ثلاث وصايا سيدي المواطن

علي ماضي

alimadhy67@yahoo.com

بعد التغيرات ألأخيرة التي حصلت في العراق وخصوصاً ان هذه التغيرات مستوردة ولم تكن من نتاج الشعب العراقي الخالص ، وعليه فهي(التغيرات) فاقدة لخاصية التدرج ، ولم يستطع العراقي البسيط من ان يستوعب حجم التغير وخصوصا على المحور السياسي كبروز الدميقراطية كآلية سياسية لتداول السلطة . لكونه عانى ما عاناه من ظروف طيلة العشرين سنة الماضية من فقر مدقع وحرمانه من حقوقه في التعليم ومنعه من ألاحتاكك بالعالم الخارجي ،واستطيع القول ان العراقي كان يتأخر بسرعتين سرعة تقدم العالم وسرعة تراجعه .لذا اجد انه من المناسب ان نسلط الضوء بشيء من التبسيط على الدميقراطية .
فالدميقراطية لاتعني التداول السلمي للسلطة فحسب ،وانما تعني ايضا حكم الشعب لنفسه ،وبعبارة اخرى ان الفرد البسيط أصبح هو الحاكم الحقيقي ،هو الذي يعين الساسة لأدارة شؤن البلاد ، بواسطة بطاقات ألأنتخاب،أمّا في ألأنظمة الراسمالية المتقدمة تلك التي تعتمد ميزانية الدولة على مايدفعه المواطن من ضرائب فان هذا المواطن هو الذي يدفع رواتب موظفي الدولة من اصغر موظف خدمي وصولاً الى رئيس الوزراء، رئيس الجمهورية...ألخ. ويمكن تصوير المشهد وكأن المواطن صاحب شركة وعيّن لديه مجموعة من المستخدمين ليؤدوا له بعض الخدمات ،ولكي يكون صاحب شركة ناجح عليه ان يتعلم فن إدارة هؤلاء ألأفراد.
ولكي تكون إدارته ناجحة ،هناك قواعد مهمة يجب ان يدركها و لايتنازل عنها ابداًومنها :
1. لايوجد فرد أو هيئة فوق نقائص الطبيعة البشرية (معصوم) وعليه لايجوز تسليم فرد او هيئة ما صلاحيات مطلقة. ومراعاة لهذه القاعدة فعلى المواطن ان يضع ألأسلامي بجانب العلماني ومعهم باقي التيارات ألأخرى معا يتنافسون من اجل كسب صوته ألأنتخابي ،وبخلافه اي اذا انفردت به جهة واحدة فانه (المواطن) سيكون محكوما لا حاكما وبالتالي مضطهدا لا محالة ،لذا ترى المواطن الغربي لكونه صاحب باع طويل في النظام الدميقراطي ، اذا اعطى رئاسة الوزراء لحزب يعطي ألأغلبية البرلمانية لخصمه ليجني من حصيلة الصراع بين الضدين تحقيق مصالحه . وما يجري ألآن على الساحة العراقية من تحالفات وتكتلات تصب في النهاية بمصلحة المواطن البسيط ( فيما لو عرف كيف يدير ويحرك خطوط اللعبة السياسية)لأن ذلك سيشعل فتيل المنافسة ويجعل ألأحزاب والتيارات تتفانى في خدمته . والحقيقة ان من حسن حظ المواطن العراقي انه يعيش في مجتمع مختلف ألأطياف، و لوكان ألأمر منوطاً بأدراكه العام فحسب فمن المؤكد انه سوف يُسيّد جهة ما ويمنحها صلاحية مطلقة. لأنه اعتاد على النظام المركزي او الدكتاتوري .
2. العدل حسب المفهوم الحديث يعني التوازن ،وهذا التوازن غالبا ما يحصل نتيجة الصراع بين الفئات المختلفة شريطة ان لايكون صراعا داميا وانّما حضارياً بناءاً يكون البقاء فيه للأفضل . وكمثال واقعي الان فان الدستور العراقي لو كُتب من قبل فئة واحدة واستُبعدت الفئات ألأخرى لكان منحازا لتلك الفئة تماما ومضطهِِداً لباقي الفئات ألأخرى . فالصراع والشدّ والجذب انتج توافقاً يحقق بشكل متوازن مصالح الجميع .اما التعامل مع العدل وكأنه خط مستقيم فمن كان يسير على هذا الخط فهو مع الحق وما سواه باطل. فهذه افكار عفا عليها الزمن. لاتورث غير التعصب ألأعمى . ومفهوم العدالة المغلوط هذا يشكل الان احد دعامات ألأرهاب ألأساسية بحسب رأي.
3. ألأفضل هو ألأقدر على تقديم المنافع لأكبر شريحة ممكنة من النّاس بغض النظر عن الدين او المذهب او العرق او الجنس، وليس ألأقوى او ألأكثر بطشاً ، لقد أشار القران(في سورةالكهف) الى الصراع الفكري الذي دار بين العبد الصالح والذي تعمد القرآن ان يبقي شخصيته نكِرة غير معروفة والشخصية ذات ألأمتداد ألألهي موسى النبي ونتيجة الصراع الفكري كانت بأنتصار أفكار الشخص المبهم العاري عن ألألقاب والعناوين لسبب بسيط ألا وهو ان افكاره كانت هي ألأفضل او ألأقدر على تقديم المنافع .وكانت القصة بحق تجسيد واقعي لمجريات التنافس بين ألأفراد لا بل والحضارات ايضاً ولمن ستكون الغلبة في نهاية المطاف، على قاعدة اما (اما الزبد فيذهبُ جُفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في ألأرض) .
اذا يا ايها الفرد البسيط يا امبراطور العهد الديمقراطي الجديد ، كن حازما مع التيارات وألأحزاب السياسية كافة ،لاتنساق وراء العواطف والمشاعر التعصبية ،لاتخجل من ترجيح كفة من يقدم لك اكبر كم من المنافع بغض النظر عن انتماءه ،لاتغرنّك العناوين البراقة مثل مرجعية ويسارية وغيرها فمصلحتك الحقيقية تكمن في ان يتنافس الجميع من اجل ان تمنحهم صوتك، فقد ولى ذلك الزمن الذي كنت فيه تتسكع على ابواب ألأحزاب تستجدي من يمنحك تزكية لتعمل كحارس في احدى مؤسسات الدولة، انه دور ألأحزاب والتيارات الدينية التي يحلو للبعض منها ان يسمي الناس (العوام) للدلالة على انهم اقل مرتبة منهم انه دورهم ليستجدوا صوتك. ولاتنسى من انك خطوة مهمة للأجيال فأحرص على ان تكون خطوة صحيحة.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com