الدستور الجديد سيكتب في الأنبار

 

د. لميس كاظم

 

 حين تطوع الشيخ احمد خنجر، ومعه نخبة من العراقيين النشامة، للدفاع عن العوائل الشيعية القاطنة في مدينة الرمادي، إيمانا منهم بأن تلك العوائل هي عوائل عراقية الأصل وتربطهم فيما بينهم رابطة الأنتماء للوطن والعشرة الاجتماعية والتأريخ المشترك والعقيدة ولذا لايجوز ذبحهم على الهوية أو على انتمائهم الطائفي كما يفعل الكفرة والارهابيين. فهب الشيخ الجليل ورفاقه بصدق المشاعر الوطنية مع اخوته الشيعة للدفاع عن تلك العوائل العراقية. لقد توحد ابناء الشعب العراقي من الشيعة والسنة للدفاع عن اهلهم ضد الكفرة لكن قادتهم لازالوا مختلفين.

 وللتذكيرفقط فأن هناك حوالى أكثر من أربعة الأف عائلة شيعية تقطن الأنبار وبقية المدن التي اصطلح الساسة الجدد تسميتها، المناطق السنية، وكم امقت تلك التسمية، التي تفرق بين ابناء العراق.

  أسقط الشيخ الجليل ورفاقة بدفاعه هذا، كل تلك الادعاءات السقيمة التي تحاول ان تجد شرخا بين ابناء العراق وايجاد الذرائع لتفريقهم تحت قيادة من النخب العراقية التي تحاول ان تعلى من سقف مطاليبها الواهية لتغذي وتبرر عزل أبناء العراق عن بعضهم البعض بحجة الطائفة او القومية.

  أننا نحن أبناء حضارة حمورابي الدستورية. لقد شربنا من ماء عذب واحد وأكلنا من ثمار هذه الارض العراق المعطاة وتعايشنا بملسة مشرعنا العظيم حمورابي بدون خلاف وعلى مدى الألأف السنين لم نفرق بين هذا وذاك إلا على حبة وخيانته لتك التربة العراقية الطاهرة الممتدة من اعلي الجبل الى ادنى اهوار الجنوب.

  لقد كان دفاع الشيج الجليل عن أبناء جلدته ليس لكونهم شيعة او سنة بل لكونهم سيقتلون ظلما وبدون اي ذنب اقترفوه، سوى انهم ولدوا عراقيين من اجداد ينتمون الى سلالة الرسول محمد، وعاشوا بود وسلام مع اخوتهم المسلمين المنتسبين لنفس الديانة. لم ينتظر الشيخ الجليل وهو يدافع عن اهله تثمين او مأثرة او وسام او موقع حكومي، بل تيقننا منه بأن نضاله هذا هو ضد القوى الظلامية التي تحاول ان تغرق العراق بمفردات وشعارات جديدة وبعيدة عن سليقة العراقيين. ان شيخنا الجليل على يقين، كما نحن ايضا، من أن السيارت المفخخة المتجولة في بغداد مثلا، لم تمييز بين المتجمهرين كونهم شيعة او سنة، بل تُفجر تلك السيارة لتحصد ارواح اكبر عدد من المجتمعين حول لقمة العيش او الرزق. ويكون ضحيتها عراقيين من كل الطوائف والأديان.

  لقد دحض الشيج الجليل ببسالته تلك، كل الادعاءات والهتافات التي تصرخ هذه الأيام لتقسيم المدن العراقية وعزل ابناء المدن المتزاوجين من الشيعة والسنة والكرد وتسميمهم بمفاهيم كاذبة تبيح للشوفينين والعروبين والقوميين والمتطرفين لتحقيق شعاراتهم المسمومة لتقسيم العراق الى اقاليم ومقاطعات وولايات لتضع خطوط حدود مصطنعة بين ابناء العراق وتصبح مستقبلا حواجز نفسية وكونكريتة يصعب ازالتها بين ابناء العراق.

  نحن امام مشهد غاية في الخطورة، فمنهم من يريد ان يصب الزيت الطائفي فوق نار السلم الاهلي لتلتهم كل المدن العراقية، ويكون وقودها أجساد من ابناء العراق من الشيعة والسنة والكرد وبقية الطوائف والقوميات. ومنهم من يحاول ان يخمد نار الطائفية بدمائه الزكية. فلأول مرة في تأريخ العراق السياسي يتسنى للعراقيون التفاوض سلمياً على السلطة ولكن بلغة الدم . فالسيارات المفخخة تسير على طاولات المفاوضات والانتحاريون يتخفون خلف كراسي المفاوضين ويدهم على صاعق التفجير، وكلما تعثرت المفاوضات يزداد عدد الكابسين على تلك الصواعق لتلحق اكبر عدد من القتلى والحرجى من ابناء جلدتهم ليصل الى رقم قياسي فاق كل المقاسات والتضحيات الوطنية.

  لقد اسقط الشيخ الجليل بدفاعة، هذا كل الحجج الواهية، التي روج لها تجار الكلمات الثورية والهاتافات المنمقة، العالية التردد، الذين يتهالكون لتقسيم العراق وتقطيعه اربا مثلما تقسم المتفجرات الجسد العراقي الى قطع متناثرة تتطاير بين في هواء الحرية.

  كما غافل الشيج الجليل كل لجنة كتابة مسودة الدستور وخط بدماء شهدائه أسم مسودة الدستور العراقي الجديد الذي امتزج فيه دم الشيعي والسني المدافعين عن أبناء العراق ضد الكفرة والأرهابيين الذين لا دين ولا وطن ولا قومية لهم. انك يا شيخنا الفاضل لقد سرقت السبق الوطني من كل الذين يتناقشون ويتفاوض ويختلفون ويساومون لنيل اكبر الحصص من جسد العراق الجريح.

 أنك اردت ان تقول لقادة العراق الجدد:

 تعالوا معي الى الانبار ...لا لنقتحم المدن وندمرها ونقتل أهلها ونتخاصم ونتباعد ونكتب دستورا يفرق بين المدن العراقية والاخوة العراقية بل لنتصالح ونتعانق وننسى ما حصل.

 تعالوا معي الى الأنبار ....لنكتب دستورا عراقيا جديدا لانفرق بين شيعي وكردي وسني ومسيحي وصابئي وارمني وشبكي وأيزيدي وأشوري وكلداني فكلهم ابناء جد واحد هو حمورابي الذي سن لكم اول دستور وللعالم أجمع. ذلك القاضي العراقي الذي لٌمَ أبناء جلدته وخرج للعالم بدستور يحمي أبناء وطنه ويعزز اخوٌتهم والذي اصبحت مسلته فيما بعد نبراسا لكل البشرية جمعاء.

  تعالوا معي الى الأنبار... لنكتب دستورا يكون اساسة التسامح ونبذ الأحقاد فيما بيننا ولنعش متأخين متصالحين ولن نسمح لمن هب ودب ان يفرق بيننا.

  تعالوا معي الى الانبار ...لندفن الماضي الشمولي البغيض والحاضر الطائفي القميئ ونكتب اول صفحة في دستور العراق تكون حروفها مخطوطة من دماء كل أبناء العراق الشرفاء الذين استرخصوا ارواحهم لحرية العراق. فشهداء الانبار وبغداد والحلة واربيل هم كلهم عراقيون.

  تعالوا معي الى الانبار... لنحفر ابواب الدستور الجديد بتراب الارض العراقية الطيبة. فإننا بأمس الحاجة لإعادة ذلك العقد الإجتماعي العراقي الجميل الذي زاوج الشيعي والسني واَخى بين العربي والكردي.

  تعالوا معي ايها القادة الجدد... لنكتب دستور يعيد لحمة الود الاجتماعي بين ابناء العراق فيما بينهم بعد أن فرقتهم الحروب والقادة الشمولين والساسة المتطرفين والافكار الجديدة.

  اراد شيخنا الجليل ان ينهي مأثرته تلك بتنبي قادة البلد الجدد، بمفردات بسيطة جدا يفمها المثقف والبسيط، فيقول:

 بأنكم لن تكتبوا دستورا عراقيا حقيقا على الورق بالشعارات والمطاليب والحقوق وأبناء العراق متحاربين، مفترقين، متخاصمين،متنافرين. لنجلس ليس في اروقة المنطقة الخضراء الباهرة بل على حصيرة عراقية، نسجتها فلاحة عراقية طيبة، ونمدها على ضفاف نهر الفرات ونتحاور بعيد عن كل الغرباء والطامعين بثرواتنا ونكتب دستورا يوحدنا ويجعلنا شعب واحد ويد واحدة ومصلحة واحدة وعراق واحد قوي متعافي.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com