فاجعة جسر الأئمة في تقويم الحزن العراقي

فينوس فائق / هولندا

venusfaiq@yahoo.co.uk

لم أتمالك نفسي حين رايت مناظر الجموع الكبيرة من الناس و هم يتدافعون و يهربون من الموت ، و مناظر الأحذية التي غادرتها الأقدام إلى الآخرة ، و نساء يبكين و يضربن على رؤوسهن ، لم أتمالك نفسي من أن أجهش بالبكاء و أنا أرى الموت بأم عيني و هو يحصد الأرواح في وضح النهار ، كان بكاءاً من الصميم على أناس أبرياء و هم يموتون بالقنابل و الغرق و السموم في آن واحد ، و الفاعل مجهول ، الموت واحد و الطرق تختلف ، بالأمس كان العراقي يدفن في مقابر جماعية بعيداً عن أنظار العالم على يد أشرس دكتاتور ، و اليوم يموتون جماعياً لكن على يد من؟؟ و الأيدي الخبيثة التي نفذت تلك الجريمة الشنعاء و بثت الذعر في نفوس هؤلاء الأبرياء و دفعتهم إلى الهلاك هم و دون أدنى شك كفار حقيقيون من بقايا الدكتاتور المتعفن في قبره المسكون بأشباح الجريمة و القتل ، هؤلاء الذين تجري الجريمة في دماءهم و لا يتوانون في قتل الطفل الصغير قبل الكبير من أجل تحقيق غاية خبيثة في نفس الشيطان الأكبر صدام ..

فكرت في هذا العراقي الذي لطالما كان نصيبه القهر و الظلم و المصائب و الموت و الإستشهاد أينما حل ، تذكرت كلام زميل لي في العمل عندما سألني مرة: لماذا أجد دائماً نوعاً من الحزن في عيون العراقي لا أجده في عيون أناس آخرين من القوميات الأخرى ، و أضاف أن جبهة العراقي معروفة بتجاعيدها و الخطوط التي تتوزع في وجهه و التي تدل على معاني الحزن و الكرب و الكآبة ، ذلك الحزن الذي يسكن فيهم مثل الروح  ، كيف لا و العراقي يموت على مدار الساعة بالمئات ، و هاهو اليوم يموت و هو يؤدي واجباً من أقدس الواجبات ، هاهو يموت و هو يمشي في مراسيم لطالما حرم من إحياءه ، و هي مراسيمه الدينية الخاصة..

نعم و كأن السماء غضبت و أقسمت على أن ترفعهم بشكل جماعي كما كانوا يدفنون جماعياً ، و كأنهم تواعدوا جميعاً على جسر الأئمة ، لتضاف فاجعة أخرى إلى تقويم الفاجعات العراقية الحافل بالمناسبات المؤلمة .. فهل بقي مكان للفرح في أيام السنة العراقية؟ هل هناك فسحة من الأمل من أن يتنفس هذا العراقي الموعود بالحزن و أن يرتاح ؟؟

قلبي معكن أيتها الأمهات ، قلبي معكم أيها الآباء ، قلبي معكم يا صبايا و شباب العراق ، قلبي معكم جميعاً في مصابكم .. مزقوا تقويم الحزن ، لابد أن ينال المجرمون عقابهم عاجلاً أم آجلاً....

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com