كلنا تيسير علوني .. كلنا طالبان!!

طارق حربي

tarikharbi@chello.no

www.summereon.net

بعدما ألقت القوات الأسبانية المختصة القبض على تيسيرعلوني (4 سبتمبر/ أيلول عام 2003 )، في إطار تحقيقات يجريها القاضي غارثون، في ملف خلية القاعدة بإسبانيا، أطلق طاقم فضائية الجزيرة الطائفية إنذارا مبكرا، يشبه (الإنذار جيم!!) أخطر إنذار حربي كنا نتلقاه، من ضباطنا العراقيين الأوغاد في شرق البصرة، باحتمال هجوم إيراني وشيك!!

وفي سياق حملة واسعة لإطلاق سراح الناطق الرسمي لحركة طالبان، زين مذيعو الجزيرة (زلما ونسوانا) صدورهم (بميداليات) صنعت في مطبخ الجزيرة على عجل!، وحملت اسم وصورة علوني دلوني وين الباب!!، وسمعت مذيعا ينهق في نهاية إحدى نشرات الأخبار، مشيرا بإصبعه إلى الميدالية : كلنا تيسير علوني!!
وضحكت على زماني طويلا!!

 زماني الملتبس العجيب حيث يتبوا قصير الثوب مكانا مهما في أكبر صرح إعلامي في عصرنا، مخاطبا  ملايين المشاهدين في العالم العربي والعالم، من أنفذ الشاشات العربية الفضائية قاطبة، حيث يصفها توماس فريدمان الصحفي المتخصص بالشؤون الدولية في (النيويورك تايمز) بأنها (تستخدم تقنيات القرن الواحد والعشرين!)، عبر رأس مال قطري المعلن منه فقط 40 مليون دولار، عدا إسهامات الشيخه موزه زوجة أمير قطر!
وفي الوقت الذي سارعت فيه الفضائية الطائفية إلى اتهام القضاء الأسباني بعدم حياديته، وأن قضية اعتقال علوني هي قضية سياسية، مالبث اللغو العربي أن اشتد في ستوديوهاتها، إلى حد اتهام أسبانيا بعودة محاكم التفتيش فيها!!، وراحت تحشد الأصوات مااستطاعت إلى ذلك سبيلا، وغلى أي جيب وصلت مكافآتها ومغرياتها : منظمات ظاهرها إنساني وباطنها لايعلم به إلا الله ، أقلاما مأجورة وذمما اشترتها من أسواق النخاسة العربية، اجَّرت مواقع إلكترونية إحداها يدعى freetayseer.com، ومن أرض الكنانة جعر مصريون من ملتهمي الباقلاء يعني من الوزن الثقيل!!، من وزن منتصر الزيات شيخ محامي الحركات الإسلامية، وغيره من الأخصائيين في الدفاع عمن هم من نفس فصيلة دم علوني، والإخوان المسلمين في قناة الجزيرة!
وأمام (الكاميرا) أوقف أطفال فلسطينيون غزاويون أقسم أنهم لايعلمون من هو علوني ولماذا ألقي القبض عليه وأين هو الآن!!؟، واستجدت بهم الجزيرة المزيد من الدموع والتواقيع، على طريقة المعلم (زيطه) صانع العاهات في رواية نجيب محفوظ الشهيرة زقاق المدق!، ولم يتوقف شريط الاستجداء المتحرك على الشاشة ليلا ونهارا، وطاقم الجزيرة نفسه أول من يعلم بأن تلك الحركات البهلوانية، لاتنفع في إطلاق سراح نملة واحدة من سجون أسبانيا، لأسباب منها أن سلطاتها المختصة لابد جمعت أدلة دامغة لتورط علوني باالمساعدة أو التحريض أو التغطية على صوت الإرهاب في أسبانيا!!، الدولة التي فتحت ذراعيها له ولأطفاله وزوجته وأطعمتهم وكستهم ومنحتهم جنسيتها!، وأنقذتهم من بؤس الأنظمة العربية الفاشية الشبيهة بنظام طالبان نفسه، كما أن الجميع يعلم بأن أسبانيا تتمتع بقضاء مستقل مثلها مثل بقية دول أوروبا الغربية، التي في مسعى حثيث منها وقعت في السنوات الأخيرة، على معاهدات للحد من الإرهاب على أراضيها، وملاحقة الإرهابيين وتسليمهم بعد توحيد قوانين الإرهاب والملاحقة في أوروبا الغربية، وآخرها كان في تفعيل تلك القوانين في بريطانيا، بعد عمليات لندن التي ذهب ضحايا لها أبرياء.
إنه قضاء مستقل قرر أول من أمس اصدار حكم بالسجن لمدة 7 سنوات على علوني بتهمة التعاون مع تنظيم القاعدة، و27 سنة على زعيم تنظيم القاعدة في اسبانيا السوري عماد الدين بركات جركس "ابو دحداح" بتهمة "التآمر" لتنفيذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. قضاء مستقل يقول كلمته بشفافية أين منه القضاء في مصر مثلا، أكبر دولة عربية فيها رئيس لايستحي، حيث تدفع الرشاوى لبعض المحامين والقضاة وشهود الزور، لإطلاق سراح مشتبه فيه أو تبرئة مجرم!!، والقضاء الأسباني لايشبه القضاء المزيف السعودي حيث توضع الأصفاد في أرجل مدخن الحشيشة (شاهدت ذلك في مدينة جده 1992)، جنبا لجنب مع سجين الرأي!! ويطلق سراح مُغتصِب طفل من أبناء المقيمين، بتدخل من واعظ وهابي أوشيخ تنبعث من ثيابه رائحة النفط والمخدرات!  
كما ليس من حق الجزيرة أن تتقول على القضاء الأسباني أو أي قضاء آخر في أوروبا الغربية، بأكاذيب مفضوحة مفادها أن قضية سجن علوني مسيسة، طبعا ليس دفاعا عن أسبانيا أوأي من دول اوروبا الغربية أو الولايات المتحدة، فلكل واحدة من تلك الدول أخطاؤها الشنيعة والوحشية ضد شعوب العالم، أينما وجدت مصالحها وأطلقت بارودها ووضعت مخططاتها واستعمرتها، سواء في عالمنا العربي أوالإسلامي أو في أماكن أخرى، لاسيما الدول الاستعمارية : هولندا والبرتغال وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة على سبيل المثال، وحيثما باعت أسلحتها في أسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، لكن الأولى هو نقد النظام القضائي العربي المرتهن لسلطات عربية وأحكامها القره قوشية!..أستحوا على نفسكم أولا!!

وفي نفس سياق قضية علوني فإنني أرى أن فضائية الجزيرة، هي إحدى أدوات الصراع في الشرق الأوسط، لاسيما بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، وبروز الإسلام عدوا أول للولايات المتحدة الأمريكية أوهكذا على الأقل تم تصويره، لغرض بيع المزيد من ألاسلحة في الشرق الأوسط وتمرير سياسات ومخططات، لقد أمسى واضحا أن الجزيرة تثير حكومات وشعوبا على حكومات وشعوب أخرى، وتنفرد بمزاجات إخوان مسلمية وصناعات خبرية مثيرة في طبخات سرعان ماتفوح روائحها على الشاشة، وتثير الشحناء وتبعث بعض برامجها على الكراهية والضغينة والنصب على المجموعات والقوميات والإنيات والأفراد ومنظمات المجتمع المدني والأفكار العلمانية، مايعني خروجها عن الحيادية والمهنية الصحفية والأمانة في عملها، وبدت وكأن على شاشتها تجري تصفيات حساب بين كل الأطراف المذكورة، لهذا وغيره تحتاج الجزيرة هي الأخرى إلى إصدار حكم قضائي دولي، إلحاقا بالحكم على علوني، ودمغها بالإرهاب والتحريض عليه لاسيما في أوساط الشباب، حيث تلقنهم مبادىء الطائفية بالألوان الزاهية وتقنيات نقية عالية الجودة، ناهيك بالوقوف بوجه جهود التطوير والتنمية والتنوير في العالم العربي.

ففي أشهر برنامج تقدمه على شاشاتها (الاتجاه المعاكس) قدمت علوني نفسه في إحدى الحلقات، ليحكي للمشاهدين عن بطولات طالبان ودافع عن ظلاميتهم القروسطية وأهدافهم المجرمة، بنبرة لاأعلى منها وقد فسح له المجال لكي يخاطب الناس،وكأن شعار محاربة الولايات المتحدة لايرفعها إلا البرابرة قصار الثوب، بدلا من التقدم العلمي والخطاب التنويري، مما يحرض طبقات واسعة من الشباب العربي العاطل عن العمل والمحروم، المحتقن والحاقد على سياسات حكوماته المستبدة، في طريق الجزيرة الطويل بحثا عن بطل عربي تعويضي، وإن كان نسخة تلفزيونية كارتونية في زمن الإنكسارات والهزائم العربية، وكل ذلك يجري في حضرة الضيف العلماني الذي يبدو فاغر الفم ضعيف الحجة غالبا ماينتهي كأضحوكة على الشاشة!
  وبقدر مايتعلق الأمر بصب الزيت على النار العراقية المشتعلة منذ أكثر من سنيتن، والشبيهة بنار كركوك الأزلية، فإن مقدم البرنامج لايتورع عن دعوة أحط خلق الله من العراقيين للحوار والتناطح والزعيق حتى تناثر اللعاب على الشاشة!!، وجل هؤلاء ممن لفظهم شعبهم فمدتهم القوى العربية الإقليمية  المتربصة بشعبنا بالمال والجاه والفضائيات، وفتحت لهم مطاراتها ومكاتبها الصحفية المشبوهة في العواصم، وأبواب صحفها ومجلاتها ليملأوها باللغو والكلام الصفيق وغير المسؤول، نفر ضال لاينتصرون لقضايا شعبهم المصيرية ولاتسعدهم العملية السياسية ولاتطربهم التحولات الجارية في العراق!
 يختارهم القاسم لبقين زاعقين إذا ضعفوا في تسويق بضاعتهم  الكاسدة على الشاشة، ساعدهم  وشد من أزرهم وانقلب على الضيف المقابل، وقد ندت منه شفة شامتة وأخرى مبتسمة خالية من الود!!
لكي يرضي أهواء القائمين على الجزيرة وهم ( مفتي الجزيرة القرضاوي المدعوم بالبترودولار القطري والأب الروحي لعلوني، والقرضاوي بالمناسبة له أكثر من وظيفة في قطر فهو مفتي شركات دجاج وزواج التسيار وعبر الإنترنت وغيرها) وبقية الإخوان المسلمين، يعلي القاسم شأن الخطاب الديني، الذي يجد له صدى في نفسه وثقافته المتبنية للخطاب القومي خطا ومنهجا، فيختار احد التنويريين الكبار في الثقافة العربية من عيار محمد أركون مثلا ليسقطه أحد الأزهريين من الإخوان المسلمين!!، ممن لايرى في فقه الواقع غير أحاديث الرسول (ص) والسيرةالنبوية الشريفة، وكل ماله علاقة بالتحريض على الولايات المتحدة وكراهيتها، بحيث لاالقاسم ولاضيفه المتآمر معه ضمنا يمنحان فسحة كافية من الوقت لكي تعبر الشخصية التنويرية عن أفكارها، وماتؤمن به من قضايا الثقافة والتنمية، ومناهضة الأنظمة الفاسدة المستبدة في العالم العربي، ولمن يطلب الإحصاءات ففي أقرب حوار ومساجلة في الحلقات القادمة برهان ودليل، وللقارىء الكريم المتابع لصناعة الخبر المضاد للعراق الجديد في الجزيرة، غير دليل على مدى مساهمتها في ترويج الخطاب الطالباني في العراق(ساهم علوني بتغطية أجزاء منه)، إلى أن قررت الحكومة في العام الماضي طرد كادر الجزيرة وإغلاق مكتبها في بغداد.

في الوقت الذي يدشن فيه العالم الألفية الثالثة، بفتوحات علمية هائلة في الشفرة البشرية والثقافة الرقمية والاتصالات وهندسة الذات الإنسانية، يسيطرعلى الجزيرة أجيال من الإخوان المسلمين المتعفلقين بالخطاب القومجي، من فصيلة تيسير علوني، في اصطفاف وعداء لكل علم وتنوير وعلمانية، في العالم العربي، وتدعم طالبان وعلوني وإبن لادن والظواهري!
وكما أدين علوني أرى ضرورة إدانة الجزيرة عبر اصدار حكم دولي باعتبارها حاضنة للإرهاب، سواء من خلال إدامة البث لتسجيلات إبن لادن والظواهري المصورة، أو بعرض المزيد من اللحى والفتاوى التي تحرض على الكراهية، ولابد في نهاية الأمر من إغلاق الجزيرة لما سببته سياساتها العدوانية تجاه الشعوب والأفراد، وتعويق الجهود الرامية إلى نشر العلمانية والتنوير في العالم العربي.

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com