|
كاترينا والسخاء العربي ياسر سعد / كندا
تسابقت بعض الدول العربية في إظهار السخاء العربي لتقديم العون لحكومة الولايات المتحدة الامريكية مساندة لها في الوقت العصيب والاحوال الصعبة الناتجة عن إعصار كاترينا. وإذا كنت شخصيا من الداعين بإستمرار الدول العربية والمقتدرة منها على وجه الخصوص لمد يد العون والمساعدة في مواجهة الكوارث الانسانية كما في تسونامي او افريقيا او حتى الولايات المتحدة الامريكية. غير ان الاسلوب والكيفية التي قُدمت بها المساعدات للادارة الامريكية تستدعي التوقف والتأمل. كنت اتمنى ان تكون المساعدة للشعب الامريكي وللفقراء منه على وجه الخصوص وبشكل مباشر وان تقوم بها جهات مرتبطة بالدول المعنية كالهلال الاحمر وغيره, وان تكون عينية وعلى شكل ادوية او بطانيات او خيم مما يحتاجه المشردون وبشكل عاجل وان يكون التوزيع للمحتاجيت يدا بيد ولا بأس ان يُكتب على الشحنات والمواد هدية من الدولة الفلانية او شعب كذا لازالة الصور النمطية والتي تتهم الدول العربية والاسلامية بالتخلف والارهاب. امريكا وهي تقدم مساعداتها تحرص على كتابة "مساعدات امريكية" على اكياس القمح وغيرها. الغريب ان بعض المساعدات العربية كانت على شكل منح نفطية وكأن تلك المعونات تصب في المحصلة في مصلحة اللوبي الصناعي والاقتصادي قوي النفوذ في واشنطن والذي اظهر ويظهر لا مبالاة بمعاناة العراقيين و الجنود الامريكيين و مواطني نيو اولينز كما بدا من البطء الشديد في جهود الاغاثة والاعانة. ومن يضمن ان المنح النفطية لن تستخدمها الطائرات والالآت الامريكية في قتل العرب والمسلمين في القائم وتل عفر وغيرهم من مدن واقضية العراق المحتل؟ من غير الموفق سياسيا وادبيا ان تقوم بعض الحكومات العربية بضخ ملايين الدولارات للحكومة الامريكية دون ان تطلب امريكيا رسميا ذلك في الوقت الذي تصر تلك الدول على المطالبة بتعويضات فلكية اضافية من العراق والذي يعاني من صعوبات حادة وازمات عميقة ستنعكس حتما على دول الجوار والتي تقتضي مصلحتها الذاتية بالاضافة الى واجبات الجوار والانتماء العربي والاسلامي على مساعدة الشعب العراقي والوقوف بجانبه. إن مقارنة بسيطة بين التبرعات الرسمية العربية لضحايا تسونامي ولكاترينا الامريكية تكشف بجلاء عن الافتقار الى بوصلة سياسية وبعد نظر هذا اذا لم نقل انعدام القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة لافتقاد كثير من دولنا العربية لمقومات الدولة وسيادتها. فرعايا الدول الآسيوية يشكلون قطاعا عريضا من العمالة في الدول الخليجية ومساعدات تلك الدول ستؤدي الى شعور مواطنيها بالانتماء والامتنان للدول التي يعملون بها مما ينعكس ايجابيا على الامن الاجتماعي خصوصا في ظل الخلل الكبير في التركيبة السكانية, اضف الى ذلك المصالح المشتركة والروابط الانتماء الديني مع كثير من ضحايا تسونامي. في النيجر مجاعة تكاد تفتك بمئات الالآف من الفقراء المعدمين وجلهم من المسلمين والهئيات الدولية تناشد المجتمع الدولي ان يتبرع بأكمله بنصف ما دفعته دولة عربية واحدة لكاترينا جورج بوش, فيعجز العالم بأسره عن جمع خمسه بالمئة من المبلغ المطلوب فيما هئيات التنصير تزحف على تلك الدول بيد تحمل الخبر والاخرى تحمل الانجيل. اما في فلسطين والتي شكل شعبها وما يزال بدماء ابنائه حاجزا يحول بين الاطماع الاسرائيلية والمقدرات العربية, فإن المساعدات تأتي غالبا من الجانب الغربي والامريكي مثقلة بالطلبات والاوامر والتبعات الثقيلة والتي تدفع عن سابق اصرار وترصد لحرب اهلية قد تحل المشكلة الفلسطينية بفناء اهلها. ترى هل ترسل الدول العربية والتي وقعت معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة الامريكية وحدات من جيوشها الجرارة!! والمسلحة بمليارات الدولارات من الصناعات العسكرية الامريكية لتساعد الجيش الامريكي في محنة نيو اولارنز؟ فإن لم تفعل فلمن تشكل تلك الجيوش ولما ينفق عليها بسخاء كبير عوض الانفاق على البحث العلمي وتأسيس بنية صناعية واقتصادية حقيقية في زمن الترقيع والتطبيع والتطويع.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |