المتتبع للساحة العراقية و ما أفرزته الأحداث بعد سقوط صنم جرذ العوجة في ساحة الفردوس يوم 9 _ 4 _ 2003 يفاجأ بكثير من المواقف و التصرفات من هذا الطرف أو ذاك , و مجال الحرية التي منحت لعامة العراقيين بعد سنين من القهر و الظلم في ظل حكم الطاغية العفلقي البعثي الصدامي , أفرز لنا مجاميع كانت من سنخ النظام بل هم النظام الصدامي بعينه , نراهم يتحدثون بالوطنية و حب الأوطان و حرية الرأي و الدفاع عن المظلومين !! بل نراهم قد وصلوا الى حد اتهام أشراف العراق الغيارى بأنهم غير وطنيين !! و هذا هو المضحك المبكي هذه الأيام و من هوان الدنيا على الله أن يصل بنا الحال الى ما وصلنا إليه , إذ أمسينا نعقد الاجتماعات و اللقاءات من أجل إثبات وطنيتنا و حبنا للوطن و حرصنا على شعبنا !! كل ذلك أمام حثالات من أزلام البعث الصدامي . و كان الأجدر بنا بل من المحتم علينا أن نضع أصابعنا بأعين أولئك القتلة و لجم أفواههم العفنة بحقائق ما تزال عنا غير بعيدة , حقائق جرائم بعثهم الشوفيني و فكرهم الرذيل و آرائهم السقيمة و التي لم تجلب لنا غير الدمار و البؤس و الحرمان و آلاف من المقابر الجماعية و الفجائع المروّعة و أسكنوا اللوعة في قلوب الأرامل و الأيتام .. لم يتعظ أولئك القتلة بما وصل إليه حالهم من فضيحة و عار من جرّاء اتباعهم لذلك المنهج السقيم و المسلك المنحط , بل أمسوا هذه الأيام يجاهدون من أجل إعادة فكر البعث بحجة أنه فكر مثل بقية الأفكار و حزب من بقية الأحزاب و عليه أن يتمتع بكامل الحرية الممنوحة لكل القطاعات السياسية و الأحزاب العراقية , و يريدون أن يعطون شرعية لفكرهم من خلال أن تصرفات منتسبي حزبهم المقبور لا علاقة له بفكر البعث !!! و تجسد هذا المفهوم لديهم هذه الأيام من خلال مشاركة بعضهم في لجنة إعداد الدستور العراقي .. حيث يطالبون بإزالة فقرة ( اعتبار فكر البعث الصدامي فكرا عنصريا إرهابيا و لا يمكن قبوله مطلقا بأن يعود من جديد بهذا الاسم أو بأي اسم آخر ) و ما زالوا مصرين على موقفهم لهذه اللحظة عشية التصويت على مسودة الدستور يوم غد الأحد 28 _ 8 في الجمعية الوطنية . و أجد من الغرابة أن يمر هذا التعنت من قبلهم و هذه الوقاحة منهم على أعضاء الإئتلاف العراقي الموحد على وجه الخصوص من دون أن يلجمونهم و يسكتونهم , و هم من يملكون الأدلة الكافية لإدانة البعث و فكر البعث و أزلام البعث !!

أتساءل .. هل تم إنصاف ذوي الشهداء و إرجاع بعض الحق إليهم ؟ هل تم تعويض السجناء السياسيين ؟ هل تم إنزال العقوبة بحق من ارتكب المجازر بحق أبناء الشعب العراقي ؟ .. هل تم كل ذلك ؟؟ حتى نصل الى مناقشة فكرة إرجاع فكر البعث و أزلام البعث من جديد في عراق ما زال يئن من جرائمهم و ما ارتكبوه من مجازر لم يحدث لها مثيل مطلقا في تاريخنا المعاصر بشهادة كل العالم المنصف .

الإجابة أجدها متجسدة بشخص و فكر رجل جريء ووطني شهم شجاع ضحى بولديه من أجل كلمة صادقة حرّة قالها و من أجل موقف لم يتغير قبل و بعد محاولة اغتياله و مقتل ولديه .. هذا الرجل هو السيد (مثال الآلوسي) الذي أكن له كل الإحترام و التقدير لمواقفه الثابتة و آرائه الصريحة , حينما أسمعه يتحدث أطرب لسماع صوته و أتشوق لسماع رأيه و أحرص جاهدا أن أستمع الى كل مفردة و فكرة ينطق بها , لما فيها من الحقائق التي يتخوف الكثير من البوح بها و لما فيها من المصداقية بالطرح مبتعدا عن كل ما يمت للطائفية و العنصرية بصلة .. و بحق أقول .. أنه يحمل صفة المواطن العراقي بكل أطيافه و قومياته و طوائفه .

هذه الليلة استمعت إليه في مقابلة من على شاشة الفضائية العراقية محاورا أحد أعضاء ما يسمى ( مجلس الحوار الوطني ) المدعو ( كمال حمدون ) و هو من ضمن الأعضاء (15) الذين تم إلحاقهم بلجنة إعداد الدستور من أجل إشراك الأخوة السنة العرب ( هذا إن صح أنّ لجنة الحوار تمثل السنة العرب ) لأن السيد مثال الآلوسي قد أماط اللثام عن حقيقة أنهم لم يخوّلوا من قبل مناطق الأخوة السنة العرب , بل أعضاء لجنة الحوار هي من ادّعت ذلك , و كما قال الآلوسي .. أن جامعة الدول العربية و بعض الأنظمة العربية المحيطة بالعراق هي من تدعم هذه اللجنة , و حقيقة الولائم و الدعم المادي و المعنوي و السياسي و الإعلامي معا لهذه اللجنة أكدّها ( مثال الآلوسي ) ..

ثم ذكر الآلوسي حقيقة هذه اللجنة و كذلك مجلس الحوار اللاوطني , فقال .. بأنّهم مزيج من البعثيين و السلفيين التكفيريين , و تساءل الآلوسي موجها كلامه لـ ( كمال حمدون ) .... هل تعتبر من كان سكرتيرا لـ ( ساجدة طلفاح ) يمثل السنة العرب ؟ ... و هل تعتبر من كان بعثيا ذو درجة حزبية عالية يمثل السنة العرب ؟؟ و هل السلفيين التكفيريين كذلك ؟؟؟؟ فبهت حينها حمدون و لم يسعف نفسه بإجابة تنجيه من الورطة التي وضع نفسه فيها . و كذلك حينما قال له .. إذا كنتم ترفضون المحتل فلماذا تتفقون مع الأميركان و تجتمعون معهم و تحصلون على منحة الـ (50) ألف دولار ؟؟؟ إذا كنتم ترفضون التدخل الخارجي فلماذا تعقدون الاجتماعات مع أطراف خارجية في مصر و السعودية و سوريا ؟؟ و تجلّت شجاعة ( الآلوسي ) بكامل صورها حينما قال صراحة ... بأنّ هناك من ضمن مجلس الحوار و كذلك لجنة (15) من هم بعثيون و إرهابيون و من هم غطاء للإرهابيين , و قال بأنّ لديه أدلة تثبت ذلك ..

و ذكر كثير من الحقائق و لديه المزيد , و كم أتمنى بأن تتاح له الفرصة كي يبرز لنا تلك الحقائق التي تدين هذه المجاميع الإجرامية و من يقف وراءهم من البعثيين و السلفيين التكفيريين .. و أتذكر له موقفا كذلك قبيل الإنتخابات في كانون الثاني الماضي من هذا العام .. حينما سأله مقدم البرنامج .. عن رأيه بطلب ( هيئة علماء السنة ) تأجيل الإنتخابات لبضعة أشهر كي يتسنى مشاركة الجميع فيها ... و قد قال حينها , هل تتعهد الهيئة بأنها ستوقف العنف ؟ فقال له مقدم البرنامج .. هذا ما صرح به قادة الهيئة .. فقال .. لو كنت في القضاء لأصدرت أمرا بإلقاء القبض على جميع أعضاء ( هيئة علماء السنة ) لأن كلامهم دليل على أنهم وراء تلك العمليات , و بإمكانهم وقفها .

فتحية لك أيها العراقي الشهم (مثال الآلوسي) بإسم كل العراقيين الغيارى , و بإسم كل الذين عذّبوا على أيدي الصداميين البعثيين , و بإسم كل من يحمل نفس الروح الوطنية التي تحملها .. راجيا لك السلامة و النجاة من مكائد البعث و البعثسلفيين .. و الى الملتقى في غد مشرق خال من كل شكل من أشكال العنصرية و الطائفية المقيتة , في عراق يسوده العدل و الأمن و الازدهار , و يدا بيد شيعة و سنة , عربا و أكرادا و تركمانا و كل شريحة و ديانة و طائفة و قومية في العراق , حتى نحقق الهدف الأسمى و الغاية المرجوّة .. و هي بناء وطن واحد و شعب واحد متحابين متكاتفين بعيدا عن التفرقة و التشرذم . و السلام مسك للختام