عيون الأسى بين الرصافة والجسر

سليم رسول

Srh113@yahoo.com

كيف لنا أن نقف دون ان تبتل خدودنا بالدموع؟ وهل لنا غير أن نبكي من سبيل؟ هناك على الجسر تتجد المآساة وتندلع مرارات القرون ما بين ألم وألم وفاجعة وأخرى ومصيبة وإختها يمتد جسر الأسى بين الرصافة والجسر ، منذ أن تلفع سمي الكليم بعبائته متوشحا بشهادته متوسدا  دكة الجسر بدأت تزحف إليه قوافلنا مشبعة بروح الشهادة ومتعجلة فرحة لقائه هو وقد توسط القلوب حبا وتمادى بين سويدائها عشقا ففيه ومنه ينبع نور الله الذي لن تطفئه الأفواه الزرق من الخوارج وجند الشيطان.

هناك على الجسر الذي ينث ذكريات الإمامة وهي محمولة على أكف الحمالين وسط نداء حاقد ، وكيف أهرعت الجموع الموالية لتنتزع منهم الجثمان الطاهر وتنادي عليه بما يستحق من النداء، هناك تجددت اللوعة وألقيت على الجسر المئات من الجثامين وسط مشهد مريع من الذوبان في ذوي القربى حتى تلاشت المعالم بين الرجل والمرأة والطفل وعند ذاك إصطبغ لون النهر بالإحمرار، فقد تمازجت مع موجاته دماء المحبين الموالين.

من الجسر حتى أبعد نقطة من الرصافة يتدفق شلال الدموع بعد مجزرة السندي والزرقاوي والبعثي ، شلال من الدموع ودهشة من العالم وألم من الأصدقاء الخلص ونظرات شماتة بين الطرف والطرف من الأعداء وأشباه الأعداء وكاننا لوحدنا لوحدنا فقط من يجيد في العالم كله لغة الذوبان في المبدأ والتفاني من أجل المعشوق، والإخلاص في الولاء والإستعداد للإستشهاد.

منذ أن طاح الصنم في فردوس العراق لم تزل دماؤنا تشخب وكأننا صرنا عنق إسماعيل الذي لابد من أن يذبحه أبوه حتى يبتني بيت الله وكعبته المشرفة، نحن الذين على دماء أعناقنا لابد أن يبنى بيت العراق قلعة الولاء المحمدي والشرف العلوي والسمو الحسيني، ولكن الله لابد أن يقيض لنا ذبحا ويفدينا بكبش عظيم فنحن ننتسب إليه بأقرب الوسائل إليه.

العراقيون يعانون من نضوب الدموع فليس بإمكان العيون المعذبة بين الرصافة والجسر حتى بغداد الجديدة وأربعاءاتها المتشحة سواد أن تلم بكل هذه البحار من الدموع غير أن الذي لابد منه ولا بد أن يعرفه العالم المحب والجافي أنّ دموع العراقيين لا تبل الخدود وإنما تمتزج مع الطين لتجعل منه لبنا وآجرا ترفعه الزنود السمر في عملية متواصلة من أجل كعبة الاحرار العراق ومنار العالم العراق وليذهب الشامتون بنا الى الجحيم ولسوف نشمت بهم كما يشمتون بنا وعند ذاك سيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون.

 

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com