الكاظمية .. وفاجعة الجسر العتيق

 

حيدر الزركاني

zorkane_05@yahoo.com

 

في الخامس و العشرين من شهر رجب سنة 183 هـ حُمل جثمان الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، وكان قد دُسّ إليه السم من قبل السِّندي بن شاهك فقضى عليه، في سجن هارون الرشيد ووضع على الجسر ببغداد ولانعلم ان كان هذا الجسر يربط جانبي بغداد ام يودي الى مقابر قريش حيث قطيعة زبيدة القريبة منه. واي كان الامر فان جثمان الامام حمل الى المقابر ودفن فيها واشتهر مدفن الإمام بعد ذلك باسم مشهد باب التِّبن نسبةً إلى باب التبن الذي كان في شرقيّه ممّا يَقرُب من دجلة، كما أن المسجد المجاور لقبر الإمام كان يسمّى مسجد باب التبن أيضاً.
وفي عام 220 هـ توفي ببغداد الإمام أبو جعفر محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر ودفن في تربة جده أبي إبراهيم موسى بن جعفر وأصبح السكن حول مقابر قريش ـ بعد دفن الإمامين فيها ـ في ازدياد واتساع على مرور الأيّام وفي أوائل القرن الرابع كانت المنازل حول مقابر قريش كثيرة، وفي عام 334 هـ سيطر معزّ الدولة البُويهي على أزمّة الحكم في بغداد، وكان من جملة أعماله خلال أيّام ملكه تشييد المرقد الكاظمي تشييداً رائعاً في عمارته وإنزال جماعة من الجنود الديالمة ومعهم أفراد من المراوزة هناك لغرض الخدمة والحفاظ على الأمن. وكان ذلك سبباً جديداً وذا أهمية في توسع السكن وانتشار الدُّور حول المشهد.
وكان من جملة آثار استتباب الأمن في العهد البويهي والتصاق ـ أو اندماج ـ مقابر قريش ببغدادوادى الى ذهاب الناس في أعداد غفيرة إليها في الجمعات والمواسم والمناسبات الدينية. ولابد أنّه كان في المشهد وحوله من محلات الراحة والأكل والشرب والوقاية من البرد والمطر وشمس الصيف ما يناسب تلك الأعداد الضخمة التي كانت تُهرَع إلى المشهد في كل مناسبة دينية . ولم يمض زمن طويل عليها حتّى صارت تدعى بـ « الكاظمية » وما زالت تعرف بهذا الاسم، نسبةً إلى الامامين المدفونين فيها. وكان بالقرب منها قبر زبيدة أرملة هارون الرشيد وقبر ابنها الأمين، وكان يقع بجوارها كذلك قبرا الأميرين البويهيين: معزّ الدولة المتوفّى سنة 356 هـ وجلال الدولة المتوفّى سنة 435 هـ

ويذكر المستر ريتشارد كوك فيورد في كتابه ( بغداد مدينة السلام) استدعت كثرة العبور والتنقل بين جانبَي المدينة أنشاءَ جسرين أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، وصار الجسر الشمالي يربط القسم الشمالي من ربض الحربية، أي الزبيدية وباب التبن، بالقسم الشمالي من الرصافة. ويمثل هذا الجسر اليوم على وجه التقريب الجسر الذي يربط الأعظيمة بالكاظمية. أمّا الآخر فقد كان يربط الكرخ بالقسم الجنوبي من المخرم، ( أي الجسر الحديد في الصرافية الذي أُنشئ بعد كتابة ريتشارد كوك لكتابه

تقع المدينة الكاضمية شمال العاصمة بغداد وعلى بعد 5 كم في الجانب الغربي منها، وعلى الضفة اليمنى لنهر دجلة بجانب الكرخ.يحدها من جهة الشرق نهر دجلة، ومن الغرب اراضي الغرابية، ومن الشمال اراضي التاجي، ومن الجنوب اراضي العكيدات، وترتبط بجانب الاعظمية بجسر حديث يعرف " بجسر الائمة " بني هذا الجسر على يد مجلس الاعمار وافتتح عام 1953 في عهد الملك فيصل الثاني، وترتبط من جهة الشالجية بجسر الصرافية بجانب الرصافة.

وقد شهدت مدينة الكاظمية بين الفترة من سنة 367 هـ الى سنة 765 هـ حوادث الفيضان والغرق مع المشهد الكاظمي عشر مرات. وفي سنة 443 هـ صارت مدينة الكاظمية المركز الاول للشيعة، ونتيجة للخلاف الذي وقع في هذه السنة حدثت الفتن الكثيرة، واحترقت المدينة على اثر ذلك، واحترق المشهد الكاظمي والقبور الموجودة حوله. في العامين 353 هـ و517 هـ تعرضت المدينة لاعمال النهب والتخريب نتيجة لهجوم العوام من اهل الرصافة، حيث نهبوا المشهد الكاظمي، وحاولوا نبش قبر الامام ونقله.و في العامين 517 هـ و1047 هـ تعرضت المدينة للتخريب والنهب على ايدي الجنود العثمانيين في زمن السطان مراد الرابع و في عام 656 هـ احترقت المدينة مع المشهد الكاظمي على ايدي المغول.و كانت معامل الطابوق شمال المدينة مسرحا للمعركة الحاسمة بين القوات البريطانية من جهة، والجيش العثماني والعشائر من جهة اخرى. وفي سنة 1941 م وفي عهد وزارة الهاشمي استشهد 13 شخصا، وجرح اكثر من 80 شخصا في تظاهرة جرت ضد محاولة هدم مقبرة قديمة مهجورة، لغرض اقامة ادارة للبريد عليها في المدينة. وفي عهد البعث مابعد 1968 بنى النظام الصدامي على ضفتة دجلة من جهتة الكاظمية قرب مدخل جسر الائمة مايعرفه العراقيين ( بالشعبة الخامسة) وهي احد قلاع القمع و التعذيب الذي مارسة الصداميين بحق الشعب العراقي طيلة ثلاث عقود ونصف فالداخل اليها مفقود و الخارج منها مولود وما ان دخل الاميركيون العراق وفي الوقت الذي كان التمثال يسقط في ساحة الفردوس كان الطاغية يحاط بشراذم اتباعه اذ تركز عدد من المسلحين العرب وما و (فدائيي صدام) في ساحة الامام الاعظم -نهاية الجسر- وتركز عدد منهم على سطح المسجد ويقال ان برج الساعة الشهيرة قرب بوابة المسجد كان قد استغله النظام البائد كبرج محطة اذاعية وتلفزيونية ومع مرور الايام كانت التظاهرات تخرج من بين شوارع الحي تحمل صور الطاغية المباد ممنيتا النفس بعودة عقارب الزمن الى حيث لايمكن ان يعود فاذا بالتفجيرات التي تعرضت لها المواكب الحسينية في الكاظمية والسيارات المفخخة التي تم تفجيرها او الإمساك ببعضها وهي تعبر جسر الأئمة، وقذائف الهاونات التي تنطلق من الضفة المقابلة لمواقع الشعبة الخامسة صارت تسقط على عدد من الدور السكنية للمواطنين او على مركز شرطة الكاظمية او على النادي الرياضي او روضة الاطفال التي تجاوره. كل ذلك دفع الى غلق الجسر ومنع الحركة فيه حتى لاينتقل من يحمل الموت والخراب الى المدينة الامنة التي تخطو بحذر نحو المستقبل بعد ان غادرها كابوس صدام الى الابد وبدات تتنفس الحرية وتقيم سعائرها كما تريد الا ان هذا الجسر فتح يوم الاربعاء 31 اب الماضي للمساعدة في تدفق ملايين الزائرين من مدينة الصدر ومناطق الكرخ الاخرى لاحياء الذكرى 799 لوفاة الامام موسى بن جعفر الكاظم، وفي صباح هذا اليوم تساقطت قذائف هاون و صواريخ الكاتيوشا على جموع الزائرين و لا اضن ان ذلك كان سبب كافي في حالة الذعر التي دبت بين الحشود بعد شائعات عن وجود مفجرانتحاري. على الجسرالعتيد حيث تدافع الناس فاستشهد مايقرب من 100 أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، دهسا تحت الأقدام أو غرقا في النهر ولعل الامر اكبر بكثير من مجرد شائعة . خاصة وان هذه الممارسات للشعائر يعتبرها الكثير من الناس البسطاء بعفوية حقيقية بوعا من التحدي للارهاب و القتل الذي يمارس يوميا بحقها وما الهتافات التي انطلقت بعد سقوط القذاف في محيط الحرم الا دليل واضح . فاذا كان يوم الأربعاء هو آخر يوم أمام العراقيين لتسجيل أصواتهم للمشاركة في الاستفتاء على الدستور في تشرين الأول. فان هذه الكارثة أوقعت أكبر عدد من الضحايا في حادث واحد بعد التغير منذ أكثر من عامين. فد تعرض الشيعة اكثر من مرة الى الاستهداف وقتل جماعي المروع من قبل مجموعات التكفير ففي 9 من اب 2003 انفجرت سيارة مفخخة خارج مرقد الإمام علي بالنجف استشهد فيها 95 على الأقل بينهم آية الله باقر الحكيم وفي 2 ايار 2004 حدث هجوم بالهاون والقنابل في الكاظمية وكربلاء واستشهد فيها 181 ويصيب 573 و في 19 ديسمبر حدث تفجير سيارة مفخخة بالنجف واخرى في مرءاب بكربلاء استشهد فيه 60 وتصيب 120 وفي 10 مارس 2005 حدث تفجير انتحاري في جنازة بالموصل يقتل 47 ويصيب أكثر من 100 . في محاولة لجر هذه الطائفة الى حرب طائفية لازال الكثيرون يراهنون عليها وان كانت معلنتا من طرف واحد فالقتل على الهوية سمة اليوم العراقي الا ان الكاظمية عنوان في الصبر على الشدائد وكظم الغيض والايثار بنفس من اجل مستقبل يندحر فيه كل القتلة و لاتعود فية الدكتاتورية مهما كانت الاسباب فمن رحم فاجعة ذلك الجسر العتيق حيث سجي جثمان الكاظم فكانت مقبرته مركزا يشع بنوره قد يولد المستقبل افضل

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com