|
تصريحات سعود الفيصل والموقف الأميركي
القى الأمير السعودي بكلمة أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، بأن الأمريكان سيسلمون البلاد الى أيران،مهاجما الدستور العراقي المكتوب من قبل الشعب، بقوله أنه سيعزز من مكانة الشيعة والكورد على حساب العرب السنة. وهنا لاأريد ان أتوقف عند دوافع الأمير، وتبادل الأدوار الخيانية بينه وبين عمرو موسى وقزم الأردن ضد العراق الجديد. فقد كتبنا ثلاثة أجزاء لجذور العداء واوضحنا أبعاده التاريخية الدينية والجغرافية والنفسية والأقتصادية. وكم كنت أرغب ان أستعرض جرائم الوهابية عبر التاريخ ضد كل مايمت للتشيع بصلة. لكن نأجله الى فرصة أخرى كي ندخل في صلب موضوع الأتهامات والتحريضات السعودية الأخيرة، وهذه المرة أرغب ان أستعرض المقالة بشكل نقاط. أ- تعتبر تلك التصريحات تحريضية وتتجاوز كل الأعراف واللياقات الدبلوماسية، خصوصا أنه ألتقى بالمسؤولين العراقيين قبل أيام، وكأن الشعب العراقي صاحب أول حضارة هو شعب قاصر يفتقد الى نصائح أجلاف البدو من الوهابية. وكأن العرب السنة يتعرضون الى أبادة جماعية، متناسيا قول المرجع الأعلى السيد علي السيستاني بأنهم أنفسنا ولا يجوز أبدا ألثأر حتى من المجرمين وترك كل ذلك للقانون العراقي. ب- أين كانت ضمائركم وانتم تذكرون الأمريكان بسنة 1991، وتحريضكم لهم بأطلاق يد المجرم صدام لينتقم من مئآت الآلاف من الشيعة، لتزرع عظامهم أرض المقابر الجماعية. أنكم أول من أعترفتم بدولة طالبان التكفيرية ولم تدينوا الأبادة الجماعية ضد الشيعة " عفوا أقصد الرافضة " في مزار الشريف وباميان. هل كانت ضمائركم حينها تائهة في كهوف الصمت ؟ ياأصحاب غزوة الحادي عشر من أيلول. هل أعطيتم شيعة السعودية حقوقا متساوية مع أقرانهم في الوطن، كي تلتفتوا بعدها لحل مشاكل لا توجد الا في عقلكم الرعوي ؟. لم تكتفوا بكل ذلك ياسمو الأمير لتذهب سمومكم الى جنوبكم الغربي، وبالذات ضد الأمامية في اليمن، أسألك هل اليمن لها حدود مع أيران كي تبتلع إإإ. لماذا لم تدينوا المذابح الجماعية التي ترتكب من سلفييكم ضد العشرات من شيعة العراق يوميا، من بسطاء يسعون الى مكاسبهم ومعايشهم بصدور خالية، ألا من الأيمان وحب الحياة ؟ وقبلها ساعدتم صدام وهو يذبح شعب العراق وينتهك الحرمات ويثكل الأمهات ويرمل النساء ويشعل الحروب وينتهك المقدسات ويبيع العراق أو يرتهنه. أنكم ايها الوهابيون لستم من فصيلة البشر، وانما انحدرتم الى تحت مستوى وحوش الغابة. انه زمانكم الطائفي يستيقظ من مستنقعه بتصريحاتكم ضد الشيعة، لتظهروا ككائنات ممسوخة، وهي تنتظر مستبشرة بمواسم أمطار نزيف دماء أتباع أهل البيت (ع)، فقتلهم حلال وفق مذهبكم وسفك دمائهم مستباح، بل مبعث للشعور بالفرح والغبطة في شارعكم الطائفي. ج- ربما أذهلتكم مشاهد الملايين وهي متجمعة في دائرة الولاية في كربلاء المقدسة، رغما عن انوف الحاقدين والمرجفين. أسمحوا لي بأخباركم عن أمتلاككم لأشد أسلحة الدمار الشامل ضد البشرية، وهي الكراهية للآخر والحقد عليه. ان مشكلتنا معكم تبدو من تصريحاتكم، بأنها أمتداد لذلك التاريخ الطويل من الصراع بين اتباع الحق والولاية وجنود الباطل من شياطين الأنس والجن بالأيحاء أو بالأعلام المباشر لتشويه صورة الواقع، بجعلها مغايرة للحقيقة, أو فتحها على متاهات الفرضيات والأحتمالات والسيناريوهات. د-لا نستطيع الا ان نربط هذه التصريحات السعودية، بما هو جار داخل العراق وخارجه لأعادة عجلة العملية السياسية الى تلك المرحلة البائدة على خط التاريخ الصدامي البعثي الدموي، وكما ذكرت التقارير من مؤتمر بروكسل الذي أنعقد قبل عدة أسابيع، والتي شهدت على هامشها مشاورات بين شخصيات أعلامية بعثية معروفة، وشخصيات طائفية كالباججي من جهة وبين مسؤولين بريطانيين وأمريكيين. أستعرض الجانب الأول مستقبل لعلاقة بين السنة العرب أو من يمثلوهم وبين الأمريكان قائمة على اساس نفس اللعبة الصدامية بالتخويف من خطر الأتجاه الأسلامي الشيعي ومن حكومة الدكتور الجعفري بأيصال رسالة للجانب الثاني مفادها ان المجلس الاعلى ومنظمة بدر وحزب الدعوة لهم ارتباطاتهم مع ايران وان هذا التيار يمكن ان يشكل خطورة كبيرة على مصالح الولايات المتحدة الاميركية ، بل وان الصحفي سعد البزاز، طرح سيناريو لعراق في ظل هيمنة المجلس الاعلى وحزب الدعوة، وبالتالي هيمنة ايران على المشروع السياسي العراقي وقدمه على شكل ملف كامل للاميركيين ووزع نسخا منه لوفود الدول الاوروبية المشاركة في مؤتمر بروكسل، حوى على مقدمة موسعة عن " الاطماع الايرانية في العراق"، وفيه توثيق لادعاءات منه بان شيعة العراق كانوا دائمايرون انفسهم جزءا من الهيمنة الايرانية في المنطقة. وحوى التقرير على افتراءات على الوضع الشيعي في العراق وشيعة العراق بشكل خاص. ه- نذكر كل ذلك ونربطه بما يتعلق بالفلسفة الذرائعية المميزة، والمخترعة اميركيا، وهي اساس اكبر وضوحا لمقارباتهم السياسية ولعشرات السنوات الماضية لحد هذه اللحظة بالطبع, كل شئ في خدمة المصلحة المتمثلة بالأنتاج الكمي والتفوق في نوعيته, دون النظر الى تداعيات سلبية محتملة كنتيجة لها, بل التركيز كستراتيجية على ارباحها المستقبلية, الحق في خدمة القوي وما يصلح له, أما الباطل هو العكس تماما. دون النظر وبصورة اكثر شمولية للنتائج, ان كانت رشدا أو غيا كما قال رسول اللة (ص) " أذا اقدمت على أمر فتدبر عاقبته, فأن كان رشدا فأمض, وان كان غيا فأنتة " على اساس ذلك كانت الأدارة الأمريكية تراهن على معادلة انتخابية معينة هم ذكروها بالأرقام والنسب, تكون نتيجتها بأن يصبح الأئتلاف العراقي الموحد معارضة برلمانية كبيرة بعد ان تتوافق بقية القوى وتتحد بعد الأنتخابات لتكوين كتلة اغلبية تستطيع تشكيل الحكومة وأن يكون لها تأثيرا كبيرا في كتابة الدستور الدائم, الا ان هذا لم يحصل لعدة اسباب منها حصول قوائم معينة على مقاعد قليلة او معدومه كقائمة الياور والقوائم اليسارية واللبرالية والملكية من جهه وتعبئة قائمة الأئتلاف العراقي الموحد لسواد المظلومين والمستضعفين الذين هم بدورهم قد ادركوا حجم المواجهه وخطورة الموقف وتاريخيته ليقدموا الأهم على ماهوادنى خطورة وأقل اهمية. أوقعت نتيجة الأنتخابات الجانب الأمريكي في حالة أرباك فهو أمام استحقاق ديمقرطي لاتستطيع القفز عليه، ففي الوقت التي تريد من تجربة العراق ان تكون مثالا يطبق في بقية دول المنطقة ضمن مشروعها " للأصلاح ", الا انها في المقابل امام اغلبية طالما كانت تتوجس منها في السابق " لأسباب معروفه تعود لطبيعة سياساتها في الشرق الأوسط ". وهنا يأتي دور الأمير السعودي في تعزيز وتفعيل تلك المخاوف، فكانت تلك التصريحات الأستفزازية، وشبه النادرة لمن يتتبع حذر السعوديين من الكشف الأعلامي عن مايرمون له. فامام كل هذه التحديات لا يوجد من مخرج للشيعة سوى أشتراك جميعهم كتلا وأحزابا وتنظيمات وتيارات في العملية السياسية القادمة، ونبذ الأختلاف، وجعل أنماط الأداء المتباينة نوعا ما متجهة لتصب في مصلحتهم، وان يشددوا على الفدرالية لمناطقهم، مهما كانت أبعادها الجغرافية، وان يتحركوا سياسيا وأعلاميا بصورة أكبر، خاصة ان الكثير من المؤشرات تتجه نحو حقيقة تراجع أمريكي واضح عن مشروع " دمقرطة المنطقة " وما قبولها بالشرعية الهزيلة للأنتخابات المصرية الا دليلا يؤكد هذه الحقيقة. رغم عزمها على بقائها قطبا أوحدا في العالم ولا يتحقق ذلك الا بالسيطرة على مقدرات البترول العالمي حتى لوكانت هي غير محتاجة الى نفط المنطقة كحاجة اليابان مثلا، لكنها تحتاج الى الهيمنة على السوق العالمي للنفط وتوجيهه بالشكل الذي يكرس لها الهيمنة المطلقة على العالم. هذه ليست دعوى لنا للوقوف ضدها، وأنما التعامل معها وفق هذا المنطق، خاصة الشيعة العراقيين هم اًصحاب أضخم مخزون نفطي عالمي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |