|
العراق وأهله أولا ً احسان طالب 10\9\2005 http://www.ehsantaleb.blogspot.com
بذلت الأنظمة الاستبدادية المجاورة للعراق جهودا ً مضنية لإفشال التجربة الديمقراطية في العراق وسعت لذلك بكل الأساليب الإجرامية وتسترت تحت كل ما وصلت إليه يدها من مقاومة للاحتلال ودعاوى القومية المتعصبة والتمسك بالثوابت مستفيدة من انحسار العقل العربي وتلبسه بشيطان التكفير والجهاد. ودأبت تلك الأنظمة كعادتها على إعلان رسمي يؤيد العراق وشعبه ويدعم سير العملية السياسية في ذلك ظاهريا ً فقط في المحافل الدولية والإقليمية. ومن جهات أخرى أخذت تأوي الإرهابيين وتقدم لهم الدعم البشري واللوجستي والمادي وخصصت ميزانيات ضخمة لدعم الإرهاب في العراق وكان التيار الديني هو الرحم النجس الذي يتولد من خلاله الإرهابيون وينشرون سمومهم في عقول المراهقين سعيا ً لإعداد أجيال من الانتحاريين العاشقين لدماء الأبرياء الحالمين بسبعين وما يزيد من الحور العين. لقد أدركت الأنظمة الاستبدادية أن نجاح التجربة الديمقراطية في العراق سيعجل في إسقاطها وسيعري فسادها واستبدادها وسيفتح الباب مشرعا ً للتغيير في أرضها ومن هذا المنطلق اعتبرت القضاء على جنين الحرية والديمقراطية والأمل في العراق هدفا ً استراتيجيا ً لا بد من تحقيقه لبقائها واستمرارها, فالحرب على الحرية والديمقراطية في العراق حرب وجود لا حرب حدود بالنسبة للأنظمة الاستبدادية التي وضعت نصب عينها مقولة أنا وبعدي الطوفان. لقد أدرك الجميع وعلى رأسهم قسم كبير من بعثيي العراق أن صدام والقيادة السياسية كانت مستعدة لمد أوروبة وأمريكا بدماء العراقيين وتقديم ملايين من أبناء العرب والمسلمين قرابين في مذابح البقاء في السلطة ومحراب أبدية النظام وخلود القائد.. وللأسف الشديد نجد العديد من أبناء العرب منتشين برائحة الدم العراقي ومتلذذين بصور الأشلاء والرؤوس المقطعة. وإن كنت أتفهم سبب ذلك لدى الفاسدين والمستفيدين من ثروات العراق المنهوبة والموجودين في الدول المجاورة من أصحاب الامتيازات في النظم الاستبدادية إلا أنني لا أرى سبا ً منطقيا ً وعقلانيا ًواحدا ً يدفع أولئك العربان المكتوين بتيار الظلم والفساد بمؤازرة القتل ودعم الأنظمة المستبدة. هذا فيما يتعلق بخارج العراق إلا أن القلق الشديد والخوف الكبير إنما يأتي من داخل العراق ذاته, فلقد بدا واضحا ً أن أطيافا ً عراقية منتسبة إلى الإسلام السياسي تعتبر هدفها الأسمى وغايتها الأولى التمكين لمعتقداتها وبناء دولتها الدينية ولو كان ذلك على حساب البلد وأهله وأنا لا أتحدث هنا عن أولئك الدين يدعون للردة إلى الفكر البائد إنما تحدث عن زعماء وقادة أخذوا على عاتقهم طيلة السنوات الثلاث السابقة تحرير العراق من الاستبداد البائد وبناء دولته الديمقراطية. لقد بدا واضحا ً من خلال مساجلات كتابة الدستور الحرص الشديد من بعض الأحزاب العراقية على اعتبار العراق وشيعته ومستقليه ثانيا ً واحتلت الأولوية في العمل والفكر لثوابت وقيم أثبت ضررها التجربة العملية. فالدولة الدينية في إيران ما زالت تخرج من فشل إلى فشل ولم يستطع التيار الإصلاحي تحقيق أي مكاسب حقيقية وأي تقدم طفيف على حساب تيار المتعصبين والمتزمتين الذين استولوا على كل مفاصل الحكم والدولة. كذلك كان الحال في السودان وأفغانستان. من المعيب حقا ً لقادة التيار الديني في العراق أن يؤخر مصلحة البلد وشعبه على حساب انتماءاتهم الفكرية . وإذا كانت المسألة في صميمها رضاء الله فإن الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله والأقربون أولى بالمعروف. فيا سادتي لقد كانت دعوة محمد في أساسها رحمة للعالمين فدعوا شعب العراق من تجارب الدول الدينية التي لم تخلف سوى الخراب والدمار للبلاد والعباد. وهنا تجدر بي الإشارة إلى مقالات الأستاذ عزيز الحاج لأنني أتفق معه في التوجهات النهائية لدعوته إلا أنني أختلف معه في اعتبار السياسة تنازلات. ربما تكون السياسة مصالح وتكتيك. إلا أن الخطر الداهم والجاثم فوق أرض العراق إنما يتهدد حاضره ومستقبله وأقصد بذلك الإرهاب تحت دعاوى المقاومة من جهة وانتهاك حقوق الإنسان تحت دعاوى تطبيق الشريعة من جهة أخرى , فنحن المحبون لرؤية العراق حرا ً ديمقراطيا ً مستقلا ً فدراليا ً موحدا ً, لم يكن يدور في خلدنا أن ترتكب في العراق الجديد جرائم باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن مسؤولية الأئمة والقادة والزعماء الدينيين كبيرة جدا ً أمام الله وأمام الناس وإذا لم تنجح تجربة العراق فالله وحده يعلم حجم المأساة المنتظرة. وأقول ذلك محذرا ً ولست متشائما ً إنما يجدر بكل مؤمن بالله وبالحرية وبالديمقراطية وكل محب للعراق وأهله أن يتنبه للمخاطر الداخلية في البيت العراقي التي تعد أكبر ضررا ً من الإرهاب الذي لا بد أن يندحر ويتلاشى ولو بعد حين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |