|
فضيحة الدبلوماسية العراقية زهير كاظم عبود قبل سقوط صدام في العام 2003 وصلتني صورة الملف التحقيقي الكامل لعملية أغتيال الشهيد طالب علي السهيل (شيخ بني تميم)، من قبل عناصر السفارة العراقية في بيروت المرتبطة بجهاز المخابرات العراقية (منذ بدء التحقيق الأبتدائي والقضائي والقرارات الجنائية)، وحسب الأعترافات المدونة خطياً من قبل المتهمين بأشراف المديرية العامة لقوى الامن الداخلي والمصدقة من قبل قاضي التحقيق اللبناني السيد عبد الله البيطار. حيث تبين من مجريات التحقيق ضلوع كل من هادي نجم حسوني ومحمد فارس كامل كاظم وخالد علوان خلف وعلي سلطان درويش بالأشتراك في تنفيذ عملية قتل الشهـــيد طالب علي السهيل (شيخ بني تميم) بأمر من رئاسة جهاز المخابرات العراقية – المركز العام، بناء على أوامر من الجهات العليا (صدام حسين وولده المقبور قصي). وتم تنفيذ عملية الأغتيال بعد الساعة التاسعة مساء في شقة المغدور في بيروت بعد ان سهل لهم المتهم جورج بوزاد ترجانيان الأرمني المهمة بتسليمهم قمصان الشهيد بحجة ايصاله والغدر به بعد ان فتح لهم باب الشقة ليتم اغتياله بأطلاقات من مسدس كاتم للصوت. المتهمين الرئيسيين في هذه القضية هم كل من : المتهم محمد فارس كامل تولد 1958 يسكن بغداد يعمل مستشاراً ثقافيا في السفارة وهو المسؤول عن جهاز المخابرات العراقي ويرتبط بجهاز المخابرات في بغداد برتبة نقيب مخابرات. المتهم هادي نجم حسوني تولد 1967 بغداد ملحق دبلوماسي وعنصر من عناصر المخابرات العراقية يرتبط بالمتهم الأول (وهو المنفذ للعملية). خالد خلف علوان تولد 1957 بغداد يعمل سكرتير ثالث في السفارة العراقية وعنصر من عناصر المخابرات العراقية ويرتبط بالمتهم الاول (سلب الله روحه قبل تمكنه من الفرار). علي درويش سلطان تولد 1960 قنصل عام في السفارة العراقية ويعمل عنصر في جهاز المخابرات العراقي ويرتبط بالمتهم الأول. وبعد ان تم القبض على عنصر المخابرات الأول أعترف خلال الساعات الأولى لتوقيفه اعترافاً صريحاً دون ضغط أو اكراه، حيث تم توقيفه وأصدار امر القبض بحق بقية المتهمين وفقاً للمادة 549 من قانون العقوبات اللبناني والمادة 72 من قانون الأسلحة. قمت بتدوين ملخص للتفاصيل الواردة في اقــوال المتهمين الصريحة والواضحة ضمن كتابي (مخابرات صدام وأغتيال شيخ بني تميم طالب السهيل) الصادر عن دار الحكمة في لندن 2004 بعد ان كنت قد نشرت فصوله قبل ذاك في مجلة الحقوقي لسنة 2003. قام المدعو (عوض فخري ويعمل بصفة القائم بالأعمال وهو عنصر من عناصر المخابرات العراقية وعضو فرقة في حزب البعث) بنقل المتهمين بطريقة أخفائهما في صندوق السيارة الدبلوماسية، وقصد بأتجاه مطار بيروت الدولي لتمكينهما من الهروب، فتمت متابعته من قبل الأمن اللبناني وضبطه والقبض على المتهمين، وغادرالمتهم عوض فخري الأراضي اللبنانية الى العراق بناء على قرار لبنان قطع العلاقات مع العراق. واللافت للنظر في هذه القضية أن لبنان اوقف الأجراءات القانونية بحق القتلة بزعم تمتعهم بالحصانة الدبلوماسية، بالرغم من أعترافهم بأنهم عناصر في جهاز المخابرات العراقي، وأن عملهم الدبلوماسي غير حقيقي وللتستر على المهمات المخابراتية المناطة بهم، وتم ترحيلهم الى العراق عن طريق سورية. أن نص المادة العاشرة من قانون العقوبات العراقي النافذ تسري على كل عراقي ارتكب وهو في خارج العراق فعلاً يجعله فاعــلاً أو شريكاً في جريمة تعد جناية أو جنحة بمقتضى القانون، يعاقب طبقاً لأحكامه اذا وجد في اراضي العراق وكان ما أرتكبه معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي وقع فيه. وأوضحت الفقرة الثانية من المادة (12) من القانون سريان القانون كذلك على كل من ارتكب (في خارج العراق) (من موظفي السلك الدبلوماسي العراقي) جناية أو جنحة مما نص عليه في هذا القانون ماتمتعوا بالحصانة التي يخولهم أياها القانون الدولي العام. لم تتخذ الأجراءات القانونية بحق المتهمين القتلة لحد اللحظة، كما لم يتخذ الأجراء القانوني بحق المتهم (عوض فخري) الذي لم يتم اجراء التحقيق معه في بيروت بسبب قيامه بتهريب المتهمين ومن ثم هروبه من لبنان بسرعة، وأن لم يكن له علم بالجريمة وتفصيلاتها كما يفترض بجميع عناصر المخابرات الضالعين في الجريمة، حيث كان قد زار المتهم الأول عند القبض عليه ووجده قد اعترف فأسقط في يده وقد اخبره المتهم ان اعترافه تم دون ضغط او اكراه اوتهديد وأنما كان صريحاً وبأرادته، كما ان تهريب المتهمين من العدالة اللبنانية يوحي علم القائم بالأعمال بأرتكاب الجريمة وضلوعه فيها شريكا، كما يفترض به بأعتباره احد اعضاء شبكة المخابرات أن يكون له دور معين مثل الباقين، وفي اقل الأحتمالات أنطباق نص المواد (271 و 273) من قانون العقوبات التي تعاقب كل من ساعد المتهمين مع انه مكلف بتنفيذ القبض عليهم ومساعدة العدالة، وكذلك كل من ساعد أخفى أو آوى بنفسه او بواسطة غيره شخصا صدر بحقه امــــر بالقاء القبض أو متهما في جناية او جنحة، وهو ما أقـــدم عليه المتهم عوض فخري حين وضع المتهمين في صندوق السيارة (الدبلوماسية) أعتقاداً منه عدم امكانية تفتيشها ومراقبتها. الفضيحة في الدبلوماسية العراقية تكمن ليس فقط في عدم اجراء التحقيق مع المتهمين المذكورين، وعدم مسائلة المتهم عوض فخري عن أي قضية، وبالعكس الفضيحة تكمن في حماية عوض فخري من التبعات القانونية في الجريمة و مكافئته بتنصيبه مديراً عاماً لدائرة الشؤون العربية في وزارة الخارجية. أن بقاء القتلة والمتهمين في قضية الشهيد طالب علي السهيل مطلقي السراح يسرحون ويمرحون تحت انظار السلطة يشكل علامة استفهام كبيرة، ويجعل الشك يأكل قلوب العراقيين، فأدوات صدام حسين البائد لم تزل تتمتع بالحصانة لم يطلها لاقانون اجتثاث البعث ولا سلطة القانون والقضاء في العراق، وستبقى سلطتهم أقوى من سلطة العدالة وهيبة القانون. وهم يسجلون جرأة متناهية في تحدي العراقيين وسلطتهم وبرلمانهم المنتخب، أذ لايوجد غيرهم من يقود مؤسسات الدولة، في زمن عز فيه الرجال وكثر فيه الضحايا والشهداء. وأمثال عوض فخري ينتشرون في مفاصل الدولة العراقية دون حسيب او رقيب، وبالعكس فأنهم يتم الأعتماد عليهم ويتم تفضيلهم على من جاهد وناضل وكافح ضد الزمن الصدامي البغيض، وهي ظاهرة ملفتة للنظر حقاً، حين ينشغل العراقي بلم اشلاء الضحايا وأنعدام الأمن وشحة العمل والخبز والمنتجات النفطية وتلوث المياه والحدود السائبة وتكالب الأعراب من البهائم المفخخة، يتسلل الى مفاصل الدولة بيسر وسهولة تحت أنظار السلطة العراقية الجديدة.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |