|
هل رضي عن الجعفري أحد ؟؟؟ ساهر عريبي
تولى الدكتور الجعفري رئاسة الحكومة العراقية بعد مخاض عسير , عقيب أول إنتخابات حرة في تأريخ العراق ولدت هذه الحكومة من رحمها. وكان للبدايات المتعثرة في عملية إنتخاب رئيس الوزراء من داخل قائمة الأئتلاف , وكذلك في عملية تشكيل الحكومة بالأتفاق مع التحالف الكردستاني الأثر الكبير في التأثير على إلأداء الحكومي لاحقا. واليوم وبعد أنقضاء عدة أشهر من عمر هذه الحكومة , يبدو رئيسها الجعفري في وضع لا يحسد عليه, ولايبدو أن هناك طرف أساسي من أطراف المعادلة السياسية العراقية راض عن الدكتر الجعفري. فعلاقة الدكتور مع الحزب الذي ينتمي إليه وأقصد حزب الدعوة الأسلامية يشوبها الكثير من الفتور وقد تصل في بعض الأحيان ألى حد القطيعة مع العديد من القيادات الدعوتية المعروفة, والأسباب مختلفة ومتعددة ولعل أحدها هو تفرد الدكتور بأتخاذ القرارات وتجاوزه للحزب فضلا عن إحاطته بعدد من العناصر التي لا تحبذها قيادات الدعوة إضافة الى النهج الذي سلكه الدكتور منذ توليه الحكم والذي يتعارض مع الخط العام لحزب الدعوة. وأما علاقته بالأئتلاف فلم تكن ومنذ البداية بالوثيقة على خلفية معركة التنافس على رئاسة الوزراء والتي حسمت لصالحه رغم ترجيح غالبية أعضاء الأئتلاف لشخصية أخرى لتولي هذه المنصب. وكذلك بقيت علاقة الجعفري بالمجلس الأعلى ومنظمة بدر محكومة بالصراعات والتنافسات التأريخية التي طبعت علاقتهما سابقا, فضلا عن إختلافهم في الرؤى حول العديد من القضايا الهامة كالعلاقة مع الأطراف العراقية الأخرى والعلاقة مع دول التحالف. ولقد أنعكست هذه الخلافات على الواقع العملي من خلال عدم تعيين ودمج العديد من منتسبي المجلس وبدر في مؤسسات الدولة العراقية مما أثار غضبا وتذمرا في تلك الأوساط. وأما علاقته مع شريكه الأساسي في الحكم وهو التحالف الكردستاني فلم تكن بالوطيدة ومنذ البدء بتشكيل الحكومة , ولقد إستمرت خلافاته مع التحالف إلا أنها لم تطفو على السطح إلا بعد أن بلغت حدا يهدد بالأطاحة بالحكومة وهذا الأمر دعا برئيس الجمهورية الى التصريح علنا بوجود خلافات مع رئيس الوزراء. ولعل أهم أسباب هذه الخلافات هي حدود الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية ولنواب رئيس الوزراء وكذلك صلاحيات بعض الوزراء كوزير التخطيط والأنماء. وكذلك فأن بعض الأطراف الممثلة بالحكومة لاتخفي تذمرها من الدكتور وتسعى ألى تحميله مسؤولية تردي الوضع الأمني والخدماتي في العراق. وأما دول التحالف فهي كذلك تبدو غير راضية عن الجعفري على خلفية مواقفه السابقة والمعارضة لعملية إسقاط صدام وكذلك تأكيده في مختلف المناسبات على ضرورة خروج قوات الأحتلال في أسرع وقت, ألا أنه وبعد توليه لمنصب رئاسة الوزراء غير من لهجته وأعتبر أن بقاء هذه القوات ضروي وأن دماء أبنائها قد أختلطت بدماء العراقيين وهذا مما دعا الرئيس بوش إلى تفسير هذه المواقف الجديدة على أنها (تقية) من قبل الجعفري. ويعكس هذا الأستياء عدم أستقبال الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني للدكتور عند زيارته الأخيرة للولايات المتحدو وبريطانيا. ولم يكن حظ الدكتر الجعفري أفضل حالا مع حلفاء الأمس وأقصد الأيرانيين الذين أثار سخطهم عندما صرح بأن العراق لن يتدخل أن شنت الولايات المتحدة حربا على أيران على خلفية ملفها النووي وهذا يعني الموافقة على أستخدام الأراضي العراقية في أي هجوم أمريكي محتمل على إيران. وأما الشارع العراقي فلقد ذاق ذرعا بالوضع القائم وبالأداء الحكومي الذي لم ينجح في تحسين الوضع الأمني الذي يشهد ترديا يوما بعد أخر وكذلك الوضع الخدماتي السيئ والذي لم يتحسن ولربما قد انحدر نحو الأسوأ. وخلاصة القول أن الدكتور الجعفري لم يرض عنه أحد ولم يرض أحدا سوى الدائرة الضيقة التي تحيط به والتي نجحت في عزله عن الكثيرين فهؤلاء هم الراضون عنه مقابل سخط الكثيرين. ولرب قائل يدعي بأن الله راض عن الجعفري ,ألا أن هذا الأمر في علم الغيب الذي لايطلع عليه أحدا. ولعل أحد الأسباب الرئيسية التي أوصلت الأمور الى ما وصلت اليه هي سياسة الدكتور القائمة على مسك العصا من الوسط ومحاولة إرضاء الجميع فهذه السياسة لم تؤدي ألا الى سخط الجميع وترك الدكتور وحيدا في مهب الريح.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |