أنا لا أدين الحيوانات المفخخة

حمزة الجواهري

hjawahri@hotmail.com

2005-09-15

يترك أهله وبلده لكي يذهب برحلة طويلة مرورا بسوريا والتدريب بها على عمليات الانتحار في معسكرات تأنف الحيوانات أن تأوي لها، ومن ثم يأخذ طريقه للعراق يتحرك بها كما الطريدة حتى يكمن في زريبة لليوم الموعود، وهو أن يذهب ويفجر نفسه!!! وسط أناس لا يعرفهم! ولا يعرف المكان الذي هو به! ولا يعرف أصلا أنه سوف يموت! فكل ما بذهنه أنه سوف يكون بين حشد من حور العين يستقبلنه بالأحضان ليفرغ كبته الجنسي بهن كما يشاء هو، وليس كما يشاء الذي حجب النساء عنه لكي يجعل منهن رغبة مطلقة وهدفا لا يعرف عنه سوى أحلام مريضة تراوده، بل تسيطر على كيانه بالكامل، جاء إلى العراق وليس في ذهنه سوى تلك الغريزة البهيمية، فلا إحساس بانتماء لعائلة ولا عشيرة ولا وطن ولا أي شيء آخر سوى تلك الشهوة الحيوانية التي تشترك بها جميع مخلوقات الله.

بكل المقاييس لا يمكن اعتبار مثل هؤلاء على أنهم بشر، نعم ربما يشبهون البشر ولكن لا يوجد بينهم وبيننا شيء آخر مشترك سوى ذلك الشبه في الهيئة فقط، فلا مشاعر إنسانية ولا رادع فكري أو أخلاقي، ولا طموح ولا إحساس بالمكان ولا أحساس بالجمال ولا الإحساس بالروح الإنسانية ولا إحساس بمشاعر الآخرين، لأن من يقتلوهم جميعا أبرياء، بل ولا يعرفوا أصلا ما إذا كانوا أبرياء أم مجرمين، وحتى لو كانوا مجرمين، من أعطاهم الحق بقتلهم؟ فهم لا يعرفون أصلا للحق معنى، فهل نتوقع من قط أو كلب أن يعرف معنى الحق؟ أو معنى الشرف؟ أو الحس الإنساني؟

لذا أولا وقبل كل شيء، هم حيوانات على هيئة بشر، ويمكن أن نسميهم وحوشا ناطقة، أو بهائم خلقت لتنتحر.

لا يمكن إدانة البهيمة بأي حال من الأحوال، ولا يمكن للشرائع الإنسانية أن تدين من يقتلهم لمجرد أن يراهم، كما تقتل الأفعى إن تمكن منها الإنسان، أو أن يسحق الإنسان بحذائه ذلك العقرب إن رآه، فهل هناك قانون يمنع قتل الأفعى القاتلة؟ أو قتل الضباع؟

لا يمكن للشرائع الإنسانية أن تدين من يعرضهم بحديقة الحيوانات ليتسلى بهم الأطفال في يوم العطلة الأسبوعية، فمن يمسكوا بهم أحياء، يمكن أن يوضعوا بذلك المكان، ويجب أن يعرضوا به على الناس ليشاهدوا من يريد أن يقتلهم لمجرد شهوة حيوانية، بالضبط كما يشاهدون الذئب أو أي حيوان مفترس خبيث في حديقة الحيوانات، يحجزون بأقفاص ويأكلون ديدان الأرض ويشربون من بركة آسنة في الجوار.

أنا لا أدينهم ولكن أدين من يسميهم مقاومة، وهم يقتلون الأطفال التي تلعب كرة القدم في شوارع بغداد وساحاتها، والعمال الذين يسعون على رزق عيالهم، وحماة الوطن المستباح حتى من قبل أبناءه! ويدافعون عنهم بشراسة، ويعتبرون تلك الحيوانات المتوحشة الهائجة كمرجعية لهم، عجبا!! فهل يعقل أن تعتبر البهيمة مرجعية ومخلصا لبني البشر!؟ هذا ما يفعله فلول البعث هذه الأيام!

وأدين الجميلات اللائي يظهرن على شاشات التلفزيون في الجزيرة والعربية والشرقية وغيرها من الفضائيات الكثير، ولكن ربما يسأل سائل لماذا أدين النساء فقط؟ في الواقع كان الأجدر بهن حقن دماء البشر بتطوعهن نيابة عن حور العين التي تنتظر تلك الأغنام الانتحارية، أليس ذلك أفضل من التحريض على قتل البشر؟ أو قلب الحقائق بتلك النشرات الإخبارية المسمومة التي تسوغ الجرائم التي تقترفها هذه الوحوش الشهوانية؟، وكذا أدين كل المحرضين الذين يدفعون بهؤلاء نحو العراق تحديدا، ويصورون لهم إن الطريق إلى حور العين يمر من خلال العراق، واستباحة دماء أبناءه دفاعا عن عروبتهم وإسلامهم وشرفهم الذي ضيعوه بأسوأ أشكال النفاق الذي عرفته البشرية.

أنا لا أين من نسميهم بالإرهابيين، لأن هذه التسمية تمنحهم الصفة الإنسانية، في حين هم ليسوا من البشر، لكن يمكن إدانة صاحب الزريبة التي تؤويهم حتى اليوم الموعود الذي يلاقون به حور العين، وليس هذا وحسب، بل يقدمون لهم الصبيات لكي يتدربوا بهن لليوم الموعود الذي يفرغون به شهواتهم الحيوانية، وإن شح سوق الصبايا، فالأقرب منهن أولى بنيل الثواب.

أنا لا أدينهم، ولكن يمكن إدانة من أرسل تلك البهيمة المفخخة للعراق دفاعا عن كراسي على وشك السقوط، ظنا منهم أن فشل المشروع العراقي العريق بإقامة نظامه المنشود سيكون دفعا للبلاء الذي يقف على الأبواب، فشعوبهم المقهورة مازالت تمتلك الحس الإنساني وترغب بالعيش كما تعيش شعوب الأرض، وبالرغم من تكميمها وتكبيلها وسحقها وقتلها، فهذه الشعوب لابد يوما ما سوف تكسر الرجل الرابعة من تلك الكراسي التي تهرأت ولم تعد صالحة للجلوس، بأحلام مريضة ورؤوس ليس فيها سوى العفن ووسائل خسيسة ورغبات محرمة ومال سحت حرام، يدفعون بهم، تلك الخرف المفخخة، لقتل العراقي، فأي دفع للبلاء هذا؟! واي أذى لبني البشر هذا؟! وأي سقوط أخلاقي هذا؟! وأي اسراف وتمادي بالنذالة هذا؟! وأي وحوش بشرية تحكم هذه البلدان؟! وأي مستنقع عميق للخسة يغرقهم؟!

أنا لا أدينهم ولكن أدين من ينقلهم للعراق، فهو غالبا ما يكون من أب وأم عراقيين، ولكن هيهات أن يكون عراقيا من يفعل هذه الجريمة النكراء، الجريمة التي تقتل الأب والأم والأخ والابن والصديق دفاعا عن نظام مجرم، وهم أعرف الناس بما قام به النظام من جرائم، فهم من قتل العراقيين أيام كان الطاعون البعثي يتحكم بأرواح الناس.

ويمكن إدانة من يمنحهم صفة البشر أو يدافع عنهم وعن وحشيتهم بالقتل أو يتغافل أو يبرر أو يخفف من بشاعة جرائمهم، ويمكن إدانة من يمنحهم صفة المسلمين، فالإسلام دين لبشر، فكيف يمكن أن يكون دينا لمخلوقات وحشية أو بهائم؟ فالدين ليس لهؤلاء أشباه البشر، وليس لمن يحرضهم أو يدعمهم أو يقف بصفهم، أما الذي يعتبرهم مرجعية له، فهو بهيمة متوحشة مثلهم تماما ولكن قلمت أظافرها وكسرت أسنانها.

أنا لا أدينهم بل أدين من يساوي بينهم وبين البشر من الضحايا بحجة الإعلام المتوازن كما تفعل أجهزة الإعلام التي يديرها أعراب كأسوأ مثل للمنافقين من الأعراب الذين وصفهم القرآن.

لكن بقي شيء واحد مازلت لم أحدد موقفا، وهو ذلك الرجل الذي يفتي لهم على أنه رجل الدين، فهل هو بهيمة منهم؟ أم هو تاجر للبهائم؟

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com