|
هل صحيح أن كارثة على وشك الوقوع؟؟!!
عزيز الحاج
ليس هذا مقالا بل كلمة قصيرة أشبه برسالة برقية مرسلة لمن يهمه الأمر! هذه مجرد أسطر عاجلة منبعثة من مخاوف حقيقية وقلق مرعب بعد سماع وقراءة التقارير عن موافقة أمريكية على جعل الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وليس مجرد واحد من المصادر. أرجو من القلب والأعماق أن يكون الخبر غير دقيق. أرجو ألا يكون السيد زلماي خليل زاد، السفير الأمريكي في بغداد، راعيا لقيام نظام ديني في العراق وكأنما العراق أفغانستان التي ينتمي لها، بينما سنذكر بريمر، ورغم كل أخطائه، بالرجل الذي وقف بحزم وثبات ضد فرض الشريعة على الأحوال المدنية كتمهيد لفرض نظام إسلامي أقرب لإيران! وأرجو أولا ألا تنخدع القيادات الكردية بالوعود عن الحصص النفطية وتقاسم الثروات وفيدرالية مشوهة. القيادات الكردية ذات خبرة غزيرة وقد برهنت دوما على حرصها على المصالح الوطنية العراقية كلها وعلى مستقبل العراق ككل. ومع ذلك فالمطبات والفخاخ كثيرة جدا، وأرجو أن لا يكون لتغيير محتمل في الموقف الأمريكي دور حاسم في تغيير الاتجاه السياسي والاجتماعي والفكري المعروف عن الجبهة الكردستانية من أجل نظام ديمقراطي ليبرالي مدني وفيدرالي في العراق. قلقي وخوفي كبيران جدا. فيا ليت الخبر كاذب ومجرد بالونة اختبار من أطراف "الائتلافيين". أذكر أنه فور قيام مجلس الحكم سألت زعيما كرديا كبيرا: " ألا تعتقدون أن تحالفكم المتين مع المجلس الأعلى ينطوي على محاذير؟" كان ذلك والمرحوم محمد باقر الحكيم على قيد الحياة. كان الجواب متفائلا ومطمئنا. ومضت فترة بعد فترة، وجاءت الانتخابات فإذا بالإشاعات اليومية تتطاير بعدها عن "عرقلة الأكراد" لتشكيل الحكومة بسبب ما نسب لهم من تشدد في المطالب. وانجلت الأمور بعد حوالي ثلاثة شهور ليتجلى أن أصحاب المطالب التعجيزية كانوا هم أطراف الائتلاف ولاسيما المجلس الأعلى بطمعهم في انتزاع معظم المناصب الرئيسية. فحصلوا على منصب رئاسة الوزارة ونيابة رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية وعدد كبير من الوزارات وثم رئاسة اللجنة الدستورية. ثم أطلق السيد الحكيم بالونه عن الفيدرالية الشيعية والغرض الحقيقي هو قطع الطريق على الفيدرالية الكردستانية، [التي سبق أن وافقوا عليها في عشرات من الاتفاقات والمؤتمرات قبل سقوط صدام مثلما تظاهروا بتأييد قيام النظام الديمقراطي]، وتشكيل ضغط على الأكراد للقبول بنظام ديني مقابل تقديم الوعود الدستورية عن بعض من مطالب الشعب الكردي. كان على القيادات الكردية تغيير استراتيجيتها بعد الانتخابات واكتشاف عراقيل ومناورات الائتلافيين ونواياهم الحقيقية المعادية للديمقراطية والعلمانية الليبرالية. كان عليها أن تغير استراتيجيتها نحو تشكيل أوسع تجمع ديمقراطي عراقي لا لمعارضة الحكومة بل للوقوف في وجه مشاريع الإسلام الطائفي الظلامي، ومن أجل النظام الديمقراطي الفيدرالي الصحيح بعيدا عن هيمنة رجال الدين ومؤسساته وعن فرض أحكام الشريعة على الشؤون الزمنية للعراقيين. لا أدري وهذه السطور تكتب، أين يقف العراق اليوم، وأية مسودة دستور ستقبل بعد أن رفض الجميع مع الأسف أحد الخيارين السليمين وهما إما تمديد الفترة بمدة مناسبة وإما جعل الدستور المؤقت هو دستور الفترة القادمة أيضا ولحين انتهاء الانتخابات القادمة ومن ثم تكليف البرلمان القادم باختيار لجنة مسؤولة لصياغة الدستور الدائم في جو هادئ وعلى "نار هادئة" كما يقال. كلمتي ليست عن مسؤولية الإرهابيين البعثيين وحلفائهم السلفيين الدمويين، فقد كتبنا عن ذلك الكثير، وإن هذا الإرهاب المدعم من دول كإيران وسوريا هو المسؤول الأول عن تفاقم الحالة منذ سقوط صدام وتعثر العملية السياسية. وكذلك دور الأطراف التي قاطعت الانتخابات ليعود فريق واسع منهم اليوم للدعوة للمشاركة في الانتخابات القادمة. كلمتي تتحدث عن مسؤولية الأطراف الحاكمة اليوم، ومسؤولية الائتلافيين على وجه الخصوص. مرة أخرى يا ليت الخبر كاذب والمخاوف غير مبررة. يا ليت ويا ليت!
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |