إعصار كاترينا يعصف ببوش وإدارته

ياسر سعد / كندا

Yassersaed1@yahoo.ca

 الاعصار المدمر الذي ضرب عدة ولايات امريكية وعلى الاخص ولاية لويزانا سيكون له تبعات وتداعيات سياسية أشبه بتسونامي من حيث الـتأثير على المديين القصير والبعيد. بكل الاحوال فإن التوقف والتأمل والتحليل السياسي واستلهام العبر مما حدث ويحدث يجب ان لا يمنعنا من التعاطف الصادق مع الضحايا بل والطلب من الدول العربية خصوصا الثرية ومع الفوائض الكبيرة من جراء الارتفاع القياسي في اسعار النفط ان تمد يد المساعدة المباشرة للشعب الامريكي تحقيقا وتطبيقا لرسالة الاسلام والتي عنوانها الرحمة والخلق الانساني الرفيع, كما وان القيام بمثل هذا الدور يعزز المكانة السياسية الدولية للانظمة العربية الغائبة والمغيبة عن الاحداث السياسية والانسانية ان كان في فلسطين او النيجر او شرق آسيا وغيرهم.

إدارة الرئيس الامريكي بوش والعصابة التي تحكم البيت الابيض وسياستها التدميرية على المستوى العالمي تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية المباشرة عن الاعاصير المدمرة التي تضرب الولايات المتحدة. فهذه الادارة التي أصرت على الرفض القاطع على التوقيع على معاهدة كيوتو للاحتباس الحراري والتي أدت الى ارتفاع درجات الحرارة في المحيطات مما ادى حسب الخبراء والمختصين الى تشكيل الاعاصير الواحد تلو الاخر والتي تضرب سواحل الولايات الامريكية بين الحين والاخر. الرفض الامريكي مرده تأمين المصالح المادية لفئة محدودة من المتنفذين الاقتصادين والذين يملكون القدرة الكبيرة على التأثير على القرارات السياسية في واشنطن. إذا سياسة بوش التدميرية لم تقتصر على منطقتنا العربية بل واشتملت حتى الاراض الامريكية, منتهكة ومتعدية على سيادة الدول وحقوق الشعوب وحتى الاحوال البيئية, اضافة الى أن تبعات سياسة التفرد والاستعلاء والحروب المدمرة والتي هزت صورة امريكا عالميا وحولت الحلم الامريكي الى كابوس على صعيد القيم والمبادئ واحترام حقوق الانسان مع انتشار وتعولم مشاعر البغض والعداء لامريكا. 

الصور المؤلمة والمحزنة والتي  راقبها العالم على شاشات التلفزة لضحايا كاترينا كشفت عن حقائق مؤلمة, فلقد وصف مراسل كندي المشاهد بقوله ان الذي يرى الصور لا يكاد يصدق انها امريكا بل ويحسبها صور لمأساة افريقية. فمعظم الضحايا كانوا من الامريكيين السود والذي لم تسعفهم احوالهم المادية البائسة للخروج من المدن المتضررة قبل وقوع الكارثة. البطء الشديد في عمليات الاغاثة للضحايا والتي ادت الى حالة من السخط والغضب الشديدين بين جموع الناجين والذين انقطعت بهم السبل ربما يرجعها الكثير منهم لإنهم من السود الفقراء. من واجب الادارة الامريكية ان تعتني بحقوق اقلياتها وان تنصف الامركيين الافارقة قبل ان تحمل وباسلوب تدميري مبرمج هموم الاقليات في عالمنا العربي كما يحدث في العراق. كما ان عمليات النهب وسيطرة عصابات من اللصوص والمجرمين على احياء كاملة في نيواورلانز وعجز الحرس الوطني عن الدخول الى تلك الاحياء يظهر وبشكل جلي عن خلل اخلاقي كبير تعاني منه بعض القطاعات من الشعب الامريكي, قصص عمليات السطو والسرقة تتكرر مع كل أزمة او نازلة انسانية تحل بولاية او مدينة امريكية كما حدث خلال انقطاع التيار الكهربائي عن نيويورك على سبيل المثال. الادارة الامريكية وقبل ان تغزو العالم وتدمر بلادنا بحجة نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان عليها ان تنشر ثقافة الاخلاق الانسانية واحترام القوانين على المستوى المحلي حتى وان غابت قوات حفظ الامن والشرطة.  

الانتقادات الحادة للادارة الامريكية حول تقصيرها في الشأن الداخلي على حساب اجندتها الخارجية, فالمليارات التي اهدرت في العراق كان يمكنها اصلاح السدود حول المدينة المنكوبة, والحرس الوطني كان له ان يسيطر بسهولة على الوضع الامني في الولايات المتضررة لولا الانهاك والتبعثر الناتج عن احتلال العراق كما علق الكثير من المراقبين والمحللين الامريكيين, بل ان إمرأة منكوبة صرخت في وسائل الاعلام ان على بوش ان يهتم بشعبه عوض ان يُلقي بالغذاء على بغداد كما أفهمتها وسائل الاعلام الامريكية سابقا. لقد أظهر بوش قيادة مهزوزة في التعامل مع كارثة كاترينا والتي اظهرت عمق المشاكل والتصدعات في الامة الامريكية. اعصار كاترينا لم يعصف في الارض الامريكية فحسب بل ان أثاره الكبيرة ستهز الحياة السياسية الامريكية وربما تغير الكثير من معالمها.

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com