|
دور التطرف العربي في انتشار فكرة دولة العرب الشيعة علي آل شفاف
تنتشر هذه الأيام وبشكل واسع ـ خصوصا بين الشباب والمثقفين من الجيل الجديد ـ فكرة إقامة كيان عربي شيعي كبير, يضم الشيعة العرب, ويكون قادرا على حمايتهم من خطر الإبادة والقتل المنظم والاستئصال. إن العامل الأساسي لانتشار هذه الفكرة, هو ما يتعرض له العرب الشيعة في العراق من مذابح وعمليات إبادة وقتل منظم تستهدف استئصالهم؛ وكذلك معاناة باقي العرب الشيعة في الدول العربية الأخرى ـ أيضا ـ من الظلم والاضطهاد والمحاربة والتكفير و(الجحود). مما عزز الخوف من أن الصراع الطائفي الحالي القائم من جهة واحدة في العراق, قد يمتد ـ أيضا ـ إلى العرب الشيعة خارج العراق؛ إذا ما استمر هذا السيل الجارف من فتاوى التكفير وهدر الدماء واستباحة الأموال والأنفس والثروات, وإذا ما استمر هذا التواطؤ بين الحكومات والشعوب العربية على محاربتهم وظلمهم واضطهادهم. ففي جو من التآمر الصريح الذي كشف عن نفسه من خلال تصريحات وزير خارجية السعودية "سعود الفيصل", واعترافه بدعم عمليات الإبادة والمقابر الجماعية التي قام بها صدام وجلاوزته لقمع انتفاضة الشعب العراقي عام 1991. ومن قبله تصريحات ملك (شرق الأردن) ووزير خارجية مصر وغيرهم الكثير, يكون احتمال تعرض شيعة السعودية والخليج ولبنان إلى مثل هذه العمليات وارد جدا. وبسبب هذا التهور والخرق العربي والمحاولات اليائسة لاستئصال الشيعة, بدأت هذه الفكرة بالإنتشار الواسع في الكثير من الأوساط العربية الشيعية, من أجل خلق كيان يضم جميع العرب الشيعة في دولة كبيرة قادرة على حمايتهم من خطر الإبادة والقتل وإباحة الدم, وتمتد في جميع المناطق التي ينتشرون فيها إبتداءا من "سامراء" شمالا, وحتى "الإحساء" و "القطيف" جنوبا, وقد تمتد شرقا لتشمل عرب "الأهواز" لكونهم عرب شيعة ـ أيضا. وإن لم يتعرضوا لهذا الخطر حاليا. إن هذه الفكرة مرشحة للانتشار السريع, إذا ما استمرت سلسلة عمليات الإبادة التي يتعرض لها العرب الشيعة في العراق, والتي من المتوقع أن يكون لها تداعيات خطيرة جدا, في خلق فكر سياسي عربي شيعي جديد ـ ليس دينيا بالضرورة ـ يقود إلى تشكيل مثل هذه الدولة. بعد فشل التيارات السياسية العربية الشيعية التقليدية (الدينية وغير الدينية) في حمايتهم. وقد يظهر جيل جديد لا يؤمن بالتعايش مع من يصر على ظلمهم واضطهادهم ومحاربتهم. وربما سيقود الأمر إلى خلق تيارات أصولية شيعية غير معقلنة, تناظر في أدائها عشوائية وهمجية "القاعدة", وربما أقوى وأفتك منها. إن هذا الكيان المفترض ـ حسب أصحاب هذه الرؤية من الجيل الجديد ـ يمتلك جميع مقومات الدولة القوية, بل الأغنى في العالم, إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار أن المنطقة التي يتواجد فيها العرب الشيعة, هي أغنى منطقة على سطح الأرض. فهي تحوى أكثر من نصف مخزونات العالم من النفط, ولها طابع واحد ومتجانس جدا جغرافيا ودينيا وقوميا وطائفيا, بل وحتى عشائريا. فلا يوجد فاصل جغرافي طبيعي بينهم وكلهم مسلمون شيعة عرب وعشائرهم منتشرة في جميع أرجاء هذه البقعة الجغرافية. على العرب الآخرين أن يحملوا هذا الأمر على محمل الجد, فيحاولوا إيقاف هذه المجازر التي يقوم بها سفهاؤهم ورعاعهم في العراق. لأنها ـ بالتأكيد ـ سوف تعزز حاجة العرب الشيعة لتكوين كيان قوي قادر على حمايتهم, وتمنعهم من قبول التعايش وفق الوضع السياسي الحالي. كما أن على العرب أن يثبتوا لشيعتهم أنهم أهل للتعايش السلمي. وإلا, فلا بد مما ليس منه بد. إذ سيكون إقامة هذه الدولة نتيجة حتمية, سببها هم ـ أنفسهم ـ وليس رغبة العرب الشيعة المدفوعين دفعا لها تحت وطأة القتل والإبادة. لأنهم ـ أي العرب ـ من أراد وعمل على القتل والتدمير والإبادة والظلم والاضطهاد. فيكون بذلك رد الفعل مقبولا. إن السكوت على ما يجري في العراق من مجازر, وفتك بالأبرياء من العرب الشيعة, سوف يكون له عواقب وخيمة؛ تسقط من جرائها جميع المسلمات السابقة, والحدود المعروفة, وخرافات التأريخ المخزي. لذا على العرب تدارك الأمر قبل فوات الأوان, لأن الاستمرار على هذا النهج سيكلفهم الكثير الكثير. فعليهم من أجل تطويق مثل هذا التوجه: · أولا: العمل على إيقاف هذه المجازر بأية طريقة كانت. · ثانيا: التبرؤ العلني من جميع أعمال الإبادة ومن فاعليها ومحاربتهم وإهدار دمهم. · ثالثا: منع وتحريم الفتاوى التي تكفر أهل القبلة وبالخصوص الشيعة منهم. · رابعا: عليهم الاعتراف بالواقع العراقي الجديد القديم في أن العرب الشيعة هم الغالبية في العراق ولهم الحق في القيام بالدور الأساسي في حكمه بما يتناسب مع ثقلهم السكاني والإقتصادي فيه. وعليهم ـ أيضا ـ عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية. · خامسا: السماح للعرب الشيعة ببناء المساجد والجوامع والمنتديات الحسينية في جميع أماكن تواجدهم في الدول العربية تماما كالآخرين. والسماح لهم بممارسة عباداتهم وشعائرهم بحرية تامة. والتعامل معهم على قدم المساواة في الدول التي يشكلون فيها أقليات. · سادسا: إبداء حسن النية والرغبة في التعايش الأخوي معهم لاسيما وأن بينهم الكثير من الروابط · المشتركة. · سابعا: منع وإغلاق جميع وسائل الإعلام المغرضة التي تشجع على التطرف وتساهم في تغرير الشباب وتخريب أفكارهم والترويج للإرهاب الأسود والقتل والجريمة الموجهة ضد الشيعة. · ثامنا: إلغاء كافة المناهج الدراسية التي تروج للتطرف والتكفير وتبيح دماء الناس بدون وجه حق. · تاسعا: عمل كل ما من شأنه طمأنة العرب الشيعة على حقهم في الحياة الحرة الكريمة الآمنة والمستقرة. وبعكسه لا بد أن يولد الضغط الحالي انفجارا لا يمكن السيطرة عليه, سيغير تاريخ وجغرافية أهم منطقة في العالم.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |