ورطة محسن عبد الحميد .. بين كرديته وتمثيله للسنة العرب

 

علي الشلاه

كاتب واكاديمي عراقي

مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري

erde4uns@hotmail.com

 

 

في فترة حاسمة من تاريخ العراق وفي ساعات مصيرية تجري فيها مناقشة مسودة دستور البلاد الدائم لوحظ غياب الشيخ محسن عبد الحميد ( وهو رجل دين سني كردي مستعرب يتزعم الحزب الاسلامي العراقي، وهو معروف كذلك بطروحاته الطائفية اثناء تمثيله السنة العرب في مجلس الحكم وقبلها لدى عمله في خدمة الاجهزة الامنية في نظام صدام حسين كما اوضحت وثائق دامغة نشرت بعد سقوط الدكتاتورية ) ولاريب فان سبب غياب الشيخ يعود الى حيرته الكبيرة بين الاستجابة لأبناء جلدته الأكراد الساعين الى الفدرالية بكل قوة واصرار وبين زملائه المتشددين في الحزب المدعومين بجهات طائفية عراقية وغير عراقية مشابهة خارج الحدود تسعى الى دولة مركزية يحكمها السنة العرب على النموذج الصدامي لكن بتجميل ديكوري بسيط يتناسب والأضواء المسلطة على العراق اليوم، وهو ما دعى الشيخ الى تجنب الأضواء وترك التصريح والصراخ والزعيق الطائفي العنصري لنوابه وصبيانه، وهو امر شديد جداً عليه لأنه عرف بحبه للأضواء وسعيه لها حتى اذا حضر بصفة مترجم اذا تعذر ان يكون متحدثاً رئيسياً كما حصل في ترجمته لزميله في مجلس الحكم السيد مسعود البرزاني الذي اصر على ان يتحدث الكردية في احدى مناسبات مجلس الحكم فتطوع محسن عبد الحميد للترجمة له متناسياً تساويهما المفترض في الدرجة الرسمية كونهما عضوين في مجلس الحكم وكل منهما يمثل طرفاً بيناً في المعادلة العراقية لكن الفرق بينهما هو صدق البرزاني ووضوح رؤيته واهدافه الأمر الذي يفتقر له عبد الحميد .

ويقول مقربون من الحزب الاسلامي ان خلافات حادة قد نشبت بين قيادات الحزب المذكورعلى خلفية موضوع الفدرالية ويعتقد عدد من قيادات الحزب ان انكفاء عبد الحميد في موضوع الدستور بسبب تناقض مواقفه قد ابعد الحزب عن زعامة السنة العرب واتاح الفرصة لبعض العلمانيين السنة وفي مقدمتهم صالح المطلك لاغتنام الفرصة ولعب دور اهم وأخطر من دور الحزب الاسلامي المفترض، وتمت تسوية الخلافات جزئياً ولو متأخراً وذلك بقبول فدرالية كردستان ورفض فدراليتي الفرات الأوسط والجنوب التي يطالب بها بعض العرب الساكنين فيهما، وهو امر محرج فعلاً لكل ذوي النهى فاذا كانت الفدرالية خيراً فلماذا تقتصر على الأكراد ويحرم باقي اخوانهم العراقيين منها واذا كانت ضراً فلماذا لايدفع هذا الضر عن الأكراد ايضاً ؟

ولذا قرر الشيخ محسن عبد الحميد الهرب من هذا المأزق بالاختفاء تماماً خصوصاً بعد ظهور فئة من مشايخ الانبار تريد هي الاخرى نظاماً فدرالياً حتى وان كانت منطقتهم فقيرة وصحراوية اعتماداً على وعد الدستور لهم بتساوي توزيع الثروات على المحافظات والأقاليم كافة .

انه لمن المؤسف حقاً ان يتعامل بعض الساسة العراقيين بهذه الأنانية والسلبية وان لايفضلوا عراقيتهم على كل ماعداها رغم انهم يزعمون غير ذلك ويمثلون ادواراً وطنية هم ابعد مايكونون عنها، وان القواعد الشعبية والحزبية يجب ان تنتبه الى هؤلاء الانتهازيين الذين يوهمونهم بحقائق ثلجية سرعان ماتذوب في صيف العراق اللاهب.

 ان على محسن عبد الحميد ان يظهر في وسائل الاعلام فوراً ويطلعنا على رأيه في المسائل الخلافية علناً لأن الشعب العراقي لايمكن ان يستغفل مرة اخرى ولن يثق بالهاربين من استحقاقات الوطن ومستقبله، فكيف يتزعم فرد ما حزباً يزعم تمثيل السنة العرب في مرافق العملية الدستورية ثم يتغيب زعيم الحزب المزعوم عن مناقشة الدستورالذي هو اهم مايناقش في تاريخ الوطن؟

 ان الحزب الاسلامي مطالب بالوضوح التام في هذا الأمر وان على قيادة الحزب ان توضح لنا موقفه وموقفها منه اذا أصر عبد الحميد على الغياب وبعكسه سيكون الحزب كله ليس اهلاً للاحترام .

جميل ان تربح الطائفة والقومية لكن الأجمل والأروع ان نربح العراق .

 

 



 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com