( بغداديات )


( القانون )

 

بتوقيع : بهلول الكظماوي

bhlool2@hotmail.com

قصد بدوياً مدينة بغداد لابتياع بعض حاجياته الضروريّة , فنزل عند بيت قريب له كان قد هجر الصحراء منذ عهد بعيد و استوطن في العاصمة العراقيّة للينتمي الى ما يسمّ بالحرس الجمهوري ابان حكم الرئيس المخروع , عفواً المخلوع صدام .
و من واجب الضيافة في مضارب البدو في الصحراء أن يذبح البدوي جملاً أو خروفاً و يدعوا جميع أهله و جيرانه للوليمة احتفاءً بالضيف القادم , اذاكان هذا الصيف رجلاً مهمّاً يستوجب الاحتفاء به و المبالغه في تكريمه .
امّا في المدينة فالضيافة تختلف عمّا هي عليه في الصحراء , فغالباً ما تتم في البيوت بدعوة الضيف و مرافقيه لوحدهم , ولمّا كان ( المعزّب ) المضيف المتمدّن اعزباً و لا يوجد لديه عائلة ( غير متأهّل ) ولا يجيد فن الطبخ لذا قرّر ان يأخذ قريبه البدوي الى مطعم من المطاعم الفاخرة حيث الاضواء المتلئلئة المنبعثة من الشموع الموضوعة على طاولات المائدة و حيث المقاعد الوثيرة و الموسيقى الهادئه التي تختلف عمّا تعوّده البدوي من الاستماع الى عزف الربابة و كلمات السويحلي التي يردّدها ( الشعّار ) و هو يعزف على ربابته.
قدم ( البوي ) النادل و معه قائمة المأكولات المعدّة من قبل امهر الطبّاخين.
اشار البدوي لصاحبه المتمدّن بأن يطلب له حسب رغبته لانّه لا يعرف عن طبخات المدينه و اسمائها شيئاً يذكر.
المهم قدم النادل بالمأكولات المتنوّعة , و بعد أن شبع الاثنان مّما لذّ و طاب و احتسوا الشاي المهّيل بدل القهوه العربيّة التي تقدّم بالمضائف البدويّة , بعدها اخذه ( المعزّب ) مضيفه الى ملهى ليلي يقدم لوحة استعراضية على انغام آلة القانون الموسيقية .
ولمّا لم يكن للبدوي سابق معرفة بآلة القانون , لذلك سأل صاحبه المتمدّن عن هذه الآلة و عن ماذا تسمّى فأجابه صاحبه انّها آلة القانون الموسيقيّة.
و بعد مرور ساعتين على انتصاف الليل قفل الاثنان راجعين الى البيت ودخلوا فراشيهما و ناموا نوماً عميقاً حتى الصباح ليستفيقا و يفطرا و ليودّعا بعضهم بعضاً حيث ذهب المتمدّن الى عمله و ليذهب البدوي لابتياع حاجياته التي قدم الى المدينة من اجلها.
و في الطريق الذي لم يعتاده البدوي ولم يألفه , عبر البدوي الشارع من غير المناطق المخطّطة و المخصّصة المسموح بها لعبور المشاة , واذا بشرطي المرور يقبض عليه لتحرير غرامة مخالفة المرور , ولمّا امتنع البدوي عن اداء الغرامة سحبه الشرطي الى المخفر ليودع التوقيف وفق ما نصّ عليه قانون المرور .
فعندها تذكّر البدوي ألة القانون الموسيقية التي رآها ليلة الامس و هو في احسن حال من الراحة و المرح وقارن هذه الآلة الموسيقية بقانون المرور الذي و ضعوه وفقه صباح اليوم التالي بالتوقيف قائلاً :
( عفية ولاية قانونهه بالليل يدكون بيه , او بالنهار يحكمون بيه ) أي يا لهذه المدينة التي يعزفون على قانونها بالليل ليحكموا به في النهار .
و ألآن عزيزي القارئ الكريم:
الدستور هو مجموعة من القوانين المدوّنه من قبل مجموعة من الخبراء بعد دراسته و اقراره لتسيير امور الحياة و العلاقات بين الافراد و بين الدول و تنظيم هذه العلاقات و فض المنازعات ....الخ .
و للصحراء ايضاً قانونها وان كان غير مدوّن الا انّه متّفق عليه و معروف كأعراف و ( سنينات ) سنن عشائرية و قبلية بين تلك المجتمعات .
و نحن عموماً كمجتمعات بشرية تؤطّرنا الدولة التي تحوي المدن و القرى و الارياف بما فيها البادية كنا قد تعودنا ( ليس في العراتق فحسب ) بل في غالبية دولنا العربية و الاسلامية و الشرق اوسطية , تعوّدنا انّ مجموعة القوانين او الدستور تسنّه السلطات الحاكمة التي استأثرت بالحكم و اقصت ألآخرين عن طريق القوه الجبرية سواء كانت هذه القوة اتت عن طريق الانقلاب او عن طريق الوراثة .
( الم يقل صدام حسين : و كررها مراراً على ابناء الشعب العراقي و من خلال شاشات التلفزيون و الاذاعة و الصحافة : بأن القانون بايدينا مثل المطّاط , نعمله كيفما نشاء ) ؟ هل كان حكم صدام حسين ( هذا الذي ملئ ايتامه و مرتزقته الدنيا صراخاً و ضجيجاً , فاقاموا الدنيا و لم يقعدوها ) هل كان حكمه دستورياً ؟ واذا كان دستورياً فمن الذي شاركه بصياغة هذا الدستور ؟ هل الخطوة التي قام بها حاكم اكبر دولة عربية قبيل الانتخابات الاخيرة بالغاء دور المنضمات الشعبية و مؤسسات المجتمع المدني في المراقبة والاشراف على الانتخابات في تلك شقيقتنا الكبرى كانت خطوة دستورية ؟ هل وراثة الدكتور ( ألطبيب ) لوالده الرئيس العربي الراحل و الذي نكن لروحة كل المحبة و الاعتزاز و الاحترام هل كانت هذه الوراثة التي فتحت الباب على مصراعيه للوراثة الجمهورية لاول مرة بالتأريخ ... هل كانت دستورية ؟ ايّة انتخابات دستورية اتت لنا بالعقيد المعتّق و الرئيس المخضرم في دولتنا الجماهيرية العربية سابقاً الافريقية لاحقاً ؟ و ليضرب لنا مثلاً يستحق به الدخول الى موسوعة كينس للارقام القياسية كصاحب اكبر رقم قياسي في الجلوس على عرش الرئآسة , حيث عاصر عهود الاولين و الآخرين ؟ اي دستور و ايّة دستورية تطبّق في ممالكنا العربية التي ينص شعارها الثالوثي على :
( الله , الملك , الوطن ) ؟ ..... فاين هو الشعب ؟ فالله هو خالقنا , و الملك هو الذي امتلك هذا الشعب المستعبد له , امّا الوطن فهو عبارة عن اقطاعيّة مملوكة للملك المعظّم او المفدّى ... الخ .
و ليذهب االشعب الى جهنّم و بئس المصير .
و لربّ قائل لي :
و ما دخلك انت بموضوع هو من اختصاص دول لا تنتمي انت اليها ؟ فاجيبه :
انا حالي من حال السيد عمرو موسى ( مافيش حد احسن من حد ) ؟ اكرّر : ما فيش حد احسن من حد ؟ فكما هو ( عمرو موسى ) غييور على مصالح الامة العربية , انا ايضاً افتخر بانتسابي لقوميتي العربية التي اغار عليها و على عروبة عراقيتي , ولكن هل عندكم يا سادة يا كرام دستور مكتوب كمسودة دستورنا الذي لا ندّعي انّه مكتمل و خالي من النقص, بل هو خطوة على الطريق , وقابل للتصحيح و الاضافة مستقبلاً.
شاركت به الاغلبية من كل الجهات تقريباً لكتابته , ولهذا اتت مسودّة هذا الدستور توافقية بعد تنازلات من غالبية الجهات المشاركة فيه لاجل الصالح العام للوطن و للمواطن العراقي .
واخيراً عزيزي القارئ الكريم:
اوجّه ندائي الى السادة المناضلين :
الدكتور اياد علاّوي
السيد حازم الشعلان
السيد فلاح النقيب
السيد مشعان ركاض الجبوري
السيد الكهربائي ( الايسي ... ديسي ) ايهم السامرائي .....الخ :
وردتنا اخبار تحضيركم لمؤتمر يعقد في عاصمة العروبة والاسلام ( عمّان التي نفتخر بها نحن العرب و المسلمين لانها طردت السفير الاسرائيلي وانزلت علم دولته و قطعت العلاقات مع هذه الدولة المعادية .
المؤتمر المزمع عقده هو للتحضير لخوض الانتخابات المقبلة في العراق , وبما انكم استأذنتم منقذة البشرية و صاحبة اكبر جمعية خيرية لاغاثة الانسانية في العالم , الا وهي امريكا الرؤوفة الرحيمة , فوافقت بعقدكم هذا المؤتمر في عمّان العروبة بدلاً من بغداد .
و بما انكم تملكون رصيداً جماهيرياً لم يأت اعتباطاً , بل اتى بجهودكم الجبّارة
بأرجاع اكبر عدد من المناضلين البعثيين الى كافّة الوزارات و الدوائر الرسمية العراقيّة , واعطائهم الامان بعد ان كانوا قد فروا هاربين الى الجحور العفنة مع سيدهم جرذ العوجه فاطمأنوا بكم و لاذوا بدفاعكم عن مصالحهم فكنتم خير خلف لخير سلف .
وبما ان الشعب العراقي بكافّة قطّاعاته عاشقاً و مغرماً من الدرجة الاولى لهذا الحزب العظيم حزب الجماهير العربية حزب العبث الاشتراكي .
ولهذا اقولها لكم بكلّ ثقة :
( لقد لعبتم بالجعب اليغلب , و جبتم نقش العوافي و ستفوزون بجدارة :
سيروا الى الامام و كلّ البعثيين العفالقة البكريين و الصدّامين من ورائكم جنود مخلصين .
 

و دمتم لاخيكم : بهلول الكظماوي
امستردام في 12-9-2005




 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com