التبادل والتنافذ بين إبداعات الفرد وعطاءاته الخيرة وبين محيطه الخارجي . فضلال وظلامية الفكر المتخلف الذي لايضع إعتباراً كافيا للانسان وحقوقه، لا تفرز غير التخلف والجوع والجهل والخراب. و هو واقع حال معظم الدول العربية والاسلامية حيث إنتهجت غالبية قيادات هذه الدول و تياراتها الثقافية ذلك الفكر الضلالي المتخلف. متنكرة لإشراقات ما تراكم للعرب من التراث الفكري المتقدم وما أتيح من تراكم الفكر الإنساني. على العكس من الاستبداد والجور، تكون الديمقراطية وما تمنحه من حرية وحقوق للفرد والمجتمع، حافزاً للخلق والإبداع و من ثم التقدم والتطور... إن القرن العشرين كان الفيصل الواضح والبَيّن لإتجاهين متضادين... فمنذ بدايته دخلت البشرية في مسارين متنافسين، لا يجمع بينهما غير التناقض و التنافر، سارا بخطىً، تشوبها وفي كل لحظة حالات الخوف والقلق من الفناء والعدم، دنت فيه ولأكثر من مرة، من حافة هاوية الدمار التام والشامل. ورغم ذلك فإن البشرية وبفضل جهود شعوبها، خاصة المتمتعة بحقوقها الإنسانية وحريتها وكرامتها ، قد حققت إنجازات علمية أضعاف ما حققته البشرية جمعاء عبر ترحالها على امتداد التاريخ . وقد أكد سعيها ذلك وجهودها، بديهية أن لا تقدم ولا تطور ولا إرتقاء للشعوب في هذا العصر، دون تمتعها بحقوقها الإنسانية ، في الوقت الذي تخلفت ومن ثم إنهارت فيه صروح الاستبداد والجور من الأنظمة الشمولية والدكتاتورية ، وتساقطت كأوراق خريفية صفراء وما بقي عالق منها، آيل للسقوط حتماً اليوم أوغداً، وبأسرع مما يتصوره المتشبثون بالمفاهيم والأفكار الباليه الشمولية والأحاديـة من متصحـري العقـول والسـلوك ...وغداً ستشرق شمس الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , ناشرة نورها في كل زوايا الظلم والظلام وبؤرها في المحيط العربي والإسلامي... من المؤسف والمؤلم جداً إن هناك أطرافا عراقية مازالت تعيش أسيرة شرنقة الموروث الوطني، هادفة الى حكم البلاد حكما ثيوقراطيا متخلفا وراهنة مواقفها الوطنية لإمتداداتها الجوارية ، رغم كل الحقائق والوقائع التي أفرزتها الاعمال الارهابية داخل العراق بما لايدع أدنى شك بتدخلات الجوارالسافرة بالشأن الداخلي لإفشال المشروع الديمقراطي العراقي وبالتالي الامريكي في الشرق الأوسط ، لضمان بقاء النظامين الايراني والسوري الشموليين وضمان سيادة الفكر الثقافي المتخلف واستمرارعبث التطرف الاسلامي في المنطقة والعالم، ولديمومة النظام العربي والاسلامي السائد بتقاليده واساليب حكمه المتوارثة. إن رؤى هذه القوى العراقية توقفت عند القرن الماضي ولم تستطع او بالاحرى لم تود ان تساير متغيرات القرن الحالي ولم تر او تدرك المنعطف الكبير للبشرية بعد احداث 11 ايلول 2001 واستمرت بتشبثها بمعطيات زمن الحرب الباردة. ولابد انها ادركت جيدا ان هذا القرن ومابعد ايلول 2001 لايتفق ولايحقق آمالها لأن سمته هي التخلص من انظمة الحكم الشمولي وإحلال الديمقراطية والحرية بما ينسجم مع متطلبات العالم في امن الشعوب وحقوق الانسان ودرء خطر الارهاب عنها وما تقتضيه العولمة وفتح الحدود أمام التجارة العالمية . إن مواقف وتصرفات وقرارات القوى الاسلامية العراقية وخاصة المؤتلفة مع الكورد لاتبعث على الاطمئنان. إذ ان موقفها من الفيدرالية يؤكد تراجعا عن التزاماتها السابقة في مؤتمرات المعارضة وما نص عليه قانون ادارة الدولة المؤقت. وطرحهم فيدراليات الجنوب في ذروة ترقب الشعب العراقي لدستوره العتيد، يوضح ان هذه الكتلة تتعامل في مسألة الدستور باسلوب المناورات والضغوط لتحقيق مآرب غير مطمئنة . هناك حقيقة تأريخية وهي ان الفيدرالية تلم وتوحد شعوب متفرقة ولم يحدث حسب علمنا ان تحولت دولة قائمة تاريخيا الى دولة فيدرالية. وهذا ما ينطبق تماما على العراق. فالعراق هو الوسط والجنوب وله امتداده التاريخي. اما الكورد فقد ألحقوا عنوة بمؤامرة التقسيم التي تعرضت لها المنطقة في اتفاقية سايكس بيكو. ومنذ ذلك الوقت ولحد يومنا هذا لم تكن كوردستان جزء من العراق، وهذه الحقيقة يتوجب فهمها من قبل كل العراقيين. فجميع الحروب التي شنتها سلطات بغداد العنصرية كانت تهدف الى الحاق كوردستان وضمها عنوة الى العراق . وقد لجأت الى التطهير العرقي وتغيير ديموغرافية مناطق من كوردستان ناهيك عن سياسة العزل الاجتماعي التي كثيرا ما لجأت اليها هذه السلطات. إن واقع كوردستان في علاقته مع العراق لايمكن إعتباره جزء من العراق. فمثل هذا الاعتبار له مقوماته التي لم تتوفر في حالة العراق من كوردستان. اما اعتبار الحرب والتدمير هو مقوم كوردستان كجزء من العراق، فما هو الا ضحك على الذات قبل ذقون الاخرين. الشيء الغريب ان القوى الاسلامية ستكون سببا لتجزئة العراق وذلك بإقتراحها فيدرالية الجنوب في دولة هي موحدة بالأساس وهي سابقة في تاريخ الفيدراليات، فيما يهدف الكورد الى توحيد العراق باتحاد فيدرالي ينضم فيه إقليم كوردستان الى العراق ويقيم العلاقة على اساس دستوري و قانوني متفق عليه، ليطوي صفحة محاولات الضم القسري ومآسيها وجراحها وآثارها التي ابتدأت مع اتفاقية سايكس بيكو. قراءة دقيقة لمسودة الدستور وماورد فيها من تلغيم اسلامي تؤكد عدم سلامة نوايا القوى الاسلامية وعدم صدق توجهاتها التي تدعيها بشأن الديمقراطية. فمن المرأة الى رهن القوانين بمدى توافقها مع الشريعة والى امتيازية رجال الدين. كل ذلك يكشف انها تهدف لتأسيس نظام حكم اسلامي، متجاهلة حصيلة الحكم الثيوقراطي في كل من السعودية وايران وما تسببته في ظهور المنظمات الارهابية وانتشارها في ارجاء العالم. فهذه التنظيمات ترعرت ونمت وتخرجت برعاية مباديء واخلاقيات وقيم وثقافة النظام الثيوقراطي المقيت وحده . إنْ لم تنظر القوى الاسلامية السياسية الى مايدور في العالم وتقرأ بعقل منفتح قصة الصراع بين الدين والحرية، فأنها ستؤسس لصراع ستكون هي الخاسرة فيه .. وللنتظر ما سيأتي به الغد.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |