أنا وأمير قطر بين جسر الأئمة واعصار كاترينا

 

علي الشلاه

كاتب واكاديمي عراقي

مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري

erde4uns@hotmail.com

 

 

قضيت اليومين الماضيين مكسوراً ككل ابناء وطني الشرفاء بمأساة جسر الأئمة ، أقول مكسوراً اذ أنني لست من دعاة الموت المجاني ولا من المحتفلين به ، ولا ابرر للقتلة والارهابيين ارهابهم بحسن ظن او سوئه، من باب القول ان عقبى الشهداء الجنة واننا نحسدهم على ذلك، ولن ننثني حتى لو فنينا الخ مما يردده بعض الساسة الجدد دون وعي فيوهمون الناس بأن النصر في الموت في حين انه في حالة مثل حالة العراق في الحفاظ على حياة كل فرد عراقي، لأننا في مواجهة الارهاب مدنيين نُـقتل غيلة وغدراً ولا نرد او نقتل من القتلة،وحتى الذين يلقى القبض عليهم من الارهابيين فقد قررت حكومتنا استضافتهم في فنادق مجانية وهي تحاول ان تتكيف مع حقوق الانسان، اننا ببساطة في الوقت الضائع فقد سقط الدكتاتور وسيخرج الاحتلال قريباً ولذلك فلا مبرر لدفع ثمن باهظ يمكن تجنبه او التقليل منه ،فنحن مستعدون للتضحية بالدماء حين يكون ذلك ضرورة، اما ان يكون الموت ثقافة يومية وان نصبح ارقاماً مكررة في سجل الوفيات المردد خبراً هامشياً في نشرات اخبار الأشقاء يثير تشفي بعضهم ولا يثير انتباه أكثرهم فذلك مرفوض تماماً ، واعتقد جازماً ان الذين يعالجون الحاضر بأدوات الماضي يساعدون الارهابيين من حيث يريدون ادانتهم ، انني افهم الاسلام رسالة حياة مقدسة وقد علمنا القرآن الكريم ان لا نلقي بأيدينا الى التهلكة ، وأية تهلكة أكبر من ان نُعرض خيرة الفتيان والصبايا والاطفال والنساء والشيوخ لميتة فاجعة بيدي مجرمين تكفيريين يفضلون الذبح بالمدى والسكاكين والسم على ميتة مريحة او انسانية لمخالفيهم كما يليق بالفرسان ان يفعلوا.

لقد تلقيت تعاز كثيرة جداً من زملاء سويسريين واوربيين ولم يهاتفني أو يراسلني معزياً أي صديق عربي سوى فنان تشكيلي من جنوب السودان وشاعرة كردية من سوريا ، وقد ادخلني ذلك في متاهة التساؤل عن رد فعل أصدقائي المثقفين العرب على المأساة، فطالعت الصحف العربية فوجدت ان الخبر جاء ثانوياً ولم يمتلك الكتاب اليوميون في أكثر الصحف العربية شجاعة ادانة الارهاب ولا حتى سلامة الفطرة الانسانية فيكتبون متعاطفين او معزين، خصوصاً وانهم قد ملأوا الدنيا زعيقاً وتحريضاً على العراقيين في الاسبوع الماضي بحجة ان الدستورالمقترح لم يسجل العراق عربياً في دائرة تسجيل العقارات بل ترك لأكراده وتركمانه ومسيحييه ان يحتفظوا بهويتهم الثقافية واللسانية ، غير اني عدت وتمنيت على نفسي ان لا امل بمقالة من زميل عربي بعد ان رأيت مقالة احد الكتاب العرب الذين اصدروا كتاباً في مديح صدام في مطلع التسعينيات نال ثمنه مقدماً ، الا انه زعم في مقاله الأخيرانه كان ضد صدام مستفيداً من أن الكتاب قد طبع بنسخ محدودة ودفعت جميعاً الى الرفاق الدافعين في بغداد، فدفعوا له الثمن ورموا النسخ في المزبلة ،لأنهم لايريدون منافساً بالتملق لدى القائد الضرورة اذا وصل خبر الكتاب لسيادته حفظه الله ورعاه، وهو المولع بمن يمدحه خارج الحدود في وقت كانت تنهال عليه الأحذية في كل عواصم العالم الحرة وفي بعض العواصم العربية بعيد غزو الكويت ،نعم لقد تمنيت ان هذا الزميل لم يكتب عن المأساة فقد أهان الشعب العراقي ورموزه وتاريخه وحمل المسؤولية للشهداء والأمريكان والحكومة والجسروموسى الكاظم ، ولم يذكر الارهاب مطلقاً وفضل أيام صدام على راهن العراق وأخيراً رفض اهلية العراقيين لحكم انفسهم ولا ادري كيف يطالب بخروج الاحتلال مادام العراقيون قاصرين عن حكم انفسهم الا اذا كان يريد ان يتبرع لنا بحكومة مستوردة.

تذكرت الضحايا في الكاظمية فقلت .. ياوحدنا .. وتحمست لفكرة التبرع مع العراقيين لذويهم وللجرحى منهم، فاتصلت بعدد من الأصدقاء لتنسيق ذلك فرد علي احدهم بانهم لا يحتاجون ذلك، فقد تبرع امير قطر بمائة مليون دولار لهم، فعلت الدهشة وجهي واكبرت ذلك منه خصوصاً وان العراقيين مكلومون من تصرفات حكومته وقناته الجزيرة الصدامية البن لادنية ،فقلت ربما دفعته مبادرة الامارات الى ذلك ،غير ان دهشتي لم تطل اذا سرعان ما صحح احد الأصدقاء الخبرلكلينا، حيث تبرع سموه بالمبلغ فعلاً لكن ليس لضحايا الكاظمية بل لضحايا اعصار كاترينا الأمريكيين، حتى يوفر المبلغ على الميزانية الأمريكية لتدفعه تعويضاً للمستوطنين الاسرائيليين في فلسطين المحتلة، وربما لتستعين به في غزو بلد عربي اخر.

 

 

 



 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com