أسباب جنون البقر الزرقاوي ووصول الإرهاب إلى ذروته في العراق!؟

طارق حربي

tarikharbi@chello.no

www.summereon.net

 

تصاعدت مؤخرا الحملات الإرهابية ضد الشعب العراقي، بشكل لامثيل له منذ نهاية الحرب على العراق، ووصل الإجرام إلى ذروته بقتل أعداد كبيرة من العراقيين، وسط صمت العرب والمسلمين والعالم عدا الشرفاء منهم وماأقلهم!!، وتصاعدت الحملات بالقول الصريح من لسان المجرم الزرقاوي نفسه، يحث المسلمين السنة على أن يستيقظوا من نومهم ويُقتلوا معه في المعركة!!، ولاأعرف لماذا يريد المذكور إيقاظ هؤلاء ليتوجهوا إلى العراق!!!؟، وهو ليس بلدهم وأهله ينبذون الإرهاب والطائفية، وسعادتهم لاتوصف بسقوط طاغية العصر والخنّاق الأكبر لأنفاسهم في الحياة الكريمة والحرية والمستقبل، بدلا من أن يتوجهوا لمقاتلة أنظمتهم القمعية الدموية، والإطاحة بها وتخليص العباد من شرورها!؟
 ولماذا لم يقضي المجرم نفسه في واحدة من الغارات التي تشنها القوات العراقية باستمرار، أوالأمريكية أومتعددة الجنسيات، على أوكار الإرهاب الجرذية وكهوفهم (التورابورا- واوية!!) في أرض العراق العزيز!؟ ما يعني ببساطة بطلان الدعوة التحريضية جملة وتفصيلا، لأن المجرم يختبىء في حفرة حصينة مع أتباعه من القتلة وبقايا صدام والغلاة الطائفيين من السنة أنفسهم!

 وواضح أن الزرقاوي استكلب أكثر بصريح عبارته في قناة الجزيرة الطائفية الفضائية قبل 3 أيام قائلا (منظمة القاعدةَ في بلاد الرافدين تُعلنُ الحربَ الشاملةَ على الشيعة الروافض!!) وهو تعبير إنتقاصي للمسلمين الشيعة الذين يشكلون غالبية المسلمين في العراق، ونستخلص من التصريح أن الإرهابي يعيش وضعا يائسا بعد عمليات تلعفر، ومداهمات وزارتي الداخلية والدفاع لأوكار الإرهابيين في وسط وغرب العراق، بعد ملاحقتهم سواء في بغداد ووضع الخطط الكفيلة بمكافحة شرورهم، أو في كل مكان تطاله يد الحكومة، وجن جنون البقر بعدما أحبطت مرامي القاعدة العدوانية الشريرة المتمثلة في إشعال نار الفتنة الطائفية، معقد رجائهم وأملهم الأخير، التي لايعلم مدى خطورتها - أي الحرب الأهلية- لو اندلعت إلا الله تعالى.

وبدا الأفق العراقي - بعد أكثر من سنتين ونصف على سقوط الطاغية - معتما، أقول ذلك بكثير من الألم فالضربات الإرهابية تتلاحق، والبلاد على شفير حرب أهلية فعلا، وسط انتقادات متتالية لأداء حكومة : ضعيفة في مواضع قوية في أخرى، فضعفها من ارتباكها وقلة المعلوماتية فيها وشللها عن اتخاذ قرارات حاسمة، وعدم التنبوء بموعد ومكان الضربة القادمة للإرهاب!!، زائدا ضعف أجهزتها الاستخبارية واختراقها وعلى رأسها جهازالمخابرات العراقي ..أين هو من حماية أمن العراقيين وسلامتهم!؟، فلم نسمع شيئا عن نشاطاته وفعالياته في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة!؟، وتأمين الحياة وسلامة المواطن العراقي ولقمة عيشه ومستقبله!؟، حيث لايكاد يمر يوم واحد تقريبا دون أن يزهق إرهاب جنون البقر أرواح العشرات!، وأحيانا المئات من مواطنينا الأبرياء، كما حدث في مأساة جسر الكاظمية ومسطر عمالها البائسين الشيعة الجنوبيين، الذين قدموا إلى بغداد لاقتناص فرصة عمل في مجال البناء، فاقتنصهم أحد الإرهابيين بسيارة مفخخة!

 لكن من جهة ثانية نرى أن الحكومة قوية في مطاردتها لفلول الإرهاب والقضاء عليهم، لاسيما في عمليات تطهير (تلعفر) وإغلاق أحد منافذ تسلل الإرهابيين بمسافة 5 كيلومترات على الحدود العراقية السورية، وقوة الحكومة كذلك كما ورد في الأخبار : توعدها بشن عمليات عسكرية جديدة، لتطهير مدن في وسط وغرب العراق من الإرهابيين المحليين والأجانب، مالم يطردهم الأهالي في غضون شهر واحد!

 إن (العين الحمرا) للحكومة العراقية ضرورية أحيانا وقد جاءت بنتائج مهمة، لاسيما في سامراء بعد نجاح العمليات في تلعفر، حيث اجتمع شيوخ من سامراء مؤخرا مع وزير الدفاع وكبار ضباطه، يرجون منهم عدم اجتياح القوات العراقية لمدينتهم، مقابل تكفل هؤلاء الشيوخ بطرد الإرهابيين، عراقيين وعربا من المدينة ومطاردتهم خارجها!!

 باختصار فإن الإرهاب أصبح أكثر دموية وشراسة بعد نجاح الداخلية والدفاع في تلعفر، يعززه عزم الحكومة على المضي بالعمليات، وذكرت في مقال سابق بان عليها استثمار نصرها، والاستمرار بملاحقة وتطهير بؤر الإرهاب المتبقية في المناطق العاصية من العراق.

 وبرأيي فإن الإرهاب وصل ذروته في العراق لأسباب أهمها :

1- الإنتهاء من عملية صياغة الدستور، وتقديمه إلى الأمم المتحدة لغرض طباعته وتوزيعه في العراق، ثم طرحه للاستفتاء العام في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، حيث من المؤمل إجراء انتخابات برلمانية في شهر كانون الأول/ديسمبر من هذه السنة أيضا، وبعد ذلك تتشكل المؤسسات الدستورية والقانونية، مما يُضيّق الخناق على الإرهابيين الجبناء وكل أعداء الشعب، ويتحرر العراقيون الرهائن في المدن الواقعة تحت سيطرتهم، لينطلقوا في المشاركة السياسية الواسعة وبناء عراقهم الجديد.

 2- الانقسامات بين الجماعات الإرهابية المسلحة نفسها، فيما يخص مشاركة شعبنا من السنة في الانتخابات القادمة، وعدم تكرار العزوف عن المشاركة كما حدث في الانتخابات الأولى.

3- وجن جنون البقر الزرقاوي بعدما لم ينجر شيعة العراق إلى الفتنة الطائفية، وفوت قادتهم على المجرمين الفرص تلو الفرص لقيام حرب أهلية، رغم التضحيات الجسيمة في صفوف الشعب العراقي البريء.

 4- ردود أفعال بعض الهيئات السنية على دعوة الزرقاوي الإجرامية الأخيرة بإبادة العراقيين الشيعة!، ردود ولو أن البعض منها لذر الرماد في العيون، لأن عددا من تلك الهيئات ومجموعات المسلحين تحت تسميات وعناوين مختلفة، لاتخفي تعاطفها مع الإرهابيين، لا بل وتتعامل معهم لاسيما هيئة علماء البعثيين!، لكن من ضمن الردود ورد ضمنا تخليها عن الإرهاب وإرسالها رسالة إلى الشعب والحكومة مايشبه تخليها أو على الأقل بأنها ليست الجناح العسكري للزرقاوي!!، وهذه بداية -إن كانت صادقة ولاأميل لذلك كثيرا -فلعلها تشير في مقبل الأيام إلى انقسامهم وتشرذمهم، ممايربك المخططات الإرهابية ويعيد كيدها وإجرامها إلى نحورها!

5- صحوة بعض الدول العربية بضرورة الاهتمام بالوضع العراقي!!، والمساعدة على تجاوز أزمته!!، بعد التصريح الأخير للرئيس الطالباني بان الشعب العراقي لن يموت، إذا رفض العرب الوقوف معه في محنته!!، وكانت هناك مواقف إعلامية وسياسية متباينة في كذبها ونفاقها، إذ لم يلمس الشعب العراقي ولاالحكومة من تطبيقاتها العملية شيئا حتى اليوم، لكنها في كل الأحوال مفيدة للعملية السياسية، بما فيها زيارة رئيس الوزراء الأردني الأخيرة لبغداد، التي ظاهرها مساعدة العراق على تجاوز المحنة، وباطنها استجداء النفط!، بعدما شهدت الأسواق العالمية في الأشهر الأخيرة ارتفاعا كبيرا في أسعاره، مما تتضرر به الأنظمة - الضعيفة قبل القوية- والأردن الشحاذ طبعا على رأس القائمة، لكن حتى هذه الصور التلفزيونية وفي وسائل الإعلام الأخرى، تسحب البساط من تحت أرجل الإرهاب، لتصب في النهاية في صالح الشعب العراقي.

أخيرا ليس على الحكومة إلا أن تديم الزخم وتطرق على رأس الإرهاب بدون تردد، حتى تنجلي غيوم الطائفية والاجرام ويعود عن كل العراق العزيز إلى أهله.
 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com