الجبهة الوطنية بقيادة "علاوي" . . التأريخ يعيد نفسه

 علي آل شفاف

18.09.2005

Talib70@hotmail.com

 في مساع بعثية حثيثة لاختراق الصف الوطني مرة أخرى، وقبر التجربة العراقية الوليدة . . وبدلا من الوقوف إلى جانب القوى الوطنية، التي عبر الشعب العراقي عن تأييده ومساندته لها، والتي يفترض أنه جزء منها. وفي سعي واضح لترقيع سمعة البعث الفاسد، وبناء نوع من الشرعية المزيفة للقتلة والسفاكين ودا عميهم، تحت مسميات خادعة ـ عمدا أو جهلا أو انتهازية. يحاول رئيس الوزراء السابق الدكتور "أياد علاوي"  حث الخطى نحو لم شتات بقايا البعث البائد، ومعهم جمع ممن فقد الأمل في الحصول على تأييد الشعب وثقته، لتشكيل "جبهة وطنية"، من قوى لا يجمعها معه، سوى محاولة الحصول على مقعد أو مقعدين في الجمعية الوطنية. سيما وأنها فشلت في نيل ثقة الشعب، ولو في مقعد واحد (وبالتزكية).

 يحاول الدكتور "علاوى" جمع هؤلاء تحت مظلته، التي يعترف دائما أنها "بعثية"، وإن لم تكن "صدامية" ـ على حد قوله. جاهلا أو متجاهلا مدى خطورة إعادة البعثيين تحت مسميات جديدة، وتوفير أي غطاء لهم، باعتباره من شخصيات العهد الجديد، وبما يمثل اختراقا سياسيا استراتيجيا. مكررا بذلك الخطأ الذي بدأه أيام رآسته للوزراء، امتدادا لخطأ "بريمر" في إعادة مجرمي البعث، وقيادات الأمن الإجرامي، والمخابرات الصدامية البشعة؛ وقضاة البعث الذين حكموا بإعدام الآلاف من الأبرياء، وقطع الألسن والأيدي والوشم، وغير ذلك من الأحكام الجائرة. الأمر الذي يمثل أساس المشكلة الأمنية التي يعاني منها العراق حاليا. فهؤلاء هم الذين ساهموا بصورة فاعلة وأساسية في قتل الآلاف من الأبرياء، وحرق وتدمير البنى التحتية لبلدنا؛ عن طريق توفير الدعم اللوجستي والمخابراتي للمجرمين والقتلة، وتعويق محاكمة المجرمين. ليصل الأمر إلى اختراق مكتبه ـ هو ـ شخصيا، ووزير دفاعه ـ إن صح ادعائه.

 إن هذه الخطوة من الدكتور "علاوي" هي خطوة خطيرة جدا، قد يكون ـ هو نفسه ـ من ضحاياها المرشحين في المستقبل. بعد أن تستعيد تلك القوى التي يحاول جمعها، سيطرتها وسطوتها. وله في "النايف" و "الداود" عبرة. وهذا ما لم ولن يسمح به الشعب العراقي. فلا يمكن السماح مرة أخرى بتسلل المجموعات التي أهدرت دماء وأموال الشعب العراقي تحت عناوين التهميش أو الحرية والديمقراطية. لأن الحرية والديمقراطية هي من أجل الحفاظ على دماء وحقوق الناس، وليست بوابة "للديكتاتورية" والإضطهاد.  

 ومما يؤكد هذه الرؤية، هو سعيه الحثيث لإسترضاء الجهات ـ العربية خصوصا ـ التي وقفت ضد أماني وتطلعات الشعب العراقي. والتي لا تزال تستخف بأنهار الدماء التي تجري من أبنائنا، بل وتدعم ـ من طرف ظاهر أو خفي ـ مجاميع القتلة والمجرمين، وتساهم ـ بطريقة أو بأخرى ـ في تسريبهم إلى أرض العراق، لتخريب بناه وقتل شعبه.

فتراه يعقد الإجتماعات السرية والعلنية، ويعطي الوعود بجرجرة العراق من جديد ـ تحت دعاوى معروفة ـ لإعادته تحت سيطرة أقلية طائفية أو  عشائرية أو مناطقية. عارضا نفسه كبديل قومي أو وطني، جهلا منه أو تجاهلا، بأن فتح الباب لتدخل الدول العربية الطائفية كما أصبح واضحا، وكما أفصحت هي عن نفسها، وكذا ـ ومع الأسف ـ الغالبية العظمى من شعوبها؛ يعني إعادة الديكتاتورية بأبشع صورها. سيما وقد جرى الدم وازدادت الفتن. لأن هذه الأنظمة العربية سوف تسعى ـ ولطالما سعت ـ جاهدة لوضع العراق تحت سلطة "ديكتاتورية" ـ مرة أخرى ـ من النوع المماثل لسلطتها. لأن أي توجه ديمقراطي يلغي شرعيتها الزائفة، التي تحاول ترقيعها بكل ما أوتيت من قوة، كما حصل في الإنتخابات المزيفة الأخيرة في "مصر".  

 الغريب في الأمر، أن الشيوعيين والأكراد لم يتعظوا من تجربة "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" ـ إياها!! (وطليعتها الحزب القائد). والتي جرت عليهما معا أكبر الويلات وأعظمها. حيث صفيت أكثر قيادات وقواعد الحزب الشيوعي، حتى أصبح أضعف الأحزاب الحالية، على الرغم من تأريخه العريق. وجرى ما جرى من المآسي والويلات على الأكراد. وهاهما يحثان الخطى نحو خطإ أفضع وأكبر وأقسى بالدخول في مغامرة "علاوي" هذه . لاسيما وأنهم صنفوا من قبل حثالات البعث وهمج التكفير كمتعاونين مع الإحتلال وخونة إلى غير ذلك.

 ففي هذه المرحلة البالغة الحساسية والأهمية، يجب على الجميع قياس مواقفهم وتداعياتها بدقة وبفهم وتأمل شديدين، ووزنها بأكثر الموازين دقة وحساسية. لأن ثمن الخطأ سيكون هائلا ومدمرا، وربما يقضي نهائيا على طموحات الشعب الكردي، في "الفيدرالية" أو الإستقلال والحرية. وكذلك يقضى على طموحات الحركة الشيوعية العراقية ـ كجزء من الحركة الشيوعية العالمية، واليسار العالمي ـ في أخذ دورها الذي يتناسب مع تأريخها وطموحاتها وطروحاتها.

فضلا عن إعادة العراق بأجمعه إلى عهد بعثي مظلم جديد.

 من الغريب أيضا اجتماع المتضادات في هذه "الجبهة" المزمعة. لتجد أن السيد أياد جمال الدين وهو الشخص (الذكي) و (الجرئ) ـ بغض النظر عن موقفنا من طروحاته ـ يدخل جبهة، أركانها (المفترضة) بعثية ـ كالكثير من أعضاءها ـ واسلامية سياسية ـ كالحزب الإسلامي ـ بالمعنى الذي يعارضه هو (كرجل دين علماني) كما يطرح نفسه أو يصنف. بالإضافة إلى جهات إجرامية وداعمة للقتل والجريمة، تحت عنوان مزيف هو "المقاومة". إن هذا يمثل إنتهازية سياسية واضحة.  

 إن معاداة التيارات الإسلامية الشيعية خصوصا ـ اتفقنا معها أم لم نتفق ـ لا يبرر هدم كل التقدم الواضح لبناء العراق الجديد، وإعادة النظام البعثي الفاسد تحت مسميات زائفة، والقضاء على آمال وطموحات الشعب العراقي، في العيش بحرية وكرامة وسعادة.

إن هذه مقامرة سياسية بأرواح الفقراء والبائسين، وانتهازية مقيتة، لاستغلال الحقد الطائفي والسياسي للمحيط العربي، والكره الأمريكي والغربي للتيارات الإسلامية. وتجاهلا لإرادة الشعب في اختيار ما هو أنسب له، ومن يحقق آماله وطموحاته، ومن يؤمن له حياته.

 إن أصوب ما يطلق على تجمع من النوع الذي يدعو له الدكتور "علاوي" هو: (تجمع الموتورين من إرادة الشعب العراقي)، وكأنهم يريدون عقاب الشعب بإعادة ودعم وتأهيل قتلتهم ومعذبيهم. لكونهم أعطوا أصواتهم لغيرهم.

 تبا لمحترفي السياسة، الذين لا يعنيهم الإنسان، بقدر ما يعنيهم القرب أو البعد من كراسي الحكم.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com