|
ذكريات عبثيه! جواد كاظم خلف
من ذكرياتي الجزائريه في بداية الثمانينات كنا خمسة عراقيين في مدينه صحراويه نائيه، أثنين شيوعيين، أبو فرات ـ علي..مدرس رياضيات والمرحوم حسين مشكور قاضي سابق / مدرس، عبد الرحمن ـ كردي من جماعة الطالباني ـ أقتصادي / مدرس، حمزه صكر ـ بعثي من جماعة سوريا ـ مدرس عربي، وكاتب السطور مستقل مهندس / مدرس....كنا خليط عراقي مصغر نتشاجر ونتسامر بشكل دائم ونتسلى بما يدور، كان المرحوم ألأخ حسين مشكور عاقلآ يبتسم دائمآ ,, لبلاوينا،،، كان هادئآ، وجه عراقي,,ستاندرد!،، غامق البشره ويخفي تحت بدانته النسبيه قلبآ كبيرآ للعراق ولنا، غيبه الموت دون أن أعلم عن إقامته بعد فراقنا شيئآ إلى أن أخبرني أحدهم من الدانمارك بذلك قبل أيام، حزنت لفراق ذكره الطيب،ترك منصبه كقاضي ليدافع عن فقراء العراق متحملآ وعائلته هموم الغربه ... يفارقنا دون أن أقرأ شيئآ عنه!....ضحى بصمت وغادر بصمت دون أن يذكره أحد!!ربما فاتني قراءة الخبر في زاوية ما......!كان وحمزه أكبر منا سنآ بفارق جيلين....يصل خبر إن قيادة الشيوعيين قد سلمت المسؤوليه لأبو فرات اليوم لتسحبها منه ويتسلمها المرحوم حسين غدآ وهكذا دواليك .... كنا نموت بالضحك كلما جاء التغيير وكانا شيوعيين أثنين فقط في,, مدينتنا،، بعمق الصحراء.... وقعت معركه بين قوات ألأنصار الشيوعيين في كردستان مع قوات ألأتحاد الوطني ـ الطالباني.....أنتقلت إلى صحرائنا ودار جدل بين رحمن من جانب وأبو علي وأبو فرات من جانب آخر بينما كان حمزه مستمتعآ وكنت بتعليقاتي الساخره أزيد حماس ألأخوه لأتمتع بمعارك جدليه ضاريه ! عندما تتحسن علاقة رحمن مع أحدنا يمنحه دوله كرديه ويستطيع أن يحدد مايشاء من حدود وعندما تسئ مع آخر لايحصل رحمن حتى على الحكم الذاتي!....حمزه كان يتردد على سوريا منذ تركه العراق في السبعينات، في أحد المرات كانت والدته في زياره لرؤيته في سوريا وعند عودتها رافقها للحدود ولكنه نسي في غمرة عواطف الوداع إنه تعدى النقطه السوريه ودخل إلى العراقيه التي كانت تعج بالمخابرات والبعثيين، حمزه لايزال متأثرآ وتغالبه دموعه ونسي أنه في النقطه العراقيه!!بدأ مخاطبآ والدته أمام الجميع، يمه!سلميني على الجميع وقولي لهم إنه بمجرد التغيير وسقوط النظام فأن حمزه سيأتي!!!....أخذوا حمزه في دوره لحقوق ألأنسان لم ينهي دراسته ! فيها إلا بعد سنين..... حدث له هذا في بداية السبعينات، تمكن من الهرب من العراق بعد أطلاق سراحه و لم يكن ليودع أحدآ بعدها حتى لباب داره! كان رجلآ متمسكآ بالتقاليد، جاءني مصطحبآ أمرأه جزائريه تعرف عليها..... أريدك ياجواد أن تعقد لنا!..... هل لها أخت ياحموزي؟!لماذا هذا السؤال؟ ...أنت تعرف ياحمزه أنه من الواجب حضور شاهد من عائلتها لأنها أمرأه والمرأه قاصر فلذلك يجب أن أختلي لأسأل أختها عن الموضوع... تململ حمزه ثم أردف، ياجواد في كل يوم لسانك طويل عن حقوق المرأه وأهليتها إلا اليوم، إسمع ياآية الله لن أتركك تختلي بنسيبتي و, قطنه وشيلهه من أذنك!!،،ضحكت، ياحمزه ألم تجد غيري ؟ ثم إن الله سيقبلها من الجميع وليس مني!....إصرار حمزاوي لأن الثلاثه آلآخرين مسافرين وكنا في عطلة الصيف....طيب حمزه هات المصحف وأجلسا أمامي!....فتحت المصحف كيفما أتفق وقرأت سورة الفيل...حمزه مزمجرآ، غاضبآ ومقاطعآ...أثارني بمقاطعته وأحتدم الجدل وصعدت العصبيه وحمزه كرر إن علي أن أقرأ سورة الفاتحه ... في ذروة عصبيتي أجبته إن سورة الفيل مناسبه لأن صاحبتك سمينه!!خرج حمزه متوعدآ بعدم رؤية وجهي...ولكنه عاد مساءآلأن لاخيار له! قال أريدك أن تعقد لنا مثل ألأوادم ...طيب أجلسوا !.... قرأت لهم سورة الفاتحه ـ كان عمرهما بحدود ال 45 عامآ، أديت الدور كما يجب وفي الختام دعوت لهما بالبنات والبنين الصالحين وهنا صرخ حمزه!كافي عاد!والله هذي بلوه...بس الفاتحه وفك ياخه من عندي علي ـ أبو فرات كان ذو ملامح جاده، كل يوم يكرر حتمية أن يكون العالم شيوعيآ وإن موضوع الرأسماليه مؤقت، كان مزهوآ دائمآ وهو يشرح عن الكولخوز والسولوخوز ,, حتى درخناهه درخ!،، ....الضحك أو التعليق أمامه بخصوص هذه ألأمور تؤدي إلى زعله ولفتره طويله، في أحد أمسياتنا سألته بخبث!متى تتوقع أن تسود الشيوعيه، أعطني تأريخآ لأكون على بينه؟...قال علينا بالصبر وهاهي نيكاراغوا قد تحولت إلآن،..... نعم ولكن ,,شوكت يجينه السره؟!،، ياأبو فرات...نحن مشتاقين لرؤية ألأهل،.... لاياجواد عمر الشعوب لايقاس بالأشخاص! حسنآ، أعرف هذا ولكن ألا تستطيع أن تحلحل شويه ألأمور وتقرب الموعد؟...كان مدرسآ قديرآ في الرياضيات ووجهه العابس لايلغي طيبته المتناهيه وأستعداده لخدمة آلآخرين.. عبد الرحمن الكردي، كان يكره رؤية الجمل والنخله وكنا نقمعه بمهاجمة نوعية لبن أربيل ويمتد النقاش معه لساعات متأخره في الليل!.... كانت العداوه بينه وبين حمزهالذي يدعو للوحده العربيه وكان رحمن يشتاط غضبآ داعيآ لوحدة أقاليم الكرد، حمزه بدوره يلجأ للحرب النفسيه وجمل تعبر عن ألأستخفاف .... وعندما تبلغ حمى الوطيس ذروتها نتحول نحن إلى أصحاب قبعات زرق ونصالحهم ونعطي كل ذي حق حقه وهذا مايحصل عند ساعات بعد منتصف الليل في نهاية كل أسبوع، الكل يغادر مقتنعآ بالنصر المبين، الشيوعيه تحققت والوحده العربيه أيضآ وهناك دوله كرديه... كنا عراقآ مصغرآ بكل تناقضاته، ألأرهاب هو الغائب الوحيد في علاقاتنا!
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |