الإرهاب ومجموعة الشم!!

 

 عزيز الحاج

آخر مبتكرات التدخل الإيراني في البصرة من خلال التنظيمات والمليشيات العديدة تنظيم أو مليشيا باسم "جماعة الشم." هؤلاء يخرجون مساء وفي الليل لشم روائح أفواه الرجال فإذا شموا رائحة خمرة ضربوا الضحية ضربا مبرحا. ويقال إنه قد وقعت عدة وفيات بسبب الضرب.  مبتكرات التنظيمات الشيعية في البصرة والجنوب كثيرة، فعدا الأحزاب المعروفة ومليشياتها فهناك مثلا تنظيمات الفضيلة والثأر وغيرهما.
إن تجاوزات المليشيات الدينية في العراق راحت تزكم الأنوف، ولاسيما موجات من القتل تحت التعذيب. وهنا تلتقي هذه الجرائم بجرائم الإرهابيين الصداميين والزرقاويين ضد المواطنين ولاسيما من الشيعة. وكانت كارثة جسر الأئمة آخر مأساة بسبب هذا الإرهاب.
الواقع أن جميع مذاهب ومدارس الإسلام السياسي تلتقي في معاداة الديمقراطية وهدف بناء النظام الإسلامي. وإذا كانت الحكومة الحالية تضرب بفضل القوات الأمريكية أوكارا وشبكات إرهابية، وتقتل العديد من الإرهابيين الأوغاد، فإنها على العكس لا تنبس بحرف واحد حول جرائم الانتهاكات المقترفة في البصرة والجنوب وحتى في حوالي بغداد. وإذا كانت الحكومة تعلن من يوم ليوم أخبار اعتقال وجبة جديدة من الإرهابيين العرب والعراقيين، فسرعان ما يأتينا خبر آخر عن إطلاق سراح حوالي عشرة آلاف منهم دفعة واحدة بلا محاكمة لفرز البريء من المجرم. وليس في الدول الديمقراطية "لجان خاصة" هي التي تقرر مصير المعتقلين، بل هناك قضاة تحقيق ومحاكم لاتخاذ القرار المناسب. ولكن إطلاق سراح المتهمين بالإرهاب بات لعبة أو مناورة سياسية في تبادل الصفقات السياسية.
 ليست هذه هي المرة الأولى أو العاشرة أو الخمسون التي نثير فيها موضوع مواجهة الإرهاب، والسياسات المتخبطة المتبعة منذ تشكيل مجلس الحكم. البعض يروننا مبالغين أو منفصمين عن الواقع العراقي لمجرد وجودنا خارج الوطن. ولكن على هذا البعض تذكر كيف كانت دعايات صدام تشنع عليهم بنفس التهمة عندما كانوا خارج العراق، وباستثناء الأحزاب الكوردستانية.
إن الحقيقة هي أن مجموعة الأخبار والتقارير المنشورة والمسموعة من مصادر مختلفة تشير إلى فشل السياسة الحكومية في مواجهة الإرهاب والجرائم مواجهة حازمة وبلا انتقائية ولا تحيز. وإذا كان الدكتور إياد علاوي يتهم في تصريحه الأخير لصحيفة الشرق الأوسط إيران بالتدخل السافر، وهو صحيح مائة بالمائة، وهو ما تتناساه الأحزاب والمراجع الشيعية، فقد كان عليه في الوقت نفسه إدانة التدخل السوري حيث يرد معظم الإرهابيين من الحدود السورية، وما جرى ويجري في تلعفر شاهد صارخ إذ أن معظم الإرهابيين المعتقلين هم من جنسيات عربية جاءوا من سوريا. كما أن القوى الرئيسية في الإرهاب هي قوى البعث العاملة لعودة النظام المنهار والموجهة قيادتها في الأراضي السورية. وكان العديد من هذه العناصر قد تسللوا لمراكز أمنية خطيرة في زمن الحكومة السابقة، مثلما تقول أنباء اليوم عن تسلل عناصر أمنية مشبوهة تعمل لصالح إيران. إن النظامين السوري والإيراني حليفان استراتيجيان في كل ما يخص شؤون العراق.
 إن الإرهاب لا يواجه بنجاح ما لم يكن التصدي له على كل الأصعدة ولاسيما استعمال الحزم وجهاز القانون ونهج العقاب، بدلا من اعتقال يعقبه إفراج. كما أن الإرهاب لا يقاوم بنجاح حقيقي بدون الاهتمام في نفس الوقت بحاجات الناس اليومية من كهرباء وماء ورفع المستوى المعيشي، ناهيكم عن أمن المواطنين. غير أن ما لمسناه من الحكومة مع الأسف الشديد هو عدم القدرة على حل حتى جزء من هذه المشاكل، بينما يتفاقم الإرهاب، ويزداد الفساد انتشارا، وهو الفساد الموروث من عهد صدام وخلال وزارة الدكتور علاوي. إن الفساد علة كبرى تنخر المجتمع وتستنزف أموال الشعب والمساعدات الخارجية؛ ولكن موجة الفساد والنهب استشرت أكثر اليوم وعلى كل المفاصل. فهل تمرير دستور شبه إسلامي [ بانتظار تكامل إسلاميته بعد الانتخابات]؛ دستور يظلم المرأة، ويقيد الفكر والإبداع، هو حلال المشاكل؟!
 وأخيرا: هل سنرى قريبا تكوين تكتل وطني ديمقراطي علماني من كل القوى والأحزاب والشخصيات التي ناضلت طويلا من أجل الديمقراطية؟ وهل يمكن للجبهة الكوردستانية أن تبادر لمثل هذه الخطوة الكبرى قبل الانتخابات عسى أن يغير ذلك من موازين القوى داخل البرلمان القادم وخارجه، فيصبح العراق أكثر قدرة وأفضل تخطيطا لمواجهة حرب الإرهاب ولمعالجة هموم الشارع العراقي؟!

 

 

 

 



 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com