|
جسر على نهر دجلة د . مؤيد عبد الستار
لاادري لماذا ذكرتني كارثة جسر الائمة برواية ( جسر على نهر درينا ) وهي لكاتب يوغسلافي، أورد فيها تفاصيل مرعبة حدثت أثناء تشييد جسر على نهر درينا الشهير، نهر يفصل بين طائفتين من شعب واحد، احداهما مسلمة والاخرى مسيحية . لقد غير جسر نهر درينا حياة القوم، لما فرضه عليهم من علاقات، وأجبرهم على إقامة أواصر تجارية واجتماعية، وعلاقات عمل مشتركة بينهم، رغم العداء الذي كان يعشعش في رؤوسهم . ولكن رأينا فيما بعد، وبعد عقود كيف قامت المجازر بين القوم في بانيالوكا وبرشتينا وكوسوفو والجبل الاسود وكرواتيا وصربيا، وغيرها، وكيف جرت المذابح والمجازر والقتل على الهوية بين القوم رغم العلاقات التي اقامها الجسر فيما بينهم ونمت طوال قرن كامل . إن العداء الديني، سواء أكان بين دينين مختلفين أو بين مذهبين من دين واحد، يستطيع اشعال أوار نار كبيرة بين القوم اذا اشتط رجال الدين في تأجيج الحقد والكراهية بين الناس، ومن الصعب السيطرة عليها اذا كان عدد الجهال كبيرا، مثلما هو موجود في عالمنا الشرقي والعربي والاسلامي، او مايسمى بالعالم الثالث، الذي لايقبل الدخول في عصر العولمة دون أن يحمل معه أديانه ومذاهبه وعقائده الباليه وتقاليده الرثة وعشائره وجواريه وعبيده وسيوفه وخناجره وخيوله وابله وبغاله، وكانه ذاهب للتنزه في سفينة نوح عليه السلام، لافي مركبة صغيرة تسبح في الفضاء وتتوجه نحو القمر . ان الجرائم اليومية التي ترتكب في العراق، ومعظمها بحق الابرياء من المواطنين العزل، والمدنيين الذين لاحول لهم ولاقوة، وليست لهم اية علاقة بالحكم والحكام، وانما هم اناس يكدحون لتوفير لقمة الخبز لاطفالهم، و من اجل سقف يحميهم من شمس الصيف اللاهبة، وهم دون ماء ولا كهرباء، ومع ذلك نجد تكرار الجرائم بحقهم مثلما حدث في الحلة والمدائن وتلعفر وكراج النهضة واخيرا في الكاظمية . ان المعارك التي حدثت بين القوات الامريكية وبعض مناطق العراق كانت باختيار سكان تلك المناطق، مثلما حدث في القائم والموصل والفلوجة، وبغض النظر عن تأييدها او رفضها، الا ان الشعب العراقي ليس طرفا فيها، ومن بين ابناء الشعب العراقي من لايريد الامريكان ولكنه اختار ان لايحاربهم لانه يرى افضلية التفاهم معهم وخوض نضال سياسي او سلمي معهم والحصول على سيادة العراق باقل الخسائر، لذلك لايوجب مثل هذا الموقف معاداة اصحاب هذه الرؤية من العراقيين وتحليل دماء ابناء الشعب العراقي قاطبة، وارتكاب جرائم يندى لها جبين الانسانية بحقهم . إن هذه الجرائم التي تريق دماء ابناء شعبنا الابرياء، سوف تكون عارا ابديا على كل من تكشف الايام القادمة تورطه فيها، مهما حاول تبرير ذلك بوجود القوات الامريكية او غيرها، لان القوات الامريكية موجودة في كل مكان، ولاتوجد ذرة واحدة من الحكمة في ارتكاب هذه المجازر التي لن ينساها احد وانطبعت باذهان الصغار والكبار وستصبح قصصا يتناقلها الناس في مجالسهم ويدينون مرتكبيها الى الابد.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |