|
لماذا ينتقمون من العراق الجديد؟ الجزء الثالث
في هذا الجزء سنركز على بعد آخر لجذر تماهي الكثير من العرب غير العراقيين في شخص صدام، وفي المنظومة البعثية الصدامية القمعية. انه البعد الأقتصادي. هذا الذي جعلت ضمائرهم خافية في كهوف الصمت وعدم الأكتراث عن كل الأعمال الوحشيةالتي حدثت وتحدث ضد الشعب العراقي، وهو يذبح بالجملة كأضحية في محراب الأرهاب والهمجية والقسوة المفرطة المعاكسة لكل مايمت لمشاعر الأنسان بصلة. بل وصلت بالكثير منهم الى تبرير كل جرائم التفخيخ على انه عمل وطني ومن يقوم به هم من يمثلون نبض الشارع العراقي إإ. نعم ولم لا،أمام من كانوا وما زالوا عبدة الدرهم والدولار والدينار بدلا من ان يعبدوا الرحمن، وان يضعوا في نصب أعينهم حرمة الأنفس التي هي أكبر حرمة من بيت اللة الحرام. نعم لا نستغرب كل هذا الجفاء منهم وهذا هو ديدن القوم. ألم يتدفق نفط العراق وتتدفق عائداته لبلدانهم وشعوبهم بغزارة ؟ الم يوفر الطاغية فرص الكسب لملايين المصريين والأردنيين والسودانيين والفلسطينيين، ألم يبني للمغاربة مجمعات في جنوب شرق بغداد لغرض التوطين والأخلال بالتوازن الطائفي والعرقي في بلاد الرافدين لصالح نوعه هو ؟. ألم يعرض على الأمريكان استعداده لتوطين كل اللاجئين الفلسطينيين شرط ان يطيلوا من فترة صلاحيته كمجرم معتمد لديهم وان ينسوا بعض أخطائه بحقهم نظير هذه الخدمة ؟. لا نحتاج الى خطاب المسكنه تجاه الدول التي تصدر لنا الأرهابيين، ولا نحتاج الى رضا من رضاهم علامة من علامات السقوط ان كانوا دولا أو شعوبا. تلك التي تدين الأرهاب في بلدانها وتحرس حدودها بدقة مع اسرائيل في الوقت نفسة تصدر لنا طاعون الموت الجماعي عبر ارسال الارهابيين وتجهيزهم بعد ان يمروا بدورات فكرية وثقافية وعسكرية في تلك البلدان وعلى مسمع ومرأى اجهزتها الامنية. فلماذا لاتحرك ساكنا ازاء الخطباء وائمة المساجد في بلدانها والذين يدعون ليلا ونهارا لنصرة "المجاهدين" في العراق تحت يافطة الغدر "المقاومة التي أثبتت انها أحط ما عرفت في التاريخ "ليستحثون خطى اصحاب العقول العفنة والاجساد النجسة للذهاب الى العراق للقيام بالتخريب وتفجير انفسهم وسط السكان والاحياء الشعبية الشيعية بالخصوص. كيف ننسى جرائم الأردن بالذات تجاه شعبنا وعدم أعتذارها الرسمي لهذا اليوم على جريمة الحلة، كيف نعتبر زيارة لمسؤول منها الى العراق بمثابة نصر سياسي، وهو قادم لأستجداء النفط المجاني كالسابق، وهل ننسى تصريحات وزيرهم أمام شعبه مبررا أسباب رفع الدعم عن الوقود بتوقف الهبة العراقية المجانية لهم، معاهدا لهم بأن ذلك سوف يتبدل مع تبدل الظروف. هل توقفنا أمام معنى تبدل الظروف ؟ هل ربطناها بسعي تآمري لهذه الدويلة التي بنت اقتصادها الخاوي على النفط العراقي المجاني والهبات الصدامية التي كان المقصود بها شراء الذمم لتجعل من الحكومة الأردنية شرطيا لملاحقة المعارضين العراقيين وتسليمهم لنظام البعث. هذه الدويلة التي وجدت نفسها امام مأزق ان تأتي حكومة عراقية من بين المحرومين والمهمشين من ابناء الأكثرية المضطهدة فتضع حدا لهذه السرقات الهائلة لثروة العراق، فبدأت بأستنفار كل طاقاتها وعلاقاتها المشبوهة للوقوف ضد تطلعاتهم المنسجمة مع المبادئ الأنسانية في تحقيق الحرية واستئصال الأرهاب. هل نسينا تدخلها الرسمي في تشكيل الحكومة السابقة، وفي محاولة أعاقة عملية الأنتخابات، وبعدهامحاولة الألتفاف عليها بالتآمر مع الآخرين والى يومنا هذا ؟ بسبب هؤلاء في الخارج وأتباعهم في داخل العراق، مازال الجرح العراقي ينزف، ولا زالت الفوضى تفترس أمننا واقتصادنا وسياستنا، رغم كل الجهود الخيرة، الا ان الأرادات المضادة مازالت هي الأقوى مادامت القوات الأجنبية لا تزال تفرض ولو جزئيا نفسها على مؤسسات الدولة، التي تعمل بالممكن المتاح، رغم بعض السلبيات هنا وهناك، ولا يزال العنف الدامي يتحرك ليسقط يوميا عشرات الأبرياء. وهاهم يجمعون التواقيع لأسقاط الدستور والعملية السياسية برمتها، عسى ان تفلح المؤامرات والتوافقات في المستقبل القريب التي تصب ضد الشيعة. هم يريدون مكاسب مجانية غير محددة تمنح لهم من قبل الشيعة فقط. بينما لايزال القليل منا يتقمص دور الضحية في خطابه وحركته السياسية، لينتحر على المستوى الشعبي، في القريب العاجل. الجماهير الشيعية كما هي الكردية لا تريد من المسؤول الفلاني ان يتحدث بضمير الجلاد على حساب مصلحة وأمن الذات النوعي. لأن الوضع الأمني المتدهور لا يمكن ان يتحسن بالخطاب السياسي المجامل المبني على تزويقات لفظية أو استعارات بلاغية لازمة لثقافة الأنشاء، ولا بنظريات سياسية خاطئة بالتوجه للجوار الطائفي الذي يمقت شيعة العراق وكورده. وانما بقراءة مسؤولة وواعية وشجاعة للحدث السياسي والوقوف بحزم ضد المتجاوزين، وأخذ قرارات جريئة بتقديم المحرضين على الجريمة للعدالة، الخطباء والكتاب الذين يهيجون الدم الطائفي والشوفيني في قلوب المخاطبين. وهاهم التيار الصدري بجانب اخوانهم الشيعة الآخرين يطالبون هيئة الضاري بتكفير الزرقاوي، لنصل الى منعطف وضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها، وان نعتمد اسلوب السهل الممتنع في الخطاب السياسي الداخلي بالخصوص. كم قال الخيرون سابقا بضرورة تجهيز الشعب بكل الأمكانيات اللازمة لدفع الضرر عنه، وكم عرض الخيرون من بعض قادة المقدمة أمكانيات أحزابهم وتنظيماتهم وجمهورهم بهذا الأتجاه. وقد قلنا سابقا ولا زلنا ان من واجب الحكومة المنتخبة مهمة تمكين اغلبية الشعب على جميع الأصعدة لترتفع الى مستوى تحمل هذه المسؤولية التاريخية في الأنتقال الى جبهة الفعل والتصدي دفاعا عن النفس والعرض والمال. هذا كلة يتطلب توفر جهد كاف لأعادة امكانيات الدولة وأجهزتها الأمنية لتتناغم مع مصالح الأغلبية المهمشة، ويأتي ذلك بمساعدتها في تشكيل لجان شعبية من بين الطبقة الواعية ومن المتضررين من جرائم البعث الماضية والحالية، مهمتها تسجيل اسماء البعثيين الذين كانوا قد احتلوا أو لازالوا يحتلون مراكزا حكومية مهمة على مستوى القرى والنواحي والأقضية وانتهاءا بمراكز المحافظات وكشف اسماء المعروفين بالفساد والأفساد، وتشكيل لجان مهمتها البحث عن المجرمين البعثيين الهاربين لجلبهم الى مناطقهم وتقديمهم للقضاء، علما ان الكثير من ابناء المتضررين لديهم الأدلة الكافية التي حصلوا عليها اثناء مداهمات المراكز الأمنية عند سقوط الطاغية. على الحكومة اسئناف عملية تجفيف مستنقع البعث، تفاديا لتجمع بعوض الجريمة وذباب الفساد وديدان المقابر مرة اخرى, وان تنصف العوائل المظلومة والمهجرة, وان تجعل من التعمير بديلا للهدم والأنصاف بديلا عن الظلم, وان تنبذ الفرقة والخلاف بأجتناب اسبابه التي اهمها التعصب للأنتماءات سواء كانت للأشخاص أو الجهات ومحاولة الغاء الآخر, بل لابد احترام وجهات النظر خصوصا داخل جبهة الغالبية المستضعفة وان نجعل من انماط الأداء المختلفة, ادوارا تصب في النهاية في هدف واحد. كي يبزخ فجر العراق الجديد صحوا واضحا بعد عتمة ليل سفاحي العراق من البعث الصدامي والسلفية التكفيرية بجرائمهم السادية الفظيعة من تقليم الرؤوس والرقاب لأستعادة السلطة والأفلات من جرائمهم الماضية بحق هذا الشعب المغلوب على امره. قلنا سابقا لتبدأ المحافضات الشيعية عن طريق مجالسها المنتخبة بسن قوانين عملية تفعل من أجتثاث البعث وتطبق فقط في المحافظة المعنية. ان اجراءا كهذا ممكن ان يشبه بحيله شرعية، تعضد من اصرار جهات مهمة في الحكومة المركزية المنتخبة وهي تجاهد في أبعاد البعث, كما تبتعد من الضغظ الأمريكي المباشر بحجة حماية مصالح " فئات مهمشة " أو مغازلة الأرهاب البعثي السلفي بتقديم تنازلات سياسية لهم. كل هذه الأسباب غير موجودة في الواقع العملي لمحافظة النجف كمثال، حيث لاأرهاب كي يساوم أو يكافأ, ولا سنية أو قل سلفية ربطت مصالحها بل أوقفتها على وجود البعث المجرم. ومن هنا يكون لامنطقيا تدخل الأرادات الخارجية وفي مقدمتها أمريكا في شؤون خاصة بأهالي محافظات وافقوا بالأجماع لسن قانون ما يجدون فيه ضمانه وجودية لهم ولأجيالهم القادمة بعيدا عن الدستور. وعن القوانيين التي ستنبثق عنه، ومن أجل الضغط المباشر من قبل المحافظات الشيعية بأصدارها رسالة واضحة للذين لاهم لهم الا أرجاع صدام أو الصدامية، بأن التاريخ لا يعيد نفسه بشكل جدي، وان مسعاكم هذا يضمر في داخلة جذر تقسيم حقيقي للعراق بعد تقسيم نفسي للعراقيين. رسالة تقول لهم يجب عليكم ان تدينوا المظاهرات التي ترفع صور صدام وتسخر من مقابرنا الجماعية ومن عظام أبنائنا وشرفاء قومنا. تقول لهم كيف تنادون بوطن واحد وانتم لا تدينون هؤلاء الأراذل في الداخل، بل تحتضنون صنفهم النوعي القادم من الخارج ليدافعوا عن قتلة العراق من البعثيين الصداميين. نقول لهم ان لم تتحركوا لأنصاف الأغلبية الشيعية أصحاب الأرض والثروة، فلا خير في وحدة وطنية تصهرنا في بوتقة الجريمة والأرهاب وتعيدنا الى أزمنة المقابر الجماعية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |