على السنة العرب أن ينأوا بأنفسهم عن البعث

 

د. عبدالخالق حسين

Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com

 

أهل السُنَّة هم أتباع سنة رسول الله (ص)، وهذا يشمل جميع المسلمين بمن فيهم الشيعة وغيرهم من الطوائف والمذاهب الإسلامية. فكل المسلمين هم من أتباع سنة الرسول. وأحسب أن هذه بديهية في الإسلام، تقودنا لها الفطنة common sense ولا يحتاج الإنسان أن يكون متخصصاً في الفقه الإسلامي لكي يتوصل إلى هذا الاستنتاج. فأهم مصدر في الإسلام هو القرآن الكريم والسنة النبوية، أي الأحاديث الشريفة المسندة من أقوال الرسول. كما نقل عن آية الله السيستاني قوله مخاطباً وفدا من الشيعة: (لا تقولوا أخواننا السنة، بل قولوا نحن) ويعني أن السنة والشيعة فئة واحدة، أي مسلمون.

 أما الشيعة، ففي اللغة العربية تعني أتباع أو جماعة أو حزب. وقد أطلقت هذه التسمية على الذين بايعوا الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الخلافة بعد مقتل عثمان (رضي الله عنه)، ومن ثم ناصروه في صراعه مع معاوية وما حصل من حرب الجمل ووقعة صفين. ولذلك، فبمثل ما نعتبر الشيعة سنة كذلك صحيح إذا قلنا أن أهل السنة هم أيضاً من جماعة علي أي شيعته، وخاصة أهل السنة في العراق حيث انحازوا إلى الإمام علي وأهل البيت من بعده في صراعهم مع بني أمية وبني العباس. وأفضل دليل لنا على صحة ما نقول هو موقف الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، الذي يتبع مذهبه معظم السنة العرب في العراق (المذهب الحنفي) من أهل البيت. ومعروف عن هذا الفقيه الكوفي الكبير أنه أيد ثورة زيد بن علي ضد هشام بن عبد الملك، وثورة إبراهيم بن عبد الله الحسين ضد المنصور وأدعمهما بالفتوى والمال وسجن وعذب مع الإمام موسى الكاظم ولنفس الغرض. وكما يقول علي الوردي، كان الشيعة والسنة في جبهة واحدة، في ثورة دائمة ضد الطغاة، الشيعة بسيوفهم والسنة بأقلامهم، بالأحاديث النبوية والفتوى. وكل ثورة تحتاج إلى السيف والقلم.

ولما بلغ الفقه الإسلامي مبلغاً في الرقي خلال العصر العباسي برز عدد من الفقهاء الكبار وتأسست مدارس فقهية متعددة، فظهرت المذاهب الإسلامية وفق اجتهادات الفقهاء وكان الناس أحراراً في تبني آراء هذا الفقيه أو ذاك. كذلك لا نجانب الحقيقة إذا قلنا أن ليس هناك خلافات فقهية كبيرة بين السنة والشيعة، فالمعروف أن الإمام أبو حنيفة قد درس على الإمام جعفر الصادق مؤسس المذهب الجعفري الشيعي.

والجدير بالذكر، أن مكونات الشعب العراقي لها خصوصية لا يفهما العرب من غير العراقيين. إذ هناك عدد من العشائر العربية السنية في العراق تعود بأنسابها إلى أئمة الشيعة، مثل الراوي والصميدعي الذين ينتسبون إلى الإمام موسى الكاظم. ناهيك عن أن معظم العشائر العراقية هي مزيجة من السنة والشيعة. أما بعض الطقوس التي يقوم بها الشيعة مثل اللطم وغيره، فهي ليست من صلب المذهب ولم يؤيدها معظم فقهاء الشيعة، بل هي وافدة من الخارج. والخلافات الفقهية بين الشيعة والسنة أقل منها بين المذاهب السنية ذاتها.

فهذه، باختصار شديد، هي خلفية السنة والشيعة في العراق، فلماذا تصبح التعددية المذهبية مشكلة كبيرة في القرن الحادي والعشرين؟ السبب هو سياسي وليس ديني أو مذهبي. لقد اتخذ المذهب ذريعة للتمييز الطائفي لأغراض سياسية بحتة، خاصة بعد تأسيس الدولة العراقية عام 1921، وذلك لتعقيدات الأوضاع الداخلية وتدخل عوامل خارجية. فعلى العموم، لم يكن الصراع السني-الشيعي فقهياً كما أسلفنا، بل كان من صنع سياسيين علمانيين استغلوا أبناء الطائفة لدعم حكمهم على حساب مكونات الشعب الأخرى بسبب التخلف الحضاري بعد سقوط الدول العثمانية وعدم وجود أحزاب سياسية قوية يستند عليها رجال السلطة، فاعتمدوا على أبناء المذهب وإثارة النزعة الطائفية لخدمة أغراضهم السياسية.

ولكن رغم ذلك أخذت الطائفية بالانحسار مع انتشار التعليم والثقافة ونمو الدولة العراقية الحديثة وتطورها في النصف الأول من القرن العشرين إلى حد أن اختلطت مئات الألوف من العائلات عن طريق المصاهرة بين السنة والشيعة. وكاد التمييز الطائفي يختفي تماماً بعد ثورة 14 تموز 1958، الأمر الذي أقض مضاجع بعض الغلاة من الطائفيين فربطوا بين حركة القومية العربية والطائفية من أجل الاستمرار في امتيازات المستفيدين من هذا التمييز الطائفي واحتكار السلطة. مرة أخرى استثمر هؤلاء تعقيدات الأوضاع الداخلية والخارجية والتكالب على الثورة وقيادتها فانقضوا عليها واغتالوها يوم 8 شباط 1963، ودفع الجميع ثمناً باهظاً فيما بعد وما زلنا ندفع لحد الآن وإلى أجل غير معلوم.

وباغتصاب البعث للسلطة ثانية عام 1968، بلغت الطائفية ذروتها إلى حد أن رفع شعار لا شيعة بعد اليوم ووجهت للشيعة العرب تهمة العجمة والشعوبية. أما وجود بعض الشيعة في حزب البعث فكان للديكور وخاضعاً للسيطرة التامة ولذر الرماد في العيون. وقد استغل حزب البعث أبناء السنة العرب لدعم حكمه الفاشي وليس حباً بالمذهب. والتمييز الذي مارسه البعث أخذ أشكالاً ودرجات متعددة ومتفاوتة. فهو مع السنة العرب ضد غيرهم، ومع العشائر السنية العربية ضد العشائر العربية الشيعية، ومع عشائر تكريت ضد العشائر العربية السنية الأخرى، ومع عشيرة صدام (البو ناصر) ضد بقية عشائر تكريت، ومع عائلة المجيد ضد أطراف أخرى من تلك العشيرة إلى أن يصل إلى الحلقات الداخلية من الأقرباء داخل عائلة صدام، وهكذا حول حزب البعث الصدامي جميع العراقيين إلى ضحايا التمييز، قامعين ومقموعين في آن واحد.

يخطأ من يقول أنه ما كان في العراق طائفية قبل سقوط النظام البعثي وأنها من صنع الاحتلال الأجنبي..الخ!! إذ هناك أحداث ودلائل وشهود تؤكد طائفية الحكومات العراقية المتعاقبة وبالأخص مرحلة حكم البعث. وعلى سبيل لا الحصر، يذكر الدكتور جواد هاشم، وزير التخطيط في السبعينات في كتابه الموسوم (مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام) عن لعب البعث بالورقة الطائفية فيقول: " أما الطائفية فقد كانت تمارس بشكل علني ومنذ البداية." ويقول انه دخل مرة في مكتب حامد الجبوري، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية.. فوجد فيه وزيرين آخرين هما الدكتور أحمد عبدالستار الجواري وزير التربية والفريق حماد شهاب وزير الدفاع... كانا في حديث عن محافظات العراق. يقول الدكتور جواد: "سمعت شهاب يقول للجواري أن جميع سكان المنطقة التي تقع بين المحمودية وجنوب العراق هم عجم ولا بد من التخلص منهم لتنقية الدم العربي العراقي." إن ما عبر عنه حماد شهاب ليس موقف شخصي بل يمثل قطاعاً واسعاً من سلوك الذين حكموا العراق، والذي كان يشكل جزءً غير مدون من أيديولوجية البعث.

 وبعد سقوط النظام الفاشي، استغل البعث النزعة الطائفية التي روَّجها خلال حكمه وعمل على تفعيلها وإثارتها، راح البعثيون يحاربون الشعب العراقي بواجهة الإسلام السني واعتبروا أنفسهم المدافعين الحقيقيين عن حقوق السنة العرب. وفي الحقيقة أنهم يستغلون أهل السنة لأغراضهم السياسية العبثية في محاربة الشعب العراقي. بينما في الحقيقة أن أهل السنة هم ضحايا تم اختطافهم من قبل فلول البعث الصدامي وحلفائهم الزرقاويين. فما يسمى ب(هيئة علماء المسلمين) هي جماعة بعثية حزبية أغلب منتسبيها من مخابرات النظام الساقط، يدافعون عما يسمى بالمقاومة الوطنية ويعملون كواجهة إعلامية لها وناطقين رسميين للإرهابيين البعثيين وحلفائهم السلفيين الزرقاويين. لذلك ولحد الآن ورغم هذه الحرب الإرهابية التي تشنها فلول البعث، لم يتجرأ البعثيون إصدار بيان واحد باسمهم عما يقومون به من أعمال إرهابية ضد الشعب، بل كل الجرائم التي يرتكبونها يعلنون عنها ببيانات بأسماء تنظيمات إسلامية وهمية أو باسم الإرهابي الإردني أبو مصعب الزرقاوي.

 ولو راجعنا أدبيات التنظيمات الإرهابية التي انتحلت أسماء إسلامية لوجدناها كلها تدافع عن البعثيين وتطالب بعودتهم إلى السلطة، فهي عشرات الأسماء والتنظيم واحد ألا وهو حزب البعث وحليفه تنظيم القاعدة. ولا يعني هذا أن لا وجود للشيعة في صفوف هؤلاء البعثيين، فهناك جواد الخالصي وأنصار مقتدى الصدر زعيم ما يسمى ب(جيش المهدي) الذي يظم في صفوفه البعثيين من فدائي صدام الشيعة. كما خرجت مظاهرات في بعض المدن التي غالبية سكانها من العشائر السنية يرفعون صور صدام حسين ومقتدى الصدر ولافتات كتب عليها «البعثيون عراقيون مخلصون» وفي تكريت رفعوا صور جواد الخالصي إلى جانب صور صدام ومقتدى، ولهذا العمل دلالته وأهدافه السياسية والغرض منه أن يظهروا للعالم أن "المقاومة" هي لست من السنة العرب فقط، بل هناك شيعة أيضاً!!

كذلك معظم طلبات من نصبوا أنفسهم ممثلين عن السنة العرب في لجنة صياغة الدستور كانت تصب في خدمة حزب البعث، مثل معارضتهم الشديدة لبند (اجتثاث البعث) واعتبارهم البعث حزب وطني وقومي لا يمكن تحقيق سلام وطني دون مشاركته. بينما أثبت تاريخ هذا الحزب أنه تنظيم إرهابي بكل معنى الكلمة دمر المجتمع العراقي شر تدمير. فكيف يمكن التعايش مع حزب إرهابي هدفه تدمير العراق؟

كذلك تتحمل القيادات الشيعية (السياسية والدينية) قسطاً كبيراً من تفشي النزعة الطائفية وتقديم ذخيرة حية للبعثيين يتخذوها ذريعة لإثارة مخاوف أهل السنة من هيمنة الشيعة. فهل هناك من سبب وجيه في هذه المرحلة العاصفة استفزاز الطرف الآخر بأهازيج طائفية في عهد الإعلام العالمي المستمر على مدار الساعة، ظاهرها التنكر للطائفية وباطنها دعوة طائفية بحتة؟ فهؤلاء حولوا فضائية (العراقية) إلى حسينية. ومن هذه الأهازيج الفجة مثل :" الشيعة الجعفرية ضد الطائفية، بس لازم يعرفون، شكد ما بينا يذبحون نبقى الأكثرية!.". ماذا تستفيد الشيعة من هذه الأهزوجة؟ أما كان بينهم عاقل واحد ينصحهم بتجنب إطلاق مثل هذه الأهازيج المحرضة على الطائفية؟ أليس من واجب القيادات الشيعية، السياسية والدينية، العمل على التخفيف من حدة الطقوس المذهبية مثل المواكب الحسينية وتنظيم المسيرات المزدحمة التي تقدم صيداً سميناً للإرهابيين؟ فمن جهة يدَّعون أنهم ضد الطائفية ومن جهة أخرى يرددون ليل نهار نغمة "نحن الأكثرية". فما قيمة هذه الأكثرية، إذا فقدت عقلها وانقسمت على نفسها إلى فئات متحاربة، كما حصل بين جماعتي الصدر وبدر.. ولا نعلم ماذا يخبئ القدر بين مكونات هذه "الأكثرية" في قادم الأيام؟

 من كل ما تقدم، نعرف أن السنة العرب، كغيرهم من مكونات الشعب العراقي، هم أيضاً ضحايا حزب البعث الفاشي. وقد اختطف هذا الحزب أبناء الطائفة وأدعي أنه يدافع عن مصالحهم ويمثلهم في الدولة العراقية وذلك لأغراضه السياسية واحتكار الحزب وبالتالي عائلة صدام حسين للسلطة. فعلى عقلاء أهل السنة أن يعيدوا النظر في موقفهم من هذا الحزب الفاشي ومن العراق الجديد وينتبهوا إلى مخاطر اللعبة القذرة التي يحاولها البعث الساقط.على العرب السنة أن ينأوا بأنفسهم عن هذا الحزب الفاشي الإرهابي فهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وليس هناك أي أمل في إنقاذه. فتاريخ هذا الحزب حافل بالجرائم البشعة ضد الشعب العراقي وضد شعوب المنطقة والإنسانية. والبعثيون يعلمون جيداً أن لا مستقبل لهم في العراق ولذلك يعملون على تدميره. وليس صحيحاً دفاع البعض عن حزب البعث بالإدعاء بأن صدام حسين هو وحده مسؤول عن الجرائم التي ارتكبها. هذا خطأ وتضليل وهراء. فصدام حسين الآن قيد الإعتقال، فمن الذي يجبر البعثيين بالقيام بهذا الإرهاب ضد الشعب العراقي؟ من هنا نعرف أن الإرهاب جزء أساسي من أيديولوجية البعث. وصدام حسين هو نتاج هذه الأيديولوجية، ولو لم يكن صدام لكان غيره. فصدام تبوأ قيادة الحزب لأنه كان الشخص الأنسب المنسجم نفسياً وإخلاقياً مع أيديولوجية وسياسة وأهداف البعث أكثر من غيره. وشهد بذلك مؤسس الحزب ميشيل عفلق عندما قال: (حزب البعث هدية الأمة العربية للعراق، وصدام حسين هدية العراق للأمة العربية). يجب على السنة العرب أن يدركوا جيداً أن حزب البعث قد انتهى وإلى الأبد ولا يمكن الدفاع عنه أو إنقاذه لأنه حزب إرهابي ولا بد للإرهاب أن يندحر. وكلما عجّلوا بالمشاركة في بناء العراق والتخلي عن البعث، كان أفضل لهم وللعراق وبخسائر أقل. وكلما تباطئوا بأخذ الموقف الصحيح زادت الخسائر في الأرواح والممتلكات. عليهم أن ينضموا إلى معسكر الشعب في سحق الإرهابيين وتطهير مناطقهم من البعثيين وحلفائهم الزرقاويين القتلة.

على العراقيين أن يدركوا حقيقة تنوع مكونات شعبهم بأن الله خلقهم هكذا، وأن العراقي لم يختار بمحض إرادته أن يكون سنياً أو شيعياً أو مسيحياً أو عربياً أو كردياً...الخ، بل نحن هكذا لأننا ولدنا ونشأنا في عائلات تنتمي إلى مختلف الأعراق والأديان والمذاهب. (إنا وجدنا آباءنا على ملة وإنا على آثارهم مقتدون). ولو ولد ونشأ المسلم السني العربي أو غيره في عائلة بوذية لكان بوذياً. لذلك فمن العقل والحكمة أن يتعلم العراقيون العيش معاً والاعتراف بحق التنوع والاختلاف وإقرار حق الآخرين في العيش بوطنهم بسلام وليس من حق أية جهة إلغاء هذا الحق على الآخرين. إن سياسة الإلغاء تفضي إلى الدمار الشامل. سيتوصل العراقيون يوماً، إن عاجلاً أم آجلاً، إلى أن لا بد وأن يتعايشوا جميعاً بسلام في هذا الوطن الذي اسمه العراق. إما أن يقروا ذلك من الآن وبهذا القدر من الخسائر أو يواصلوا الاقتتال وحرب الإبادة كما حصل بين الهوتو والتوتسي في رواندا. وأخيراً تعلم شعب رواندا أن يتعايشوا بسلام ولكن بعد إبادة نحو مليون إنسان. لكم الخيار أيها العراقيون، هل سيتحول السنة والشيعة إلى هوتو وتوتسي في العراق؟ أم تتعلمون الدرس من رواندا وأنتم الذين تتباهون أن أجدادكم علموا البشرية الكتابة والقراءة وسنّوا أول قانون في التاريخ؟ ما قيمة هذا الماضي المجيد إذا كان الحاضر مخجلاً ومأساوياً والعقل مغيَّباً في إجازة!!

خلاصة القول، على السنة العرب أن ينأوا بأنفسهم عن البعث المجرم والانخراط بنشاط وهمة في المشاركة بالعملية السياسية لإعادة بناء العراق الديمقراطي المسالم المزدهر، عراق جميع مكونات الشعب العراقي دون استثناء وليس عراق فئة واحدة.

وكما قال علي الوردي بحق: "وإذا أراد الشيعة وأهل السنة في هذا العصر أن يتحدوا فليرجعوا إلى شعارهم القديم الذي اتخذه زيد بن علي وأبو حنيفة، أي شعار الثورة على الظلم في شتى صوره… لا فرق في ذلك بين الظالم الشيعي أو الظالم السني. إن هدف الدين هو العدل الاجتماعي. وما الرجال فيه إلا وسائل لذلك الهدف العظيم."

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com