|
دروس وعبر في ذكرى ولادة الأئمة عليهم السلام
هذا هو بداية شهر شعبان حيث نلتقي فيه
بولادة الأمام الحسين والعباس والسجادسلام اللة عليهم اجمعين . فولادة الحسين
منطلقا للفرح , فهذه في بداية الحياة عانقت الشهادة في نهايتها , وبينهما كانت
الرسالة ترتفع وتسمو وتتحرك , وتنفتح احساسا ووعيا ولو على مستوى المستقبل .
كانت تحتاج وقتا لتجعل العقل رساليا , والفكر ايمانا يتحرك به القلب في دائرة
الواقع لتنطلق عندها الطاقات كلها .وعندما نعيش ذكرى مولد الإمام الحسين (ع),
فأننا نفرح به, في الوقت الذي نعيش الحزن الكبير عليه كما كان حينها رسول اللة
(ص) . في هذا اليوم لانستطيع الا ان نتحسس الآلام العميقة , والجراح النازفة ,
دون ان نرضى للآلآم ان تصرخ , ودون ان نسمح للجراح ان تبكي , بل نحاول ان نبتسم
, او نعلمها ان تبتسما , في فرح المولد , وفرح الرسالة وهي تتقدم بالرغم من كل
الأشواك والآلام . وفرحنا بالحسين(ع) هو الفرح بالرسالة التي حملها وعاش كل
حياته من أجلها , وقد تحرك بطلب الأصلاح في أمة جده(ص) ليأمر بالمعروف وينهى عن
المنكر, بالكلمة الطيبة , وبالموقف الصلب, وبالجهاد الصعب. عندما نتمثل الحسين
(ع), فأننا نتمثل فيه رسول الله (ص) في كل أخلاقه وصفاته التي تمثلت في شخصيته,
كان الحسين (ع) تجسيداً لجده رسول الله (ص) في روحانيته وعلمه وخلقه, وفي كل
الصفات المميزة, وكان تجسيداً لعلي (ع) في شجاعته وبطولته واقدامه وجرأته
وصلابته في الحق , كما كان تجسيداً لطهر الزهراء (ع) وصفائها ونقائها
وروحانيتها. عندما نتذكر الأمام الحسين (ع), فأننا نتذكره بما يغني حياتنا الآن
في كلِ قضاياها وأوضاعها, لأن حركة الأمام الحسين (ع) لم تكن مجرد حركة ترتبط
بالمأساة لنغسلها بالدموع فقط , رغم أهمية العاطفة والشعائر تعبويا وتاريخيا
وشرعيا, ولكنها حركة ترتبط بالخطِ الأسلامي الأصيل الذي حمل الأمام الحسين (ع)
أمانته في معنى أمامته, لأن الأمامة تمثل الامتداد الرسالي لحماية المسيرة
الأسلامية من أي انحراف يمكن أن يحدث فيها, على مستوى النظرية وعلى مستوى
التطبيق, ولذلك كانت حركة الأمامة حركة من أجل مراقبة المسيرة الأسلامية في
الواقع.هذا ما نتمثله في خطاب الأمام الحسين (ع), في مراقبتهللواقع المنحرف ,
بعدما أراد بنو أمية أن ينحرفوا بالأسلام عن أصالته وخطه المستقيم, ليحولوا
"الخلافة" الى ملك , وليحولوا الملك إلى مصادرة لحرية الأنسان وارادته , ولكل
موارده وثرواته, وهو يصف حكم يزيد, يقول: "اتخذوا مال الله دولا، أي يتداولونه
ويعبثون به ويتقاسمونه ويصرفونه في حاجاتهم الشخصية , ومعنى أن يكون المال مال
الله أنه مال الأمة, انه مال الدولة . يجب ان تتمثل سيرته عمليا في ذواتنا ,
لتترجم "لا والله لا أعطيكم بيدي أعطاء الذليل" "ولا نقر لكم أقرار العبيد" و
"هيهات منا الذلة" الى شعار سياسي وأنساني يمكن أن نوجهه في حركة الواقع وليس
أن نطلقه بالكلمة, بل أن نعيشه في أنفسنا, وذلك بأن نكون غير مستعدين للتنازل
عن حقوقنا ومبادئنا, وان تتمثل رسالته في دواخلنا لمعاني الحرية والعزة . الحر
لا يمكن أن يمنح الذين يريدون أن يستعبدوا موقفه أو دوره أو حركته الفرصة في
ذلك, لأن الحرية ليست حالة طارئة في الأحرار, ولكنها معنى أسانيتهم.وعندما يكون
الحر أماماً، فأن الأمامة تمثل كل امتدادات الحرية في العقل والقلب وفيالحياة,
وهكذا كان الحسين(ع) يؤكد كلمة أبيه الثورية في الحرية: "لا تكن عبدا لغيرك وقد
جعلك الله حراً"، وكان يؤكد قبل ذلك كلمة الله الذي عاش جده وأبوه وأخوه وأمه
وأولاده معه ومن بعده من اجلها، وذلك في قوله تعالى: {ولله العزة ولرسوله
وللمؤمنين} لا بد أن نولد في ذكرى الأمام الحسين (ع) حركيا وثوريا وأسلاميا,
لأن ولادة الأمام الحسين (ع) في أحضان علي وفاطمة (عليها السلام), وفي أشراف
رسول الله(ص), كانت تشير الى مستقبل الحسين (ع) في مواجهته للظلم والظالمين,
وفي اخلاصه للخط الأسلامي الأصيل, ومن ذلك قال رسول الله (ص) وهو شير ألى هذا
الارتباط العضوي بينه وبين الأمام الحسين (ع) و لا ارتباط النسب فحسب , بل
ارتباط الرسالة أيضاً: "حسين مني وأنا من حسين", لأن الرسالة واحدة والهدف واحد
, وهو أن يقوم الناس بالقسط , وان تكون وصاياه وتوجيهاته(ع) أخلاقا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |